"الأوراق الإلكترونية" خيال يتحول إلى واقع ملموس


ليس كرها للأوراق المطبوعة، ولكن الأكيد هو لتسريع آلية العمل ومواكبة المجتمع التقني، والذي يعتمد في الأساس على التقنية في الحياة اليومية، لاسيما مخزون الأرشيف المطبوع والذي سوف يتهالك مع مرور الزمن، نعم هناك تحركات يابانية دولية إلى نسيان ورق الحبر التقليدي، والتوجه نحو إيجاد "الورق الإلكتروني"، الحلم الذي طالما انتظروه لسنوات عدة.

تبدأ القصة بتقنية بسيطة، عبارة عن الأرشفة الإلكترونية، وهي تحويل الأوراق المطبوعة إلى ملفات إلكترونية داخل الجهاز عن طريق الماسح الضوئي، ليتمكن من الرجوع إليها حالما يشاء المستخدم، حتى انتقل التطور ليصبح بالإمكان تصنيف تلك الملفات الإلكترونية تصنيفات مختلفة. وامتد تواكب التقنية حتى أصبح بالإمكان التعديل على الملفات ونسخها كنصوص إلكترونية، وأصبح الحال عبارة عن حلول أرشفة ومطبوعات إلكترونية، ولكن لم يعجب التقنيين هذا التطور، حتى انتقلوا إلى عصر "الأوراق الإلكترونية".


كيفية عمل الأوراق الالكترونية


الورق الإلكتروني عبارة عن صفيحة إلكترونية من البلاستيك الشفاف، بسمك مليمتر واحد، مطبوع عليها شبكة من المربعات تحتوي على كبسولات دقيقة جداً، هذه الكبسولات يتم ملؤها بمحلول داكن اللون، والتي تم عرضها في ألمانيا ولا تزال في طور التجارب.

تُحَمل هذه الكبسولات بجسيمات بيضاء دقيقة تشبه شرائح إلكترونية بيضاء فائقة الحساسية، والتي تطفو في مسطح من الصبغة السوداء، والشريحة إما أن ترتفع أو تنخفض في الصبغة اعتمادا على الشحنة أو الحمل الكهربائي عند اتصال الشاشة بمصدر كهربائي.

ويعمل التباين ما بين الأبيض والأسود على عرض المحتويات المختلفة التي ترسلها وحدة المعالجة الرئيسة للحاسب أو الجهاز الذي تعمل معه الشاشة، ومن ثم تقوم هذه الشرائح الإلكترونية الدقيقة بدور أشبه بالدور الذي يقوم به الحبر عند الكتابة على الورق، ومن هنا جاءت التسمية بالحبر الإلكتروني، حيث يتحول إلى اللون الأسود عند تمرير تيار كهربائي معلوم الشدة والاتجاه، ويعود لحالته الأولى مع زوال المؤثر الكهربائي. أما ما يتحكم في الحبر الإلكتروني فهو الإلكترونيات البلاستيكية صاحبة القدرة على تكوين الأشكال والتعرف عليها.

وتتحرك الجسيمات من أحد جانبي الكبسولة إلى الجانب الآخر لتترك بذلك رقعة بيضاء أو داكنة اللون، حسب الحاجة. وعندما يتم إطلاق شحنة كهربائية تتسبب في تحريك الجزيئات من جهة من الكبسولة إلى الجهة الأخرى، مما يؤدي إلى تكوين بقعة واحدة غامقة أو سوداء شبيهة بالحبر العادي، وبالتحكم في عدد الكريات السوداء والبيضاء، وتوزيعهما معا يتم التحكم في عرض البيانات والنصوص والصور بصورة آلية، حيث يعمل الورق الإلكتروني ببطاريات صغيرة لمدة عدة شهور.




ابتكار "فوجيتسو- سيمنز"


وتعد شركة "فوجيتسو- سيمنز" اليابانية أول من أعلن عن ابتكار أول ورق إلكتروني في العالم يمكن ثنيه ويستطيع عرض صور ملونة، حتى عند انقطاع التغذية الكهربائية عنه. ووظفت الشركة تقنية لصنع شريحة رقيقة مرنة إلى درجة تتيح ثني الورق، ومتينة في الوقت نفسه بحيث تمنع تشويه الصورة المعروضة عليه. ولا تتغير الصورة أو تتشوّه عند الضغط على الورق. والجميل أن الورق لا يستهلك لدى عمله إلاّ طاقة تراوح بين 1 في المائة إلى واحد من الألف من الطاقة التي تستهلكها شاشات العرض التقليدية. كما أنه لا يستهلك أي طاقة عندما تثبت الصورة، أي لا تتغير، حيث ينفّذ الورق وظيفة تثبيت الصورة من الذاكرة الموجودة فيه. وتؤهل هذه الوظيفة الورق الإلكتروني الجديد للاستخدام في لوحات الإعلان الإلكترونية، وقوائم الطعام، وفي أي وثيقة لا تتغير محتوياتها لفترة طويلة.

أما شركة "فيليبس" الهولندية فطرحت أوائل نماذج الورق الإلكتروني في العالم، بصورة واقعية، وكان هذا النموذج عبارة عن شاشة مرنة في حجم الكتاب، يمكن تحميل الصحف والمجلات عليها والاحتفاظ بها لفترة طويلة. وبلغ مقاس أول ورقة إلكترونية خمس بوصات، كما أمكن طيها لتصبح في حجم القلم الذي بإمكانه الاتصال بالأجهزة الإلكترونية المحمولة مثل الهاتف الخلوي والكمبيوتر الكفي. ويتيح هذا الورق أيضا تحميل صفحات الإنترنت ورسائل البريد الإلكتروني، فهو مصنّع من عدد كبير من الترانزستور، فضلا عن دوائر إلكترونية مصنّعة من البلاستيك.


رقائق ديغوسا الإلكترونية


كما تعاونت شركة الكيماويات الألمانية "ديغوسا"، مع مركز أبحاث "كارلسروه" للوصول إلى تقنيات طباعة جديدة من خلال تطوير جيل من الرقائق الإلكترونية المصنوعة من المعادن أو المواد الصلبة. وتسعى الشركة الألمانية إلى إيجاد مادة يمكن تحويلها إلى رقيقة إلكترونية بمجرد طباعتها على أي شيء آخر بالطريقة التي تتم بها طباعة الحبر على أوراق الصحف.

وستسمح هذه الرقائق، التي توضع على المنتجات لجهاز ماسح ضوئي، بالتقاط كل المعلومات الخاصة بالسلعة، مثل: السعر، وتاريخ الصلاحية، وبلد المنشأ، وغير ذلك من البيانات التي يحتاج العميل إلى معرفتها قبل اتخاذ قرار الشراء. كما ستتيح التكنولوجيا الجديدة إمكانية إضافة الذكاء الإلكتروني إلى الكثير من الأشياء المستخدمة في الحياة اليومية مثل الملابس والعبوات.

كما ابتكرت شركة "فوجيستو - سيمنز" نوعية من ورق البلاستيك المماثل لأفلام الطباعة البلاستيكية يتم توصيله بالحاسوب لتنقل عليه أي صور يرغب في نقلها. وبعد ثبات الصورة على الورق لا يحتاج الأمر إلى مصدر للطاقة من أجل الحفاظ على الصورة المنقولة عليه. ويتكون هذا الورق من ثلاثة ألوان، هي: الأحمر، والأخضر، والأزرق، وهو شديد المرونة، بحيث يمكن ثنيه بسهولة، كما لا يتعدى سمكه الملليمترات.


شاشات فيليبس

كما عرضت شركة "آي ريكس تكنولوجيز" التي تملكها شركة "فيليبس"، مبدأ تكنولوجياً فريداً لورق إلكتروني يتيح القراءة أثناء التنقل. ويستند هذا الورق الإلكتروني إلى شاشة عرض تتواصل بتقنيات توجيه الأوامر بواسطة اللمس مع شبكة لاسلكية.

ويصمم الورق مع الشريط الخاص بتشكيل الصورة الذي تصنعه "إي انك"، بسمك يقلّ عن 4 ملليمترات. ويبلغ مقاس شاشة العرض عليه نحو 10 بوصات.



شاشات مرنة


ويبدو الهدف واضحا من استخدام الورق الإلكتروني، وهو عرض نصوص إلكترونية على ألواح مرنة لها مظهر وملمس الورق العادي، بحيث يمكن جمعها على شكل كتاب أو صحيفة أو مجلة بصفحات إلكترونية. كما يمكن تحميل هذه الألواح البلاستيكية المرنة بنصوص إلكترونية، من الإنترنت أو عبر استخدام تكنولوجيا الاستشعار عن بعد فيما بعد.

وبذلك تؤدي تقنية إنتاج الورق الإلكتروني دورا مهما في تصنيع الشاشات، مما نتج عنه تخفيض سُمك شاشة الحاسبات والأجهزة المختلفة المطورة لتصبح في سمك ورق الكتابة العادي، وكذلك تخفيض استهلاكها من الطاقة بشكل كبير ليصبح أقل من معدله الحالي بعدة أضعاف.


أجهزة خاصة بالوثائق


لاشك أن التطور الحاصل في مجال الأرشفة الإلكترونية، واحتياج الشركات المختلفة إلى مثل هذه الأجهزة، جعل من الشركات العالمية التحرك للبحث عن حلول تلك الأرشفة بأسرع الطرق وأدقها وأوفرها وقتا، وحتما هناك العديد من الأجهزة التي توفير نظام لتوثيق المستندات إلكترونيا وإدارتها. فقد طرحت العديد من الشركات العالمية أجهزة ماسحة ضوئية دقيقه وآمنة في عملية حفظ المستندات تصل سرعتها في عملية المسح الضوئي إلى أكثر من 100 ورقة في الدقيقة، وتبقى البرامج والتطبيقات هي الركيزة الأساسية للتعامل مع المستندات والوثائق.

فقد استطاع برنامج ArcMate Enterprise إيجاد الحل الأمثل والفعال لأرشفة وإدارة الوثائق، حيث يمكن من خلال البرنامج التقاط وأرشفة الوثائق الورقة والملفات الإلكترونية، وإدارة سير الوثائق ، وتصنيف الوثائق ضمن فهارس محددة من قبل المستخدم، وتحقيق أمن الوثائق بناء على سياسات مجهزة خصيصاً لهذا الغرض، وأخيرا استرجاع تلك الوثائق من خلال البحث في الفهرس أو ضمن الوثائق نفسها.