استخدام التقنية في المؤسسات التعليمية

د. حمد بن إبراهيم العمران

رئيس التحرير


لطالما اختلطت الأمور في كثير من المؤسسات التربوية عند الحديث عن استخدام التقنية في المجال التعليمي، وأعتقد أن السبب الرئيسي وراء هذه الإشكالية أن المتخصصين في مجال تقنيات التعليم مغيبون تماماً عند العمل على مثل هذه القضايا، ولا أعرف في الحقيقة هل هم مغيبون أم غائبون؟
ويزداد الأمر تعقيداً عندما يتولى المتخصصون في مجال التقنية القضايا المرتبطة بالتقنيات التعليمية فتضيع الفائدة التعليمية خلف التفاصيل التقنية، أو عندما يتولاها المتخصصون في المجال العلمي البحت للمؤسسة التعليمية فلا نحصل على التفاصيل التقنية ولا الفائدة التعليمية، ولكن بالتأكيد سوف نجمع الحسنين عندما يشارك الجميع في فريق دمج التقنية في التعليم، وأقصد بذلك المتخصصون في المجالات التالية: التقنية، والمعلومات، والمجالات العلمية التي تدرس وتقنيات التعليم.
إننا نعيش في عصر تقنية المعلومات التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ حياتنا اليومية، وبالتالي لا يمكن تجاهلها، وتؤكد معايير تقنية التعليم الأمريكية على أهمية استخدام تقنية المعلومات كجزء من المناهج الدراسية لكي يصبح المتعلم: قادراً على استخدام تقنية المعلومات كمستخدم لها، وعلى حل المشاكل التعليمية واتخاذ القرارات، والبحث عن المعلومات وتحليلها وتقييمها، وعلى الابتكار والابداع باستخدام تلك التقنيات، وعلى الاتصال، والتعاون، والمشاركة في مجال البحث التأليف الإنتاج، وأخيراً على تحمل المسؤولية والمساهمة مع عناصر المجتمع الأخرى.
وفي الحقيقة تستقطب الإصلاحات التربوية المعاصرة أهدافا عديدة، لعل أبرزها دمج التقنية المعلومات والاتصال في التعليم، وتفعيل دورها في التنمية الشاملة، وتحشد لذلك إمكاناتها البشرية والمادية لتطوير المنظومة التربوية من خلال آليات متعددة، ومن بينها دمج التقنية في التعليم.

ولقد اعتمدت كثير من المؤسسات التربوية خطط إصلاحية لتطوير التعليم فيها تعتمد على التقنية، وتلقت لأجل ذلك دعماً سياسياً ومالياً لا محدود، وانتشرت الخطط التطويرية التقنية التي تعمل على إحداث تحول في النموذج التربوي، التحــــول من نموذج موجّه بوساطة المعلم ومعتمد على الكتاب كمصدر وحيد للمعرفة، إلى نموذج موجّه بوساطة المتعلم ومعتمد على مصادر معرفة متعددة.
واستلزمت تلك الإصلاحات إعادة التفكير في كل جزء من أجزء العملية التعليمية وبالأخص ما يتعلق بالمتعلم، فأكدت على ضرورة تنمية مهارات التفكير العليا لدى المتعلم وبخاصة مهارات التفكير الناقد و التفكير الإبداعي، وأجمعت على ضرورة إعداد جيل من المتعلمين القادرين على الوصول إلى مصادر المعرفة في مختلف مصادرها التقليدية والإلكترونية والتعامل معها وتوظيفها في الحياة الواقعية، منطلقين في ذلك من كون رأس المال الفكري هو ما تسعى الأمم لحيازته والاستحواذ عليه، وهو الذي تتسابق جهات العمل على اجتذابه والسيطرة عليه.