علم ينتفع به

د. حمد بن إبراهيم العمران

رئيس التحرير
انطلقت منذ عدة سنوات نداءات بالقضاء على المجتمع الورقي والتحول إلى المجتمع اللاورقي، ومطالبات برقمنة كل المصادر المطبوعة وتحويلها إلى مصادر إلكترونية، إلا أننا في مرحلة من المراحل أصبحنا عاجزين عن إدارة هذا الكم الهائل من المعلومات الإلكترونية، ولم نعد قادرين على الاستفادة منها بسبب اختلاط الحابل بالنابل، والغث بالسمين، فانطلقت نداءات أخرى مطالبة بضبط كمية المعلومات الرقمية التي تنشر في كل دقيقة بل وفي كل ثانية، والذي حول عصرنا إلى عصر الثورة المعلوماتية أو الانفجار المعلوماتي، ونداءات أخرى مطالبة بإثراء المحتوى العربي على شبكة الإنترنت بكل ما هو مفيد ونافع.
هذه الحالة نتجت بسبب التطورات التقنية المتسارعة، والتي وفرت أدوات للنشر الإلكتروني، ومكنت الجميع من نشر أفكارهم ووجهات نظرهم، حتى رأينا من يتناقل كتابات مجهولين فيطلع عليها عشرات الألوف من الناس، بينما لا يقرأ كتابات المتخصصين من أهل العلم المنشورة في الكتب والدوريات المطبوعة سوى العشرات من الناس.
هذه الإشكالية دعت كثير من الناس إلى مطالبة أهل العلم في كل التخصصات بالمشاركة في البيئة الرقمية، من خلال نشر بحوثهم ودراساتهم ومقالاتهم على شبكة الإنترنت في مواقع شخصية تصمم لهم أو من خلال مواقعهم الشخصية على في البوابات الإلكترونية لمؤسساتهم العلمية والأكاديمية أو من خلال المواقع المتخصصة، هذه المطالبات استجاب لها بعض المتخصصين من أهل العلم، وبدأنا نرى مواقع شخصية لبعض أساتذة الجامعات، إلا أنه لا زال هناك عزوف من معظم المتخصصين رغم غزارة انتاجهم العلمي، وهذا التخاذل جعل الساحة مفتوحة لكثير من أشباه المتعلمين والجهلة وأهل الهوى لنشر معلوماتهم المغلوطة، وأفكارهم المشوشة، فأصبح يتناقل أطروحاتهم العشرات من الألوف من الناس، فأثروا في ضعاف العقول، وقليلوا العلم.
نحن على سبيل المثال في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية يكلف الأساتذة ـ وخصوصاً في الدراسات العليا ـ المئات من الطلبة بكتابة بحوث ودراسات علمية، وينتهي بها الأمر في ملفات ترمى بعد فصل أو فصلين، فتهدر الجهود، ولكن لو تم التعامل مع وسيلة علمية للنشر الإلكتروني خاصة بالجامعة، أو من خلال موسوعة علمية كالويكبيديا ، أو وحدات المعرفة (Knol) ، أوغيرهما لتصبح مكاناً ينشر فيه طلاب الجامعة جهودهم العلمية في مختلف التخصصات، فلا يستلم الأستاذ أو الأستاذة من الطالب أو الطالبة مباشرة وإنما من خلال هذه المواقع، لتكون مورداً للعلم ينتفع الناس منه، أجره لإدارة الجامعة والقائمين عليه والأساتذة والطلاب، قال الرسول صلى الله وعليه وسلم يقول صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" .


تعليقي عن الموضوع(المقال)
ارى ان ما جيء بلمقال فعلا واقع وان كانت رقمنة المعلومات في السعودية مازالت تعاني من مشاكل فارى ان باقي الدول العربية ومنها الجزائر لم تكن في معزل عن هذه المشاكل فمازلنا نعاني من فوضى الاوراق وكثرتها
وفيما يخص البحوث الجامعية فانا اوافق الدكتور في مقاله انها تؤخذ وتجمع لترمى في الاخير وهذا مضيعة لجهود الطلاب والذين اصبحوا يعلمون بحقيقة هذا الامر فاصبحوا يوفرون جهدهم لتقديم نوعية علمية جيدة في بحوثهم واصبحوا لايهتمون بقيمة المعلومات التي قدمونها في بحوثهم فقط لانهم يعرفون ان كل هذا لاقيمة له لانه جهد فردي وسيبقى فردي ولن يستفيد منه الآخرون
ولو ادرجت هذه البحوث في شكل معلومات رقمية في مكتبات رقمية وخصص لها مكان في الجامعات الجزائرية بصفة خاصة والعالم العربي بصفة عامة لاستفاد الجميع منها ولخلق التحفيز والتنافس بين الطلبة الجامعيين والباحثين