تمهيد :

ترتبط الأهداف الإجرائية في المجال الوجداني بصنافة كراثوول التي تتضمن خمسة مستويات هي: التقبل- الاستجابة- التثمين- التنظيم- التذويب. سنحاول فيما يأتي التطرق إلى أساليب تقويمها.


نؤكد في البداية على أن تقويم الأهداف الوجدانية هو تقويم تكويني فقط، ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن تخضع هذه الأهداف إلى عملية التنقيط، وأن تعتبر وسيلة لإصدار أحكام حول نجاح أو فشل التلميذ في الدراسة (انتقال-أو رسوب مثلا)، ينبغي أن تكون هذه الأحكام في شكل ملاحظات من نوع: نشيط/ قليل النشاط، متعاون/ قليل التعاون، مثابر/ يفشل بسرعة،يهتم/قليل الاهتمام...هذا مع الحرص على استبعاد كل الملاحظات التي لا تثمن السلوك الوجداني.
تعريف الهدف الوجداني :


ترتبط الأهداف الوجدانية بكل ما يتعلق باتجاهات المتعلمين وميولهم وقيمهم واهتماماتهم، وكذا صور التقدير الاجتماعي.

فعلى سبيل المثال يمكن أن تحتوي الأهداف التي تتعامل مع الاهتمام بسلوكات تترواح مابين الوعي بأن ظاهرة ما.
توجد إلى الاهتمام بها.ويمكن أن يشير التقدير إلى سلوك بسيط مثل إدراك الظاهرة أو سلوك عاطفي مثل الاستمتاع النشط عند معايشة ظاهرة ما.
الحاجة إلى تقويم الأهداف الوجدانية :
إذا كانت المدرسة تضمن، بالإضافة إلى الأهداف المعرفية، أهدافا وجدانية مثل "روح البحث" و" الطاعة لقوانين المدرسة ولوائحها "و" الاستماع بسعادة إلى الموسيقى الجيدة " و " القابلية لتذوق كل ما هو جيد في الأدب " فإن هناك لزوم لتقويم فاعلية المنهاج في تشكيل هذه السلوكات، وإذا لم تقوم فليس هناك دليل يقام على تعديل المنهاج. لأن الإخفاق في التقويم يؤدي في النهاية إلى عدم الاهتمام بالمظهر الوجداني.
نؤكد على أنه يمكن تقويم الأهداف الوجدانية دون إسناد علامة (نقطة) للسلوك الوجداني الخاص أو الشخص الفرد، ينبغي أن تدمج في المسار التعلمي، لكن دون إدراجها في الكشوف، ويجب أن لا تستخدم من أجل الجزاء.
الصعوبات التي تعترض تقويم الأهداف الوجدانية :
تعترض تقويم الأهداف الوجدانية صعوبات جمة، ذلك لأن تحديد مواقف وتصميم وسائل تسمح للمتعلم بالكشف عن السلوك الوجداني المرغوب فيه ليست عملية سهلة، إذا المتعلم شعر بأن وسائل التقويم المستخدمة هي اختبارات، أي يعقبها الثواب أو العقاب المرتبط بأداءاته، فإن صدق النتائج سوف يكون مشكوكا فيه، وبعبارة أخرى، إذا شعرالمتعلم بأن سلوكه الوجداني سيكون محل نقد أو تقدير، فإن هناك احتمال لتزييف السلوك المرغوب فيه. بالإمكان تجاوز هذه المشكلة إذا سمحنا للمتعلمين بعدم إدراج أسمائهم على الإجابات التي يقدمونها، إلا أنه من المستحسن أحيانا التعرف على أسماء الأفراد حتى تستخدم المعلومات المستقاة من أجل التقويم الذاتي أو الإرشاد. وينبغي هنا أن نؤكد للمتعلم بأن أداءه لن يكون محل نقد، وأن النتائج المتحصل عليها ستستثمر بدقة وبأمانة في ما سيعود عليه بالنفع وبعيدا عن كل تهديد. إن مثل هذه الثقة بين المقوّم و المتعلم هي أساس أي برنامج إرشاد في المدرسة.
من أسباب الإخفاق كذلك في تقويم الأهداف الوجدانية، أن هذه الأخيرة لا يمكن اكتسابها في فترة تدريس قصيرة (في أسبوع أو فصل أو عام..)، كما أن تقويمها في مواقف مدرسية أمر صعب.
وسائل تقويم أهداف المجال الوجداني :
إن المعلمين غير معتادين على إجراء التقويم في المجال الوجداني، فالتقويم في هذا المجال يتطلب وقتا وجهدا كبيرين، غير أن ذلك ينبغي أن لا يكون ذريعة لتجنب هذه المهمة.

وقبل الشروع في استعراض هذه الأساليب نشير إلى أن النجاح في إنجاز تقويم الأهداف الوجدانية يتطلب جملة من الشروط نذكر منها :

- كل فقرة من فقرات الوسيلة المستخدمة ينبغي أن تقابل سلوكا مستهدفا من طرف المقوّم.

- كل فقرة تكشف عن السلوك المحتمل ظهوره في الوضعية التي يتواجد فيها المتعلم.

- يحتمل أن تكون الإجابة عن الفقرات صادقة، أي أنها تعبر عن الشعور الحقيقي للمتعلم، ومن الضروري هنا الحفاظ على السرية، وطرح أسئلة غير مباشرة، والعمل في جو مريح وحميمي.

تستخدم في تقويم الأهداف الوجدانية عدة وسائل، نذكر منها :

1- الاستبيان(Questionnaire).
2- المقابلة.(Interview)
3- التقنيات الاسقاطية .(Techniques de projection)
4- السلم المدرج . (Echelle graduée)
الاستبيان:
هو وسيلة مباشرة لتقويم عدد كبير من المتعلمين بشكل موحد وفي مدة قصيرة، وذلك باستخدام أسئلة مغلقة أو مفتوحة. إن مقدار الثقة في أجوبة المبحوث يبقى دائما محل شك
بناء أسئلة الاستبيان :
قبل البدء في صياغة أي سؤال ينبغي على المقوم أن يطرح على نفسه السؤال التالي: "ما الفائدة المنتظرة من الجواب؟" وعليه بعد ذلك أن يبوب الأسئلة المختارة في مجموعات، تخص كل مجموعة موقفا أو جانبا من شخصية المتعلم، وكل ذلك في ترتيب تسلسلي.
الشروط الواجب مراعاتها في بناء أسئلة الاستبيان :
مراعاة مستوى المتعلم، أي استخدام الألفاظ التي يفهمها.
تجنب الألفاظ الغامضة مثل:هل ترى أن الراسب ينبغي أن يخضع لنظام خاص. نعم □، لا □ هل يعني النظام الخاص.
هنا: - الجزاء (الثواب – العقاب) – دروس الدعم- تعليم فردي...
الابتعاد عن الافتراضات الخاطئة مثل: هل تستعين بالحاسوب في مراجعة دروسك؟ وهذا دون أن نعلم ما إذا كان يملك حاسوبا أم لا؟
عدم إدراج قضيتين في نفس السؤال، مثل: هل تعتقد أن فوضى بعض التلاميذ في القسم مرادها تساهل المعلم معهم أم صعوبة الدروس نعم□ لا□. إلى ماذا يمكن أن تعود الإجابة بنعم أو لا: إلى التساهل أم إلى الصعوبة أم إليهما معا ؟
أشرنا سابقا إلى أن أسئلة الاستبيان قد تكون مغلقة أو مفتوحة، إن الإجابة عن سؤال بنعم أو لا – موافق أو غير موافق تدل على أن السؤال مغلق. أما في الأسئلة المفتوحة، فإن المعلم يعرض الجزء الأول من الجملة، وعلى المتعلم أن يكملها، تعتبر الأسئلة المفتوحة ذات فعالية كبيرة في الكشف عن الاتجاهات والمعتقدات والقيم.
في السؤال المفتوح تكون الجمل إما مباشرة أو غير مباشرة، ففي المباشرة منها يجيب التلميذ بصيغة المفرد المتكلم (أنا).

مثال:
عندما أفاجئ تلميذا يغش، فإنني ....، أنا أعتقد أن ....، أنا أرغب سرا في ....، يمكن أن يجرح الناس شعوري كثيرا إذا....حينما يكمل التلميذ هذا النوع من الأسئلة، يحس وكأنه يكشف عن جانب من نواياه، ومن المحتمل في هذه الحالة أن يكتفي بالإجابات المقبولة اجتماعيا أو التي ترضي المعلم.

أما في السؤال غير المباشر، فإن التلميذ يجيب باستخدام ضمير الغائب، مما يقلل إلى حد ما من تقديم أجوبة مقبولة اجتماعيا.

مثال:
- عندما يفاجئ المعلم تلميذا في حالة غش، فإنه …...

- أن التعاليق الشائعة حول هذا الدرس تدور حول…

المقابلة :
هي وسيلة مباشرة في جمع البيانات حول ميول واتجاهات المتعلمين بشكل فردي أو جماعي.
أنواع المقابلة:
المقابلة أنوع عديدة نذكر منها :
أ – المقابلة المقننة:
وهي التي يتقيد فيها المقوم باستمارة تحتوي أسئلة محددة.
ب- المقابلة غير المقننة:

وهي التي لا يعد لها المقوم الأسئلة مسبقا، ولكنه على دراية بما ينبغي أن تتمحور حوله المقابلة.



ج- المقابلة البؤرية:
وتتم بهدف التعمق والتركيز على تقويم مجال محدد من الأهداف.

د- المقابلة الجماعية:

وتتم بهدف تشخيص أسباب الأمراض النفسية قصد البحث عن الحلول واقتراح العلاج.تهتم المقابلة الجماعية على وجه الخصوص بمشكلات سوء التكيف والوقوف على اتجاهات الجماعات وميول أعضائها.
خطوات إنجاز المقابلة:



يمر إنجاز المقابلة بالخطوات الآتية :

1- عداد الأسئلة التي تتعلق بموضوع المقابلة

2- تحديد مكان وزمان إجراء المقابلة
3-توجيه الأسئلة للمفحوصين ثم كتابة الأجوبة أو تسجيلها.

ينبغي التأكيد بشأن المقابلة على أن المقوم لابد أن يحظى بثقة المتعلمين، فالبشاشة والهدوء والوضوح في إلقاء الأسئلة تعتبر من العوامل المساعدة على النجاح في إنجاز المقابلة.
محاسن المقابلة :

تتميز المقابلة غير المقننة بالمرونة، إذ يمكن للمقوّم أن يوجه أسئلة عديدة، وذلك حسب التدرج المتبع في تناول الجوانب المراد تقويمها.
تسمح المقابلة بتكوين تصور حول درجة صدق وجدية المتعلم.
الاحاطة الشاملة بالمتعلم، لأن الأمر لا يتعلق بالاستماع إليه فقط وهو يتحدث، بل تراقب حركاته وردود أفعاله التلقائية.
في حالة إجراء المقابلة الجماعية، يمكن للمقوم أن يقف على بعض الآراء التي ما كانت لتظهر في المقابلة الفردية.

نموذج لأسئلة مقابلة :

لنتحدث أولا عن دراستك :
- كيف كانت نتائجك في نهاية الفصل الثاني؟
- هل تقدمت بالمقارنة مع نتائج الفصل الأول؟
- ما هي المواد التي تحصلت فيها على نتائج مرضية؟- كيف تم ذلك؟
- ما هي المواد التي تحصلت فيها على نتائج ضعيفة؟
- هل تشارك في القسم؟
- هل هناك مواد لا تشارك فيها؟


إعــداد محمد الطاهر وعلي
أستـــــاذ مكـــون بالمعهد الوطنــي
لتكوين مستخدمــي التربية