المستشار التربوي والاسرة كعناوين للاستشارة والارشاد لدى المراهقين
تختلف الوظائف التي يقوم بها المستشار التربوي داخل أسوار المدرسة، فعليه الاجابة عن احتياجات المحيط المدرسي المتمثلة بتقديم الاستشارة والإرشاد الفردي للطلاب، لأولياء الأمور، للمدرسين، وبناء علاقة مع الجهات الخارجية الأخرى كالمعاهد، والكليات المهنية والشؤون الاجتماعية وغيرها إذا ما لزم الأمر، وكذلك تقديم الاستشارة والمشورة لإدارة المدرسة.

بالرغم من أن المستشار التربوي يعد العنوان الرسمي لعلاج المشاكل النفس- تربوية في المدرسة، إلا أن الأبحاث في إسرائيل تشير إلى أن عدداً ضئيلاً من طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية يتوجهون إليه لطلب المعونة في حل مشكلة ما (טטר, 1997).

هذه المؤشرات تدعونا الى التساؤل حول مكانة المستشار التربوي كعنوان لطلب المشورة وطلب الدعم مقارنة مع أشخاص آخرين مفضلين لدى المراهق. المراهقون بشكل عام يطرقون باب الاستشارة في مراحل مختلفة من حياتهم. تشير أبحاث عدة (Blyth et al,1982; Suliman, 1993; Boldero & Fallen, 1995; Frey & Rothlisberger, 1996) الى أن المراهقين يفضلون التوجه الى أسرهم وأقربائهم لطلب الاستشارة والمعونة، الأمر الذي يحتاج الى القاء الضوء عليه لفهم أسبابه، المعطيات تجعلنا نفكر ملياً في الأدوار التي يقوم بها المستشار التربوي في الجهاز التعليمي وفيما إذا كانت هناك حاجة لتطوير أو تغيير دوره فيما يتعلق بالعمل مع أسر المراهقين.

في هذه المقالة سوف تُعرض مكانة الاسرة كجهاز داعم للمراهق، والأدوار المطلوبة من المستشار التربوي في عمله، وسوف نناقش ما إذا كانت الاسرة تستحق اهتماماً ووقتاً أكبر من مجموع الادوار التي يقوم بها المستشار في الجهاز التعليمي.

الأسرة كجهاز داعم للمراهق

تعتبر الاسرة نظاماً عالمياً، وهي المرجع الأساسي لجميع أفرادها، حيث أنها الخلية الطبيعية الأولى للمجتمعات البشرية. فهي تضم فيها أعضاء يعيشون معاً تكنفهم درجات مختلفة من العلاقات، تتراوح بين الرسمية والشخصية، وتطمح دائماً الى التوحد وتقديم المعونة لأفرادها. العلاقات الأسرية تشمل العلاقة بين الوالدين وأبنائهم والأبناء أنفسهم ، وتشكل هذه العلاقات عموماً أنماطاً سلوكية تحدد طرق التصرف المقبول بين أفراد الاسرة الواحدة.

تعتبر الأسرة "جهازاً" يقوم ببناء الأفراد وتهيئتهم، حيث أن كفاءة الجهاز تحدد مستوى وكفاءة الأفراد، ودور الأسرة هنا هو توفير الحب والأمن لأفرادها، فداخل الأسرة يطور الأفراد (أطفالاً وبالغين) شخصياتهم ويجدون مساحة لتلبية احتياجاتهم البيولوجية، والنفسية، والروحية، والعقلية والعاطفية، وتوفر لهم الحماية في مراحل تطورهم المختلفة ( חג' יחיא, 1994). فالأسرة هي وكيل التنشئة الأول والمركزي في حياة الأفراد، وهي البؤرة الاجتماعية الأولى التي يترعرع فيها الفرد، ويتم تحضيرهم للتعامل مع المتطلبات الحياتية خارج البيت. كذلك فإن أفراد الأسرة هم أول الأشخاص المهمين الذين يقيم الرضيع صلة معهم، ولهم أكبر الأثر على تطور شخصيته وخصوصاً في السنوات الأولى من حياته، فالتماثل مع الأبوين يساهم وبشكل كبير في استدخال مفاهيم أولية وأساسية عن الحياة والثقافة. تلعب الأسرة دوراً هاماً في توفير بيئة داعمة وآمنة لأفرادها، باعتبارها اللبنة الأولى التي يتماثل معها الطفل، فيستدخل أفكارها ومبادئها التي تتحول لاحقاً لوكيل ثقافي يساعده في استدخال قيم ومعتقدات جديدة.

للجو الأسري الذي يعيش فيه الفرد تداعيات مهمة في تشكيل وصقل شخصيته، ومواقفه، وآرائه، وقيمه، ومسلكياته (Payne et el, 1993). الجو الأسري يتبلور ويظهر في شكل العلاقات المشاعرية المتبادلة، والعلاقات بين الأفراد، ومستوى التفهم والتعاطف، ومواجهة المشاكل والتوترات، وتوفير الدعم العاطفي، وكذلك في توفير جو للنمو والتطور. يرى أريكسون أن شخصية الفرد تتطور من خلال علاقته مع أفراد أسرته والمجتمع الذي يعيش فيه. فالطفل الذي حصل على دعم ونشأ في جو دافئ وآمن يعكس ذلك في صفاته وقدراته على مواجة الصعوبات الحياتية، والعكس هو الصحيح.

إن شكل ومضمون تطور المراهق في سنوات حياته الأولى يتحول الى مرشد ونموذج حياتي يساعده في التعايش مع الأوضاع الحياتية المختلفة، حيث أن هناك انعكاسات مباشرة لعلاقة الفرد بأبويه على الثقة بالنفس، والنجاح الدراسي، والتطور العقلي وعلى أداءه النفسي. فقد أظهرت بعض الدراسات على سبيل المثال (ליברמן, 1976) بأن المراهقين الذين عاشوا في جو آمن استطاعوا تطوير علاقات اجتماعية وصداقات مع زملائهم، مقارنة مع مراهقين حرموا من هذا الدفء ولهم ماضٍ غير آمن في شكل ومضامين الاتصال مع أسرهم. بكلمات أخرى، استطاع المراهقون الذين عاشوا في جو ملئ بالحب والدعم تطوير مهارات وقدرات اتصال فعالة وصحيحة من خلال تجاربهم السابقة مع أفراد أسرهم، واستطاعوا كذلك أن يكونوا أكثر انسجاماً وفعالية مع أصدقائهم وأقاربهم.

هناك أهمية عظمى لشكل العلاقة بين الوالدين وابنائهم خصوصاً في بداية مرحلة المراهقة المتأخرة. يعتقد זיו (1984) أن المراهقين الذين مارسوا علاقة طيبة مع أبائهم أظهروا تأثراً ضعيفاً من ضغط مجموعة المثل مقارنة مع مراهقين لم تتح لهم الفرصة في بناء علاقة آمنة ومريحة مع ذويهم. هناك ارتباط كبير بين علاقة الفرد بذويه ومضامين التطور الانفعالي، النفسي، العقلي والسلوكي التي يطورها المراهق، فالمراهقون الذين استطاعوا تكوين علاقات حميمة مع ذويهم يتأثرون منهم أكثر مما يتأثرون بأصدقائهم والعكس هو الصحيح.

من الناحية التطورية نعرف أن المراهقين ولأسباب تتعلق بفترة المراهقة يتصرفون بدافع التميز وبشكل مستقل، حيث تتميز العلاقة بين المراهق والأهل بالتوتر الشديد. بالرغم من ذلك، فإن المراهق لا يمكنه أخذ قرارات شخصية فيما يتعلق باختيار العمل وما الى ذلك دون الرجوع الى الأهل لأنهم يشكلون درع الحماية والمرجعية الآمنة التي يمكن اللجوء اليها عند الحاجة.

لكي نستطيع معرفة ما إذا كان على المستشار التربوي تغيير بعض من أدواره أو تشكيلها بما يضمن توفير وقت كاف للأهل والعمل معهم، فمن الضروري هنا ذكر الأدوار التي يقوم بها في داخل إطار المدرسة والوقت الذي يخصصه للعمل مع الأهل.

الأدوار التي يقوم بها المستشار التربوي:

تختلف التوجهات حول موقع المستشار في الجهاز التعليمي، حيث تتراوح بين إعطاء الاستقلالية له بحيث يقف خارجاً، وكأنه ليس جزءاً من الطاقم التدريسي، لكي يستطيع إعطاء رأي مهني غير متأثر من العلاقات الشخصية، وبين إدماجه في الطاقم التدريسي بشكل تام، سواء من خلال إعطائه حصصاً تعليمية بالإضافة لعمله في الاستشارة أو بطرق أخرى تحد من استقلالية عمله. مهما اختلفت التوجهات وفي كل الأحوال يعتبر المستشار التربوي أحد أفراد الطاقم المدرسي.

تختلف المهمات الملقاة على عاتق المستشار التربوي في المدرسة، سواء بالعمل مع الطاقم التدريسي، الادارة وأطراف أخرى لها علاقة بالطالب. باحثين أمثال (קלינגמן ואייזן, 1990; טטר, 1997) وغيرهم، وصفوا المهمات التي يجب على المستشار القيام بها بتسع مهام رئيسة:

1. توفير الاستشارة النفسية للأفراد، والاهتمام بالمشاكل الشخصية والاجتماعية والتربوية التعليمية التي قد تسبب قلة التوافق المدرسي.

2. طلب المعونة من الأهل والمعلمين في فهم ما يجري للطلاب لكي يقدم الاستشارة الملائمة لهم، ومساعدتهم في فهم المشاكل وكيفية التعامل معها بأفضل صورة.

1.التنسيق لفعاليات ولقاءات للطاقم متعدد التخصصات العامل في الجهاز.
4. تقديم الاستشارة والمعونة للطلاب في المراحل الانتقالية في حياتهم سواء في انتقالهم من المرحلة الاساسية الى الثانوية ومن الثانوية الى الجامعة. كذلك فالمستشار هنا يعمل على تركيز كل المعلومات عن الطلاب الذين ينتقلون بين المراحل المختلفة.

1.تقديم الاستشارة للإدارة المدرسية وللمدرسة كجهاز تعليمي عموماً.
2.استقبال وتلقي ونقل معلومات عن المدرسة وإليها.
3.متابعة وتقييم مشاريع تربوية وأنشطة تعليمية في الجهاز التعليمي سواء كانت منهجية أو لا منهجية.
4.بعض الأعمال الادارية المتعلقة بعمل المستشار مقابل الأجهزة المختلفة كوزارة التربية والتعليم ومؤسسات لها علاقة بالمدرسة.
5.تخطيط وتنفيذ برامج وقائية وعلاجية بحسب الحاجة.
من الواضح أن هناك العديد من المهام التي يجب على المستشار التربوي القيام بها، والسؤال المطروح هنا هو كيفية تقسيم وقت المستشار الضيق على كل تلك المهام؟ والسؤال الآخر هو كم من الوقت يعطي المستشار للعمل مع أسر الطلاب؟

أظهرت نتائج البحث الذي قام به טטר (1997) في بعض المدارس الاعدادية في اسرائيل أن هناك اختلافات حول الادوار التي يجب على المستشار التربوي القيام بها داخل المدرسة سواء في العمل مع الادارة أو المعلمين أو الطلاب وكذلك أولياء أمورهم. فالمعطيات تشير الى أن هناك فجوات في في توقعات الاطراف المختلفة لعمل المستشار الواقعي مقارنة بتوقعاتهم وما يطمحون اليه. ولكن ما يعنينا هنا هو المستوى المتدني الذي يوليه المستشار التربوي للعمل مع الاسر مقابل الأطراف الأخرى كالطلاب والمعلمين والادارة، بالرغم من أن النتائج توضح أن المستشار يطمح الى زيادة التدخل مع هذه الفئة بشكل أكبر ولكن توزيع الوقت والأدوار الاخرى التي يلعبها لا تسمح بذلك. من الواضح أيضاً من النتائج بأن واقع العمل الاستشاري مع الأهل ليس بعيداً عن طموح الادارات المدرسية، فهي لا ترى أن هناك حاجة لزيادة التدخل مع الأهل -ربما لعدم رغبتها في تدخل الأهل واشراكهم في المدرسة، أو لفهمهم دور المستشار ضمن حدود الصفوف وغرفة المعلمين- الامر الذي ينعكس بالضرورة على تواجد الاهل في المدرسة والمشاريع والانشطة المعدة لهم.

المستشار التربوي كعنوان لتوجه المراهقين مقارنة بالأهل:

أشارت أبحاث عدة الى أن المراهقين يفضلون التوجه الى الأقارب وأبناء أسرهم سواء الأب، أو الأم، أو الأخ الكبير وما الى ذلك والى أصدقائهم أبناء نفس الجيل، أكثر من تفضيلهم لطلب المعونة اخصائي مهني سواء كان أخصائياً نفسياً أو مستشاراً تربوياً سواء كان ذلك من خلال المدرسة أو خارجها

Blyth, et el, 1982; Frey & Rothlisberger, 1996; Boldero & Fallen, 1995; Suliman, 1993). إن التوجه لطلب الاستشارة غير مرتبط بالضرورة بجنس الطالب، بالرغم من أن بعض الدراسات أظهرت أن البنات يتوجهن لطلب الاستشارة بشكل اكبر مقارنة مع الاولاد (Blyth, et el, 1982؛ Suliman, 1993).

ترى أبحاث قام بها Boldero & Fallen (1995) و Eiser & Eiser (1995) أن غالبية الطلاب المراهقين يظهرون عوارض نفس جسمية صعبة مثل الشعور بالاكتئاب، والنكوص، وعدم الثقة بالنفس واضطرابات في ادراك الذات وغير ذلك، والتي تحتاج الى تدخل ومساعدة من قبل المستشار التربوي أو الاخصائي الاجتماعي، الا أن غالبيتهم لا يتوجهون لطلب المساعدة بالرغم من احتياجهم الكبير لذلك.

مقابل ذلك نرى أن المراهقين يتوجهون لطلب المساعدة والاستشارة من أطراف أخرى غير مهنية كفئة الاصدقاء والأهل والاقرباء. يشير Frey & Rothlisberger (1996) الى أن الكثير من الطلاب يتوجهون الى الوالدين بالذات لطلب المساعدة بالرغم من المكانة المهمة في تلك الفترة لمجموعة المثل وللأقارب. من هنا نرى أن الاهل هم الوجهة المركزية عند الحاجة، لتقديم النصيحة فيما يتعلق بما يهم المراهق بشتى مجالات الحياة.

يتوجه المراهقون الى أهلهم لطلب معونة في مواضيع وصعوبات تتعلق بالتعليم والمهنة، فيما يتوجهون الى مجموعة الأقران لطلب استشارة حول صعوبات شخصية واجتماعية (Suliman, 1993 ؛Frey & Rothlisberger, 1996).

العوامل المؤثرة على توجه المراهق للمعونة وطلب الاستشارة:

حاول טטר (2001) عرض ثلاثة عوامل أشارت إليها الأدبيات المختلفة والتي تؤثر على توجه المراهق في طلب المساعدة، وهذه العوامل هي:

1. جنس المراهق: هناك فروق بين الجنسين في المواضيع التي من أجلها يتوجه المراهقون في طلب الاستشارة، ففي حين أن الإناث يتوجهن الى الاستشارة في المواضيع الشخصية والمواضيع العاطفية والانفعالية، فإن الذكور يتوجهون لطلب الاستشارة في المواضيع التي لها صلة بالعمل والتعليم والتحصيل الدراسي.

2. الوضع الاجتصاصي (الاجتماعي الاقتصادي) للمراهق: من الواضح أن المراهقين الآتين من طبقات اجتماعية عالية يتوجهون لطلب الاستشارة النفسية والأكاديمية سواء داخل الجهاز المدرسي أو خارجه مقارنة بالطلاب الآتين من الطبقة الوسطى والفقيرة.

من هنا يمكن الافتراض بأن الطلاب الذين لا يتمتعون بظروف جيدة وصحية داخل البيت (أهل فقراء ثقافياً، مشاكل أسرية مصاحبة للمراهق منذ طفواته، جو يتميز ببرود العلاقات في العائلة...) من المحتمل أن لا يتوجهوا الى أهلهم لطلب المعونة، أو للمستشار التربوي فيما يتعلق بالمشاكل التي يعانون منها.

3. كشف الذات: إن التوجه لطلب المساعدة من شخص يعد غريباً، والتحدث عن أموأمور خاصة جداً ليس بالأمر المقبول في كثير من المجتمعات –وفي المجتمع العربي خصوصاً- حيث يعد الكشف عن قضايا خاصة، كشفاً لسر أسري يجب عدم البوح به.

نقاش:

لا شك بأن الاسرة لها كبير الأثر على معتقدات وقيم ومسلكيات أبنائها، فالأنماط الشخصية والسلوكية للمراهق ما هي الا امتداد طبيعي لأنماط عززت لديه ومارسها في طفولته، وما المدرسة إذا الا محيط يمارس فيه سلوكيات تعكس الانماط التي شكلها في طفولته. فإذا كانت الانماط السلوكية محدودة انعكس ذلك في تعامله مع الآخرين وبالعكس.

إن العلاقة والتواصل المستمر بين المراهق وأفراد اسرته طوال فترات نموه الاولى تساعده على التوجه اليهم. حيث أن العائلة العربية خصوصاً ترى من أهدافها حماية الفرد وتلبية احتياجاته، فهي تشعر بالمسؤولية عن الدفاع عنه ومساندته، بحيث أن أهمية الفرد ومكانته تقاس بقدر وكيفية علاقته مع بقية أفراد العائلة (חג' יחיא, 1994).

من خلال الابحاث التي تم عرضها مسبقاً نرى أفضلية لتوجه المراهق لأسرته لطلب الاستشارة والمعونة، مقارنة مع شخص مهني آخر يقدم الاستشارة النفسية أو التربوية سواء في الجهاز التعليمي أو خارجه. إن توجه المراهق لأسرته في طلب الاستشارة يعود فيما يعود الى أسباب ذكر جزء منها سابقاً (טטר, 2001; Magen & Chen, 1988)، إضافة الى ما يتعلق بطبيعة عمل المستشار وتوزيع وقته على قضايا مختلفة في الجهاز التعليمي، كعدم تفرغه الكامل لنقاش القضايا التي تسبب تأزماً للطالب من خلال إعطائه الوقت الكافي لنقاشها ومتابعتها لاحقاً. ومنها ما يتعلق بشخصية المتوجه واعتقاداته الخاصة بكل ما يتعلق بالتوجه الى المستشار وطلب المساعدة، فأحياناً ما يشعر المراهق بالنقص وانخفاض في القيمة الذاتية إذا ما توجه لطلب المساعدة، بالإضافة الى الوصمة التي يمكن أن تلصق به من قبل زملائه في الصف، عند التوجه للاستشارة، نرى هذه الظاهرة غالباً عند المراهقين المنتمين لطبقات اجتصاصية فقيرة. ومنها ما يتعلق بالتنشئة الاجتماعية التي تركز على أهمية سرية المعلومات الاسرية وعدم البوح بأسرار العائلة كقيمة أساسية يتشارك فيها جميع أفراد العائلة.

لا شك أن العمل الذي يقوم به المستشار التربوي في الأطر المختلفة مهم للغاية، ولكننا هنا نناقش علاقته مع أهل الطلاب بناءً على معرفتنا للحقائق التي ذكرت في المقالة، مما تجعلنا نتساءل فيما إذا كان من الضروري بأن يطور المستشار التربوي تعريفه الوظيفي فيولي أهمية ووقتاً أكبر في العمل مع الأسر. من الواضح من أن الفجوة القائمة بين الأهمية التي يوليها المستشار للتدخل مع الأهل متأثرة بالأهمية الضئيلة التي يوليها مدير المدرسة لهذه الفئة فيما يتعلق بالعملية الاستشارية الارشادية، بالرغم من الحاجة الكبيرة التي يشعرها المستشارون التربويون في زيادة التدخل مع الاهل والعمل معهم وتحويلهم الى شركاء حقيقيين في العملية الاستشارية (טטר, 1997(.

تقترح וולש ולסלי (1994) بأن يطور المستشار عمله بحيث يصبح أكثر تخصصاً، حيث نرى في الآونة الأخيرة بأن كثيراً من المستشارين التربويين يطورون اهتمامات خاصة في مواضيع مختلفة مثل: العمل مع ذوي الحاجات الخاصة، والتوجيه المهني، والمهارات الحياتية وغير ذلك. من هنا فإن الامكانية مفتوحة أمام المستشارين في التخصص مع العمل الاسري وتطوير هذا المجال بحيث يتم بناء فعاليات جماعية توعوية واجتماعية ونفسية لأسر الطلاب وبشكل دوري كجزء ثابت في برنامجه الاسبوعي، وهذا يتطلب بالضرورة توفير وقت أكبر لهذا المجال.

كذلك فإن المستشار التربوي يجب عليه التعامل مع موضوع حساسيةالعلاقة بين الأهل والطالب في فترة المراهقة، فغالباً لا يحبذ الطالب أن يناقش المستشار التربوي مشاكله الخاصة مع أهله، وأن يكون موضوع الحديث. كثير هم أولياء الامور الذين يرغبون في تقديم المعونة لأبنائهم سواء في المجال التعليمي، أو المهني، أو الشخصي أو الاجتماعي، ولكن تنقصهم أحياناً المعلومات والمعرفة في تقديم الاستشارة، ولذا فإنني أرى بأن دور المستشار هنا هو مركزي للغاية في توفير المعلومات في المجالات المختلفة للأسر وإثرائهم بوسائل تعزز طرق الاتصال ونجاعته بينهم وبين ابنائهم، فيزيد بالضرورة نجاعة المعونة التي يقدمها الاهل لابنهم أو لابنتهم.

إن التعاون البناء والمتميز بين المستشارالتربوي والأهل يخلق بالضرورة تواصلاً بين الأهل والمدرسة. ولربما يساهم ذلك في زيادة الدافعية لدى المراهق في التوجه الى المستشار التربوي سواء بشكل مباشر أو بطلب من ولي الأمر في الحالات التي فيها المستشار التربوي هو العنوان لذلك.

المصادر:

וולש איירה, ד. ולסלי, מ. (1994). תפקידו העתידי של יועץ בית הספר, הייעוץ החינוכי, ד', 171-175.

זיו, א. (1994). גורמים משפיעים על בחירת מקצוע, התבגרות. תל אביב: פפירוס, 165-183.

חג' יחיא, מ. (1994) המשפחה הערבית בישראל: ערכיה התרבותיים וזיקתם לעבודה סוציאלית, חברה ורווחה, י"ד (3-4), 246-264.

טטר, מ. ו מילגרם, א. (2001). פניה לעזרה בקרב מתבגרים, הייעוץ החינוכי, י', 91-115.

טטר, מ. (1997). תפיסות וציפיות של יועצים כלפי תפקידם, הייעוץ החינוכי, ו', 48-67.

קלינגמן, א. ואייזן, ר. (1990). ייעוץ פסיכולוגי: עקרונות, גישות ושיטות התערבות. תל אביב: הוצאת רמות אוניברסיטת תל אביב.

Blyth, D. A., Hill, J. P., & Thiel, K. S. (1982). Early adolescent’s significant others: Grade and gender differences in perceived relationship with familial adults as young people, Journal of Youth and Adolescence, 11, 425-450.
Boldero, J., & Fallon, B. (1995). Adolescent help seeking: What do they get help for and from whom?, Journal of Adolescence, 18, 193-209.
Eiser, C., Havermans, J., & Eiser, J. R. (1995). The emergence during adolescence of gender differences in symptoms reporting, Journal of Adolescence, 18, 307-316.
Frey, C. V., & Ruthlisberger, C. (1996). Social support in healthy adolescents, Journal of Youth and Adolescence, 25, 17-31.
Payne, J. W., Bettman, J., & Johnson, E. (1993). The adaptive decision maker. Cambridge University Press.
Suliman, A. (1993). Choice of helpers, types of problems and sex of helpers of college students, International Journal for the Advancement of Counseling, 16, 67-79.

--------------------------------------------------------------------------------