بسم الله الرحمن الرحيم
طريقة التلقين في التدريس والاحتراق النفسي للمعلم
تعد طريقة التلقين من المصادر الرئيسة المسببة للضغوط النفسية الشديدة التي يتعرض لها معلم علم النفس بالمرحلة الثانوية العامة وتؤدي به إلي الاحتراق النفسي.
• تعريف طريقة التلقين:

" كل حديث يقوم به المعلم لنقل المعلومات والمعارف بصورة لا تعطي للمتعلمين فرصة للفهم والتفكير والتساؤل والبحث والتجريب والنقد".

ومن خلال التعريف السابق يتضح:
- التلقين يعتمد على الإلقاء من جانب المعلم، ويقع العبء الأكبر علي كاهله في عملية التدريس.
- يتم تقديم المعلومات بصورة جاهزة علي المتعلم ولا يتطلب منه التفكير والبحث والاستقصاء.
- ينحصر دور المتعلم في الاستماع والحرمان من المشاركة في المواقف التعليمية وقلة فرص التفاعل.
- يعتمد التلقين على الترديد والحفظ والامتثال والاستظهار ولا يعطى مجالاً للفهم والتفكير والتساؤل والتجريب والنقد.
• أسباب استخدام طريقة التلقين:
على الرغم من نتائج البحوث والدراسات التي أثبتت عدم جدوى طريقة التلقين وعدم رضا المعلمين عنها إلا أن المعلمين يبقون عليها ولعل أهم هذه الأسباب ما يلي:

(1) الألفة والدفء بين المعلم وطريقة التلقين طوال السنوات الماضية.
(2) ما اكتسبه المعلم من قناعات عقلية، مما أدى به إلي الحرص عليها والدفاع عنها، وإقناع الآخرين بأنها الأفضل.
(3) تعود المعلم في طريقة التلقين على مشكلات ألفها وقد سيطر عليها بخبرته القائمة على التجربة الشخصية ـ من وجهة نظره – وبالتالي يخشى من تطبيق الجديد، فهو يرى فيه تهديد لشخصيته وخطر يهدد وجوده الذي اكتسبه في هذه الطريقة وأن هذه الاستراتجيات الجديدة ستحتاج إلى جهود عظيمة لتجاوزها والسيطرة عليها.

• المشكلات المرتبطة بطريقة التلقين
1. عدم الرضا عن طريقة التلقين في التدريس:
يعد رضا المعلم عن طريقته في التدريس من الأمور التي تؤكد ذاته وتشعره بالثقة في نفسه والتي تعد أحد مظاهر الصحة النفسية الإيجابية، كما أنها من الأمور المهمة التي تحقق الرضا المهني للمعلم. وتؤدى الطريقة إلي " إحساس المعلم بضغوط شديدة لشعوره بعدم ملائمة طريقة تدريسه للأهداف التربوية".
(ب) الآثار المترتبة علي استخدام المعلم طريقة التلقين:
تؤثر طريقة التلقين في التدريس علي المعلم تأثيراً سلبياً، ومن أهم الآثار المترتبة مايلي:
(1) انزعاج المعلم:
يشعر المعلم الذي يستخدم طريقة التلقين أن طريقته لا تناسب خصائص المتعلمين وتطورات العصر فقد تتسم تساؤلات هؤلاء المتعلمين بالحداثة والغرابة خاصة لدى المتعلمين المبدعين والذين ينشأون في أسر ذات مستوى عال من التعليم أو توفر لهم أسرهم من الإمكانات التي تسمح لهم بالاطلاع على الكتب والمجلات، والانفتاح على العالم الخارجي من خلال مشاهدة الفضائيات، وتصفح المواقع الاليكترونية على شبكة الانترنت.
(2) عدم قدرة المعلم علي إطلاق الطاقات الكامنة للمتعلمين:
يعد استخدام المعلم لطرائق التدريس المناسبة، والتي تستثمر الطاقات والقدرات الكامنة من الأمور التي تؤدي إلي رضا المعلم، وأن عدم قدرته علي تحقيق ذلك يتبعه شعور سلبي نحو الذات.
(3) شعور المعلم بالإحباط وضعف الثقة بالنفس:
ترتبط طريقة التلقين بنفور الطلاب من معلمهم، وبذلك تقل دافعتيهم نحو التعلم، وإخفاقهم في تحقيق الانجاز على نحو سليم وهذا بدوره يؤدى إلى إحساس المعلم بأن رسالته لم يؤدها على أكمل وجه.
(4) إحساس المعلم بالملل والتوتر والضيق:
فقد يطلب بعض المتعلمين من المعلم تكرار أو تفسير بعض الأمور التي تتسم بالغموض لفهمها، والتي قد تؤدى بالمعلم إلى الملل، كما أن عدم فهم المتعلمين لها بعد تكرارها، أوعدم اقتناعهم بها لضعف الحجج التي استند إليها المعلم، قد يؤدى به إلى التوتر والضيق.
(5) إخفاق المعلم في ربط الدرس بالتطبيقات التربوية:
يؤدى عدم ربط الدرس بالتطبيقات التربوية إلى شرود المتعلمين، والقيام بتعبيرات مختلفة تنم عن الضجر والملل، والتظاهر بالتثاؤب، وغيرها من السلوكيات التي تعد مؤشراً على انصرافهم عن المعلم وعدم متابعتهم للدرس، مما يؤثر على حالة المعلم النفسية.
(6) عدم قدرة المعلم علي إثبات النتائج التي توصل إليها:
فطريقة التلقين تفتقد إلى المعلومات الفنية التي تبرهن على هذه النتائج وهذا يتطلب أن يجهد المعلم نفسه لإيجاد الحجج لإثبات صحة ما يقول وأنه من الأيسر إذا قام المتعلمون بممارستها من خلال الأنشطة الصفية في الموقف التعليمي.
(7) عدم قدرة المعلم علي تحقيق أهداف الدرس:
إن تحقيق أهداف الدرس التي وضعها المعلم بالاشتراك مع المتعلمين تحقق له الثقة في نفسه، وتكون مبعثاً على السعادة والراحة النفسية، وهذا يتم تحقيقه من خلال استراتيجيات تعلمية تتيح دور ايجابي فاعل للمتعلمين وعلى النقيض من ذلك فالممارسات التقليدية ـ منها طريقة التلقين ـ تؤدى إلى نتائج غير مرضية كالشعور بالتوتر والقلق علاوة على الجهد الذي يبذله المعلم والذي يؤدى به في نهاية المطاف إلى الضيق والاحتراق النفسي.
(8) افتقاد الدعم الأدائي من قبل الزملاء في تنفيذ الدرس:
فقد بينت احدي الدراسات أن الاحتراق النفسي كان أقل لدى المعلمين الذين يتلقون الدعم من الزملاء في تنفيذ الدرس
(9) عبء العمل الزائد:
يتحمل المعلم في الفصل التقليدي إعطاء التوجيهات والأوامر والنواهي التي تحفظ النظام داخل الفصل، فهو يبذل جهداً يفوق طاقته، فهو الذي يقرر أنشطة وممارسات المتعلمين، وهو الذي ينفذ قراراته فيما يتصل بنوعية السلوك المناسب وغير المناسب وبالتالي يشعر بأنه منهك في نهاية كل حصة نتيجة العبء الذي يقع علي كاهله، وإحساسه بأن جهوده غير مثمرة مع بعض المتعلمين، وعدم استجابتهم لطريقته.
(10) نقص الإنجاز الشخصي:
يشعر معلم علم النفس الذي يستخدم طريقة التلقين في التدريس أنه غير راض أو غير مقتنع بأدائه المهني وإنجازاته في تمسكه بهذه الطريقة، وبعد فترة يصل هذا المعلم إلى القناعة بأنه لم يكن نفسه في مستوى التوقعات والمثل العليا التي رسمها هدفاً له .
(11) الإجهاد الانفعالي:
وينشأ نتيجة للعبء الزائد في طريقة التلقين وما ينتج عنها من سوء العلاقات بين المتعلمين والمعلم وعدم استجابتهم له، وقد يرتبط بذلك رغبة المعلم في ترك العمل كرد فعل طبيعي لذلك.
(12) التبلد الانفعالي وفقدان الاهتمام بالآخرين:
وفيها لا يستجيب ولا يستثار المعلم لأي حدث يمر عليه كتقدم المتعلمين في التحصيل وتفاعلهم، أو غير ذلك من الأمور غير السارة التي تتعلق بهم فالأحداث والمواقف الجديدة لا تلفت انتباهه لاعتياد المعلم علي الرتابة والنمطية من خلال طريقة التلقين التي يتبعها.
(13) قلة التعزيز الايجابي الذي يحصل علية المعلم:
بالرغم من العبء الذي يتحمله المعلم والجهد الكبير الذي يبذله في التدريس فإنه لا يلقي تعزيزاً من قبل المتعلمين أو إدارة المدرسة أو من قبل الموجهين وأولياء الأمور ويكون ذلك مؤشراً علي المعاناة التي يعيشها.
(14) انعدام التفاعل والشعور بالوحدة وقلة الحيلة:
يحتاج المعلم أحيانا الى مشاركة المتعلمين في التنفيس والحوار والتفاعل معهم، ولكن طريقة التلقين تجعله ينعزل عنهم ويشعر عندئذ بالوحدة وقلة الحيلة.
(15) افتقاد الحماس:
ينمو إحساس لدي المعلم بأن عمله بلا هدف أو بلا معنى، فيصبح العمل في أدنى سلم أولوياته
(16) اليأس والاستسلام:
يشعر المعلم بالفشل، والتشاؤم، والشك بالنفس، والإحساس بالفراغ والرغبة في الهروب من العمل، وينتج عن هذه الأعراض تأثيرات جسدية وانفعالية قد تتطور إلى عجز مزمن.
(القذافي خلف عبد الوهاب محمد ( 2010): فاعلية استراتيجية قائمة علي التعلم النشط في خفض الاحتراق النفسي وتنمية مهارات التفاعل اللفظي لمعلمي علم النفس بالمرحلة الثانوية ) رسالة ماجستير ، قسم المناهج وطرق التدريس ، معهد الدراسات التربوية، جامعة القاهرة، ص ص 21 :34.)
http://drkhaledomran.egyscholars.com/forum/viewtopic.php?f=5&t=1621&p=9135&hilit...
»