الأنشطة الطلابية في الفكر التربوي

المقدمة:

تعتمد المجتمعات المزدهرة في تطورها ونمائها على حسن استثمار مواردها الطبيعية، وإمكاناتها البشرية، والإفادة من جميع الطاقات الإنسانية، الأمر الذي يدعونا إلى تعرفها وتحديدها في الجسم والعقل والنفس. والطريق إلى ذلك هو إتاحة الفرصة لها للظهور كي يمكن تعديلها وتهذيبها وتنميتها.

ولم يقتصر دور التربية الحديثة على الصف الدراسي في تزويد الطالب بالثقافة العامة الأساسية، وتنمية القيم والاتجاهات والميول والمهارات وأساليب التفكير المرغوب فيها فحسب، بل اتجهت إلى الاهتمام بالفرد من جميع جوانبه على اعتبار أنه شخصية متكاملة، وأنه عضو فعّال في المجتمع.

وعليه أصبح الطالب في أنظمة التعليم الحديثة هو المحور الذي تدور حوله العملية التعليمية، وأصبح الهدف الأساسي من التعليم هو تنمية شخصيته، وإحداث التغيرات الإيجابية فيها، حتى يتمكن من معايشة متطلبات الحياة العصرية المليئة بالمتغيرات والمتناقضات العديدة.

بيد أن إحداث هذه التغييرات يتطلب تغييراً في مسار الحياة الدراسية، التي ينبغي أن تتضمن الممارسات العملية لكافة ظروف الحياة في المجتمع، ويمكن أن يتأتى ذلك من خلال ممارسة العديد من ألوان الأنشطة الطلابية. ذلك أن الحياة المدرسية ينبغي أن تكون حياة متكاملة، فالمدرسة ليست محاضرات ومعارف ودروس علمية فحسب، وإنما يجب أن تستهدف التكوين المتكامل للطلاب، والعناية بنمو شخصياتهم، وهذا يقتضي قيام أنواع مختلفة من الأنشطة.

ولا شك أن الأنشطة الطلابية تجعل المدرسة مجتمعاً متكاملاً يتدرب فيه الطلاب على الحياة المجتمعية، يكتسبوا من خلالها خبرات وتجارب المجتمع، وتبث فيهم روح الجماعة وتدربهم على القيادة والتشاور والتعاون، والتفاهم المتبادل، كما تدعم شخصياتهم بما يلاقونه من تحديات وما يقابلهم من مشكلات، وما يتحملونه من مسؤوليات.

وتبدو أهمية الأنشطة الطلابية من خلال قدرتها على استثمار أوقات الفراغ لدى الطلبة لما فيه منفعتهم الذاتية كأفراد، ومنفعة البيئة المدرسية، والمجتمع ككل، وهي لذلك تساعد على تحقيق الأهداف التربوية وتنمية المهارات والعلاقات الاجتماعية وقدرات الطلبة الذاتية، وتحفيزها بشكل سليم.

ولتحقيق الشخصية المتكاملة للطالب عقلياً وجسدياً وروحياً واجتماعياً، تتعدد الأنشطة الطلابية في المؤسسات التربوية لتشمل الأنشطة الرياضية، والثقافية، والفنية، والاجتماعية، والعلمية، وتتنوع أنشطة المدرسة لتتفق مع رغبات وقدرات واهتمامات الطلاب بحسب الإمكانيات المتاحة.

وتشير الأدبيات التربوية إلى أن الأنشطة الطلابية يمكن أن تحقق أهدافها بفعالية إذا أمكن تسييرها وتوجيهها بقيادة إدارية واعية، ذلك "أن الإدارة التربوية الفعّالة هي تلك التي تعمل على تحقيق أهدافها من خلال تكامل عناصرها الإداريـة من تخطيط وتنظيـم وتقويم" (عبدالدائم، 1983، 607).

فالتخطيط السليم للأنشطة الطلابية يفسح المجال لتعددها حسب حاجات الطلاب وميولهم ورغباتهم، وعليه يتضمن التخطيط للأنشطة توفير المشرفين المؤهلين للإشراف عليها، وأن يكون اختيارهم قائماً على أساس من الكفاءة والرغبة في العمل، وينبغي تدريبهم وتأهيلهم باستمرار، لما لهم من دور كبير في توجيه الطلبة للأنشطة، كما ولابد أن يتضمن التخطيط للأنشطة تشريعات وتوجيهات كافية تسهل عملية تنظيمها وإدارتها، لأن التشريعات تقدم الغطاء القانوني، وتعطي صفات الإلزام والتنفيذ. وعليه لابد من وضع برنامج زمني محدد لتنفيذ برامج الأنشطة في خطة تتسم بالمرونة والقابلية للتنفيذ (العبدلي، 1989: 47-48).

ولكي تستطيع الإدارات المسؤولة عن الأنشطة من تنفيذ خطة النشاط الطلابي، لابد من توفير الأبنية والقاعات والأدوات والإمكانات اللازمة لممارستها، كما ينبغي أن تدرس ميزانية الأنشطة، وتناقش مصادر تمويلها المختلفة، وكفايتها لأوجه الأنشطة المختلفة، وتحديد طرق صرفها وتوزيعها حسب أولويات محددة، في ضوء أهميتها وأعداد الطلبة المشتركين فيها (النبتيتي، 1992 : 79).

أما التنظيم فيتضمن تأسيس علاقات بين الأنشطة التي سيتم ممارستها والعاملين الذين سيباشرونها، وكذلك العوامل المادية والتسهيلات اللازمة لممارستها، ولابد أن يراعي التنظيم السليم تحديد المسؤوليات والصلاحيات والواجبات لكل العاملين في برامج الأنشطة الطلابية من مشرفين وإداريين وأكاديميين وطلاب. كما ينبغي تنظيم جماعات الأنشطة ولجانها وأنديتها وجمعياتها، وإتاحة الفرصة للأعضاء للانضمام في هذه الجماعة بميل ورغبة، كل هذا بالإضافة لضرورة تحديد معايير لاختيار القادة من الطلبة في كل جماعة.

ويعد التقويم ركناً أساسيـاً في تقدم وتطور برامج الأنشطة، حيث أنه يهدف إلى تحليل الأهداف المنشـودة منها، وتقويم النتائج بالقياس إلى تلك الأهداف: (Jackson, 1992: 1005).

عليه فإن هذه الورقة تسعى إلى تحديد طبيعة الأنشطة الطلابية، وتطورها لدى الفكر التربوي، بالإضافة إلى تحديد مفهومها واهميتها ومحدداتها النفسية والتربوية. كما أنها تسعى من خلال تحليل بعض الأدبيات التربوية إلى تحديد أسس إدارة الأنشطة الطلابية من حيث التخطيط والتنظيم والتقويم، محاولة للوصول إلى تحديد أهم ملامح هذه القضية التربوية الهامة.

طبيعة الأنشطة الطلابية

لم تعد المدرسة مجرد مكان يتجمع فيه الطلاب والمعلمون، بل هي مجتمع صغير يتفاعلون فيه يتأثرون ويؤثرون، حيث يتم اتصال بعضهم بالبعض الآخر، ويشعرون بانتماء بعضهم إلى البعض، ويهتمون بأهداف مشتركة لمدرستهم، وكل ذلك يؤدي إلى خلق الجو المناسب لنموهم. وليست المدرسة مجتمعاً مغلقاً يتفاعل داخله الطلاب بمعزل عن المجتمع الذي أنشأ هذه المدرسة، بل هي تعمل على تقوية ارتباط الطلاب بمجتمعهم وبيئتهم والشعور بالمسؤولية تجاه هذا المجتمع وتلك البيئة، من أجل إعدادهم وتزويدهم بالمهارات النافعة، الوثيقة الصلة بواقع الحياة في المجتمع.

ولذلك ظهرت الاتجاهات الحديثة في التربية التي ترمي إلى ربط المدرسة بالبيئة المحيطة، كما تربط البيئة بالمدرسة. ولما كانت المناهج الدراسية وحدها لا يمكن أن تشتمل على كل الخبرات والمواقف التي يحتاجها الطلاب عندما يتخرجون إلى الحياة العامة، وكان وقت الدراسة داخل قاعات الدراسة لا يتسع لتدريبهم على المواد التي يتعلمونها تطبيقاً عملياً، كان لا بد من وجود وسيلة أخرى تكمل النواحي التي لا يمكن تحقيقها داخل المحاضرات. لذلك فالأنشطة الطلابية في المدارس ضرورة تتطلبها الظروف التعليمية للقيام بوظائف تربوية عديدة. وهذا ما يعلل سر تغير الفكرة القديمة الخاطئة التي كانت تذهب إلى أن الأنشطة الطلابية نوع من اللهو لقضاء أوقات فراغ الطلاب، وبالتالي لم تكن تهتم بها المؤسسات التعليمية الاهتمام الذي يجدر بها.

عليه فإن ظهور هذه الأنواع من الأنشطة الطلابية، ونظرة التربويين إليها على أنها من الوسائل الناجحة في إحداث التغير المنشود في شخصية الطالب، يعزز مكانتها ضمن المنظومة التربوية.

نشأة وتطور الأنشطة الطلابية:

تعتبر "الأنشطة الطلابية" كمفهوم من المفاهيم الحديثة الاستخدام في التربية، وأنها أحد أهم الوسائل التربوية لتحقيق الكثير من أهداف التربية الحديثة.

بيد أن الأنشطة الطلابية قديمة قدم النظام التعليمي نفسه، وكثير من هذه الأنشطة قد وجدت في المدارس القديمة، فمثلاً يحدثنا التاريخ عن " اهتمام إسبرطة وأثينا بالرياضة والموسيقى، ومسابقات الخطابة، واشتراك الطلاب في الحكم الذاتي، والنوادي والمناظرات والتمثيليات والجماعات ذات النشاط الاجتماعي...الخ" (فتحي،1980 :2).

وقد ظهرت هذه الأنشطة كيفما اتفق، وبشكل غير منظم في المؤسسات التعليمية، حيث كانت تقوم إلى حد كبير على جهود فردية قبل القرن التاسع عشر، كما أن العديد من إدارات المدارس والمعلمين في ذلك الوقـت كانت لديهم رؤية ضبابية حول هذه الأنشطة، وكانـوا متخوفين من أنها ربما تتجاوز وقـت الطالـب، الـذي يجب أن يكـرس جهـوده للـدرس والتعليـم الأكاديمـي (Jackson.1992:1003).

وفي القرنين التاسع عشر والعشرين مرت الأنشطة الطلابية بأربع مراحل هي (عميرة،1998 :52) (ريان، 1995 :22-24)، (شحاتة، 1998 : 21-22)، (Gerber, 1996 :2-3):

المرحلة الأولى: كانت معظم هذه الأنشطة ولسنين عديدة تلقى تجاهلاً، وقد ساعدت على ذلك الظروف الاقتصادية والثقافية السائدة آنذاك، كما أن النظرة السائدة للمدارس وقتها أنها فقط للتعليم، وليس فيها مكان للأنشطة الطلابية.

المرحلة الثانية: كانت في أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، وكان فيها تسامح مع الأنشطة الطلابية، وإن كان اتصالها بالمدرسة ضعيفاً، ولم يكن يخصص لها وقت يذكر، ولا تسبغ عليها المدرسة رعايتها، وفي كثير من الحالات لم يتجاوز الأمر السماح للطلاب بالاشتراك فيها، بشرط ألا تصرفهم عن الدراسة، أو تجعلهم يقصرون فيها.

المرحلة الثالثة: بدأت بعد الحرب العالمية الأولى بقليل، حيث كانت الأنشطة الطلابية تلقى بالتدريج قبولاً، وأخذت تضمن في المنهج، وتنمو نمواً مطرداً، ابتداءً من العشرينيات من القرن العشرين، بل أنها استمرت في الازدهار حتى خلال مرحلة الكساد الاقتصادي في الثلاثينيات، وأثناء الحرب العالمية الثانية.

المرحلة الرابعة: في سنوات الاستقرار بعد الحرب، فقد دخلت كثير من هذه الأنشطة في المنهج، كمواد اختيارية، تحسب ضمن متطلبات التخرج.

هذا وقد علت الأصوات لتأييد أهمية الأنشطة الطلابية، وأصبح معترفاً بها عندما ساد المفهوم الواسع للمنهج، الذي تضمن الأنشطة الطلابية كجزء من البرنامج الدراسي الكلي، وأصبح مجالاً أساسياً من مجالات التربية والتعليم، كما أصبح النشاط واجباً مهماً يقوم به المعلم ليتمم رسالته في تربية طلابه.

مفهوم النشاط الطلابي

يتضح من الأدبيات التربوية أن هناك العديد من المسميات التي أطلقت على الأنشطة الطلابية، وهي مسميات تعكس فلسفات متباينة للمنهج المتبع، إلا أن الكثير من الكتابات التربوية تستخدمها كمترادفات يراد بها معنى واحد، ومن هذه المسميات:
•الأنشطة المضافة للمنهج (Extra Curricular Activities)
•الأنشطة غير الصفية (Non Class Activities ).
•الأنشطة المصاحبة للمنهج (Co- Curricular Activities ).
•الأنشطة خارج الفصل ( Out of Class Activities ).
•الأنشطة الطلابية ( Student Activities ).
ويشير عميرة (1998: 54- 58) إلى أن بعض هذه المسميات يستند إلى مفهوم للمنهج لم يعد التربويون يؤمنون به، وهو المنهج القائم على أنه مجموعة من المقررات الدراسية، ومن هذه المسميات (Extra Curricular Activities، و Co- Curricular Activities) وهي الأنشطة خارج المنهج، أو المصاحبة للمنهج، أو المضافة للمنهج، ومع ذلك فما زالت تستعمل وبكثرة في الكتابات التربوية. وأما بالنسبة لمسمى (Non Class Activities ، و Out of Class Activities ) فهما لا يتعارضان مع المفهوم الحديث للمنهج، حيث أنهما يدلان على الأنشطة التي تمارس خارج الفصل والمقرر الدراسي. وبالنسبة لمسمى الأنشطة الطلابية ( Student Activities ) فإنه يؤكد على الدور الفاعل للطلاب فيها، وهو مصطلح يسلم بأهمية تولي الطلاب المسؤولية الأكبر في هذه الأنشطة تخطيطاً وتنفيذاً وتقويماً، مع ضرورة أن يكون هناك مرب مسؤول يعمل رائداً أو مشرفاً لكل نشاط من هذه الأنشطة.

وتعرف الأنشطة الطلابية بعدة تعريفات، حيث تعرف دائرة المعارف الأمريكية النشاط الطلابي (Encyclopedia of Amerecan Education, 1992: 68): بأنه يتمثل في البرامج التي تنفذ بإشراف وتوجيه المدرسة، والتي تتناول كل ما يتصل بالحياة الدراسية وأنشطتها المختلفة، ذات الارتباط بالمواد الدراسية، أو الجوانب الاجتماعية والبيئية، أو الأندية (الجماعات والجمعيات) ذات الاهتمامات الخاصة بالنواحي العملية، أو العلمية، أو الرياضية، أو الموسيقية، أو المسرحية، أو المطبوعات.

ويتضح من هذا التعريف أن الأنشطة الطلابية هي كل ما يتعلق بالبرامج الشديدة الاتصال بالمقررات الدراسية، أو تلك الأقل ارتباطاً، والمتعلقة بالجوانب الاجتماعية، وما ينتج منها من تنمية لجوانب شخصية الطالب. كما يتضح من خلال التعريف السابق الدور البارز للمدرسة من خلال إشرافها المباشر على جميع هذه الأنشطة الممارسة داخلها أو خارجها. إلا أنه لم يتضح ضمن هذا التعريف الدور الفعلي للطالب من خلال إشتراكه في هذه الأنشطة في جوانب التخطيط والتنظيم والتقويم، والدور الذي تؤديه جماعات الأنشطة الطلابية، والدور الأساسي للمشرف وعلاقته باختيار هذه الجماعات.

ويعرفها عميرة (1998 :56) "بأنها أنشطة يشارك فيها الطالب عن اختيار، وبحد أقصى من التوجه الذاتي، والدافعية الذاتية، وبأدنى حد من توجيه المعلم، والدافعية الخارجية". ويؤكد هذا التعريف على عنصر مهم جداً وهو عنصر الاختيارية والدافعية الذاتية للطالب نحو ممارسة النشاط الطلابي، أي أن ما يميز هذه الأنشطة هو أنها غير ملزمة للطالب لممارستها، أو ممارسة نشاط معين دون الآخر، لذلك فإن الإقبال عليها بحرية هو ما يجعل قابلية الطالب لاكتسابه مهارات وخبرات من جراء المشاركة فيها، التي لا يمكنه اكتسابها من خلال حجرة الدراسة. كما أن هذا التعريف يحدد الدور الذي يلعبه المعلم أو المشرف على النشاط، من حيث تدخله المحدود في توجيه الطالب لاختيار أو ممارسة النشاط الذي يرغب الطالب في ممارسته، إلا أن ذلك أمر نسبي حيث أن تدخل المشرف يعد ضروري لمساعدة الطالب لاختيار ما يتناسب مع قدراته واستعداداته. ولم يتضح من هذا التعريف الدور الذي تلعبه إدارة المدرسة أو الإدارة المسؤولة عن الأنشطة الطلابية، ولم تفصل ما بين النشاط الحر أو النشاط المصاحب للمقررات الدراسية.

ومن التعريفين السابقين للأنشطة الطلابية يتضح الآتي:

1.الأنشطة الطلابية هي سلسلة برامج تنفذ بإشراف المدرسة.
2.يقبل عليها الطالب بدافعية ذاتية وباختياره.
3.يهتم جانب من هذه الأنشطة بتعزيز المقررات الدراسية، والجانب الآخر يعمل على بناء وتنمية شخصية الطالب في الجوانب الاجتماعية والدينية والرياضية والثقافية، يمكن أن تمارس في شكل جماعات وأندية.
4.تتيح هذه البرامج مجموعة خبرات تعمل على تحقيق الأهداف التربوية.
عليه يمكن استخلاص التعريف الآتي:

الأنشطة الطلابية هي عبارة عن سلسلة برامج مستمرة تنفذ بإشراف المدرسة، يقبل عليها الطالب باختياره، يتعلق جانب منها بتعزيز المقررات الدراسية، والجانب الآخر يعمل على تنمية شخصية الطالب اجتماعياً ودينياً وثقافياً وبدنياً، والتي يمكن أن تمارس في شكل جماعات أو أندية، بحيث تتيح مجموعة خبرات تعمل على تحقيق الأهداف التربوية.

برامج الأنشطة الطلابية في المراحل التعليمية المختلفة:

صنف عبد الوهاب (1987 :58- 59) النشاط الطلابي إلى:

(أ‌) النشاط المصاحب للمنهج: وهو يمثل الجانب التطبيقي للمواد الدراسية، ويتفق معها بطريقة مباشرة.
(ب‌) النشاط الحر: وهو يعالج ما قد يكون في المنهج من قصور في نواحي إكساب الطلاب الهوايات، واحترام العمل اليدوي، وحل مشكلات وقت الفراغ، وتوجيه السلوك، وبناء الشخصية. ويتصل بالمقررات الدراسية اتصالاً غير مباشر.

لذلك تظهر الأنشطة الطلابية في المؤسسات التربوية بشكل عام وفي المدارس بشكل خاص على أنها طيف مستمر من البرامج، تبدأ بأشدها ارتباطاً بالبرنامج الدراسي المقرر، وتنتهي بالأنشطة التي لها علاقة قليلة بالبرنامج الدراسي، ومن أمثلة الأولى الأنشطة العلمية، ومن أمثلة الأخيرة الأنشطة الاجتماعية والدينية والرياضية وغيرها، التي ليس لها ارتباط مباشر بالمنهج الدراسي.

ويذكر (Armstrong & others,1981,446) أن برامج الأنشطة الطلابية غالبا ما تضم نسبة عالية لها علاقة مباشرة بالبرنامج الدراسي بالنسبة لصغار المتعلمين أكثر من تلك التي يشتغل بها المتعلمون الأكبر سناً، فالآفاق أمام هؤلاء أكثر اتساعا، واحتياجاتهم أوسع وأشمل من الأصغر سناً، وأدنى مرحلى تعليمية.

ويحتاج التلاميذ في المدرسة الابتدائية أثناء ممارستهم للنشاط الطلابي إلى إشراف مباشر من المعلمين أكثر مما يحتاجه الطلاب الأكبر سناً في المراحل الأخرى. وتجنح المدارس الابتدائية في برامج الأنشطة الطلابية إلى جعلها متصلة اتصالاً مباشرا بالدراسة في المقررات. وتوجد في بعض المدارس نواد (Clubs) يمكن أن توفر خبرات إثرائية في العلوم والرياضيات واللغة والاجتماعيات والفنون، كما يستمتع الصغار في هذه المرحلة بالاشتراك في المسابقات والألعاب الرياضية، مما يمكن اعتباره امتداداً لبرنامج الدراسة في التربية البدنية.

أما بالنسبة للمدارس الإعدادية أو المتوسطة فالأنشطة فيها أكثر تنوعاً واتساعاً منها في المدارس الابتدائية. فبعضها يرتبط بصلة شبه مباشرة بالدراسة في المقررات، ولكن الأنشطة ذات الطابع الاجتماعي البحت تجذب الطلاب في هذه المرحلة.

ويبلغ برنامج الأنشطة الطلابية أقصى تطور له في المرحلة الثانوية، ويعكس هذا عملية النضج الطبيعي، والاهتمامات التي تزداد اتساعاً والنضج الاجتماعي لهم يتيح قدراً أكبر من الاعتماد على أنفسهم في إدارة الأنشطة الطلابية، وظهور قادة من بينهم يعتمد عليهم في ريادة هذه الأنشطة.

كما يتضح من خلال استعراض الأدبيات التربوية أنه ليس هناك اتفاق أو تحديد ثابت لأنواع الأنشطة الطلابية بالجامعات، حيث يشير (AlKin.1992:479) أن هناك العديد من الأنشطة الطلابية التي يمكن أن تمارس في أي مؤسسة تعليمية، إلا أن حجم المؤسسة –أي عدد الطلبة-، والثقافة السائدة في المجتمع، والإمكانات المادية والبشرية، تلعب دوراً أساسياً في أنواع الأنشطة المتاحة، وحجمها، وتقسيماتها.
ويمكن أن توضع العديد من هذه الأنشطة ضمن مجالات معينة، يراعى فيها درجة من التجانس.فقد ذكر (عبد الوهاب،1987: 96-98) مجالات متعددة للأنشطة، وهي: مجال النشاط الرياضي ، ومجال النشاط الصحي ، ومجالات اجتماعية، ومجالات ثقافية وعلمية، ومجالات فنية وهوايات علمية.

ومن الواضح أن هناك اتفاقاً على الكثير من الأنشطة التي يمكن أن تمارس داخل وخارج المدرسة، وبإشراف المدرسة وتوجيهها. كما يبدو أن الكثير من التقسيمات المذكورة تختلف في تصنيف مجموعة الأنشطة المتاحة إلى مجالات محددة، إلا أن من الواضح أن تلك الأنشطة يمكن أن تمارس تحت أي تصنيف وفق اهتمامات الطلاب، والثقافة السائدة في المجتمع، والإمكانات المتاحة. ومن هذا يمكن ذكر التصنيف الأكثر شيوعاً في الأدبيات التربوية على النحو: (أنشطة رياضية - أنشطة ثقافية - أنشطة فنية - أنشطة اجتماعية - أنشطة دينية - أنشطة علمية).