تفريد التعليم
تقوم فلسفة تفريد التعليم على مبدأ مراعاة الفروق الفردية ، حيث ان هذه الفروق تراعى مراعاة مباشرة اذا ما اتيح لكل متعلم ان يتعلم ذاتيا حسب قدرته واستعداداته ، لان درجة تعلمه في نطاق التعليم الجمعي قد لا تتيح له فرصة التعلم حسب تلك القدرات والاستعدادات ، والاختلافات بين الافراد في الصفات والخصائص والقدرات قد تكون جسمية او عقلية او مزاجية ( انفعالية ) . وفيما يلي بعض المظاهر التي يتضح فيها الفروقات الفردية والتي تعتبر مهمة بالنسبة لتعلم الرياضيات :
أ‌) القدرات العقلية ، كالقدرة على حل المشكلات والتفكير والاستنتاج.
ب‌) القدرة الرياضية ، كالقدرة على استخدام الرموز ، والاستنتاج المنطقي والقدرات الحسابية .
ت‌) معرفة المفاهيم الرياضية والتعميمات والعمليات ، وترتبط هذه بالخبرات التربوية السابقة للمتعلم ، وتؤكد المتطلبات السابقة للموضوع .
ث‌) الدوافع والاهتمامات والاتجاهات .
ج‌) النضج الاجتماعي والفسيولوجي والعاطفي للمتعلمين .
ح‌) المواهب الخاصية ، كالقدرة على الحفظ والتذكر والابتكار والابداع .
خ‌) عادات المتعلمين والانضباط الذاتي ، وذلك من حيث طريقة دراستهم او تنظيم اعمالهم الكتابية .
ان اختلاف الطلاب في كل ما سبق يحتم على المعلم عدم استعمال اسلوب تدريس واحد ومادة رياضية واحدة وواجبات واحدة للجميع . والمعنى الذي يجب ان يعطى لتفريد التعلم يتضمن :
1- اتاحة الفرصة لكل طالب التقدم في التعلم حسب ما تسمح له قدراته الخاصة .
2- تكييف المتغيرات الداخلة في عملية التعلم كمستوى المادة التعليمية والتمرينات المطلوب ممارستها بحيث تتلائم مع مستوى التحصيل للفرد واستعداده للتعلم حيثما امكن ذلك .
وبصورة اخرى فان التعليم الافرادي يعني تنظيم المنهاج التعليمي يحيث يساعد المتعلمين – كل حسب قدرته وسرعته في التعلم – على اكتساب خبرات تعلمية ناجحة ، والفرضية الاساسية في التعلم الفردي هي ان للفرد قابلية للتعلم الذاتي ، وتتم ممارسة النشاط الذاتي بتوجيه من المدرس او مصمم البرنامج ، وقد وجدت انواع كثيرة من ادوات التعلم الافرادي ، وكان على رأس الامور التي يسرت عملية التعلم الافرادي اعداد الروزم التعليمية ، ويقصد برزمة التعليم الافرادي المواد التدريسية والوسائل التعليمية ، ومجموعة الاختبارات وادوات التقويم اللازمة للمتعلم الفرد في موقف تعليمي ، وكثيرا ما تستخدم الوحدات التدريسية في التعلم الافرادي ، وهذه عبارة عن المواد التعليمية والمصادر التي يحتاج اليها المتعلم في تعلم وحدة دراسية .
والتعليم بمساعدة الحاسب الالكتروني هو اسلوب اخر لتنفيذ فكرة تفريد التعليم وخاصة في التعليم المبني على التدريب والمهارات وفي البرامج التي يتحتم علينا تطبيقها على حالات فردية .
بشكله الحالي يعرف عند الكثيرين بانه من ابتكار سكنر ( Skinner ) ففي عام 1954 م قدم سكنر هذا النوع من التعليم في مقالة بعنوان ” التعلم وفن التدريس ” ، واوضح في مقالته كيفية تعليم الصغار والكبار بطريقة ذاتية ، وطرح سكنر اكتشافه للتعليم المبرمج على انه حل لمشكلتي نقص المعلمين وزيادة اعداد التلاميذ ، وقد سبق سكنر العالم بريسي ( Pressey ) عندما صمم اول اداة تعليمية تقوم على فكرة التعليم المبرمج في عام 1926 م . وكانت تلك الالة تقدم مجموعة من الاسئلة ، وتقترح عدة إجابات ، يختار المفحوص الاجابة التي يعتقد بانها الصحيحة عن طريق الضغط على مفتاح خاص .
وفي عام 1954 م اعتمد سكنر على المباديء السيكولوجية في التعلم ونصح باستخدام الالات التعليمية ، فالاداة التعليمية توفر الجهد لانها تضع برنامجا واحدا يمكن ان يتعلم عن طريقه اعداد كبيرة من المتعلمين ، والتعليم المبرمج ليس مجرد تقنية تدريسية ، بل هو تطبيق للمباديء والنظريات في المدرسة السلوكية ، ويمثل اول تطبيق منظم لمباديء ضبط السلوك التي درست مخبريا على القضايا العملية للتربية .
ان التعليم المبرمج يساعد الطالب على التعلم الذاتي الذي ياخذ فيه المتعلم دورا ايجابيا وفعالا ، ويقوم فيه البرنامج المعد بدور الموجه نحو تحقيق اهداف معينة . ويقوم التعليم المبرمج على اساس تقسيم المادة التعليمية الى اجزاء صغيرة نسبيا ، مرتبة ترتيبا منطقيا متسلسلا ، وتقدم للمتعلم في خطوات متتابعة ومتدرجة في الصعوبة ، وتسمى كل خطوة اطارا ، ويتطلب كل اطار استجابة معينة من المتعلم ، فان كانت الاستجابة صحيحة فانها تعزز فورا ، وذلك باطلاع المتعلم فورا على الاجابة الصحيحة ، ومقارنة استجابته بالاستجابة الصحيحة ، وعندها ينتقل الى الاطار الثاني ، وهكذا … ، اما اذا كانت الاستجابة خاطئة فان البرنامج يوجه المتعلم الى ما يجب عمله او الاطلاع عليه قبل الانتقال الى الاطار الثاني ، كأن يطلب منه قراءة اطار سابق او اطار فرعي مصاخب ، ثم الرجوع الى الاطار المعني .
ان شعور المتعلم بان استجابته صحيحة يعزز تعلمه ويدعمه ويجعل المتعلم يستجيب نفس الاجابة الصحيحة في المستقبل اذا مر بنفس الموقف او الظرف ، ويجب ملاحظة ان هذه الاطارات يجب ان تصمم بدقة وعناية وبمهارة فائقة ، وان تتسم بالتتابع المنطقي المتسلسل في الصعوبة بحيث يستجيب لها المتعلم استجابة صحيحة في معظم الحالات .
ان المتعلم بطريقة التعليم المبرمج يكون ايجابيا ونشطا في تفاعله مع البرنامج ، ويقوم بتعليم نفسه بنفسه وتقويم تعلمه اولا باول ، ويسير في عملية التعلم تبعا لسرعته الشخصية ، ويجب ان لا يعني ذلك ان التعليم المبرمج يمكن ان يكون بديلا للمعلم في جميع الحالات ، ولكن يجب اعتباره مساعدا للمعلم في بعض الاحيان .
وهناك اسلوبان معروفان من اساليب البرمجة هما : الاسلوب الخطي ، والاسلوب المتفرع ، ففي البرنامج الخطي يستخدم جميع الطلبة التتابع نفسه في البرنامج ،حيث تقسم المادة التعليمية الى وحدات صغيرة ، او اطارات متتابعة ، وينتقل الطالب من خطوة الى التي تليها بعد ان يكون قد تعلم الخطوة السابقة بنجاح ، بمعنى ان كل خطوة يجب ان تعلم قبل الانتقال الى الخطوة التالية .
اما في البرنامج المتشعب ، فيشتمل الاطار على فقرة او فقرتين من المعلومات اكثر تعقيدا مما يحتويه الاطار في البرنامج الخطي ، وفي نهاية كل اطار مجموعة من الاجابات المحتملة ، فاذا ما كانت اجابة المتعلم صحيحة فانه ينتقل الى الاطار التالي ، اما اذا كانت اجابته خاطئة ، فان البرنامج يوجهه الى بعض الاطارات العلاجية الاخرى ، حيث تبين له ان اجابته كانت خاطئة ، وتقدم له مجموعة من الاسئلة والعبارات حتى يتقن الخطوة السابقة ، ثم يسمح له بالانتقال الى خطوة جديدة ، وهذا يبين ان البرنامج المتشعب هو اسلوب تشخيصي وعلاجي في نفس الوقت ، فهو تشخيص لنواحي القوة والضعف في المتعلم ، ومن ثم فهو علاجي لاخطاء التعلم .
وهكذا فمهما اختلفت الاساليب او الوسائل في تنفيذ مفهوم او مبدأ تفريد التعليم فان هناك عناصر مشتركة في هذه الاساليب وهذه هي :
أ‌) بامكان الفرد ان يتعلم اكثر مما يطلب منه ان يتعلم حاليا .
ب‌) هناك عدة طرق لتدريس المادة يمكن ان تعمم لتراعي الفروق الفردية بين المتعلمين .
ت‌) تعزيز الاستجابات ، والتقييم الذاتي او التغذية الراجعة يجب ان يكونا آنيان وفوريان .
ث‌) الارتقاء بالتعلم وبتربية الفرد الى اقصى ما نستطيع .
وهذا ويجب ان ننوه ان التعليم المبرمج لم يكن باستمرار متفوقا على التعليم التقليدي من حيث تحصيل الطلبة ، علما بان التلاميذ الذين يتعلمون باستخدام التعليم المبرمج يحتاجون الى وقت اقل للوصول الى نفس المستوى الذي يحتاجه التلاميذ الذين يتعلمون بالطرق التقليدية .
نظرية التعلم ذي المعني لا زووبل :
تصنف هذه النظرية انواع التعلم في ضوء بعدين اساسيين :
البعد الاول : ويتعلق بطرق تقديم المعلومات ، فالمتعلم يكتسب المعلومات عن طريق نوعين من انواع التعلم هما :
1- التعلم الاستقبالي : وفيه يقدم المحتوى الكلي للمادة المتعلمة بشكله النهائي للمتعلم .
2- التعلم الاستكشافي : وفي هذا النوع لا يعطى المحتوى الرئيسي للمادة المتعلمة للمتعلم ، بل يطلب منه ان يكتشفه بنفسه .
البعد الثاني : ويتضمن الاساليب التي يستخدمها المتعلم لدمج المعلومات الجديدة او ربطها ببنيته المعرفية ، وهي نوعان :
1- استظهارية ، وتحدث عندما يقوم المتعلم بربط المادة المتعلمة بطريقة منتظمة وغير عشوائية بما يعرفه سابقا.
2- ذات معنى ، وتحدث عندما يقوم المتعلم بربط المادة المتعلمة بطريقة منتظمة وغير عشوائية بما يعرفه سابقا.
ويعتمد التعلم ذو المعنى على وجود مرتكزات فكرية ثابتة لها صلة بالمادة المتعلمة وموجودة مسبقا في البنية المعرفية للمتعلم .
مما سبق يتضح وجود أربعة انواع من التعلم الصفي وهي :
أ‌- التعلم الاستقبالي ذو المعنى : ويحدث عندما يقدم المحتوى الاساسي للمهمة التعليمية بشكله النهائي الى المتعلم ويقوم المتعلم بربطه بما يعرفه سابقا بطريقة نشطه وذات معنى ببنيته المعرفية .
ب‌- التعلم الاستقبالي الاستظهاري : ويحدث عندما تقدم المعلومات بشكلها النهائي الى المتعلم ، فيقوم المتعلم بصم المعلومات او استظهارها دون ان يربطها ببنيته المعرفية .
ت‌- التعلم الاستكشافي ذو المعنى : في هذا النوع لا يعطي المحتوي الاساسي للمهمة التعليمية بشكله النهائي الى المتعلم ، بل يطلب منه ان يكتشفه بنفسه ، ومن ثم يعمل على ربطه بطريقة منتظمة وغير عشوائية بخبراته المعرفية السابقة .
ث‌- التعلم الاستكشافي الاستظهاري : ويحدث عندما يطلب من المتعلم اكتشاف المحتوى الاساسي للمهمة التعليمية ومن ثم يقوم المتعلم باستظهار المعلومات التي اكتشفها دون ان يربطها بالمعلومات السابقة الموجودة لديه .
ويهتم اوزوبل بالتعلم الاستقبالي ذي المعنى اكثر من غيره من انواع للتعلم ، لان هذا النوع من التعلم يحدث بشكل رئيسي في غرفة الصف ، ولان غالبية التعلم الذي يحصل عليه المتعلم سواء داخل المدرسة اة خارجها يتم عن طريق تقديم المعلومات جاهزة له ، اذ لا يمكن للمتعلم ان يتعلم كل ما يؤاد تعلمه بطريقة الاستكشاف
( Ausubel , 1978 ).
ويخالف اوزوبل رأي الكثير من الذين يرون ان التعلم الاستقبالي هو تعلم استظهاري ، والتعلم الاستكشافي هو تعلم ذو معنى ، ويرى ان كلا من النوعين الاستكشافي والاستقبالي يمكن ان يكونوا تعلما ذا معنى اذا توافر الشرطان التاليان :
1) ان يربط المتعلم المعلومات الجديدة المتعلمة حديثا ببنية المعلومات الموجودة لديه ربطا يدل على المعنى .
2) ان تكون المادة الجديدة المتعلمة ممكنة المعنى ، ويقصد بامكانية المعنى في المادة التعليمية الجديدة ان ترتبطه هذه بالبنية المعرفية للمتعلم على اسس حقيقية ، وغير عشوائية ، ولتحديد فيما اذا كانت المادة ممكنة المعنى ، لا بد من وجود معيارين مهمين :
المعيار الاول : المعنى المنطقي للمادة ، ويتحدد بمجموعة المفاهيم والعلاقات التي تربط هذه المفاهيم بعضها ببعض لتكون بنية منطقية واحدة ، فاذا كانت المادة التعليمية مؤلفة من مقاطع عديمة المعنى ، او جمل مبعثرة ، فانها ترتبط مع بعضها البعض بطريقة عشوائية ، وتكون غير ممكنة المعنى .
اما اذا ارتبطت المادة الجديدة بالافكار والمفاهيم المتصلة بها والموجودة في البناء المعرفي للفرد فانها تصبح في هذه الحالة ممكنة المعنى .
المعيار الثاني : المعنى السيكولوجي ، وهو خبرة شخصية معرفية عند الفرد ، وتظهر لدى الفرد حين تتصل الرموز والمفاهيم والقضايا ببعضها ، ويتم استيعابها ببنائه المعرفي ، وطبيعة الخبرة الشخصية هي التي تجعل من عملية التعلم ذي المعنى عملية ممكنة ، ويجب ان يشمل البناء المعرفي للمتعلم على المحتوى الفكري المناسب والقدرات الفردية والخلفية المرتبطة بالمادة .
وهكذا ، فان ظهور المعنى السيكولوجي لا يعتمد على مادة تحمل معنى منطقيا فحسب ، بل يعتمد على وجود الخلفية المرتبطة بالمادة التعليمية ، والموجودة مسبقا في البنية العقلية للمتعلم .
ويتأثر التعلم ذو المعنى بنوعية الاستقبالي والاستكشافي ، من وجهة نظر اوزوبل ، من العوامل منها :
1. التلعم السابق : يعتبر اوزوبل البنية العقلية الموجودة لدى المتعلم ، او ماذا يعرف المتعلم من قبل ، ومن اهم العوامل التي تؤثر في التعلم والاحتفاظ ، اذ يمكن تعلم مادة تعليمية بواسطة ربطها بطريقة حقيقية وغير عشوائية بما يعرفه المتعلم سابقا .
2. وضوح وثبات الافكار في البنية العقلية : عندما تكون الافكار الرئيسية الموجودة في البنية العقلية للمتعلم واضحة وثابتة ومنظمة ومتصلة بالموضوع المراد تعلمه ، فان عملية الاحتواء ، ودمج الافكار الجديدة في البناء المعرفي ، تتم بفعالية اكثر ، كما ان عملية التعلم ذي المعنى تأخذ مجراها .
1. امكانية المعنى في المادة التعليمية الجديدة : ويقصد بذلك ان ترتبط المادة التعليمية بالبنية المعرفية للمتعلم على اسس حقيقية وغير عشوائية .
هذا وقد دلت نتائج الدراسات التي اجريت على ان المادة التي لا معنى لها تاخذ جهدا لتعلمها يساوي عشرة اضعاف ما تاخذه المادة ذات المعنى ، بالاضافة الى انها سريعة النسيان ، كذلك فان تعلم التلميذ لمادة ليس لها معنى يتم بصعوبة بالغة لان هذه المادة لا تعني شيئا بالنسبة له ، كما ان مقدار الحفظ يكون قليلا ( حداد ، 1980 ).
والمبدأ الذي يفسر اوزوبل على اساسه عملية التعلم ذي المعنى هو مبدأ الاحتواء ( Subsumption ) ، أي دمج الفكرة الجديدة مع الفكرة الموجودة مسبقا في البناء المعرفي للفرد بطريقة تعطي الفكرتان معنى واحدا ، وتؤدي الى تثبيت الفكرة الجديدة ، فالبناء المعرفي كما يراه اوزوبل يميل الى التنظيم الهرمي بالنسبة لمشتري التجريد والعمومية والشمول، وميكانزم الاحتواء يعمل على احتواء المفاهيم الاساسية ( الافكار الرابطة ) التي هي اكثر عمومية وشمولا وتجريدا للمفاهيم ، والافكار الاقل عمومية وشمولا ، وكلما كانت الافكار الرابطة واضحة وثابتة ومرتبطة بالموضوع المراد تعلمه ، تمت عملية الاحتواء بفعالية اكثر ، وتم دمج الافكار الجديدة في البناء المعرفي للمتعلم ( Lawton,1977 ).
المنظمات المتقدمة :
تعتبر المنظمات المتقدمة احدى الوسائل التي يمكن استخدامها لتسهيل التعلم ذي المعنى ، كما انها صممت لهذا النوع من التعلم ، وتتالف من مقدمة شاملة ، ومادة تمهيدية ، تقدم الى المتعلم قبيل تعلم المادة الجديدة ، وتكتب بمستوى أعلى من التجريد والعمومية والشمول من المادة التعليمية نفسها وبعبارات مالوفة لدى المتعلم ، ومتصلة اتصالا واضحا بالافكار الموجودة في بنيته المعرفية ، وبالمهمة التعليمية ، وتصمم هذه المقدمة لتسهيل التعلم الاحتوائي من خلال توفير مرتكزات فكرية للمهمة التعليمية ، او من خلال زيادة القدرة على التمييز بين الافكار الجديدة ، وما يرتبط بها من افكار موجودة في البنية المعرفية ، ساده بذلك الفجوة التي تفصل بين ما يعرفه المتعلم مسبقا ، وما يحتاج لمعرفته ليتعلم مادة جديدة .
ويعتمد استعمال المنظمات المتقدمة بشكل اساسي على اهمية وجود افكار مناسبة ، ومرتبطة بالموضوع المراد تعلمه ، على ان تكون الافكار موجودة بشكل مسبق في البنية المعرفية للمتعلم ، من اجل جعل الافكار الجديدة ذات المعنى المنطقي لها معنى سيكولوجي .
وفي موقف التعلم الصفي حيث يجب ربط الافكار الخاصة بالمعلومات الجديدة بالافكار المتعلمة سابقا ، فان قدرة المتعلم على التمييز بين مجموعتين من الافكار يعتمد على وضوح وثبات المفاهيم واضحة وثابتة ، فان الافكار الجديدة تتفاعل مع الافكار المشابهة لها ، اما عندما تكون القدرة على التمييز ضعيفة بسبب عدم كفاية المعلومات الاولية ، فيمكن اثراء التعلم والاحتفاظ باستخدام المنظم المقارن .
ويرى اوزوبل ان التنظيم التتابعي للمادة والمصحوب باستخدام المنظم المقارن المناسب ، قد يؤثر على نحو فعال في عملية التعلم الصفي ، لان كل زيادة جديدة في المعلومات تعمل كمرتكزات للمتعلم اللاحق ، ويفترض التنظيم المتتابع ان الخطوة السابقة يجب ان تكون واضحة وثابتة ، ومنظمة تنظيما جيدا ، وان لم تكن كذلك فان تعلم كل الخطوات اللاحقة سيكون مهددا بالضياع ، ومن هنا فان المادة الجديدة اللاحقة يجب ان لا تقدم الى المتعلم الا عند التأكد من تمكنه من فهم جميع الخطوات السابقة .
والمنظمات المتقدمة على انواع منها :
1) المنظمات الشارحة :
وتستخدم عندما تكون المادة التعليمية الجديدة غير مألوفة للمتعلم ، وفي هذه الحالة فان المنظم الشارح يؤمن افكار شاملة ترتبط بالافكار الموجودة في البنية العقلية للمتعلم وبالمادة المراد تعلمها
2) المنظمات المقارنة :
وتستخدم عندما تكون المادة الجديدة المراد تعلمها مالوفة للمتعلم او لها ارتباط بالافكار المتعلمة سابقا ، وفي هذه الحالة فان
هدف المنظم هو تأمين مرتكزات فكرية لجزيئات المادة وزيادة في التمييز بين الأفكار الجديدة والأفكار المتعلمة سابقا عن طريق إظهار التشابهات والاختلافات الرئيسية بينهما.
جـ) المنظمات البصرية والمنظمات السمعية ( visual & adio) :
وهي تلك التي تستعمل الوسائل البصرية مثل الأفلام أو تلك التي تستعمل الوسائل السمعية كمنظم مقدم.
وللمنظمات المتقدمة عدة فوائد منها :
1. تعطى مخططا عاما للمادة التي ستعلم .
2. تعمل على تضييق الفجوة بين ما يعرفه المتعلم سابقا وما يحتاج لمعرفته قبل أن يتعلم المهمة المطلوبة بطريقة لها معنى .
3. تشير المنظمات المتقدمة إلى مدى التشابه أو الاختلافات بين المفاهيم والأفكار ذات الصلة والمتعلمة سابقا والموجودة في البنية العقلية للمتعلم وبين الأفكار والمفاهيم الجديدة .
4. تسهل التعلم وتزيد من سرعته .
5. تعمل على تنظيم المادة الجديدة ذات المعنى وتنسيقها بطريقة تقلل من احتمال النسيان وتزيد من القدرة على التذكر والاحتفاظ .
تعمل على التمييز بين المادة الجديدة والمفاهيم السابقة، فعندما تقدم المنظمات فإنها توضح التشابهات والاختلافات بين المفاهيم الجديدة والمفاهيم السابقة التي يمكن أن تحتويها وهذا يؤدي إلى تعلم واحتفاظ أكثر.