مقدمة:
إن تنوع متطلبات الحياة و تعقدها لابد و إن يحمل معه مشكلات مختلفة.
كما
إن تعرض الإنسان لضغوط و ارهقات مهنية و اجتماعية متنوعة تجعله بحاجة إلى
أساليب تقنية تساعده في التخفيف من هذه الإرها قات و المتطلبات الحياتية
بشكل عام.
إذن أصبح لازما على الأفراد ا اللجوء إلى من يستطيع مساعدهم ،
و يقلل من معاناتهم ، و في هذا المقام يحضى الأخصائي النفسي بالقدر
الكافية من تقديم هذه الخدمة للعملاء.
إلا أن الأخصائيين تختلف
اتجاهاتهم النظرية ، بالتالي تختلف الطرق العلاجية لديهم . فمنهم
التحليلين ، السلوكيين ، المعرفين و البعض منهم تبنى النظرية الإنسانية و
هي موضوع بحثانا .

النظرية الإنسانية :
يشكل التيار الإنساني
القوة الثالثة في علم النفس المعاصر بعد التحليل النفسي و السلوكية و هو
يضم مجموعة اتجاهات صاغها علماء ذوي خلفيات متباينة و رؤى مشتركة، و
الحقيقة أن ذلك الاتجاه قد بدا بجهد طائفة من المعالجين النفسيين الذين
يعرفون في الوقت الحالي باسم طائفة علماء النفس الإنساني Human
Psychologists عندما اخذوا يعيدون تفسير نظريات العلاج النفسي بالتأكيد
على قدرة الإنسان على توجيه نفسه ذاتيا من خلال قدرته على التعلم الذاتي و
توظيفه لقدراته و إمكانياته. (عبد الستار , إبراهيم . 1980 .ص 224ـ225 ).
الرواد:
كارل
روجرز:1902-1987 عالم نفس أمريكي ، تلقى تعليمه في جامعة وسيكنسن وكلية
المعلمين بجامعة كولومبيا، حيث انصب اهتمامه على علم النفس الإكلينيكي. منح
درجة الماجستير بجامعة كولومبيا 1928 و الدكتوراة سنة 1931. وكان أول
تعيين له بوظيفة هامة في مركز توجيه روتشستر Rochester Guidance center
بنيويورك حيث طور مادة كتابه عن "العلاج الإكلينيكي للطفل المشكل The
Clinical Treatment of the Problem Child (1939). و في سنة 1940 انتقل إلى
جامعة أوهايو حيث كتب كتابه البالغ التأثير عن "الإرشاد والعلاج النفسي"
Counseling and Psychotherapy الذي نشر سنة 1942. وبعد ثلاث سنوات قبل
روجرز تعيينه في جامعة شيكاغو: حيث أصبح مديراً لمركز الإرشاد. وفى سنة
1946 انتخب مديراً لرابطة علماء النفس الأمريكيين American Psychological
Association. ونشر روجرز أعمالاً من بينها أيضا: العلاج المتمركز حول
العميل: ممارسته الجارية ومضمونه ونظريته Client-Centered Therapy: Its
Current Practice, Implication and Theory (1951) .
وعدداً من المقالات التطبيقية في المجلات العلمية. ) كمال دسوقي- المجلد الثاني- ص1289(.

أبراهام
ماسلو1916-1972 عالم نفس أمريكي له سمعة كبيرة في محال علم النفس الإنساني
، اهتم في دراساته بالأفراد الذين يعملون في مجالات حياتيه مختلفة ويعانون
من مشكلات نتيجة لهذا العمل. كما حرص في دراسات أخرى على دراسة الشخصيات
المشهورة والمبدعة، وذلك لمعرفة الكيفية التي يحققون بها الإنجازات في
مجالات أعمالهم. ومن خلال جملة الدراسات التي أجراها توصل إلى أن الذي
يتحكم أو الذي يلعب الدور الأساسي هو السعي لتحقيق الذات Self-
actualization.
إذ يرى ماسلو أن الشخص الذي يحقق ذاته هو الشخص الذي لديه دافع للإبداع واستخدام جميع إمكانياته في عمله أو مهنته أو وظيفته.
ويتفق
بذالك مع كارل روجرز، الذي يرى أن الإنسان لديه دافع فطري لتحقيق ذاته،
وان الفشل أو الاحباطات التي تعترض طريق تحقيق ذاته هو الذي يؤدي إلى ظهور
الأعراض أو المشكلات المرضية لديه.
كما لديه نظرية هرم ماسلو لحاجيات الإنسان المشهورة .
مبادئ نظريات الذات :
تتلخص الأسس التي تعتمد عليها نظرية الإنسانية فيما يلي:
1ـ الكائن العضوي Organisation و هو الفرد بكليته.
2ـ المجال الظاهري Phnomenal و هو مجموع الخبرة .
3ـ الذات و هي الجزء المتمايز من المجال الظاهري و تتكون من نمط الادراكات و القيم الشعورية بالنسبة ل (أنا) و ضمير (المتكلم ) .
و
قد ابرز روجرز طبيعة هذه المفهومات و علاقاتها المتداخلة , سلسلة من تسع
عشر قضية , و سوف نقدم هذه القضايا و التي قدمها روجرز في كتابه ( العلاج
المتمركز حول العميل ) ( 1951).
4- من أهم أسس نظرية الذات أن العميل
يجب أن يكون المحور الذي تتمركز حوله عملية التوجيه أو العلاج إذ أن هذه
النظريات تقوم على الإيمان بان العميل لديه عناصر القوة و القدرة على تقرير
مصيره بنفسه و عليه إن يتحمل المسئولية التامة للقيام بذلك .
و الإطار
المرجعي الداخلي للعميل هو الحقيقة الموضوعية التي يجب إن يتوصل إليها
المعالج و ذلك بمحاولة دخول عالم العميل الخاص فإذا تم هذا تمكن المعالج من
إدراك وجدانيات العميل و انفعالاته و ساعده على التوصل إلى البصيرة .
5ـ يجب على المعالج إن يضفي على فترة المقابلة جوا من السماحة و التقبل مما يساعد على التخفيف من خطر التهديد الذي يهدد ذات العميل
و
هذا يصوره يساعد العميل على إن يتقبل نواحي في ذاته لم يكن ليتقبلها من
قبل و يساعده ذلك أيضا على التعبير عن وجدانيات كان يعجز عن التعبير عنها و
يمهد تتقبله لنفسه لتقبله للآخرين .
6ـ إن أهم عنصر في العلاقة
العلاجية هو الجانب الانفعالي فالتشخيص و المعلومات و تاريخ حياة الفرد ليس
لها أهمية الجو الذي يصبغه المعالج على العلاقة بينه و بين العميل و الذي
يقوم على الإخلاص و الدقة و التقبل و الفهم .
7ـ التأكيد تن الفرد
الإنساني ليس حيوانا و انه ليس مجرد آلة إنما هو كيان كلي موحد قوي ايجابية
و إبداعية و طموحات في تحقيق الذات و الوجود الشخصي و الإنساني .

الاهتمام بدراسة الإنسان و فهمه على أساس انه كيان متكامل بدلا من تقسيمه
إلى فئات أو تجزيئه إلى وحدات نوعية تضاف إلى بعضها البعض .
9ـ التأكيد على قيمة الإنسان و كرامته و العمل على تنمية قواه و امكاناته الايجابية يستوي في ذلك الفرد العادي و غير العادي .
10ـ
الاهتمام بالخبرات الشعورية كما يعيشها الفرد و يعانيها و المعنى الذي
تتخذه هذه الخبرات بالنسبة له و التأكيد على ادراكاته لنفسه و لخبراته
الشخصية و للآخرين و للمجال المحيط به كأساس لتفسير سلوكه وفهم شخصيته .
يعد
مفهوم الذات Self مفهوما محورا في معظم هذه النظريات كما يعد تحقيق الذات و
تأكيدها الدافع الرئيسي الذي يسعى الإنسان لإشباعه و هو يفوت الدوافع
الفيزيولوجية .

مسلمات النظرية:
تتضمن نظرية الذات أربعة مكونات تتلخص فيما يلي :

الخبــرة : يمر الإنسان في حياته بسلسلة متواصلة من الخبرات , هي كل ما
يؤثر في سلوكه من محيطه او من داخله , و هذه الخبرات بعضها ينسجم مع مفهوم
الذات عند الفرد و يؤدي إلى تحقيق السرور و التوافق النفسي لديه , و بعضها
غير سار لأنها لا تنسجم مع مفهوم الفرد لنفسه ( مفهوم الذات )و لا مع القيم
الاجتماعية و بالتالي تؤدي إلى عدم الرضا و عدم التوافق .
2ـ الفرد:
يرى روجرز إن لدى كل فرد دافعا قويا لتحقيق ذاته , و هو في تعامله مع
المحيط و الواقع الذي يعيش فيه يسعى لتحقيق ذاته بكسب حب الآخرين و
احترامهم و تقديرهم و قبولهم له . و خصوصا الجماعة المرجعية أو الأشخاص
المهمين في حياته من أبوين و معلمين و مسئولين
3ـ السلوك : السلوك هو
ما يقوم به الفرد من نشاط عقلي أو جسمي أو هما معا من اجل إشباع حاجاته كما
يدركها في الواقع . و معظم السلوك يتفق مع مفهوم الذات و المعايير
الاجتماعية و هذا يؤدي إلى التوافق النفسي عند الفرد , أما إذا تعارض سلوك
الفرد مع فهمه لذاته و مع معايير مجتمعه فانه لن يرضى عن السلوك و يلجا إلى
إنكار و يشعر بعدم الراحة و السعادة و سوء التوافق .
وأفضل طريقة لفهم
سلوك الفردـ حسب روجرز ـ هي الحصول على المعلومات من التقارير الذاتية التي
يكتبها الفرد عن وجهة نظره هو ومن خلال خبراته و بعد فهم سلوك الفرد يمكن
تعديل الخاطئ منه من خلال تغيير مفهوم الفرد عن ذاته .
4ـ المجال
الظاهرياتي :و هو المدركات الشعورية للفرد في بيئته و هو عالم الخبرة
المتغير باستمرار و يتعامل الفرد مع المجال الظاهري كما يدركه هو , سواء
كان إدراكه صحيحا أو خاطئا , و المجال الظاهري يرتبط بالجانب الشعوري من
الذات و هو يختلف عن المجال غير الظاهري الذي يرتبط باللاشعور و الذي لا
تعطيه نظريات الذات أهمية في تفسير سلوك الفرد .
فرضيات نظرية :
قدم
روجرز مجموعة من الافتراضات تمثل مجتمعة نظرية متكاملة بالنسبة للشخص و
السلوك،حيث تحاول هذه النظرية تفسير الظواهر المعروفة السابقة و كذلك
الحقائق الخاصة بالشخصية و السلوك . و تتضمن هذه الافتراضات ما يلي : ( منى
, 2000 ص 40) .

أولا : إن كل فرد يوجد في عالم من الخبرات المتغير
هو مركزه , و أن هذا العالم المتغير هو المجال الظاهري , و إن هذا العالم
في معظمه لا شعوري , و جزءا صغيرا منه هو الذي يدركه الفرد شعوريا , غير آن
هذه الخبرات اللاشعورية يمكن أن تصبح شعوريا عند الحاجة . حيث أنها توجد
في اللاشعور , هذا العالم الخاص من الخبرة لا يمكن أن يعرف ألا للفرد نفسه
وان المعالج يمكنه التعرف على هذا العالم إلا من خلال الفرد نفسه و لكن قد
لا يكون الفرد لديه القدرة على هذه المعرفة و يكون المعالج هنا يدور
المساعد لتنمية هذه القدرة لدى العميل , و بناءا على ذلك فيكون الشخص أفضل
مصدر للمعلومات عن خبراته و عما يوجد في عالمه الخاص
ثالثا: يستجيب الفرد للمجال الظاهري ككل منظم بمعنى إن الفرد يستجيب للمجال بطريقة جشطالتية أي يفرض فكرة تجزئة المجال .
رابعا
: نزعة أساسية هي تحقيق و إبقاء و تقوية الفرد الذي يعيش الخبرة فالفرد
نظام واحد دينامكي يعد الباعث الواحد ا فيه تفسيرا كافيا للسلوك بأكمله .
خامسا :سلوك الفرد في أساسه محاولة موجهه نحو هدف , و الهدف هو إشباع الحاجات التي يخيرها الفرد في مجاله كما يدركه .
سادسا
: كل سلوك موجه يصدر عن الفرد يصاحبه انفعال يسهل له مهمته .و تختلف شدة
الانفعال طبقا لما يحمله الموقف من أهميته بالنسبة للفرد.
سابعا : إن أفضل محاولة لفهم السلوك تكون من خلال الإطار المرجعي الداخلي للفرد نفسه و الذي يفصح عنه في اتجاهاته .
ثامنا : تتمايز الذات من المجال الادراكي الكلي و الذات هي مجموع الخبرات التي تنسب جميعها إلى سيئ واحد هو ألانا .
تاسعا
: نتيجة تفاعل الفرد مع البيئة , و مع أراء الآخرين المستمرة تجاه الفرد
يتكون مفهوم الذات هو نمط تصوري منظم , مرن و لكن متسق من ادراكات و علاقات
إلى (أنا ) أو ضمير المتكلم مع القيم التي ترتبط بهذه المفهومات .
عاشرا : تشكل القيم المرتبطة بالخبرة المباشرة بالبيئة و القيم التي يستخدمها الفرد عن الآخرين جزءا من بناء الذات .
الحادي عشر : تتحول خبرات الفرد التي تحدث له في حياته إلى :
أ/ صورة رمزية تدرك و تنظم في علاقة ما مع الذات .
ب/ يتجاهلها الفرد حيث لا تدرك لها علاقة ببناء الذات .
ج/ يحال بينها و بين الوصول إلى صورة رمزية
بمعنى إن الإدراك انتقائي و يتحدد هذا الانتقاء بمحك أساسي هو مدى اتساق الخبرة مع صورة الذات لدى الفرد في أثناء عملية الإدراك .
الثاني عشر : اتساق الذات , تتسق معظم الطرق التي يختارها الفرد لسلوكه مع مفهومه عن ذاته .
الثالث عشر : قد يصدر سلوك عن خبرات و حاجات عضوية لم تصل إلى مستوى التعبير الرمزي , و ربما لا يتسق هذا السلوك مع بناء الذات .
الرابعة عشر : ينشا سوء التوافق النفسي حين يمنع الفرد عددا من خبراته الحسية و الحشوية ذات الدلالة من بلوغ الشعور .
الخامس
عشر : يتوفر التوافق النفسي عندما يصبح مفهوم الذات في وضع يسمح لكل
الخبرات الحسية و الحشوية للفرد بان تصبح في مستوى رمزي و على علاقة ثابتة و
متسعة مع مفهوم الذات .
السادس عشر : تدرك الخبرات التي لا تتسق و
مفهوم الذات كتهديد , و تقيم الذات دفاعاتها ضد الخبرات المهددة عن طريق
إنكارها على الشعور .
السابع عشر : في ظل ظروف معينة يمكن مراجعة بناء
الذات بشكل يسمح بتمثيل الخبرات إلي لا تتسق مع مفهوم الذات و جعلها متضمنة
في بناء الذات .
الثامن عشر : عندما يدرك الشخص و يتقبل في جهاز متسق و
متكامل كل خبراته الحسية و الحشوية فانه يصبح بالضرورة أكثر تفهما للآخرين
و أكثر تقبلا لهم كأشخاص منفصلين .
التاسع عشر : و لكي يتحقق للفرد
توافق متكامل و صحي لا بد له إن يقيم خبراته باستمرار حتى يحدد ما إذا كانت
هناك ضرورة لإحداث تعديل في بناء القيم .

1ـ نظرية الذات لكارل روجرز ـSelf theory :
تتمايز
الذات الظاهرية أو المدركة كجزء ينفصل تدريجيا من المجال الادراكي الكلي
منذ يأخذ الطفل في تمييز ذاته الجسمية كشيء بارز عن الآخرين في محيط بيئته و
يبدأ في إدراك إن بعض الأشياء تخصه هو ( أفعال و ممتلكات مادية ........) و
بعضها يخص الآخرين و من ثم يشرع في الإحساس بذاته و بناء تصور خاص عن نفسه
في علاقاته ببيئته و المحيطين به سواء أكان هذا التصور ايجابيا أو سلبيا ,
واقعيا أم غير واقعي لذا يعد الذات بمثابة النواة للشخصية التي تنتظم من
حولها كل مشاعر الفرد و أفكاره و تقييماته و كل ما يدخل في مجال حياته او
يمت الى هذا المجال بصلة يمكن القول إن للذات أربعة أبعاد هي :
1ـ الذات الحقيقية : و هي تعني ما يكونه الفرد في الحقيقة فعلا و قد يكتشف كل منا أو يقترب منه بقدرها ما .

الذات المدركة : و هي ما يعتقد المرء انه نفسه و ذلك في ضوء تقييمه و
إدراكه لها من خلال تفاعلاته مع الآخرين و البيئة التي يعيش فيها و قد تكون
الذات المدركة واقعية او غير واقعية .
3ـ الذات الاجتماعية : و هي صورة
المرء عن نفسه كما يعتقدها موجودة لدى الآخرين ممن يعيش معهم , و هي تتشكل
من ادراكاته لكيف يفكرون فيه و يتوقعون منه .
4ـ الذات المثالية : تصور
الذات كما يتمنى المرء إن يحققه و يحب إن يكونه نمو الشخصية :يرى روجرس إن
الطفل يولد مزودا بدافع فطري لتحقيق ذاته و انه خلال تفاعله مع ما يحيط به
ينزع إلى تقييم ما يتعرض له من خبرات على ضوء ما إذا كانت محققة أو

غير محققة لذاته فيقبل على
الخبرات الايجابية و يعرض عن السلبية و تتحقق الذات بداية من خلال إشباع
الاحتياجات الأولية ( الكيفية ) ثم ينمو الوعي بالذات و يتمايز مفهومها
كشيء مستقر يوجه السلوك و تظهر معه ( احتياجات جديدة مكتسبة تكون أكثر
إلحاحا من عملية التقييم و هي:
الحاجة إلى الاعتبار الايجابي : يتمثل في الحصول على تقدير الآخرين
خاصة ممن لهم أهمية في حياته و يتم عندما يدرك الفرد نفسه إن عملية الإشباع ذاتها متبادلة بمعنى انه ذاته مشبع لحاجة شخص آخر .
الحاجة
إلى اعتبار الذات : تنشا هذه الحاجة ( التقدير) نتيجة لخبرات الطفل بإشباع
أو إحباط حاجته إلى الاعتبار الايجابي من الآخرين فإذا ما اكتسب الطفل
تقديرا معينا من الآخرين استدمجه في ذاته ثم نجده يتصرف بالكيفية نفسها
تبعا لقيم الآخرين و أحكامهم عنه ليمارس تقدير الذات .

تعريف العلاج المتمركز على العميل :
هو
نوع من العلاج النفسي طوره كارل روجرز و المعالج بهذه الطريقة لا يوجه بل
يتأمل و يشجع العميل على توضيح النقاط , و يتبنى هذا الأسلوب على أساس أن
العميل أفضل من يقدر على معالجة مشكلاته الشخصية . فالمعالج يوفر مناخا
مستقلا لا يتسم بإصدار الأحكام ليتمكن العميل على حل مشكلاته و أحيانا يطلق
على هذا النوع من العلاج و العلاج غير الموجه .
و يعني العلاج النفسي
عند الإنسانيين يستهدف مساعدة العميل أو المسترشد على النمو النفسي السوي،
ومحاولة لإحداث التطابق بين الذات الواقعية و الذات المدركة (الذات عند
الفرد كما يدركها هو) ومفهوم الذات للفرد كما يدركها الآخرون فيه. ويعني
أيضا أن الإرشاد يركز على محاولة تغيير الذات للفرد كي تكون متطابقة مع
الواقع، أو تحويل الذات المثالية عند الفرد (مثاليات الفرد في الحياة) إلى
ذات واقعية (واقع الفرد كما هو عليه في الحياة). فإذا حصل هذا التحويل، حدث
التوافق لدى الفرد، وهو دلالة على الصحة النفسية.
و تنتمي طريقة
العلاج المتمركز على العميل للمدرسة الظواهرية و المدرسة الإنسانية في علم
النفس , و هي تركز على استبصار الفرد بذاته و بالخبرات التي شوهها أو حرفها
أو انكرها في محاولة لإدماجها أو التقريب بينهما ( أي بين ذات الفرد و
خبراته ) مما يعطي الفرصة لنمو الشخصية أو كما يقول روجرز للسيرورة إلى ذات
جديدة)منى،2000،ص38(

أقسام الطريقة الإرشادية وفقاً للنظرية الإنسانية إلى قسمين:
الأول
هو التلقائية Spontaneity:، وهي جعل العميل أو المسترشد يستبصر بالأمور
والمشكلات التي يعاني منها، والتي من خلالها تظهر له نتيجة مفهومه عن ذاته
ومفهوم الآخرين عنه، ومن خلال هذا الاستبصار Insight يلمس مدى الاختلاف بين
مفهوم ذاته وممارساته الفعلية وخبراته.
الثاني هو التعاطفEmpathy :
الذي يعني تلقي العميل أو المسترشد التشجيع على الاستمرار في الجلسات
الإرشادية والقبول، ويعني هنا القبول، تقبل المرشد للمسترشد بكل عيوبه
وسيئاته فضلا عن استشفاف مشاعر العميل أو المرشد لحظة بلحظة ومشاركته فيها،
وإحساسه بالاهتمام في حل مشكلته.
كي يصل العميل أو المسترشد إلى مرحلة
الاستبصار بأسباب مشكلته، فانه يحاول أن يفهم ذاته الحقيقية، ويتقرب في
التعرف عليها أثناء الجلسات الإرشادية من خلال الإمكانيات والقدرات والظروف
التي يتحدث عنها في الجلسات الإرشادية، لان المشكلة ببساطة حسب ما تراه
هذه النظرية هو الصراع بين تحقيق الذات (بوصفها حاجة غريزية) والتحقيق
الإيجابي للذات (أي تحقيق الذات وفقاً للمعايير الاجتماعية والأخلاقية
السائدة في المجتمع).
أهداف العلاج المتمركز على الشخص :
يهدف هذا العلاج إلى مساعدة العملاء لكي يصبحوا أشخاصا يتصفون بالأداء الكامل و مساعدتهم على حل مشكلاتهم .
و
هذا بالكشف عن ذواتهم الحقيقية و عناصر خبرتهم الشخصية المخيفة و عندئذ
يتوصل الأفراد إلى شخصياتهم الحقيقية و عناصر خبرتهم الشخصية المخيفة و
عندئذ يتوصل الأفراد إلى شخصياتهم الحقيقية و ذواتهم بحيث لا يقتنعون
بالانصياع الآلي لتوقعات الآخرين , و يظهر الشخص عندما يرتفع تحقيقه لذاته .
و قد وصف روجرز الشخص الذي يحقق ذاته بأنه يتمثل فيه أربع صفات هي
1ـ الانفتاح على الخبرات .
2ـ الثقة في كيانه العضوي.
3ـ توافر مركز تقييم داخلي.
4ـ الاستعداد للتحول إلى عملية ( أي : ممارسة للعقل و الفكر )
و
يعني الانفتاح على الخبرات تصور الواقع كما هو دون تشويه و الاستجابة
للموقف الجديد كما هو و ليس كما يريده المرء ليطابق نموذجا متصورا من قبل
ومن خلال الانفتاح على الخبرات يتم التوصل إلى معلومات متوفرة حول الموقف و
من خلال الإدراك المباشر لكل من النتائج المرضية و غير المرضية فان الفرد
يتمكن من تصحيح اختياراته الخطأ و بذلك يتولد الإحساس بالثقة و الضبط
الذاتي Self –Governance

الأساليب و التقنيات المستخدمة في العلاج:
في
ضوء هذه الفروض ينبه روجرز إلى أهمية الفنية الأولى في المساعدة على تحقيق
أهداف العملية العلاجية , و يمكن القول إن الفنية الأولية تعمل على إعادة
توجيه الذات و أعادة تنظيمها .
و بعد ذلك الهدف الرئيسي للإرشاد حيث
تسعى هذه الفنية إلى زيادة استبصار العميل بذاته و فهمه لها و تشجيع العميل
على التعبير عن مشاعره و اتجاهاته لتحقيق الفهم القائم على حسن البصيرة
بصورة تلقائية و مساعدته أيضا للتخلي عن الأساليب الدفاعية , و عدم
التركيز على أن المرشد أو المعالج سوف يوجه له انتقادات أو اقتراحات
أو أوامر .
و إذا أمكن تحقيق هذا الهدف فانه يمكن القول إن العميل أصبح حرا
في
رؤيته للمواقف الواقعية كما هي بدون محاولة تبرير سلوكه أو حماية ذاته كما
انه بامكان المعالج مساعدة العميل على إدراك الخيارات المتاحة و اكتشافها
بالإضافة إلى انه يقترح على العميل إقامة بعض العلاقات أو عرض نماذج لردود
أفعال .
و قد صاغ روجرز مجموعة من الفنيات كي تستخدم كأساليب لتحقيق
الشروط المسهلة للعملية العلاجية و تهدف إلى التأكيد من تحقيق هذه الشروط و
هي فنيات تتجه في الجانب الأكبر منها نحو مشاعر العميل و تتضمن هذه
الفنيات :
1ـ فنية تقبل المشاعر Feelings Acceptance Technique:
و هي
فنية تتلخص في ضرورة أن يتقبل المرشد المشاعر الموجبة التي يعبر عنها
العميل بالكيفية نفسها التي يتقبل بها المشاعر السالبة بشرط ألا تتم مقابلة
المشاعر الموجبة بالاستحسان أو المدح بل يتم تقبل المشاعر الموجبة كجانب
من الشخصية لا يقل و لا يزيد قدرا عن المشاعر السالبة .
و تتضح هذه
الفنية العلاجية في إن هذا التقبل الذي يحدث بالنسبة لكل الاتجاهات
العدوانية و الاتجاهات الاجتماعية و لكل من المشاعر الإثم و التعبيرات
الموجبة عن المشاعر هو الذي يعطي الفرد الفرصة لأول مرة في حياته لان يفهم
ذاته على نحو ما هو كائن ففي ظل هذا التقبل الكامل, لا تكون هناك حاجة لدى
الفرد لان يخفي مشاعره السلبية خلف دفاعاته فضلا عن انه لا يجد فرصة لان
يتجاهل او يفرط في تقييم مشاعره الموجبة, و في ظل هذا التقبل الكامل
للمشاعر يصل العميل إلى مرحلة الاستبصار و فهم الذات و يمثل هذا الاستبصار
جانبا مهما في العملية العلاجية الكلية .
2ـ فنية عكس المشاعرFeelings Reflection Technique :
و
تمثل هذه الفنية أهمية كبرى في العلاج غير التوجيهي و هي تعني ببساطة
شديدة تكرار المقاطع الأخيرة التي يقولها للعميل أو إعادة محتوى ما يقوله
للعميل او تكرار ما يقوله العميل أو جانب مما يقوله بنبرة صوت تبين للعميل
فهم المعالج له , و لكن دون استحسان أو استهجان أي إعادة صياغة مشاعر
العميل في كلمات تعكس جوهرها حيث يحاول المعالج إن يعرض للعميل مرآة لفظية
Verbal miroir تمكن العميل من إن يرى ذاته بدرجة أكثر وضوحا و تفيده في
التخلص من الصراعات الانفعالية التي تكون مدمرة لتحقيق الذات .
و مما لاشك فيه إن فنية عكس المشاعر هي إحدى وسائل تحقيق الشرط المستقل المعروف بالفهم المتعاطف Empathic understanding
إذ
أن عكس المعالج لمشاعر العميل و اتجاهاته و خبراته ـ سواء تلك التي يعيها
العميل شعوريا أو تلك التي يدركها فقط بشكل غامض ـ يساعد العميل على فهم
ذاته و خبراته الحقيقية فا عن إن ذلك يؤكد للعميل إن المعالج على درجة
عميقة من الفهم المتعاطف لكل ما يقوله بل و لكل ما يجري بداخل العميل
فيتحقق بذلك شرط الفهم المتعاطف من خلال تلك الفنية .
3ـ فنية توضيح المشاعر Feelings Clacification Technique :
و
تعني "إعادة اقرار جوهر ما يحاول العميل قوله"أي انه عندما يختلط الأمر
على العميل في محاولته التعبير عن مشاعره،فان مهمة المعالج عندئذ تتمثل في
مساعدته عل استيضاح هذه المشاعر حتى يتسنى له التعبير عنها بوضوح،و لكن
بشرط ألا يتجاوز المرشد ما يعبر عنه العميل بالفعل .لأنه من الخطر الحقيقي
في تقويل العميل ما لم يقل.
و لما يتحقق المرشد من المشاعر التي يعبر
عنها العميل فانه يقوم بإيضاحها له دون تقيد تأويلات أو امتداح أو انتقاد
أو نصيحة، ز إنما يكون تركيزه مقصورا على مساعدة العميل على إن يرى بوضوح
وان يتقبل تلك المشاعر التي يكون قادرا على التعبير عنها،فان عملية التنفيس
تصبح عندئذ أكثر عمقا،فتعبير العميل لفظيا عن الإتجهات الأساسية لديه مما
يؤدي إلى حدوث عملية الاستبصار بشكل تلقائي.
4-فنية اللاتوجيهية Nondirectiveness Technique :
و
اللاتوجيهية عند روجرز تعني عدم التوجيه أو النصح أو التأويل أو الإرشاد
المباشر من جانب المعالج للعميل , و إنما السماح للنزعة الحقيقية لدى الشخص
بان تنبثق فالمرشد لا يفعل أي شيء لتوجيه (المعطيات ) التي يتم التعبير
عنها بمعنى انه لا يطرح أي تساؤلات من شانها توجيه المقابلة و لا يطلق أي
تقييمات من شانها استحثاث الدفاع أو إعاقة التعبير و يكون نور المعالج
مقصورا على استجابات العميل و عكسها و توضيحها .
و تتضح أهمية فنية
اللاتوجيهية في العملية العلاجية من خلال المقابلة غير التوجيهية حيث إنها
طريقة غير متحيزة تمكن من سبر أغوار الأفكار و الادراكات الخصوصية لدى
الفرد.
في ضوء ما سبق تتضح أن العلاج غير الموجه هو الذي لا يتدخل فيه
المعالج التأثير في اختيارات العميل أو في تفكيره أو في كيفية النظر إلى
الإحداث فالمعالج لا يسال و لا يفسر و لا يشرح و لا ينصح و إنما يعكس ما
يقوله العميل فقط بلغته هو و ذلك ليتيح للعميل إدراك مغزى ما يقول و تصحيح
مساره السلوكي بنفسه إذا لزم الأمر.
و لا يعني ذلك إن عمل المعالج يكون سهلا و سلبيا و إنما هو
عكس ذلك و ينصت المعالج باهتمام بالغ لما يقوله العميل
و يعرف أين و كيف و متى يتدخل ؟
و ماذا يقدم لمساعدة العميل على زيادة وعيه وإدراكه ؟ كما انه يتحسس صورة مفهوم الذات لدى العميل ليحدد أين هو و ماهية
و جهته ؟
استراتيجيات العملية العلاجية المتمركزة على العميل :

من
أهداف العلاج المتمركز على العميل هو تسهيل وجود مناخ يعرف فيه العميل
ذاته بصورة جيدة، بحيث يستطيع تحمل مسؤولية الشخصية لوجوده،كما يضع سلطة
الرقابة الذاتية بين يديه.
و يتلخص جوهر العلاج المتمركز على العميل في
قول روجرز " إذا أمكنني تقديم نوع معين من العلاقة، فان الشخص الأخر سوف
يكتشف داخل ذاته القدرة على استخدام هذه العلاقة في النمو و الغير،مما يؤدي
إلى حدوث النمو الشخصي".
ومن الواضح أن الشروط الأساسية و ضرورية
توفيرها في العلاقة بين المعالج و العميل لكي تساعده على التغير و النمو.
وهذه الشروط ستؤدي بدورها إلى إقامة العلاقة حميمة تشعره بالاطمئنان و
الأمان و المساندة.
وتتولد لديه الثقة تمكنه من الاعتماد على المعالج، مما ينتج عنها الدعم ، التغيير و النمو.
من وجة نظر روجرز يمكن إجمال هذه الشروط المسببة التغير الجوهري في شخصية العميل :
1- يجب أن يكون العميل على اتصال نفسي بالمعالج.
2-
لابد أن يكون العميل في حالة من عدم الاتساق ، و إن يتم تعريضه لمواقف
تظهر ضعفه و تثير قلقه،حتى يتمكن من إحراز نجاح فعلي في عملية العلاج
النفسي. (Ellis)
3-لابد إن يكون المعالج النفسي شخصا متكاملا بصورة سليمة ،
قادرا على الاندماج في علاقة حميمة مع العميل،ليتمكن من التوصل إلى أسباب اضطرابه.
4-الاهتمام الغير محدود بالعميل،بمعنى أخر إن الرعاية التامة للعميل كفيلة بإرضاء الحاجات الشخصية للمعالج .
5-لابد إن يشخص المعالج النفسي -بشكل دقيق دون إدخال
العواطف - عن وعي العميل و إدراكه لخبراته و تجاربه.
6- يجب على العميل إن يكون قادرا على الاستيعاب-و لو بدرجة محدودة-التقبل و المشاركة الوجدانية من قبل للمعالج النفسي.
و بهذا نستنج بأن العلاقة بين المرشد و العميل هي محور العلاج المتمركز على العميل و يتجلى استخدام مفهوم .
"العلاج القائم على العلاقات" Relationship Therapy مدى إدراك أهمية العلاقة،و ليس الأساليب أو الفنيات.
كما إن تحول العميل إلى إنسان محقق لذاته، تتضمن ثلاث مراحل رئيسية وهي:
المرحلة الأولى: تتضمن العلاج الغير الموجه:
في
هذه المرحلة يستقبل المالح العميل في جو من التسامح و مناخ بعيد عن أي
تدخل، و تتمثل هذه الفنية الرئيسية التي يستخدمها المعالج في مساعدة العميل
على توضيح خبراته الشخصية بهدف الوصول الاستبصار بذاته و بحياته.
المرحلة الثانية:التأمل:
تتمحور
هذه المرحلة على تأمل مشاعر العميل ،وتجنب أي موقف مهدد لشخصيته من خلال
علاقة العميل بالمعالج، و تساهم هذه المرحلة على تطابق و انسجام مفاهيم
الذات المثالية ومفاهيم الذات الواقعية.
المرحلة الثالثة:زيادة المشاركة الشخصية:
تتسم
هذه المرحلة بزيادة مشاركة إيجابية المعالج، باتخاذ دور أكثر فاعلية، و
بالتالي ينمو العميل من خلال تعلمه كيفية استخدامه لخبراته الراهنة.
وابان
هذه المراحل ينتقل العميل من مرحلة الثبات إلى المرحلة الانسيابية ، و من
نقطة قريبة من الطرف المتصلب في المجال إلى نقطة أكثر قربا من الطرف
المتحرك في المجال، و تتولى العملية العلاجية في سبع مراحل ثانوية و تحدث
على نحو متسلسل على النحو التالي:
1.المرحلة الأولى:يتسم خبرات العميل بالثبات و التباعد ،كما انه من الممكن إن يقبل العميل العلاج من تلا قاء نفسه .
2.المرحلة
الثانية: عندما يدرك العميل إنه يلقى قبولا حسنا، فإن ذلك يعني بداية
المرحلة الثانية،و فيها يصف الفرد مشاعره و لكن كموضوعيات في الماضي لا
تخصه، بل خارجة عن ذاته . و يكون لديه قدرا من التمييز و إدراك مشكلات،
ولكنه يدركها كمشكلات خارجة عن ذاته، و من ثم فليس لديه إحساس بالمسؤولية
اتجاهها.
3.المرحلة الثالثة: يتزايد و صف الفرد للمشاعر و المدلولات
الشخصية التي لا تزال غير حاضرة في الوعي،ولذلك فالصورة التي يصف بها
الفرد
مشاعره صورة سيئة و شاذة. و يتكون لدى الفرد تدفق و حرية للتعبير
عن ذاته كموضوع، كما يصبح يميز إن المشكلات موجودة بداخله أكثر منها في
الخارج.
4.المرحلة الرابعة: حدوث ما يسمى التفكك في البناء النفسي ، و
التداعي الحر للمشاعر و الذي يعد من السمات المميزة لانتقال داخل المجال.
5.المرحلة
الخامسة: إذا شعر العميل إن هناك تفهما لتعبيراته و سلوكه و خبرات في
المرحلة الرابعة، فإن ذلك يؤدي إلى قلة تحفظه و يبدي مزيدا من التداعي
الحر. فالعميل في المرحلة الخامسة يكون أكثر قربا من وجوده العضوي حيث انه
يكون في عملية مستمرة،كما يلاحظ التداعي الحر لمشاعره، التحرر و الانطلاق
في بنائه الشخصي و خبراته،و إجراء التفاضل و التميز-بدرجة كبيرة- لخبراته،
ولذلك فان الاتصال الداخلي يبدأ التداعي و الانسيابي و بالتالي يصبح أكثر
دقة.
6.المرحلة السادسة: يخبر العميل بشكل مباشر المشاعر التي كان
ينكرها من قبل عن الوعي، ويصبح التلقي الفوري-حيويا واضحا و مثيرا-لخبرة
المشاعر التي كان الفرد ينكرها.
7.المرحلة السابعة: عند وصول العميل إلى
المرحلة السادسة،فانه لا يرى ضرورة بان يلقى التقبل التام من قبل المعالج،
بالرغم من أن مثل هذا التقبل يبدو مفيدا. كما إن العميل غالبا ما يستمر في
الوصول إلى المرحلة السابعة دون الحاجة إلى المعالج و مساعدته و غالبا ما
تظهر هذه المرحلة خارج علاقة العلاجية و ليس داخلها ،و غالبا ما يكتب
العميل تقريرا عن حياته،و هو يفضل ذلك عن مجرد التعبير عن مشاعره و خبراته
في الجلسة العلاجية.
وهنا يكون الفرد قد وصل إلى مرحلة التغير يجد
المعالج نفسه في بعد أخر من العملية العلاجية لما يتصف بيه العميل من حراك و
التداعي و التغير في جميع جوانب حياته النفسية، فهو يعيش في مشاعره الخاصة
التي يعرفها و يثق فيها و يتقبلها.
و هكذا يتمكن الفرد من بناء خبرة
التي تتسم بالتغير الدائم،و ذلك بناء علي التكوين الشخصي الذي تم تعديله من
خلال الأحداث الجديدة.كما يصبح يشعر بالمواقف التي يمر عليها بصورة ديدة،
يقدم
لها تفسيرات و ليس على أساس الماضي فقط ،و إنما على أساس الحضرة مطابقة
مع الماضي. كما انه يقيم مشاعره و معانيه الشخصية بدقة من خلال قيامه
بالتميز و المفاضلة بينهما. و يبدو أيضا إن اتصاله الداخلي يتسم بالحرية و
عدم التثبيط،حيث يتصل
بالآخرين بحرية من خلال علاقات التي أنشاها مع غيره مدركا لذاته
و واعيا لها معتبرا نفسه مسؤولا مسؤولية كاملة عن حياته.


نقد نظرية الذات و عيوب الإرشاد و العلاج غير المباشر:
حدد
روجرس الهدف الرئيسي من هذه الطريقة بأنها مساعدة للمسترشد على النمو
النفسي السوي و التطابق بين مفهوم الذات الواقعي و مفهوم الذات المدرك و
مفهوم الذات المثالي و مفهوم الذات الاجتماعي.
و يستخدم مع المسترشدين
ذوي الذكاء المتوسط أو أعلى من المتوسط و الذين هم أكثر طلاقة لفظية , و
يستفاد منه أيضا في الإرشاد و العلاج الزواجي و كذلك مع حل المشكلات
الشخصية للشباب (نبيل, 2004 ص 286) .

1 إن النظرية لم تضع تصورا كاملا لطبيعة الإنسان و ذلك لتركيزها الكامل الذات و مفهوم الذات .
2
يؤكد روجرز إن الفرد يعيش في عالمه الذاتي الخاص و يكون سلوكه تبعا
لإدراكه الذاتي و نسى أن يشير إلى الموضوعية كما انه ركز على الجوانب
الشعورية و تناسى الجوانب اللاشعورية ،
على الرغم من إن الجوانب اللاشعورية ذات دور كبير في تطوير المرغوب لدى الفرد .
3 لم يهتم روجرز بالاختبارات و المقاييس إلا عندما يرغب العميل متناسيا أن جمع المعلومات أمر هام للمرشد (سمية , 2005ص47).
4 قد يراعى الإنسان على حساب العلم.
5 يهمل عملية التشخيص المقننة رغم إجماع طرق العلاج النفسي عليها.
6 يعطي حرية مبالغ فيها للعميل بحيث يكون هو قائد للعملية
العلاجية مما قد يفقد ثقته بالإرشاد و العلاج و الإرشاد و العلاج
النفسي.
7 قد تختلف فعاليته من فلسفة مجتمع إلى فلسفة مجتمع أخر.


الخاتمة:
يبقى
الاهتمام بالصحة النفسية و التوافق النفسي مشكلة تؤرق العاملين في حقل
العلاج النفسي ،إلا إن تكتشف نظريات جديدة تأخذ بيد الإنسان إلى بر الأمان
في أسرع وقت، بل تتنبأ به قبل حدوثه.
و الجدير بالذكر أن النظرية الإنسانية بما فيها من عيوب تبقى في نظري
الخلفية
النظرية جيدة لأنها تستند على الوجدان بمعنى أخر الحب و الكره فمعظم
مشاكلنا و عدم رضا الذي ينتابنا و ألا توافق النفسي و الاجتماعي له ارتباط
كبير بهذين المتغيرين الحب و الكره – فهذا الاتجاه سوف يكون له أفق زاهر و
خاصة بعد الدراسات الأخيرة لروجز التي تدعو إلى العلاج بالقدوة ...