التوجيه والإرشاد


مفهوم التوجيه والإرشاد


يعرف التوجيه والإرشاد بأنه
عملية مخططة ومنظمة تهدف إلى مساعدة الطالب لكي
يفهم ذاته ويعرف قدراته
وينمي إمكاناته ويحل مشكلاته ليصل إلى تحقيق توافقه
النفسي والاجتماعي
والتربوي والمهني وإلى تحقيق أهدافه في إطار تعاليم
الدين الإسلامي .


ويعد كل من التوجيه
والإرشاد وجهان لعمله واحدة وكل منهما يكمل الآخر ، إلا أنه يوجد بينهما بعض
الفروق التي يحسن الإشارة إليها هنا



التوجيه :


عبارة عن مجموعه من
الخدمات المخططة التي تتسم بالاتساع والشمولية وتتضمن
داخلها عملية الإرشاد ،
ويركز التوجيه على إمداد الطالب بالمعلومات
المتنوعة والمناسبة وتنمية
شعوره بالمسؤولية بما يساعده على فهم ذاته
والتعرف على قدراته
وإمكاناته ومواجهة مشكلاته واتخاذ قراراته وتقديم خدمات
التوجيه للطلاب بعدة
أساليب كالندوات والمحاضرات واللقاءات والنشرات
والصحف واللوحات والأفلام
والإذاعة المدرسية …الخ



أما الإرشاد
:


فهو الجانب الإجرائي
العملي المتخصص في مجال التوجيه والإرشاد وهو العملية
التفاعلية التي تنشأ عن
علاقات مهنية بناءة مرشد ( متخصص ) ومسترشد ( طالب
) يقوم فيه المعلم من خلال تلك العملية بمساعدة الطالب
على فهم ذاته ومعرفة

قدراته وإمكاناته والتبصر بمشكلاته ومواجهتها وتنمية سلوكه
الإيجابي
, وتحقيق توافقه الذاتي
والبيئي, للوصول إلى د
رجة مناسبة من الصحة
النفسية في

ضوء الفنيات والمهارات المتخصصة للعملية الإرشادية.


مفهوم التوجيه
والإرشاد النفسي


هناك تعريفات كثيرة للتوجيه
والإرشاد، كل من وجهة نظر معينة، وكل يركز على
وجهة النظر التي يرتكز
عليها، ولكنها جميعا تهدف إلى نفس الشيء، وتؤكد نفس
المعنى. وهذه التعريفات
تحدد وتصف الأنشطة التي يتضمنها الإطار العام
للتوجيه والإرشاد النفسي.


وفيما يلي عدد من هذه
التعريفات،



* هو عملية إرشاد الفرد إلى الطرق المختلفة التي يستطيع
عن طريقها اكتشاف

واستخدام إمكانياته وقدراته، وتعليمه ما يمكنه من أن يعيش في
أسعد حال ممكن

بالنسبة لنفسه وللمجتمع الذي يعيش فيه.



*
هو عملية مساعدة الفرد في
فهم وتحليل استعداداته وقدراته وإمكانياته
وميوله والفرص المتاحة
أمامه ومشكلاته وحاجاته، واستخدام معرفته في إجراء
الاختيارات واتّخاذ
القرارات لتحقيق التوافق بحيث يستطيع أن يعيش سعيدا
.



*
هو عملية مساعدة الفرد
وتشجيعه على الاختيار والتقرير والتخطيط للمستقبل
بدقة وحكمة ومسئولية في
ضوء معرفة نفسه ومعرفة واقع المجتمع الذي يعيش فيه
.



*
هو عملية مساعدة الفرد في
فهم حاضرة وإعداده لمستقبله بهدف وضعه في مكانه المناسب له وللمجتمع الذي يعيش فيه
.


التعرف الشامل للتوجيه والإرشاد النفسي


التوجيه والإرشاد النفسي
عملية واعية مستمرة بناءة ومخططة، تهدف إلى
مساعدة وتشجيع الفرد لكي
يعرف نفسه ويفهم ذاته ويدرس شخصيته جسميا وعقليا
واجتماعيا وانفعاليا،
ويفهم خبراته، ويحدد مشكلاته وحاجاته، ويعرف الفرص
المتاحة له، وأن يستخدم
وينمّي إمكاناته بذكاء إلى أقصى حدٍّ مستطاع، وأن
يحدد اختياراته ويتّخذ
قراراته ويحل مشكلاته في ضوء معرفته ورغبته بنفسه،
بالإضافة إلى التعليم
والتدريب الخاص الذي يحصل عليه عن طريق المرشدين
والمربين والوالدين، في
مراكز التوجيه والإرشاد وفي المدارس وفي الأسرة،
لكي يصل إلى تحديد وتحقيق
أهداف واضحة تكفل له تحقيق ذاته وتحقيق الصحة
النفسية والسعادة مع نفسه
ومع الآخرين في المجتمع والتوفيق شخصيا وتربويا
ومهنيا وأسريا .


الفرق بين التوجيه والإرشاد :


إن مفهوم التوجيه والإرشاد يعبران عن معنى مشترك يتضمن
التوعية والمساعدة والتغيير في السلوك نحو الأفضل , ولكن يوجد فرق بين هذين
المفهومين يمكن أن نجمله فيما يلي :



1-
أن التوجيه أعم وأشمل من الإرشاد وهو يتضمن عملية الإرشاد .



2-
أن التوجيه يسبق عملية الإرشاد ويمهد لها, في حين يأتي الإرشاد بعد التوجيه ويعتبر
الواجهة الختامية لبرامج التوجيه .



3-
يؤكد التوجيه على النواحي النظرية بينما يهتم الإرشاد بالجزء العلمي .



4-
أن الإرشاد في أغلب الأحيان يكون عبارة عن علاقة بين المرشد والمسترشد الذي يأتي
إليه طالباً مساعدته , بمعنى أنها عملية فردية تشير إلى علاقة فرد بفرد في المعهد
أو المؤسسة أو غير ذلك .



مفاهيم خاطئة عن
التوجيه والإرشاد :



1-
يعتقد البعض أن الإرشاد مجرد خدمات تضاف إلى نشاط المعهد أو الكلية أو الجامعة أو
أي مؤسسة تربوية أخرى .



2-
يرى البعض أن التوجيه والإرشاد يقدم خدمات للمرضى النفسيين فقط والصحيح انه يقدم
خدمات للأفراد العاديين " الأسوياء" .



3-
يعتقد البعض أن الإرشاد يقدم خططاً جاهزة وحلولاً لكل من يطلب الإرشاد ولكن الصحيح
هو أن الإرشاد يقوم بمساعدة الفرد في فهم نفسه وتحقيق ذاته وفق ما عنده من إمكانات
في ضوء فهمه لذاته .



* مباديء التوجيه والإرشاد:


هذه المباديء تتعلق
بالسلوك البشري وهي متعددة ومتشابكة ومتبادلة الأثر والتأثير، وهي قواعد تقوم
عليها أو تنطلق منها عملية الإرشاد لتعديل ذلك السلوك، وعلى المرشد التربوي أن
يجعلها نصب عينيه أثناء عملية الإرشاد وهي على النحو التالي:
1.ثبات السلوك الإنساني نسبياً ومرونته:
- السلوك كل ما يصدر عن الإنسان الحيّ من نشاط يتصل بطبيعته الإنسانية سواء كان
جسمياً أو عقلياً أو اجتماعياً أو انفعالياً.
- السلوك متعلم (مكتسب ) بالتنشئة والتفاعل.
- السلوك ثابت في الظروف العادية والمواقف المعتادة وهذا يساعد على التنبؤ به عند
التعامل مع المسترشد ويسهل عملية الإرشاد (لكن هذا الثبات ليس ثباتاً مطلقاً ).
- السلوك الإنساني مرن ( أي أنه قابل للتغيير والتعديل ) مما يشجع عملية الإرشاد.
- مرونة السلوك لا تقتصر على تعديل السلوك الظاهري فقط بل تتعداه إلى البنية
الأساسية للشخصية (الذات) وتعديل مفهومها لدى المسترشد إلى الإيجاب والواقعية.
2.السلوك الإنساني فردي وجماعي :
فردي بمعنى أن السلوك يتأثر بفردية الإنسان (الشخصية ) أي بما يتسم به من سمات
عقلية أو انفعالية، وجماعي أي أنه يتأثر السلوك بمعايير الجماعة وقيمها وعاداتها
وضغوطها واتجاهاتها أي أن سلوك الإنسان ناتج من تفاعل العوامل الفردي والجماعية.
كما أنه من خلال التنشئة الاجتماعية تتشكل لدى الإنسان اتجاهات معينة نحو الأفراد
والجماعات والمواقف الاجتماعية، وعلى المرشد أن يأخذ بعين الاعتبار عند تغيير سلوك
المسترشد معايير الجماعة ومدى تأثيرها على المسترشد، إضافة إلى فهم شخصية الفرد
بحيث يعيش المسترشد في توافق شخصي واجتماعي.
3.استعداد الفرد للتوجيه والإرشاد:
الإنسان اجتماعي بطبعه ولذا فانه إذا استصعب عليه أمر فانه يستشير غيره ممن يتوسم
فيهم الخبرة والمقدرة، والمرشد يفترض أن يكون من ذوي الخبرة ليقبل عليه المسترشد
ويتقبله وهذا هو أساس نجاح العملية الإرشادية.
4.حق الفرد في التوجيه والإرشاد:
من حقوق الفرد على الجماعة أن تضبط سلوكه وأن ترشده إلى الطريق القويم ليكون عضوا
سليماً فاعلاً فيها.
5.حق الفرد في تقرير مصيره:
للفرد الحق في اتخاذ القرارات المتعلقة به دون إجبار من أحد، والإرشاد ليس نصائح
ولا أوامر ولا إعطاء حلول جاهزة تحقيقاً لهذا فالإرشاد يعطي الحق للمسترشد أن يقرر
مصيره بنفسه، فيقدم الإرشاد بطريقة خذ أو اترك، وهذا يعطي مساحة أكبر أمام
المسترشد للنمو والتفكير واتخاذ القرارات المناسبة والاستقلال والاعتماد على النفس
وتحمل المسؤولية.
6.تقبّل المسترشد:
أن يتقبل المرشد المسترشد كما هو وبما هو عليه لا كما ينبغي أن يكون (دون شروط)
وهذا يعني أن يشعر المسترشد بالأمن النفسي والطمأنينة ليبوح بما لديه من معاناة في
جو آمن قائم على الثقة والاحترام المتبادل.
والتقبل لا يعني تقبل سلوك المسترشد الشاذ بل يساعده على تغيير ذلك السلوك، وإذا
أقر المرشد مسترشده على سلوك شاذ أو ضار فان ذلك يعتبر تشجيعاً له على الممارسة
الغير سوية وهذا مرفوض من جانب الإرشاد.
7.استمرار عملية الإرشاد:
عملية التوجيه والإرشاد عملية مستمرة طوال مراحل العمر المختلفة يقوم بها
(الوالدان –المعلمون – المرشدون ) وعملية الاستمرار تعني أن يتابع المرشدون تطورات
المسترشد بصفة مستمرة لان الإرشاد ليس وصفة طبية ولا حلاً جاهزاً ولا نصيحة عابرة
بل هو خدمة مستمرة ومنظمة.
8.الدين ركن أساسي في عملية التوجيه والإرشاد:
إن تعاليم الدين الإسلامي معايير أساسية في تنظيم سلوك الأفراد والجماعات والتمسك
بها مصدر أمن نفسي وطمأنينة، والمعتقدات الدينية لكل من المرشد والمسترشد هامة
وأساسية في عملية الإرشاد، فالإرشاد يحتاج إلى المرشد الذي يخشى الله ويراقبه في
عمله ويحتاج إلى المرشد الملم ببعض المفاهيم الدينية الأساسية مثل طبيعة الإنسان
كما حددها الله سبحانه وتعالى وأسباب الاضطراب النفسي في رأي الدين مثل الذنوب
وضعف الوازع الديني وأعراض الاضطراب النفسي كالانحراف والشعور بالإثم والخوف القلق
والاكتئاب والوسواس وكيفية التخلص من الوزر والتوبة الصادقة.
وعلى المرشد أن يلم ببعض سبل الوقاية من الاضطراب النفسي في الإسلام كالإيمان
والسلوك الديني الأخلاقي وكذلك خطوات الإرشاد الديني مثل الاعتراف بالذنب والتوبة
والاستبصار بالذات والتعلم والدعاء والاستغفار وذكر الله والصبر والتوكل على الله،
والاستشهاد بالأدلة من القرآن والسنة النبوية الشريفة والتي تساهم في تغير
الاتجاهات وضبط السلوك.
الأسس التي يقوم عليها التوجيه والإرشاد:
يقوم التوجيه والإرشاد على أسس فلسفية تتعلق بطبيعة الإنسان
وأخلاقيات الإرشاد وعلى أسس نفسية وتربوية تتعلق بالفروق الفردية والفروق بين
الجنسين ومطالب النمو، وعلى أسس اجتماعية تتعلق بالفرد والجماعة ومصادر المجتمع،
وعلى أسس عصبية وفسيولوجية تتعلق بالجهاز العصبي والحواس وأجهزة الجسم الأخرى.
وفيما يلي أسس التوجيه والإرشاد:
أولا: الأسس الفلسفية
1.محاولة فهم طبيعة الإنسان:
حيث أن هذا المفهوم قد تخبطت فيه النظريات المختلفة، فالتحليلية الفرويدية ترى
أنه عدواني تتحكم فيه غرائزه، والإنسانية (كارل روجرز) ترى أنه خير بطبعه،
والسلوكية ترى أنه محايد (سلبي) تحركه المثيرات فيستجيب لها، والنظرية المعرفية
الانفعالية ترى أنه يؤثر ويتأثر وأن أفكاره غير العقلانية السبب في اضطرابه.
والمفهوم الصحيح هو ما جاء به الدين الإسلامي حيث ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان
بالعقل والتفكير وبصره وعلمه وكرمه على سائر المخلوقات، فهو مفطور على الخير ولديه
شهوات، وهو محاسب على استخدام ذلك العقل، وفهم هذه الطبيعة يساعد المرشد التربوي
على نجاح عملية الإرشاد وفهم المسترشد.
2.الكينونة والصيرورة:
الكينونة تعني ما هو كائن وموجود والصيرورة تعني ما سيصير (تغير )، والصيرورة
والكينونة متكاملتان ولا تلغي أحدهما الأخرى، فمثلا الشخص الذي أصبح راشدا كان
طفلاً، ويبقى ذلك الشخص رغم التغير الذي جرى عليه أي أن هناك أمورا في الشخص تبقى
كما هي بينما تتغير فيه أشياء أخرى.
والعالم دائم التغير، لذا فالصيرورة مفهوم دائم التغير، وحياة الإنسان مليئة
بالمتغيرات الجديرة بالملاحظة والتأمل، والإرشاد ينظر إلى الشخص ككائن يتغير سلوكه
رغم بقائه نفس الشخص.
3.علم الجمال:
يهتم المرشد بالجمال وبالنظرة إلى الحياة بتفاؤل وجمال وتطلع ايجابي لذا يساعد
المرشد المسترشد على أن يتذكر الأشياء الجميلة في حياته دائما ويساعده على نسيان
الذكريات المؤلمة.
4.علم المنطق:
يحتاج المرشد إلى الأسلوب المنطقي في مناقشته مع المسترشد أثناء المقابلة
الإرشادية لتعديل السلوك، لذا يعتبر الإقناع المنطقي من أهم وأرقى الأساليب
الإرشادية حيث يحدد المرشد مع المسترشد أسباب السلوك المضطرب من أفكار ومعتقدات
غير منطقية وغير عقلانية والتخلص منها بالإقناع المنطقي للمسترشد وإعادته إلى
التفكير المنطقي، إذ أن كثيرا من الاضطرابات منشأها الانقياد للأفكار الخاطئة
والغير عقلاينة.
ثانيا:الأسس النفسية والتربوية
يعتمد الإرشاد التربوي على مجموعة من الأسس النفسية والتربوية التي يمكن
تلخيصها كما يلي
1.الفروق الفردية:
يتشابه الأفراد بعضهم بالبعض الأخر في جوانب كثيرة، إلا أن هناك فروقا واضحة
بين الأفراد في مظاهر الشخصية كافة (جسدياً وتعليمياً واجتماعياً وانفعالياً ) حيث
لا يوجد اثنان في صورة واحدة طبق الأصل، حتى التوائم المماثلة تختلف عن بعضها
جزئياً.
لذا ينبغي وضع الفروقات الفردية في الحسبان في عملية الإرشاد، فعلى المرشد أن يعرف
ما يتصل بأسباب المشكلات النفسية مثلاُ إذ أن بعض العوامل قد تسبب مشكلة عند فرد
ما ولا تسبب مشكلة لدى فرد أخر.
2.الفروق بين الجنسين:
إن الفروقات بين الجنسين واضحة في الجوانب الفيزيولوجية والجنسية والاجتماعية
والعقلية والانفعالية، وهذه الفروقات التي تعود إلى عوامل بيولوجية أصلاً والى
عوامل التنشئة الاجتماعية التي تبرز هذه الفروقات أو تقلل من أهميتها، لذا فعملية
الإرشاد ليست واحدة لكلا الجنسين لان ما ينطبق على الذكور قد لا ينطبق على الإناث،
فالفروقات لها أهميتها ولا سيما في ميدان الإرشاد التربوي والمهني والأسري.
3.مطالب النمو:
يتطلب النمو السوي للفرد في مرحلة من مراحل نموه أن يحقق مطالب النمو التي
تبين مدى تحقيق الفرد لذاته وإشباع حاجاته وفقاً لمستوى نضجه وتطور خبراته التي
تتناسب مع مرحلة النمو ،ويؤدي تحقيق مطالب النمو إلى سعادة الفرد ،كما أن عدم
تحقيق مطالب النمو يؤدي إلى شقاء الفرد وفشله .
وتختلف مطالب النمو من مرحلة إلى أخرى، فمطالب النمو في الطفولة هي تعلم المشي
والمهارات الأساسية وتحقيق الأمن الانفعالي والثقة بالنفس وبالآخرين، أما في
المراهقة تختلف مطالب النمو من حيث تميزها بتقبل التغيرات الجسدية والفيزيولوجية
والتوافق معها وتكوين مهارات ومفاهيم ضرورية للإنسان واختيار نوع الدراسة أو
المهنة المناسبة ومدى الاستعداد لذلك ومع معرفة السلوك الاجتماعي المقبول للقيام
بالدور الاجتماعي السليم ،وفي مرحلة الرشد تتسم مطالب النمو باتساع الخبرات
العقلية والمعرفية وتكوين الأسرة وتربية الأولاد والتوافق المهني وتحمل المسؤولية
الاجتماعية والوطنية ،وفي مرحلة الشيخوخة تتلخص مطالب النمو بالتوافق مع الضعف
الجسدي والتكيف مع التقاعد عن العمل وتنمية العلاقات الاجتماعية القائمة .
4.الفروق في الفرد الواحد:
ليست قدرات الفرد واستعداداته وميوله واحدة من حيث درجة قوتها أو ضعفها بل هي
تختلف من خاصية إلى أخرى، فالخصائص الجسدية قد لا تتوافق مع الخصائص الانفعالية أو
العقلية، فقد يتقدم النضج العقلي على النضج الاجتماعي.
ثالثا:الأسس الاجتماعية
تؤثر الجماعة المرجعية على سلوك الفرد إضافة إلى ميوله واتجاهاته،لان الفرد
يتأثر بالجماعة والسلوك فردي اجتماعي كما تؤثر ثقافة المجتمع التي ينتمي إليها
الفرد من عادات وتقاليد وأعراف في ذلك الفرد وبالتالي على المرشد أن يراعي ذلك لكي
يتمكن من فهم المسترشد وفهم دوافع سلوكه.
رابعا:الأسس العصبية والفسيولوجية
على المرشد أن يلم بقدر مناسب من الثقافة الصحية عن تكوين الجسم ووظائفه
وعلاقته بالسلوك وخاصة الجهاز العصبي المركزي الذي هو الجهاز الرئيسي الذي يسيطر
على أجهزة الجسم الأخرى ويتحكم في السلوك الإرادي للإنسان من خلال الرسائل العصبية
الخاصة التي تنقل له الاحساسات الداخلية والخارجية ويستجيب بإصدار تعليماته إلى
أعضاء الجسم.
فالجهاز العصبي الذاتي اللاإرادي يعمل بشكل لا شعوري أي لا تتدخل إرادة الإنسان في
ذلك وهو مسئول عن السلوك الغير إرادي مثل حركة الأمعاء وهذا الجهاز يسيطر على جميع
أجهزة الجسم التنفسي والهضمي والدوري والتناسلي وجهاز الغدد والجلد وهو يعمل وقت
تعرض الجسم للخطر بما يشبه إعلان حالة الطواريء.
فالإنسان جسم ونفس وكل منهما يؤثر في الاخر فالحالة النفسية تؤثر على العمليات
الفسيولوجية الغضب يؤدي إلى زيادة دقات القلب، والحزن يؤدي إلى انسكاب الدمع، كما
أن الأمراض العضوية تؤدي إلى الحزن والى القلق، وعند زيادة انفعال الغضب واستمراره
يتأثر الجهاز العصبي بشكل لاإرادي فتظهر الاضطرابات النفس جسمية (السيكوسوماتية )
كاحتجاج لا شعوري مثل ضغط الدم والقولون العصبي والصداع النفسي وقرحة المعدة
والسكري والربو وبعض الآلام الهيكلية أو بعض الاضطرابات الجلدية والجيوب الانفية
،والمرشد الحاذق ينتبه دائما إلى شكوى المسترشد ويتعرف على مصادر انفعالاته .
كما أن درجة الانفعال إذا زادت وأزمنت تحولت عن طريق الجهاز العصبي المركزي إلى
اضطرابات وأعراض جسمية واضحة نتيجة خلل في أعصاب الحس فيحدث ما يسمى بالهستيريا
العضوية مثل العمى الهستيري، الصم، الشلل، التشنج الهستيري، الصراع الهستيري،
الخرس، فقدان حاسة الذوق، فقدان الذاكرة الهستيري وغير ذلك وعلى المرشد أن ينتبه
لدوافع غضب المسترشد.





الخاتمة


لم يكن التوجيه والإرشاد بمنأى عن الممارسة منذ
أقدم العصور فالآباء
والمعلمون على سبيل المثال يسعون إلى
مساعدة أبنائهم وطلابهم من أجل
سلامتهم ونضجهم ودعم إمكاناتهم، إلا أن
هذه المسألة كانت تأخذ شكل التوجيه
فقط، دون الدخول في علاقة تفاعلية بين
الموجه والفرد المحتاج إلى توجيه،
كما أن التوجيه غير كاف لمساعدة الفرد
في تحقيق ذاته مما زاد من إلحاح
الحاجة إلى عملية الإرشاد النفسي التي
تتضمن العلاقة وجها لوجه بين المرشد
والمسترشد ومع بداية القرن العشرين تغير
المفهوم فبدأ التوجيه والإرشاد
بمرحلة التوجيه المهني ثم التوجيه
المدرسي حيث امتدت برامج التوجيه
والإرشاد لتشمل المجالات التربوية ،ثم
ظهرت مرحلة علم النفس الإرشادي والذي
يركز على الصحة النفسية والنمو النفسي.


وفي عام (1970) اعتبر التوجيه والإرشاد النفسي
عملية اتخاذ القرار بهدف
التقليل من قلق الطلاب، ثم تطور المفهوم
بعد ذلك وأصبحت الاتجاهات نحو
برامج التوجيه والإرشاد النفسي أكثر
ايجابية وأخذ مكانته كعلم معترف به
.
والتوجيه
والإرشاد التربوي عبارة عن علاقة مهنية تتجلى في المساعدة
المقدمة من
فرد إلى أخر ،فرد يحتاج إلى المساعدة (المسترشد) وأخر يملك
القدرة على
تلك المساعدة ( المرشد) ،وهذه المساعدة تتم وفق عملية تخصصية
تقوم على
أسس وتنظيمات وفنيات تتيح الفرصة أمام الطالب لفهم نفسه وإدراك
قدراته بشكل يمنحه التوافق والصحة النفسية ويدفعه إلى مزيد
من النمو
والإنتاجية،وتبنى هذه العلاقة المهنية
(علاقة الوجه للوجه ) بين المرشد
والمسترشد في مكان خاص يضمن سرية أحاديث
المسترشد ،والإرشاد عملية وقائية
ونمائية وعلاجية تتطلب تخصصاً وإعدادا
وكفاءة ومهارة وسمات خاصة تعين
المسترشد على التعلم واتخاذ القرارات
والثقة بالنفس وتنمية الدافعية نحو
الإنجاز ،ويهدف التوجيه والإرشاد
التربوي إلى تحقيق النمو الشامل للطالب
ولا يقتصر ذلك على مساعدته في ضوء
قدراته وميوله في المحيط المدرسي فحسب بل
يتعدى ذلك
إلى حل مشكلاته وتوثيق العلاقة بين البيت والمدرسة ،وتغيير سلوك
الطالب إلى الأفضل تحت مظلة الإرشاد النفسي ،وهذا بدوره
يقود إلى تحقيق
الهدف نحو تحسين العملية التربوية
.


لقد أصبح إنسان هذا العصر في حاجة ماسة إلى
التوجيه والإرشاد أيا كان
موقعه وعمره بحكم التغيرات الاجتماعية
والاقتصادية والمهنية والتقنية
المتسارعة.


إن مراحل النمو العمرية والتغيرات
الانتقالية،والتغيرات الأسرية وتعدد
مصادر المعرفة والتخصصات العلمية ،وتطور
مفهوم التعليم ومناهجه،وتزايد
أعداد الطلاب ومشكلات الزواج والتقدم
الاقتصادي وما صاحب ذلك من قلق وتوتر
،كل ذلك أدى إلى بروز الحاجة إلى التوجيه
والإرشاد ،كما إن هذا التغير في
بعض الأفكار والاتجاهات أظهر أهمية
التوجيه والإرشاد في المدرسة على وجه
الخصوص ،حيث لم يعد المدرس قادرا على
مواجهة هذا الكم من الأعباء والتغيرات
كما أن تغير الأدوار والمكانات وما ينتج
عن ذلك من صراعات وتوتر يؤكد مدى
الحاجة إلى برامج التوجيه والإرشاد
.