الوعي المعلوماتي

إن الكثير من تعريفات ومفاهيم الوعي المعلوماتي أصبحت شائعة اليوم. فمثلا، إحدى المفاهيم تعرف الوعي المعلوماتي من حيث كونه مجموعة من الكفاءات التي يجب امتلاكها من قبل الشخص الواعي معلوماتيا ليتمكن من المشاركة بذكاء وفعالية في ذلك المجتمع.[1]
وتجدر الملاحظة إلى أن مصطلح الوعي المعلوماتي هو المصطلح السائد عربيا، وما يقابله بالإنجليزية هو ما يعرف بمحو أمية المعلومات Information Literacy إلا أن هناك من يتخوف من عزوف بعض المتعلمين عن برامج الوعي المعلوماتي نظرا لما يوحيه من أمية متعلميه وحاجتهم إلى محو أميتهم، مما أدى إلى انتشار مصطلحات أخرى كالوعي المعلوماتي، ومهارات المعلومات Information Skills، وكفاءة المعلومات Information Competency[2].
وقد قررت اللجنة الرئاسية للوعي المعلوماتي بجمعية المكتبات الأمريكية ALA في تقريرها النهائي: "ليكون الشخص واعٍ معلوماتيا، يجب أن يكون قابلا لاكتشاف المعلومة حين يحتاجها، وأن تكون لديه القابلية لتحديد مكانها، وتقييمها، والاستعمال الفعال للمعلومة متى احتاجها".[3]
وقد عرف كل من جيرمي شابيرو و شللي هيوقز (1996) Jeremy Shapiro and Shelley Hughes الوعي المعلوماتي على أنه "فن جديد يمتد من معرفة كيفية استخدام الحاسبات والوصول إلى المعلومة وحتى الانعكاس الدقيق على طبيعة المعلومة ذاتها، والبنية التحتية لاختصاصها الفني، والاجتماعي، والثقافي، وتأثيرها ومحتواها الفلسفي.[1] إن الوعي المعلوماتي يلعب دورا أكثر أهمية لدى التعليم العام. كما أن له دورا حيويا في مراحل التعليم الجامعي. (جمعية المكتبات البحثية الجامعية، 2007)

وفي الثامن من مايو 2009 وقع أرنولد شوارزنيغر Arnold Schwarzenneger رئيس ولاية كاليفورنيا الأمريكية أمرا إداريا بإنشاء المجلس القيادي لمحو الأمية الرقمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT Digital Literacy Leadership Council) واللجنة الاستشارية الرقمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT Digital Advisory Committee).[4] وفي الأول من أكتوبر 2009، عيّن الرئيس الأمريكي باراك أوباما شهر أكتوبر 2009 على أنه "الشهر الوطني لمحو الأمية المعلوماتية".[5]

تاريخ المفهوم

ظهر مصطلح "الوعي المعلوماتي" Information literacy بداية في التقرير المطبوع لبول زركوسكي Paul G. Zurkowski باسم اللجنة الوطنية للمكتبات والمعلومات. استخدم زركوسكي هذا التعبير ليصف التقنيات والمهارات التي تمارس لمحو أمية المعلومات "للاستفادة من مجموعة واسعة من أدوات المعلومات، فضلا عن المصادر الأولية في تصميم حلول معلوماتية لمشكلاتهم".".[6]
فيما بعد، بذلت الكثير من الجهود لتكوين مفهوم أفضل يوضح علاقاته بغيره من المهارات وأشكال الأمية الأخرى. رغم أن الأهداف التعليمية الأخرى، والتي تتضمن الأمية التقليدية، محو أمية الحاسوب، المهارات المكتبية، ومهارات التفكير الناقد كانت مرتبطة بالوعي المعلوماتي وهي أساسيات مهمة لتطوره، إلا أن الوعي المعلوماتي نفسه قد برز بوصفه مجموعة مهارات متميزة ومستقلة وذات أهمية مفتاحية للرفاهية الاجتماعية والاقتصادية لمجتمع معلومات يزداد تعقدا.[7]
وقد كان الحدث البارز في تطوير مفهوم الوعي المعلوماتي هو إنشاء اللجنة الرئاسية للوعي المعلوماتي بجمعية المكتبات الأمريكية، والتي بينت في تقريرها النهائي 1989 أهمية هذا المفهوم. وقد عرف التقرير الوعي المعلوماتي على أنه القابلية "لاكتشاف المعلومة حين يحتاجها الفرد، وأن تكون لديه القابلية لتحديد مكانها، تقييمها، والاستعمال الفعال للمعلومة متى احتيجت" كما ألقت الضوء على الوعي المعلوماتي باعتباره مهارة أساسية للتعلم مدى الحياة وصنع مواطنين واعين وناجحين.
وحددت اللجنة ست توصيات رئيسة: فقد دعت إلى "إعادة النظر لطرق تنظيم المعلومات بالمؤسسات، وتنظيم الوصول للمعلومات، وتعريف دور المعلومات في حياتنا ومنازلنا ومجتمعنا وبمقر أعمالنا"؛ من أجل تعزيز "الوعي العام للمشكلات الناجمة عن الأمية بالمعلومات"؛ وذلك لوضع جدول أعمال (أجندة) بحثي وطني ذي صلة بالمعلومات واستعمالاتها يضمن وجود "مناخ ملائم للطلبة ليصبحوا واعين معلوماتيا"؛ لتضمين اهتمامات الوعي المعلوماتي وشؤونه في التعليم التربوي؛ وتعزيز الوعي العام بالعلاقة بين الوعي المعلوماتي والأهداف الأكثر عمومية لمحو الأمية المعلوماتية، والإنتاجية، والديموقراطية".[8]
وقد قادت توصيات اللجنة الرئاسية في آخر ذلك العام إلى نشأة منتدى الوعي المعلوماتي، ويمثل تحالفا لأكثر من 90 منظمة وطنية وعالمية. [9]
وفي عام 1998، نشرت الجمعية الأمريكية للمكتبات المدرسية وجمعية التكنولوجيا والاتصال التعليمي: قوة المعلومات: بناء الشراكات من أجل التعلم، والذي أنشأ فيما بعد المزيد من الأهداف لتعليم الوعي المعلوماتي، بتحديد 9 معايير ضمن فئات "الوعي المعلوماتي"، "التعلم المستقل"، و"المسؤولية الاجتماعية".[10]
وفي عام 1999، نشرت SCONUL جمعية الكلية، المكتبات الوطنية والجامعية بالولايات المتحدة نموذج "الأركان السبعة للوعي المعلوماتي" [1] من أجل "تيسير مواصلة تطوير الأفكار بين العاملين في المجال ... وتحفيز النقاش حول الأفكار وكيف يمكن أن تستخدم عن هذه الأفكار من قبل المكتبة أو غيرها من الموظفين المعنيين في التعليم العالي من المهتمين بتطوير مهارات الطلاب".[11] وقد طورت العديد من الدول الأخرى معايير الوعي المعلوماتي لديها مذ ذلك الحين.
وفي عام 2003، رعى المنتدى الوطني للوعي المعلوماتي مع منظمة اليونسكو واللجنة الوطنية للمكتبات والمعلومات مؤتمرا دوليا في مدينة براغ مع ممثلين من 23 دولة لمناقشة أهمية الوعي المعلوماتي ضمن السياق العالمي. ووصفت نتيجة بيان براغ الوعي المعلوماتي بأنه "المفتاح للتطور الاجتماعي، والثقافي، والاقتصادي للبلاد والمجتمعات والمؤسسات والأفراد في القرن الحادي والعشرين" كما وضحت اكتسابها هذا على أنه "جزء من حقوق الإنسان الرئيسة للتعلم مدى الحياة"[12]
وفي الثامن والعشرين من مايو 2009، وقع أرنولد شوارزنيغر Arnold Schwarzenneger رئيس ولاية كاليفورنيا الأمريكية الأمر الإداري S-06-09 بإنشاء المجلس القيادي لمحو الأمية الرقمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT Digital Literacy Leadership Council) والذي بدوره أدى إلى نشأة اللجنة الاستشارية الرقمية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT Digital Advisory). "إن المجلس القيادي، وبالتشاور مع اللجنة الاستشارية سوف يقوم بتطوير سياسة محو أمية رقمية في مجال تقنيات المعلومات والاتصالات (ICT Digital Literacy Policy) لضمان أن سكان كاليفورنيا واعون رقميا". ويؤكد الأمر الإداري بعد ذلك: "إن محو الأمية الرقمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تُعرف باستخدام التكنولوجيا الرقمية، وأدوات الاتصالات و/أو الشبكات للوصول، وإدارة، ودمج، وتقييم، وإنشاء وتوصيل المعلومة لأجل توظيفها في الاقتصاد والمجتمع القائم على المعرفة..." ويستطرد المحافظ "...إن المجلس القيادي، وبالتشاور مع اللجنة الاستشارية... قد قام بتطوير خطة عمل لمحو الأمية الرقمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (خطة عمل). ويستطرد أيضا "مجلس استثمار القوى العاملة بكاليفورنيا (California Workforce Investment Board (WIB)) .. سيقوم بتطوير تقنية محتوى محو الأمية في خطتها الخمسية الاستراتيجية." ويختم قراره الإداري بالجملة التالية "إنني أيضا أطالب الهيئة التشريعية والمشرف العام للتعليم العام النظر لاعتماد أهداف مماثلة، والانضمام إلى المجلس القيادي في إصدار "الدعوة" للمدارس، ومؤسسات التعليم العالي، ورجال الأعمال، ووكالات تدريب القوى العاملة، والحكومات المحلية والمنظمات الاجتماعية وقادرة المجتمع المدني للنهوض بكاليفورنيا كرائد عالمي لمحو الأمية الرقمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات".[13]
ويرتفع الوعي المعلوماتي إلى الوعي الوطني في الولايات المتحدة مع إعلان الرئيس باراك أوباما بأن شهر أكتوبر 2009 هو الشهر الوطني لمحو الأمية المعلوماتية. [14] وذكر إعلان الرئيس أوباما أنه "بدلا من مجرد امتلاك البيانات، فإن علينا أيضا أن نتعلم هذه المهارات اللازمة للحصول، ومقارنة، وتقييم المعلومات عن أي حالة... على الرغم من أننا قد نعرف كيف نجد المعلومة التي نحتاجها، إلا أننا يجب أن نعرف أيضا كيف نقيمها. على مدى العقد الماضي، شهدنا أزمة ظهور الموثوقية. إننا نعيش الآن في عالم حيث يمكن لأي شخص نشر أي رأي أو وجهة نظر، سواء كانت صحيحة أو لم تكن، وهذا الرأي قد يتضخم ضمن سوق المعلومات. وفي الوقت ذاته، أصبح للأمريكيون إمكانية وصول غير مسبوقة لمصادر متنوعة ومستقلة للمعلومات، فضلا عن مؤسسات مثل المكتبات والجامعات، التي يمكن أن تساعد في فصل الحقيقة عن غير الحقيقة وتمييز الإشارة وسط الضوضاء".
وينتهي إعلانه بقوله: "الآن، وعليه، فإنني أنا باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، بموجب السلطة المخولة لي وبموجب الدستور وقوانين الولايات المتحدة، أعلن أكتوبر 2009 كشهر وطني لمحو الأمية المعلوماتية. إنني أدعو شعب الولايات المتحدة إلى ليتذكروا أهمية الدور الذي تلعبه المعلومات في حياتنا اليومية، وإلى تقدير مدى الحاجة لزيادة فهم تأثيرها".."[15]

[عدل]جوانب من الوعي المعلوماتي (شابيرو و هيوز، 1996)

في كتاب "الوعي المعلوماتي كفن جديد" دعا كل من جيرمي شابيرو Jeremy J. Shapiro وشيلي هيوز Shelley K. Hughes إلى اتباع منهجية أكثر شمولية لتعليم الوعي المعلوماتي، أحدها هو الذي لا يشجع الدورات الإضافية لتكنولوجيا المعلومات كمساعد للمناهج وحسب، بل منهجية جديدة تماما تصور "مناهجنا التعليمية برمتها من حيث هي معلومات". استنادا إلى المثل التنويرية تلك التي عبر عنها فيلسوف عصر التنوير الماركيز دي كوندورسيه، ناقش شابيرو وهيوز أن التعليم "أساس مستقبل الديموقراطية، وإذا كان المواطنون سوف يكونون أذكياء مجتمع المعلومات بدلا من كونهم بيادق، ينتمون إلى ثقافة إنسانية، فإن المعلومات حينها ستكون جزءا من الوجود ذو المدلول الهادف بدلا من روتين الإنتاج والاستهلاك". وتحقيقا لهذه الغاية، حدد شابيرو وهيوز "المنهج النموذجي" الذي اشتمل على مفاهيم [أمية الحاسوب]، والمهارات المكتبية، و"مفهوم أوسع وأكثر خطورة من مجرد تصنيف إنسانيّ"، مقترحَين سبعة عناصر هامة في منهج شمولي لتحقيق الوعي المعلوماتي:
الوعي بالأدوات، أو القدرة على فهم واستخدام الأدوات العلمية والعملية لتكنولوجيا المعلومات الحالية ذات العلاقة بالتعليم وبمجالات العمل والحياة المهنية التي يتوقع الفرد أن يسكنها.
الوعي بالمصادر، أو القدرة على فهم شكل، وتشكيل، وتحديد مكان، وأساليب وصول إلى مصادر المعلومات، خاصة تلك الموسعة يوميا عن طريق موارد المعلومات الشبكية.
الوعي الاجتماعي البنائي، أو فهم كيف تكون المعلومة مبنيّة ومُنتجة اجتماعيا.
الوعي البحثي، أو القدرة على فهم واستخدام أدوات تكنولوجيا المعلومات الأساسية ذات العلاقة بعمل الباحث والعالم اليوم.
الوعي بالنشر، أو القدرة على تنسيق ونشر الأبحاث والأفكار إلكترونيا، في أشكال نصية أو ذات وسائط متعددة ... لتعريفها بالمجتمع الإلكتروني العلمي.
الوعي بالتكنولوجيا الناشئة، أو القدرة المستمرة على تبني، فهم، تقييم والاستفادة من الابتكارات الناشئة المستمرة لتكنولوجيا المعلومات لكي لا تكون مقيدا بالادوات والمصادر التي تمتلكها، ولكي تكوّن قرارات أكثر ذكاء لامتلاكك الأجد منها.
الوعي النقدي، أو القدرة على التقييم الناقد للفكر الإنساني والاجتماعي من حيث نقاط الضعف والقوة، وإمكاناته وحدوده وفوائده وتكاليف تكنولوجيا المعلومات.[16]
ويمضي Ira Shor قدما في تعريف الوعي النقدي على أنه "سلوك فكري، القراءة والكتابة والتحدث الذي يذهب إلى ما وراء المعاني، ابتداء بالانطباعات الأولى، والأساطير المهيمنة، التصريحات الرسمية، الكليشيهات التقليدية، الحكمة المتلقاة، والآراء المجردة، لفهم المعنى العميق، والأسباب الجذرية، والسياق الاجتماعي والإيدولوجي، والعواقب الشخصية لأي موقف، حدث، دافع، عملية، تنظيم، تجربة، نص، موضوع، سياسة، وسائل إعلام، أو الخطاب".[17]
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B9%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA%D9%8A