ن مفهوم التجارة الإلكترونية يشير إلى تسويق المنتجات عبر شبكة الإنترنت الدولية دون
أن تذهب بنفسك إلى المتجر أو الشركة، حيث إن التجارة الإلكترونية تشتمل على
الاتصالات بين الشركات المختلفة بما يسهل عملية الشراء والبيع، وتعتبر التجارة
الإلكترونية طفرة في عالم التجارة أو أسلوباً تقنياً حديثاً فيه التقنية لتغيير
أسلوب المعاملات وتسريعها، ليس ذلك فحسب، بل إيجاد أسواق ومنافذ توزيع لا تعترف
بحدود زمنية أو مكانية تعمل على مدار الساعة في جميع أنحاء العالم· (السديري،
20039)·

ويرى العيسوى: أن التجارة الإلكترونية بتعريفها الضيق عبارة عن عمليات تبادل السلع
والخدمات عن طريق وسيلة إلكترونية أو وسيط إلكتروني، وبالتعريف الأوسع يشتمل أية
معلومات أو خدمات تقدمها شركة لأخرى، أو شركة لمستهلك عبر الإنترنت، أو غيرها من
وسائط الاتصال الإلكترونية· (العيسوي، 2003)·

فالتجارة الإلكترونية: هي بيع وشراء وتبادل المنتجات والخدمات والمعلومات من خلال الإنترنت
(حامد، 2003: 41)·

وهذا يعني تطبيق التقنية من أجل جعل المعاملات التجارية تحدث بصورة تلقائية وسريعة، أو
بيع وشراء المنتجات والخدمات والمعلومات عبر شبكة الإنترنت· (البسمكي، 2003: 30)·

ومن خلال ما تقدم، فإن التجارة الإلكترونية تتميز بعدة خصائص منها:

- عدم وجود علاقة مباشرة بين طرفي العملية التجارية، حيث يتم التلاقي
بينهم من خلال شبكة الإنرتنت، وتتم عملية الاتصال في نشاط التجارة الإلكترونية من
خلال نظام يسمى التداول الإلكتروني للبيانات·

- عدم وجود أي وثائق ورقية متبادلة في إجراء وتنفيذ المعاملات،
حيث إن كل العمليات تتم عبر الشبكة الإلكترونية دون استخدام أوراق·

- إمكانية تنفيذ الصفقة التجارية بالكامل بما فيها تسليم البضاعة
غير الملموسة عبر الشبكة الإلكترونية·

- عدم إمكانية تحديد الهوية، حيث لا يرى طرفا التعامل كل منهما
الآخر·

- الانفصال المكاني: حيث تتيح الشبكة للمؤسسات القدرة على إدارة
عملياتها من أي موقع جغرافي، حيث إن مقر المعلومات الخاص بالشركة يمكن أن يوجد في
أي مكان في العالم دون أن يؤثر ذلك على الأداء·

- التأثير المباشر على أنظمة الحسابات بالمنشأة (عبدالكريم،
2001م: 19)·

أهمية التجارة الإلكترونية

يجمع العاملون في عالم تقنية المعلومات على أن التجارة الإلكترونية ستغيّر من أساليب
التعاملات التجارية التي عرفتها البشرية إلى الأفضل وتتجلى أهمية التجارة
الإلكترونية على المستويات التالية:

- أهمية التجارة الإلكترونية على مستوى الأفراد: فهي تساهم في
تقليل تكاليف التبادل التجاري الذي من شأنه تقليل أسعار المنتج، كما تعتبر آلية
للأفراد المتخصصين لتقديم خدماتهم على المستوى الإقليمي والعالمي دون الحاجة
للانتقال بما يفتح لهم المجال للانطلاق للعمل الحر (محمد، 2001)·

- أهمية التجارة الإلكترونية على مستوى منظمات الأعمال: إن تنمية
القدرات التسويقية لمتطلبات الأعمال في الوقت الحاضر تتطلب وجود آلية جديدة غير
تقليدية من أجل زيادة قدراتها التنافسية، وبالتالي الوصول إلى الأسواق العالمية،
لأن التجارة الإلكترونية إحدى هذه الوسائل فهي حقيقة لا بد من المشاركة فيها·

- أهمية التجارة على المستوى القومي: فهي تعد أداة لزيادة القدرة
التنافسية، وبالتالي زيادة معدلات التجارة وخلق فرص جديدة للعمل، وتحسين الخدمات
الحكومية· (دسوق، 1998م: 201)·



مزايا الإلكترونية

كما أن التجارة الإلكترونية تقدم مجموعة من المزايا لكل من المستهلكين والمنشآت مثل:

- الراحة: حيث إن متاجر التجارة الإلكترونية لا تغلق أبوابها
أبداً، لذا يمكن للمستهلك أن يطلب البضاعة طيلة 24 ساعة يومياً وبدون ضياع وقت
كبير للذهاب إلى منافذ التجزئة والعودة منها·

- المعلومات: حيث يمكن للمستهلكين أن يحصلوا على المعلومات
بطريقة أفضل وبحجم أفضل، دون ترك منازلهم من خلال المواقع المختلفة على الشبكة،
حيث يمكنهم الحصول على معلومات عن المنشآت والمنتجات والمنافسة والأسعار·

- الفورات: تحقق التجارة الإلكترونية وفورات للمستهلكين والشركات
من خلال تجنب تكاليف الإيجار والتأمين وغيرها، حيث يمكن للمستهلكين الحصول على
السلع بأقل الأسعار؛ نظراً لما توفره الشبكة من آلاف المنتجات ذات الأسعار
المختلفة·

- لا توجد مشاحنات: في ظل التجارة الإلكترونية لا يتعامل
المستهلك مع رجال البيع، وبالتالي لا توجد فرصة لأن يتشاجر أو يتشاحن مع رجال
البيع، أو الوقوف في طوابير طويلة·

- الاختيار: إن التجارة الإلكترونية ليس لها حدود زمنية أو حدود
جغرافية، مما يمكن المستهلكين من اختيار السلعة أو الخدمة من أي متجر في أي زمان
ومكان·

- بناء العلاقات: يمكن للشركات التي تستخدم الشبكة أن تتصل
بالمستهلك وتمده بمراجع مجانية، كما يمكنها أن تحصل على معلومات من المستهلك، ومن
شركات التجارة الإلكترونية الأخرى التي تفيدها في اتخاذ العديد من القرارات
التسويقية (الإمام، 2004م، 2/637)·



مجالات متعددة

فالتجارة الإلكترونية تتيح مجالات متعددة للمنتجين ورجال الأعمال والمستهلكين فهي:

- تتيح للمنتجين فرصة عرض كافة منتجاتهم، والتعرف في نفس الوقت على
أحدث التطورات في فنون الإنتاج وتصميم المنتجات·

- كما تتيح للمستهلكين فرصة ميسرة وسريعة للتعرّف على السلع
والخدمات الموجودة بالأسواق، وإجراء المقارنات واختيار الأنسب، وتحديد عناصر اتخاذ
قرار الشراء، ويتسع نطاق الاستخدامات الإلكترونية في التجارة ليشتمل على الخدمات
المصرفية، والاستشارية المختلفة، والتعليم، والتدريب··· إلخ·

- وهناك أهمية وفوائد للتجارة الإلكترونية تتلخص في الأمور
التالية:

توسيع حجم السوق، وتخفيض الوقت، وتقليل تكلفة عقد الصفقات، وتغيير هيكل الاقتصاد، وتنويع
مصادر الدخل، وتغيير بيئة العمل وطرق التسويق والتوزيع، وتنمية الصادرات الوطنية،
ومشاركة المشروعات الصغيرة في حركة التجارة العالمية· إدارة البحوث والدراسات
الاقتصادية 2004: 1-45)



مشروعية التجارة الإلكترونية

لقد أباح الإسلام، بل رغَّب وحضَّ على التجارة بكافة أنواعها، واعتبرها من أنواع الكسب
الطيب الحلال، والأصل هو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن
تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ
رَحِيمًا } [النساء: 29]·

وعن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم، سُئل عن أطيب الكسب؟ فقال: (عمل الرجل
بيده، وكل بيع مبرور) رواه الحاكم·

وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على التاجر الأمين الصدوق المسلم، حتى جعل منزلته
يوم القيامة مع الشهداء، فقال صلى الله عليه وسلم: (التاجر الأمين الصدوق المسلم
مع الشهداء يوم القيامة) أخرجه البخاري في صحيحه·

فهذه الأدلة تبيِّن مشروعية التجارة بشكل عام، وأما التجارة الإلكترونية فتعتبر تطويراً
للتجارة التقليدية العادية، فهي تطوير في وسيلة العمل التجاري لا في حقيقته، لذلك
تكون في الفقه الإسلامي تقع في دائرة المباح التي تتسع لكل جديد ما دام يحقق
مقصداً مشروعاً من مقاصد الشريعة الإسلامية، ولا شك أن تطوير التجارة وتحديثها
وتيسير التعامل بين الناس يعد من المنافع المباحة، والأصل في المنافع الإباحة، وفي
المضار التحريم·

ومن خلال ما تقدم يكون تحديث التجارة بما يُسمى بالتجارة الإلكترونية مباح في الشريعة
الإسلامية، لأنه لمصالح العباد والتيسير على الناس، وتحقيق المصالح والمنافع
للعباد، وهذا ما تهدف إليه الشريعة الإسلامية في مقاصدها الشرعية المباحة·



جرائم التجارة الإلكترونية

على الرغم من هذا التميز للتجارة الإلكترونية عبر الإنترنت كسوق تجارية رائجة ومنفذ
لتصريف السلع، إلا أن هناك جرائم ومخاطر وسلوكيات إجرامية، كالغش، والاحتيال، فلا
ضمانات لحماية المستهلك، حيث يمكن تسويق سلع غير أصلية، أو مزيفة على شبكة
الإنترنت، دون أدنى اعتبار لحق المستهلك·

ومن أشهر طرق النصب والاحتيال في التجارة الإلكترونية تلك التي تتم بواسطة استخدام
بطاقات الائتمان خصوصاً عندما يعرف الرقم، فبإمكان الشخص الذي حصل عليه أن يقوم
بالشراء من خلاله، وقد ضبطت في الدول العربية أول حالة نصب من هذا النوع في مصر
عندما تمكن طالبان جامعيان من سحب نصف مليون جنيه من رصيد عميل بأحد البنوك
الحكومية عن طريق شبكة الإنترنت واستخدما المبلغ في مشاهدة أفلام متنوعة طوال سبعة
أشهر، وذلك بعد أن استطاعا معرفة الرقم السري لحساب العميل على شبكة الإنترنت،
(أخبار اليوم 1998م)·

وكذلك فإن للتجارة الإلكترونية مخاطر قد تستغل من قبل المجرمين في ارتكاب جرائمهم،
فمزاولة التجارة إلكترونياً بواسطة الإنترنت لا يوجد فيها أدلة إثبات عصرية متطورة
تتناسب والطرق الجديدة لهذا النوع من التجارة المعتمدة على شبكة الاتصالات
الإلكترونية وتقنيات المعلومات الحديثة، فعدم وجود وثائق ورقية موقَّعة بخط اليد
يحدث مشكلة عدم القدرة من التمييز بين الرسالة الأصلية والصورة، مما يسبب احتمالية ازدياد جرائم التزوير للرسائل بشكل
دقيق ومطابق للأصل، الأمر الذي يؤثر على حقوق ومصالح الآخرين (أبا الخيل 2005م:
279)·



المشكلات والعيوب

ومن مشاكل التجارة الإلكترونية المعتمدة على شبكة الإنترنت صعوبة التحكم في نوعية
البضائع، الأمر الذي قد يعطي الفرصة لفئات وأفراد ذوي أغراض غير شريفة في مجال
التعامل عبر شبكات المعلومات مثل تجارة المخدرات، ولصوص الأطفال، ومحترفي الدعارة،
وذلك في ترويج تجارتهم غير المشروعة عبر هذه الشبكة (اللبان، 2000م: 114)·

ومع بداية التسعينات (1990م) بدأت بعض المخاطر المتعلقة بالتجارة الإلكترونية واستخدام
شبكة الإنترنت بصفة عامة تأخذ شكل الانتشار بصورة فردية، وكان أهمها جرائم استخدام
بطاقات الائتمان المملوكة للغير، وتم سرقتها في شراء سلع وخدمات من الخارج، ثم
ظهرت مخاطر اختراق بشكات الكمبيوتر والسيطرة على أجهزة الحاسب الآلي للغير، وسرقة
المعلومات التي تمثّل سرية خاصة لبعض الأفراد أو المؤسسات أو الشركات، وكذلك سرقة
الحسابات المصرفية·

كذلك ظهرت عمليات إطلاق الفيروسات والاختراقات للمواقع الشخصية أو الرسمية، وغيرها كثير
من جرائم الابتزاز، والتزوير، والنصب، والاحتيال، والغش الإلكتروني المرتبطة بهذا
النظام الجديد·

وطبيعي فإنه مع تزايد استخدام شبكة المعلومات العالمية في عمليات التجارة الإلكترونية
التي تعتبر تجارة المستقبل فسوف يزداد تنوع صور الاعتداءات والتهديدات، خاصة
الجرائم المالية منها: ويؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى وضع عبء إضافي على وزارات
الداخلية في دول العالم المختلفة بضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية المبكرة،
ومكافحة تلك الجرائم التي ستعتبر من أخطر الجرائم خلال السنوات المقبلة (إدارة
البحوث والدراسات للغرفة التجارية الصناعية بأبها 2004م: 1-46)·

وأهم المشاكل والجرائم التي تواجه التجارة الإلكترونية هي:

غسيل الأموال إلكترونياً·

تزوير وسائل الدفع الإلكترونية (النقود الإلكترونية)·

التجسس حول المعلومات السرية لبعض الشركات والاستفادة منها·

التخريب المتعمد لبعض المواقع التجارية·

وجود بعض الشركات الوهمية·

الغش والغرر للمستهلكين (يعقوب 2004م: 182)·



موقف الفقه الإسلامي من عقود التجارة الإلكترونية

بالنسبة لصحة العقود الإلكترونية من منظور إسلامي، فقد اشترط الفقه الإسلامي اقتران
الإيجاب بالقبول لكي ينعقد العقد صحيحاً، سواء كان العقد بين حاضرين أو بين
غائبين، ويتم التعاقد بين غائبين بواسطة رسول أو بواسطة الكتابة، يقول الكاساني في
بدائع الصنائع: (خطاب الغائب كتابة فكأنما حضر بنفسه، وخاطب بالإيجاب، وقبل الآخر
في المجلس)·

ومن خلال ما تقدم يتبين لنا: جواز إبرام عقود التجارة الإلكترونية في الفقه الإسلامي·

ولكي تكتمل أركان العقد الشرعية والقانونية في مرحلة إنشاء العقد، يشترط وجود التراضي
بين المتعاقدين وصحته فيما يتصل بتحديد وعرض الأسعار والإعلان عنها، وما قد يسبق
ذلك من مفاوضات أو دعوى للعقد، ومعاينة المبيع المعاينة التامة النافية للجهل،
وتحديد الثمن، وحق المشتري في خيارات: الرؤية، والتجربة، والمذاق، وضمانات العيوب
الخفية، خاصة في مجال بيع الأشياء الخطرة والفنية التي تتطلب تقديم المشورة وإبداء
النصح للمشتري، حتى تتحقق له إرادة واعية متبصرة·

ولكي يكون العقد صحيحاً يجب أن تكون الإرادة خالية من عيوب الرضا وهي: الغلط، والإكراه،
والتدليس، والاستغلال·