-الدعاية و الإعلان وتأثيرهما على الفرد:
 
تعتبر الدعاية والإعلان من أساليب الاتصال و التواصل الحديثة والتي تحاول التأثير على الناس بطرق مختلفة ولأهداف متنوعة،فهي تستخدم الأساليب نفسها لمحاولة التأثير والسيطرة على الناس.
ويرى الباحثون في ميدان الاتصال أن هناك صلة بين  مصطلحا الدعاية والإعلان ،ولعل الفارق الأساسي يكمن بينهما في الهدف والنتيجة،فالإعلان يهدف إلى تسويق منتج أو فكرة ويؤدي إلى أن يقوم الجمهور بالمبادرة بعمل ينسجم مع هدف المعلن،فالإعلان إذن هدفه تجاري ونتيجته تسويق السلعة المعلن عنها،أما الدعاية فان هدفها سياسي أو اجتماعي أو عقائدي،ونتيجتها استمالة المستهدفين وإقناعهم بمواقف وأفكار الدعائي والوقوف بصفه ( صالح أبو إصبع ،1999ص 171 ).
ويكاد مصطلحي الدعاية والإعلان يختلطان نظرا لتداخلهما في كل من:
الأساليب المستخدمة، الوسائل، وكذلك يتداخلان في الغايات والأهداف.(مجدي احمد،2008،ص 163).
وفي بحثنا هذا سوف نتناول هذان المصطلحان من حيث اتفاقهما على مخاطبة عقول الناس ومحاولة استمالتها ،والتأثير عليها، ومن تم تبني سلوك معين ،ومن حيث أنهما من أدوات الاتصال الحديثة، وإحداث التواصل بين أفراد المجتمعات المختلفة ،ومن حيث استعمالهما لمبادئي علم النفس ،  والأساليب النفسية للتأثير على أراء الناس واتجاهاتهم، ومشاعرهم وميولهم النفسية.وفي هذا تتفق الدعاية والإعلان في أن كليهما يستخدمان للتأثير والسيطرة على الأفراد والجماعات.
وبداية فقد توصل العلماء إلى وضع عدة تعار يف للدعاية منها ما قدمه براون C.Brown من حيث اعتبارها محاولة لإقناع الآخرين بتبني اتجاه معين دون إعطاء أي دليل منطقي لقبوله.
وقد قدمت د.جيهان رشتي تعريفا للدعاية على أنها محاولة متعمدة من فرد أو جماعة باستخدام وسائل الإعلام ،لتكوين الاتجاهات أو السيطرة على الاتجاهات، أو تعديلها عند الجماعات وذلك لتحقيق هدف معين.وفي كل حالة من الحالات يجب أن يتفق رد الفعل مع هدف رجل الدعاية ( صالح أبو إصبع،1999 ص173).
وتعرف الدعاية كذلك بأنها نشر معلومات وفق اتجاه مرسوم ومخطط من جانب فرد، منظمة، أو مؤسسة، وذلك للتأثير في الرأي العام تجاه تلك المنظمات والمؤسسات أو الأفراد، وتغيير اتجاهاته باستخدام وسائل الإعلام.
وفي تحليل هذا التعريف نجد :
أ‌-       أن الداعية يقوم بإخفاء جزء من الحقيقة في محاولة للإقناع، ولذلك نجد أن الدعاية ليست إلا نوعا من الإعلام آو التعليم آو التثقيف.
ب‌- أن الهدف من الدعاية هو التأثير في اتجاهات الناس وآرائهم وأفكارهم وسلوكهم.
-قيادة الأفراد والجماعات وتوجيهها وجهة معينة.
-السيطرة على الأفراد ومستقبلهم.
وعلى العموم فان الدعاية هي محاولة للتأثير في اتجاهات الناس وأرائهم، ومن ثم في سلوكهم بحيث تأخذ الوجهة التي يرغب فيها الداعية وفق اتجاه المنظمة أو المؤسسة،ويحدث هذا عن طريق الإيحاء أكثر مما يحدث بواسطة الحقائق والمنطق.(مجدي احمد ،2008،ص ص 160-161)
أما الإعلان فيعرفه س . و دّن ورفيقه Dunn et al  ( نقلا عن د.أبو إصبع 1999 ص 201)،باعتباره اتصال غير شخصي مدفوع ثمنه عبر الوسائل الإعلامية المختلفة من قبل المؤسسات التجارية والمنظمات غير الربحية، والأفراد الذين بطريقة ما يتم التعرف على هويتهم في الرسالة الإعلانية، والذين يأملون إعلام أو إقناع جمهور معين.
وهما يريان أن مفتاح هذا التعريف يكمن في الكلمات " غير شخصي
ومدفوع، الوسائل، التعرّف، الإقناع" وهي التي تفرق بين الإعلان وغيره من أشكال الاتصال الأخرى.
ولكن يبقى مما لاشك فيه أن الإعلان قائم على أساليب نفسية بغرض " الإقناع " الذي يمثل الهدف الأساسي منه،والذي يقوم على محاولة تغيير البناء المعرفي للفرد،ويقوم على فرضية تعديل السلوك المعرفي التي تعتبر أن الإنسان ليس سلبيا،فهو لا يستجيب للمثيرات البيئية فحسب،ولكنه يتفاعل معها،ويكوّن مفاهيم حولها وهذه المفاهيم تؤثر في سلوكه،ويسمي ألبرت باندورا هذا التفاعل بالحتمية المتبادلة،وما يعنيه ذلك هو أن الإنسان يطور مفاهيم معينة عن المثيرات البيئية وعلاقتها بعضها ببعض،وهذه المفاهيم بدورها تؤثر في ردود الأفعال التي تحدث لديه،والسلوك الذي يصدر عنه.(جمال الخطيب،2007،ص 334).
 
نلاحظ من التعاريف السابقة أن عملية الدعاية والإعلان تلعب دورا كبيرا في التأثير على سلوك الفرد والجماعة باستخدام وسائل الإعلام، فهي تستهدف عقول الناس في محاولة منها لتغيير والسيطرة على سلوك الأفراد ،حتى أنها يمكن أن تساهم في زيادة الوعي لدى الفرد وتجعله يكون اتجاهات سليمة وتعديل ما يحتاج إلى تعديل وذلك بطرق علمية،مدروسة،قائمة على أسس علم النفس وعلم النفس الاجتماعي.في هذا الموضوع يرى الكاتب الايطالي انطونيو ميوتوAntonio Miotto(نقلا عن د.صالح أبو إصبع 1999)أن الدعاية عبارة عن تكتيك للضغط الاجتماعي ،الذي يميل إلى خلق جماعات في بناء نفسي أو اجتماعي موحد عبر تجانس في الحالات العقلية والعاطفية للأفراد موضع الاعتبار.
وقد اعتبر جاك أيلول Jacques Ellul الدعاية ظاهرة اجتماعية،ويجب تناولها على هذا الأساس،لذا فهو يرى أن الدعاية بمعناها الواسع تشمل الحقول التالية:
1-العمل النفسي Psychological Action   :حيث يسعى الدعائي إلى تعديل الآراء بطرق سيكولوجية صرفة،وغالبا ما يتابع هدفا شبه تعليمي ويخاطب بنفسه مواطنيه.
2-الحرب النفسية Psychological Ware Fare:  :وهنا يتعامل الدعائي مع خصم أجنبي ويسعى إلى تحطيم معنوياته بأساليب نفسية ومنطقية ،ومن ثم يبدأ الخصم بالشك بمعتقداته وبأفعاله.
3-إعادة التعليم وغسيل الدماغ Re-Education§Brain Washing  :وهي طرق معقدة لتحويل الخصم إلى حليف ويمكن استخدامها فقط مع السجناء.
 
4-العلاقات العامة والإنسانية Public§Human Relation  : وهو يرى انه يجب إدخالها ضمن الدعاية لأنها تسعى إلى تكيف الفرد مع المجتمع مع نمط معيشة أو نشاط ما،وهي تستخدم لتجعل الفرد منسجما معها وهو هدف الدعاية(إبراهيم أبو عرقوب ،1993 ،ص173)
وللإعلان من جهته عدة وظائف تهدف في الأساس إلى إقناع المستهلك باستعمال سلعة جديدة وبالتالي استمالته إلى اتخاذ  "قرارات  "معينة ، وتبني أنماط سلوكية خاصة تأثر مع الوقت على أسلوب تعامله مع الأشياء وتحدد رأيه في أشياء مختلفة وذلك حسب شدة تأثره بإعلانات معينة على حساب قناعاته الشخصية.
ويحصر الباحثون أهم وظائف الإعلان فيما يلي:
- الوظيفة التسويقية:  يقوم الإعلان بتزويد الجمهور بمعلومات عن السلعة مثل خصائصها وسعرها ومكان بيعها،مما يساعد على إقناع المستهلك بتكرار شراء السلعة،أو إقناعه باستعمالها إذا كانت جديدة.
-الوظيفة التعليمية: يقوم الإعلان بتعليم الأفراد طرقا جديدة لتحسين أساليب حياتهم،ويتم ذلك من خلال قوة الإعلان الاقناعية.
-الوظيفة الاقتصادية: إن الإعلانات تسعى إلى ترويج السلع،مما يعزز التجارة ويدعم النشاط التجاري والصناعي داخل المجتمع ذاته،ويقوم الإعلان بتسهيل عملية التسويق وتخفيض تكلفته مما يؤدي إلى زيادة التسويق وزيادة الإنتاج ،مما يؤدي إلى الانتعاش الاقتصادي ويؤثر بالتالي على سوق العمل في الحد من البطالة.
- الوظيفة الاجتماعية: مما لاشك فيه أن التأثيرات الاجتماعية للإعلان تتضح في قدرته على المساعدة في تحسين ظروف الحياة ،وذلك من خلال تقديم أنواع من السلع وأساليب الحياة الاجتماعية التي تعمل على رفع مستوى الحياة وتحسين ظروفها وقد تصل إلى حل بعض المشكلات الاجتماعية.
- الوظيفة الترفيهية:  من الوظائف الجانبية التي يحققها الإعلان الترفيه وخصوصا الإعلانات التلفزيونية، والإعلانات الملونة في المجلات، وتستخدم الأغاني والرقصات في الإعلانات التلفزيونية،والتي يصبح الاستمتاع بها عند البعض هدفا في حد ذاته.(صالح أبو إصبع ،1999،ص 202 )
 
من خلال عرضنا لمختلف الجوانب التي تهدف إلى تحقيقها الدعاية والإعلان نستنتج أنها تستعمل الأساليب العلمية،السيكولوجية في التأثير على الفرد،فهي عملية سيكولوجية يستثمر فيها  الإعلان أو الدعاية الناجحة (الدوافع )عند المستهلك.فدافع (حب الاستطلاع )تستغله وسائل الإعلام من خلال الإعلان، وكذلك (دوافع الو الدية) في إطار الأسرة وتكوين الأطفال.
يركز الإعلان الهادف على ميول الجمهور التي تأخذ أشكالا مختلفة،فيستغل ميل الناس إلى (التقليد  والمحاكاة والتأثر بالإيحاء).ويخاطب الإعلان الناجح(الحاجات النفسية)للجمهور،كالحاجة إلى (الأمن)،حاجة الإنسان (للحياة أفضل)فيؤكد للمستهلك معنى التفاؤل وضمان الصحة مثلا.ويرتكز الإعلان الناجح على (فهم وتحليل وإشباع)سيكولوجية الجمهور،فعند (تصميم الإعلان)تدرس المؤسسة ماذا يريد الناس؟ماهي وسائل إقناعهم؟ماهي نقاط ضعفهم؟ولا يتم تصميم دعاية أو إعلان إلا بعد أن تدرس احتياجات كل فرد من المجتمع باختلاف الدور الذي يلعبه(عطوف محمود ياسين،1981،ص ص 229-230).          ويبقى الهدف من كل هذه العملية- تحقيق التواصل بين أفراد المجتمع الواحد وحتى المجتمعات المختلفة في ظل توفر التكنولوجيات الحديثة .
 
وقد أشار الباحثون في هذا المجال إلى أن تقديم الدعاية والإعلان يحتاج إلى دراسة متخصصة وإحاطة شاملة بعدد من الموضوعات الهامة مثل :
-       وسائل الإعلام والاتصال الاجتماعي وأهمية ذلك في عملية التنشئة الاجتماعية
-       الدعاية وأسسها ومبادئها وفعاليتها واللحظات السيكولوجية المناسبة لها
-       المواقف الاجتماعية المختلفة التي يعمل الفرد في إطارها
-       دراسة الجمهور وجماعة الرأي العام
-       دراسة شخصية الأفراد والجماعات وكيفية التأثير فيها
-       الوسائل والأساليب المناسبة للتأثير على الأفراد والجماعات
-       الدعاية والإشاعات وغيرها من وسائل الحرب النفسية (مجدي احمد،2008 ،ص 155-156)
وفيما يخص موضوع  الدعاية وعلاقته بعلم النفس ،يرى جاك أيلول Jacques Ellul   أن الدعاية قد تبنت ميادين علمية ولم تعد تستخدم حيل ساذجة وهذا يتجلى في المظاهر التالية:
1-   أصبحت الدعاية الحديثة ترتكز على التحليلات العلمية في ميداني علم النفس والاجتماع،وأصبح الدعائي يبني تكنيكاته على معرفته للإنسان،ميوله ورغباته وحاجاته وميكانيزماته النفسية وظروفه، ويعتمد كثيرا على علم النفس وبالأخص على علم النفس الاجتماعي.
2-   إن الدعاية أصبحت علمية،إذ تميل إلى تأسيس مجموعة من القوانين الدقيقة والصارمة والتي جرى اختبارها.
3-   ما يحتاجه الدعائي الآن هو تحليل دقيق للظروف وللفرد الذي سيتعرض للدعاية ضمن تلك الظروف،لان نوعا من الدعاية لأفراد في ظرف ما تكون نافعة،ولكنها لا تنجح في ظروف أخرى أو مع أفراد آخرين.
4-   زيادة المحاولة للسيطرة على استخدام الدعاية وقياس نتائجها وتحديد تأثيراتها.وأصبح يسود ما يمكن أن نسميه بالدعاية العقلانية.(إبراهيم  أبو عرقوب،1993، ص176).
ومن هذا المنطلق ظهرت عدة أنواع للدعاية منها الدعاية السياسية،الدينية،
الاجتماعية، وتتفق كلها في الهدف من حيث سعيها إلى تغيير في أنماط تفكير أو سلوك الأفراد في المجتمع وفي محاولة تمرير إيديولوجياتها من خلال السياق الاجتماعي .
 
 
 
 
ويشير الدوس هكسلي Aldus Huxley  إلى أهمية الجانب النفسي للفرد في الدعاية ،فيرى  أن فعالية الدعاية محكومة بنوعين من الظروف :
ظروف خارجية عن الفرد مثل ظروف الحرب  ،تغير وسائل الإنتاج ،وأخرى داخلية أو سيكولوجية  ترافق تغير الظروف الخارجية.(صالح  أبو إصبع،1999، ص 184).
والباحث في مجال الدعاية وعلاقتها بالجانب النفسي للإنسان يتوصل إلى أن الدعاية كمفهوم،الدعاية بأنواعها،أساليبها،شروط  وجودها ونجاحها، ومختلف الأساليب الاقناعية المستخدمة في الدعاية ،كلها مرتبطة بالجانب السيكولوجي للإنسان،
فالدعاية كنمط من أنماط الاتصال والتواصل  ترتبط بالفرد من حيث أنها تنطلق من  دراسة مكوناته الشخصية واخذ خصائصه النفسية بعين الاعتبار ،إلى محاولة التأثير على شخصيته واستمالته لتقبل الفكرة أو المنتج الذي تعرضه عليه، وفي كثير من الأحيان محاولة تغيير اتجاهه نحو بعض المواضيع .
من هنا تكمن أهمية العناية بموضوع الدعاية من حيث أن له قدرة كبيرة على التأثير على الفرد قد تصل إلى حد التغيير من سلوكه.
    ويعتبر خبراء الدعاية، بأنها(مؤثر خارجي)يؤثر في سلوك الفرد والجماعة.وتستخدم الدعاية(الاستهواء والإيحاء والإقناع)وتستغل ميل الفرد إلى المسايرة والتوحد والتقليد.ومن أساليبها التكرار والاستمرار في لفت النظر والتنويع،ويستغل خبير الدعاية(تأثير الجماعة المرجعية)في المجتمع.وتساعد الدعاية في تكوين الاتجاهات والآراء وتعديل السلوك وخلق شعور جماعي من الرأي العام حول موضوع الدعاية.ويهتم خبر الدعاية بالانسجام مع دوافع الجمهور وإشباعها وكذلك يهتم بالحاجات النفسية،كالحاجة إلى الأمن الاقتصادي،الرفاهية.ويخاطب خبير الدعاية الانفعالات والعواطف مستخدما كلمات شديدة التأثير(عطوف محمود ياسين،1981،ص ص 230-231)
وتستخدم الدعاية وسيلة اتصالية أو أكثر في حملاتها الدعائية من صحافة،إذاعة وتلفزيون ...الخ. وكل وسيلة إعلامية لها مميزاتها، وهي ذات فعالية وتأثير في جانب أكثر من غيرها،
ولذا فان الدعائي الناجح يحاول التأثير باستخدام وسيلة أو أكثر حسب هدفه،لان الدعاية تحاول تطويق الإنسان من كل السبل الممكنة في حقل المشاعر والأفكار،وذلك بمخاطبة إرادة الإنسان أو حاجته من خلال وعيه أو  لاوعيه ،ولا  يقتصر تأثير الدعاية عبر وسائل الاتصال على تغيير الأفكار،ولكنها تقوم بتعزيز الآراء وتحويلها إلى أفعال أيضا (صالح أبو إصبع،1999،ص 188)
وهكذا تصبح الدعاية نوعا من الإعلام يستخدم فيه :
أ‌-       الإيحاء والاستهواء والإقناع.
ب‌- استغلال تأثير الجماعة المرجعية على الفرد
ج- محاولة الوصول إلى بؤرة اهتمام الأفراد.
د- استغلال الدوافع النفسية للأفراد وعواطفهم وميولهم النفسية.
ه- استغلال اللحظات المناسبة في التأثير على الناس(مجدي احمد،2008،ص 161).
 
ويعتبر الإعلان من جهته ذو قوة تؤثر على وعي المرء وسلوكه،وهذا التأثير له جوانب معرفية وعاطفية وسلوكية .ويقدم لافيدج  و  ستينر Lavidge §Steiner نموذجا لتأثير الإعلان، وهو نموذج لقياس فعالية الإعلان. ويتدرج من مرحلة وعي المرء عن طريق الإعلان بوجود سلعة ما ،إلى مرحلة الحصول على معرفة من خلال ما يقدمه الإعلان من حقائق ومعلومات ،ثم المرحلة التي يقوم المرء فيها بربط هذه المعرفة بحاجاته ورغباته مما يؤدي إلى تفضيله لسلعة ما،وتحفزه الإعلانات إلى الاقتناع بالسلعة،ثم يصل به الآمر إلى أن يبادر إلى الشراء.( صالح أبو إصبع،، 1999،ص204)
وقد رأى فراى Frye أن هناك أساليب للتأثير يستخدمها الإعلان منها:
الأساليب المنطقية: هي مناشدة للعقل وموجهة إلى الفكرة وتستند إلى التعليل في الإقناع وهي ذات مدى طويل للتأثير.
الأساليب العاطفية: هي مناشدة للجانب الانفعالي عند الإنسان، وهي ترمي للتأثير في الانفعالات أكثر من التأثير على العقل والفكر.(نفس المرجع ص 205).
 
ومن هذا التصنيف يتضح لنا ارتباط الإعلان واستخدامه للأساليب النفسية التي تخاطب الجانب العقلي والجانب النفسي للفرد للتأثير على سلوكه  .وفي إشارة إلى الأساليب الاقناعية التي تستعملها الدعاية والإعلان، يتأكد لنا قوة ارتباطها بالأساليب النفسية  باستعمال مجموعة من الأساليب الاقناعية التي بمقدورها أن تنفذ إلى المتلقين، بحيث تسهم إسهاما كبيرا في تحقيق التأثير المطلوب، ومنها استخدام أسلوب التكرار،استخدام الصور النمطية،استخدام الكذب،إعطاء أسماء بديلة ،الاستشهاد ،التحويل ،المبالغة وغيرها.وتؤثر الدعاية و الإعلان في سلوك الفرد والجماعة تأثيرا بالغا على الشخص والزمان والمكان،فمثلا لعبت الدعاية دورا كبيرا وخطيرا إبان الحربين العالميتين الأولى والثانية،واعتمدت بعض الدول على استخدام الدعاية كسلاح من أسلحة الحرب النفسية لكسب ثقة الجماهير،واستخدم الإعلان والدعاية في القضايا والمشكلات الاجتماعية لتكوين اتجاهات معينة داخل الرأي العام نحو قضايا كالطلاق،تحديد النسل،الانتحار...الخ.
 
 
إن الدعاية والإعلان هي وسائل  لا تستغني عنها البشرية،وخلال مسيرتها كانت أشكالهما تختلف،ووسائلهما تتطور،وخلال القرن العشرين تطورت وسائل الإعلام،وبات استخدام الدعاية سلاحا من أسلحة المجتمعات المعاصرة،وتفتح أفاق الإعلام الدولي الآن فرصا اكبر للإعلان وذلك من خلال استخدام التقنيات المتطورة للاتصال ( صالح أبو إصبع ،1999،ص 196)وعليه وجب حسن استغلالها كأداة جد قوية في التأثير على الأفراد وتحقيق تواصل ذو مستوى من الرقي ومن ثقافة الحوار والسلام .