مناهج البحث في العلوم الاجتماعية  

الجدول الموالي عبارة عن محاولة لتقديم مختلف مناهج البحث منقولة من كتاب مناهج البحث في العلوم الاجتماعية  لمادلين غراويتز.

Madeleine Grawitz, Tentative de presentation des differentes methodes,  méthodes des sciences sociale, Precis Dalloz s . Paris1976,  (3e edition), P. 344

اسم المنهج

الموقف الفلسفي

الإجراءات و طبيعة المعطيات

محاولات التفسير

تعميم

ميدان خاص

امبريقي

عقلاني

ملاحظة

معطيات خاصة

تحليل النتيجة

استقرائي inductive

+

 

+

+

-

-

+

 

استنتاجيdeductive

 

+

-

-

-

-

+

 

جدلي dialectique

+

 

+

-

-

+

-

 

امبيريقي empirique

   

+

+

-

+

+

 

عقلاني rationaliste

   

-

-

-

+

+

 

نوعي qualitative

+

 

+

+

-

-

=

 

كمي quantitative

+

 

+

+

+

-

+

 

تجريبيexperimental

+

 

+

+

+

خاص

+

 

عياديclinique

+

 

+

-

-

خاص

=

 

إحصائي statistique

   

-

+

+

-

+

 

مقارن comparative

   

-

-

+

-

=

 

صونفي typologique

نمزذج واقعي

نموذج مثالي

ميدانية

ميدانية

+

     

وظيفي fonctionnelle

   

+

-

+

+

=

 

جيني génétique

   

=

+

+

+

+

 

تاريخي historique

   

-

+

+

+

=

 

نفسي تحليلي psychanalytique

+

 

+

+

+

 

=

+

سوسيو ميتريsociometrique

+

 

+

+

+

 

=

+

 شرح تبويبات و رموز الجدول

المنطلق الفلسفي: باعتبار أن جل المناهج تستلزم  إدراكا لأبعاد موضوع البحث، هي تستلزم بذلك اتخاذ موقف فلسفي تجاه البحث بصفة عامة، و يكون مصدر ذلك الموقف  وفق طرح مصنف الجدول أعلاه، إما العقلانية (ترجيح أهمية العمليات العقلية على الملاحظة الحسية باعتبار أن الحواس قد تضلل صاحبها أحيانا) أو  الإمبيريقية (منح أولوية للملاحظة الميدانية قبل المعاني المرتبطة بها، و هو الموقف الأكثر شيوعا في الوقت الراهن). و يوجد تأثير لتلك المنطلقات الترجيحية (الفلسفية) على مختلف مراحل البحث و بخاصة في مرحلة الملاحظة.

الملاحظة: الرمز + إشارة لوجود نمط خاص للملاحظة، العلامة – إشارة لعدم اشتراط نمط مميز من الملاحظات، و الرمز = إشارة لوجود اختلاف في الرؤية بين المنظرين لتلك المناهج. مثلا المنهج الإحصائي و المنهج التاريخي لا يشترطان  ملاحظة الباحث المباشرة حيث يمكنه أن يكتفي بالتعامل مع معطيات مخزنة بطريقة أو بأخرى. المنهج المقارن و كذلك المنهج العقلاني يسمحان للباحث بالملاحظة دون اشتراط نمط خاص لتلك الملاحظة، في حين أن  الصونفات (نماذج و خرائط عن الواقع) يشترط نمط خاص من الملاحظة حيث أن النموذج الواقعي يستلزم ملاحظة ميدانية، الأمر نفسه الذي تدعيه الصونفات (نماذج) العقلانية و المنهج الجيني و لكن يوجد من يشكك في واقعية ذلك الطموح.

طبيعة المعطيات: المنهج الإحصائي مثلا لا يهتم بالملاحظة و لكن يشترط نمطا خاصا من المعطيات التي يمكنه التعامل معها، حيث لا بد أن يتم التعبير عن معطيات الملاحظات المسجلة عدديا كي يصبح التعامل معها إحصائيا ممكنا. المنهج الوظيفي، على النقيض، يشترط الملاحظة و لكن لا يستلزم خصوصية للمعطيات المجمعة

تحليل المعطيات: يأخذ هذا الإجراء حيزا كبيرا من البحث كلما اتسم ميدانه بالخصية (مثلما هو الشأن بالنسبة للتحليل النفسي)، أو كانت معطيات البحث قابلة للتكميم (التعبير الكمي مثلما هو الشأن بالنسبة للبحوث السوسيوميرية) .

محاولة تفسير النتائج: تكون تلك المحاولات إما واسعة مثلما هو الشأن بالنسبة للعقلانيين و الامبيريقيين (الميدانيين) و أصحاب المنهج الجدلي و كذلك الباحثين في التاريخ، أو تكون تلك المحاولات منحصرة ضمن حدود حالة خاصة مثلما هو الشأن بالنسبة للبحث العيادي، أو التجريبي، أو النفسي التحليلي، و قد لا توجد أي محاولة للتفسير كما هو الشأن بالنسبة لبعض البحوث الوصفية  التي تستند على المنهج المقارن، و خاصة المنهج الإحصائي

التعميم و التوقعات: تعتقد الباحثة غراويز أنه  كلما اقترب المنهج العملي من البعد الفلسفي (نمط الاستدلال و مبادئ العقلنة أو الإمبيريقية) كلما كان طموحا في تمكين الباحث من التنبؤ. و هي تعترف في نفس السياق أن اجتهاداتها النظرية كما تتجلى من خلال الجدول التي تقترح لا تستجيب تماما لكل التصورات النظرية بحصوص مناهج البحث، و تشير إلى أن أهمية ما تقترحه تكمن في كونه يفتح باب النقاش لدى الطلبة و ربما كذلك امكانية اقتراح  رؤية أدق لواقع مناهج البحث في العلوم الاجتماعية

= = = = = = = = = = = =

مناقشة الجدول:  الجدول التوضيحي أعلاه، كما تم تصنيفه من طرف الباحثة الأكاديمية  الفرنسية مادلين غراويتز، يبرز ما يمكن نعته بالاختلاف الإبستيمولوجي بين الأكاديميين في الأقاليم الجغرافية المختلفة، حيث تؤكد وجود "حالة غموض تكتنف مصطلح "منهج البحث العلمي". لم تغفل صاحبة التصنيف أعلاه  الإشارة إلى وجود اختلاف حول مصطلح المناهج على مستوى بعض الأقاليم الجغرافية، و بخاصة الإقليمين الأنغلوساكسوني (لسان إنجليزي) و الفرونكوفوني (لسان فرنسي) . هي تشير، كما تأكده بما تفترحه من تصنيف، إلى أن الفرنسسين يميلون لاستعمال لفظ المنهج العلمي دون تمييز بين المعنى الواسع له، و مختلف الأوصاف الأخرى للمناهج العلمية  كمبادئها  النظرية أو الإجراءات المنهجية الفرهية التابعة لها. فعوض أن يشار  لنظرية المعرفة المتبناة من طرف الباحث (امبيريقة /عقلانية) يشار إليها بلفظ "المنهج الإمبيريقي" أو العقلاني. كما يشار كذلك إلى نمط معالجة البيانات (كمية/نوعية)  "منهج كمي" أو نوعي، كذلك هو الخال بالسبة للمقاربة (تجريبية/صونفية/تاريخي...) يستعمل لفظ المنهج إلخ، في حين أن الأكاديميين الأنغلوساكسون يميزون عادة بين مناهج البحث  بمعناها الواسع من حيث أنها  "استقراء" أو استنتاج، أو منهج جدلي، و السمات الأخرى التي تتضمنها تلك المناهج العامة، كطبيعة المعطيات التي تتعامل معها أو إجراءاتها بألفاظ مضافة، على شكل "الإجراءات المنهجية" methological procedure)) عند الإشارة مثلا للتحليل الإخصائي المتبع ضمن دراسة تجريبية. في تلك الحالة، المنهج الإحصائي كما يتم تطبيقه لا يشار إليه كمنهج قائم بذاته يطبق على الظاهرة الاجتماعية و لكن ينظر إليه كإجراء منهجي ضمن منهج أوسع هو المنهج الجدلي مثلا، أو المنهج الاستقرائي.

صاحبة التصنيف أعلاه تعتبر الجدول الذي تقترح، كخطوة أولى لتقريب فكرة واقع اختلاف الطروحات الذي يكتنف ميدان منهج البحث العلمي، و أن أهمية الجدول لا تكمن في دقته بقدر من تمكن فتح باب النقاش لتوضيح الرؤى أكثر بخصوص ميادين البحث المختلفة و مناهج البحث السائدة ضمنها. نظرا لموقف صاحب التصنيف، شعرنا بحرية التصرف البسيط عند عرضنا للجدول أعلاه،  و قمنا بتقديم ترتب "المنهج الجدلي"  من موقعه الأصلي في الجدول إلى مستوى نمط الاستدلالات السائد المتمثل في الاستقراء و الاستنتاج، أي من كونه منهج منحصر في ميدان ضيق إلى مستوى البعد الفلسفي للمناهج، المنهج بمعناه الواسع. المنهج الجدلي هو قبل كل شيء استدلال منطقي، على نفس المستوى مع الاستقراء و الاستنتاج.

تجدر الإشارة هنا أن نمط الاستدلال  يكون في حدود الإمكان استدلالا بمجموع الأجزاء التي يتم ملاحظتها لوصف/تفسير الكل ( التعميم الذي يتم من خلال المنهج الاستقرائي ضمن الدراسات  الأساسية)، و قد يكون كذلك استدلال استدلالا بالكل (النظرية) على الجزء أو الحالة الخاصة (استنتاج) ضمن الدراسات التطبيقية، حيث يقصد بالتعميم كما ورد في الحدول،  التطبيق المتبنى، أو الحل البديل الأمثل من بين حلول بديلة أخرى في ظروف زمنية و مكانية خاصة، و ذلك الحل يكون معرفة بكيفة تحقيق غرض ما قبل أن يكون ممارسة ميدانية). و قد يكون البحث قائما على  نمطي الاستدلالين معا،الاستدلال الاستقرائي  و الاستدلال الاستنتاجي،  كما أضحى شائعا في البحوث الإجرائية التقييمية  (Action research) حيث يتم تطبيق الإجراءات المبررة نظريا انتقالا من النظرية الكلية إلى خصوصية الظروف تطبيق اجراء، سواء كان إصلاحا أو تدريسا أو غيرها، و على إثر تطبيق الإجراءات المختارة يتسنى تقييم نتائج تلك التطبيقات و بالتالي  إثراء النظرية( استدلال جدلي مفتوح).

ربما كذلك البحوث التجريبية السائدة في الدراسات الأساسية تدرج ضمن نمط الاستدلال الجدلي باعتبار أن التنظير لموضوع البحث يمثل طرحا، أو جوابا مبدئيا للسؤال المطروح عند صياغة الفروض التفسيرية، و نتائج البحث الميداني التي توفر قياسا لمدى صحة تلك التفسيرات تعبر عن نقيض للطرح النظري، حيث يتم التعامل مع معطيات ميدانية مختلفة عن تلك التي تم التعامل معها في مرحلة التنظير للموضوع نظرية (الملاحظة العلمية) المبررة للفرضيات المصاغة،  قبل النزول إلى الميدان بأدوات مكيفة للملاحظة الحسية.  أما نتائج البحث التجريبي ككل، خلاصة كلا الطرحين معا، النظري و الميداني، فتعتبر تركيبا، و تفسيرا محتملا للاختلاف أو اثباتا للتوقعات النظرية، و ذلك هو التركيب الذي يكتمل على اثره الإيفاء بشروط المنطق الجدلي، و يصح إذن أن نصف المنهج السائد في الدراسة التي تقارب موضوع بحثها، مقاربة تجريبية، بأنه منهج جدلي يبرز الحركية و السيرورة بين التوقعات و الوقائع أو الحقائق الميدانية، و تلك سمة بارزة قي المنطق الجدلي.