التدريس بالحاسوب Icon_razz
إن إحدى التطبيقات المهمة للحاسوب في العملية التربوية تتمثل في استخدامه لأغراض التدريس. فالتدريس بمساعدة الحاسوب، طريقة من طرق التعليم المباشر والتفاعلي يقدم فيها دروساً مبرمجة إلى المتعلم عن طريق شاشة الحاسوب، وما يجعل هذا النوع من التدريس ممكناً في الوقت الراهن هو توفر حواسيب صغيرة الحجم، وغير مكلفة ومرنة، بحيث يمكن وضعها في الصفوف بسهولة والتعامل معها بمرونة وبطريقة عملية.

تبعاً لهذا النموذج في التدريس، يتم تخزين برامج تدريسية محددة في ذاكرة الحاسوب، ويجلس الطالب أمام الحاسوب الذي يعرض له معلومات ويطرح عليه أسئلة. ويستجيب الطالب بالضغط على المفاتيح أو بالإشارة إلى الجواب على شاشة عرض فيديو. ويقوم الحاسوب بتقييم استجابة الطالب إلى جزء جديد من البرنامج. وقد يشمل البرنامج عروضاً بيانية، أو شرائح، أو أشرطة تسجيل، أو أفلاماً. ويوجه الطالب لإتمام البرنامج خطوة فخطوة.

وقدم كل من فوكل وملهيل عرضاً وافياً لمبادئ التعليم التي يستند إليها التدريس بمساعدة الحاسوب في مجال التربية الخاصة ومن المبادئ التي يوضح هذان المؤلفان تطبيقاتها التكنولوجية نذكر:

1-
التعلم الزائد: والذي يقضي بممارسة الطالب للمهارة إلى مستوى يفوق الإتقان المبدئي ليصل مستوى الأداء التلقائية. واستناداً إلى هذا المبدأ، فإن البرامج التعليمية المحوسبة تصمم بطريقة تسمح للطالب بالتقدم حسب سرعته الشخصية، وبالممارسة الفردية للأنشطة بأشكال متنوعة.

2-
التدريس بواسطة الأقران: فبرامج الحاسوب تساعد في تنظيم جلسات التدريس من هذا النوع، وتمكن الرفاق المدربين من تقديم المعلومات، والتغذية الراجعة.

3-
التعلم التعاوني: فبرامج الحاسوب تساعد الطلبة في العمل ضمن مجموعات صغيرة. والتعلم التعاوني بمساعدة الحاسوب أكثر فائدة وأكبر أثراً من الاستخدام الفردي للحاسوب من حيث التحصيل الأكاديمي والسلوك الاجتماعي على حد سواء.

4-
متابعة مستوى التقدم: فبرامج الحاسوب تقدم مساعدة إضافية للطلبة ليتمكنوا من تحقيق الأهداف التعليمية، وتسمح برصد التغيرات في أدائهم مما يوفر قاعدة من المعلومات حول مستوى التقدم الذي يحرزونه.

فاعلية التدريس بمساعدة الحاسوب

قدمت البحوث العلمية أدلة كثيرة على فاعلية التدريس بمساعدة الحاسوب عندما يستخدم كأسلوب لدعم التدريس التقليدي وليس كبديل له في التربية العامة وفي التربية الخاصة على حد سواء.

فالتدريس بمساعدة الحاسوب يعمل على توفير الوقت بشكل ملحوظ. وقد ركزت الأدبيات المتصلة باستخدام التكنولوجيا مع الطلاب المعوقين على الفاعلية الأكاديمية للتكنولوجيا التعليمية. فقد راجع بعض الباحثين الأدبيات ذات الصلة مستخدمين التحليل الدقيق وأشاروا إلى عدد من المشكلات المرتبطة ببحوث التعليم بمساعدة الحاسوب. وقد تم دعم التعليم بمساعدة الحاسوب كطريقة لزيادة الأداء الأكاديمي للطلاب المعوقين بالمقارنة مع التعليم بالطرق التقليدية.

التدريس بمساعدة الحاسوب والتدريس التقليدي

منذ النصف الأول من عقد الثمانينات في القرن الماضي نشرت دراسات تقارن بين التدريس بمساعدة الحاسوب والتدريس التقليدي في مجال التربية الخاصة. وركزت تلك الدراسات على تعليم الطلبة ذوي الحاجات الخاصة مهارات القراءة والحساب.

وأشارت نتائج تلك الدراسات الأولية إلى أن التدريس بمساعدة الحاسوب لم يكن أكثر فعالية من التدريس دون استخدام الحاسوب. وقد برر الباحثون ذلك بتدني نوعية البرامج التعليمية المنفذة بمساعدة الحاسوب. وعلى وجه التحديد، وجهت انتقادات شديدة إلى البرمجيات التي تم استخدامها لأنها لم تأخذ بالحسبان المتغيرات ذات الأهمية في التدريس الفعال مثل: نوعية التغذية الراجعة وكميتها، والاختيار الواعي للأمثلة، والممارسة والمراجعة التراكمية.

وقد استجابت البحوث بعد ذلك للانتقادات، فأصبحت تعمل على مراعاة المتغيرات ذات العلاقة بتصميم التدريس. وقد أشارت نتائج هذه البحوث إلى أن توظيف مبادئ التعلم الاتقاني أدى إلى زيادة فاعلية التدريس بشكل ملحوظ مما جعله أكبر أثراً من التدريس التقليدي باستخدام الكتب المقررة، وأوراق العمل، وما إلى ذلك.

واستناداً إلى هذا النجاح، سعت عدّة دراسات إلى مقارنة الوسائط المتعددة بأساليب التدريس التقليدي. وعلي أي حال، فلم تسلم الدراسات ذات العلاقة بالوسائط التكنولوجية من الانتقاد بسبب الضعف المنهجي، وإدراكا منهم لعدم فاعلية البرمجيات التعليمية المتوفرة، شرع الباحثون في ميدان التربية الخاصة بتطوير برامج محوسبة خاصة أو تعديل البرامج المتوفرة.

وقد استند الباحثون في ذلك إلى المنحى السلوكي في التدريس الذي يركز على تحديد وتعريف الاستجابات المستهدفة بدقة، واستخدام مبادئ التشكيل، والتغذية الراجعة والاستراتيجيات المعرفية. وقد أفادت الدراسات بأن تصميم التدريس وتنفيذه أكثر أهمية من الوسط التعليمي.

التدريس بمساعدة الحاسوب والدافعية

لا يعاني الطلبة المصابون بالتوحد من مظاهر عجز شديدة في المهارات الأساسية فقط، ولكنهم يعانون أيضاً من نقص في الدافعية مما يؤثر على أدائهم. ولهذا فإن ضمان استفادتهم من التدريس يتطلب مشاركتهم في البرامج التدريبية المنفذة بمساعدة الحاسوب. ويحتل الأمر أهمية خاصة في مختبرات الحاسوب، حيث يصعب على المعلمين متابعة كل طالب على حدة بنجاح.

وبناء على ذلك، فقد سعت مجموعة من الدراسات إلى استكشاف أثر بعض البرامج المحوسبة على الدافعية وتحديد علاقة ذلك بتعلم الحقائق الحسابية والمفردات. إضافة إلى ما سبق، يعزو الباحثون الضعف النسبي في تأدية الألعاب المنفذة بالحاسوب إلى العجز عن الانتباه. وتبعاً لذلك، فإن الطلبة المصابين بالتوحد أقل قدرة من الطلبة العاديين من حيث التركيز على عنصر الممارسة في البرامج.

التدريس بمساعدة الحاسوب والتغذية الراجعة

أشارت بحوث التربية الخاصة عير المستندة إلى التكنولوجيا منذ زمن طويل إلى أهمية التغذية الراجعة كمتغير تدريسي حيوي بالنسبة للطلبة المعوقين. وقد اقترحت كل من البحوث الارتباطية وبحوث الملاحظة أن التغذية الراجعة في هذه الدراسات تعني إما معلومات مكررة (مثل: التلميحات البصرية أو اللفظية) أو التغذية الراجعة التصحيحية الفورية (مثل: صح/خطأ) .

وقد أيدت البحوث اللاحقة استخدام التغذية الراجعة. فعلى سبيل المثال، بدلاً من الاكتفاء بإبلاغ الطالب بالإجابة الصحيحة، بينت الدراسات أن التغذية الراجعة الإستراتيجية (أي المراجعة الموجزة للخطوات أو الاستراتيجيات اللازمة للإجابة عن سؤال أو حل مسألة حسابية) طريقة أكثر فاعلية لخفض الأخطاء ومساعدة الطلبة على إتقان المهارات.

كذلك فإن الدراسات المتصلة باستخدام الحاسوب لتقديم التغذية الراجعة التصحيحية البسيطة توصلت إلى نتائج متناقضة فقد بينت البحوث أن التغذية الراجعة الفورية أكثر فاعلية من التغذية الراجعة المؤجلة. ولكن التدريس بمساعدة الحاسوب يؤدي إلى زيادة معدل انهماك الطلبة بالمهمات التعليمية.

وتوصلت دراسات أخرى إلى نتائج مختلفة، فأشارت إلى أن تعليم المهارات البسيطة بمساعدة الأشخاص المدربين أكثر فاعلية من التدريس بمساعدة الحاسوب. فالطلبة يجيبون بسرعة أكبر عند استخدام الحاسوب، ولكنهم أكثر دقة في إجاباتهم عند تنفيذ الأنشطة مستخدمين الأقلام والأوراق. وبناء على ذلك، يقترح الانتقال تدريجياً من الممارسة باستخدام القلم والورقة إلى الممارسة بواسطة الحاسوب.

وإذا كانت نتائج الدراسات بشأن فاعلية التغذية الراجعة البسيطة متباينة، فهي أيضاً متباينة بالنسبة لأثر التغذية الراجعة المعقدة، وقد اشتملت بعض الدراسات على تعديل نوعية التغذية الراجعة مع إبقاء كل المتغيرات الراجعة الموسعة للأخطاء (أي التغذية الراجعة التي تشمل تقديم الإجابة الصحيحة وتشمل كذلك تذكير الطالب بسبب أو بطريقة تحديد الإجابة) كانت أكثر فاعلية من التغذية الراجعة البسيطة المقتصرة على الإشارة إلى أن الإجابة صحيحة أو خاطئة. وهكذا، فإن التغذية الراجعة المركبة قد تكون طريقة فعالة لزيادة مستوى التحصيل عندما تكون المهمة التعليمية صعبة.