الفرق بين تكنولوجيا التعليم وتكنولوجيا التربيه


كلمة "تكنولوجيا" في نشأتها كلمة إغريقية عريقة الأصل، وتتألف من مقطعين: techno، بمعنى فن ، logos بمعنى المهارة ، ليعبر المقطعانِ معاً عن أنها "المهارة في فن التدريس" ، ولو أردنا أن نوجز مسمى لها يكون " علم تطبيق فن المهارة في التدريس ".

ويعرفها (الفرا ،1999 :124) بأنها "التطبيق العملي للنظريات المعرفية في المجالات الحياتية وذلك بقصد الاستفادة منها واستثمارها " .
كما يعرفها جلبرت ( مرعي ، والناصر ، 1985 : 6 ) بأنها : " التطبيق المنظم للمعرفة العلمية وتكمن فحواها في تنظيم المعرفة من أجل تطبيقها في مجالات خاصة كالزراعة والصناعة والتربية ".
وفي ضوء ما تقدم يمكن الاستنتاج بأن التكنولوجيا هي منظومة العمليات التي تسير وفق معايير محددة ، وتستخدم جميع الإمكانات المتاحة مادية كانت أم غير مادية، بأسلوب فعال لإنجاز العمل المرغوب فيه، بدرجة عالية من الإتقان والكفاءة من أجل الرقي والتقدم وعلى ذلك فان للتكنولوجيا ثلاثة مصطلحات :-
• التكنولوجيا كعمليات (Processes ) : وتعني التطبيق النظامي للمعرفة العلمية أي معالجة النظرية للخروج بناتج عملي .
• التكنولوجيا كنواتج ( Products ) : وتعني الأدوات، والأجهزة والمواد الناتجة عن تطبيق المعرفة العلمية .
• التكنولوجيا كعملية ونواتج معا : وتستعمل بهذا المعنى عندما يشير النص إلى العمليات ونواتجها معا، مثل تقنيات الحاسوب. ( الحيلة، 1998 : 21-22 )
فالتكنولوجيا ليست مجرد تطبيق الاكتشافات العلمية أو المعرفية لإنتاج أدوات معينة ، أو القيام بمهام معينة لحل مشكلات الإنسان والتحكم في البيئة ، لكنها بالإضافة إلى ذلك عملية تتسع لتشمل ( علي ، 1994 : 245-246) :
" الظروف الاجتماعية - الجوانب المختلفة للسلوك الاجتماعي "
أما تكنولوجيا التربية :
فقد ظهر هذا المصطلح نتيجة الثورة العلمية والتكنولوجية التي بدأت عام 1920م ، عندما أطلق العالم فين ( Finn ) هذا الاسم عليها ، ويعني هذا المصطلح تخطيطاً كاملاً للعملية التعليمية وإعدادها وتطويرها وتنفيذها وتقويمها من مختلف جوانبها ومن خلال وسائل تقنية متنوعة، تعمل معها بشكل منسجم مع العناصر البشرية لتحقيق أهداف التعليم (جامعة القدس المفتوحة، 1995 :8-31 ).
ويرى "براون" أن تكنولوجيا التربية " طريقة منظمة لتصميم العملية التعليمية الكاملة وتنفيذها وتقويمها وفق أهداف خاصة محددة ومعتمدة على نتائج البحوث الخاصة بالتعليم والاتصالات وتستخدم مجموعة من المصادر البشرية وغير البشرية بغية الوصول إلى تعلم فعال".
وتعرف جمعية الاتصالات الأمريكية تكنولوجيا التربية بأنها " عملية متشابكة ومتداخلة تشمل الأفراد والأشخاص والأساليب والأفكار والأدوات والتنظيمات اللازمة لتحليل المشكلات التي تدخل في جميع جوانب التعليم الإنساني وابتكار الحلول المناسبة لهذه المشكلات وتنفيذها وتقويم نتائجها وإدارة العملية المتصلة بذلك".( الفرا، 1999: 125 ).
ويعرفها (عسقول ،2003 : 9) بأنها " العمل بأسلوب منظم من أجل تخطيط العملية التربوية وتنفيذها وتقويمها من خلال الاستعانة بكافة إمكانات التكنولوجيا بهدف بناء الإنسان "
ومن خلال ما سبق نرى أن تكنولوجيا التربية هي : " منظومة عمليات النظام التربوي بكامل عناصره تؤثر في التكنولوجيا وتتأثر بها تأثيراً شاملاً ، كاملاً ، متوازناً منظماً بهدف تحقيق النمو الكامل للنظام و الإنسان على حدٍّ سواء " .


أما تكنولوجيا التعليم :
فيطلق عليها التقنيات التعليمية، وهي مجموعة فرعية من التقنيات التربوية.
و تكنولوجيا التعليم هي عملية متكاملة ( مركبة ) تشمل الأفراد والأساليب والأفكار والأدوات والتنظيمات التي تتبع في تحليل المشكلات، واستنباط الحلول المناسبة لها وتنفيذها، وتقويمها، وإدارتها في مواقف يكون فيها التعليم هادفا وموجها يمكن التحكم فيه، وبالتالي، فهي إدارة مكونات النظام التعليمي، وتطويرها.(الحيلة، 1998 :6 )
ويعرّف ( رضا، 1978: 79 ) تكنولوجيا التعليم بأنها " عملية الإفادة من المعرفة العلمية وطرائق البحث العلمي في تخطيط إحداثيات النظام التربوي وتنفيذها وتقويمها كل على انفراد. وككل متكامل بعلاقاته المتشابكة بغرض تحقيق سلوك معين في المتعلم مستعينة في ذلك بكل من الإنسان والآلة".
وأكثر تعريف لاقى رواجًا وقبولا لتقنيات التعليم لدى التربويين هو تعريف لجنة تقنيات التعليم الأمريكية الواردة في تقريرها لتحسين التعلم " تتعدى التقنيات التعليمية نطاق أية وسيلة أو أداة". ( الحيلة، 1998: 26 )
وإذا ما عُرِّفت التكنولوجيا بأنها مواد وأدوات وأساليب وتقنيات فإن تكنولوجيا التعليم تتخذ مظهراً عريضاً حين تشمل كل ما في التعليم من تطوير المناهج وأساليب تعليم الطلبة ووضع جداول الفصول باستخدام الحاسوب واستعمال السبورة في الصفوف التي تعد في الهواء الطلق (المفتوحة ، 1995 : 11 ).

وإذا كانت تكنولوجيا التربية هي المعنية بصناعة الإنسان الواعي المتفاعل المؤثر في مجتمعه ، فإن تكنولوجيا التعليم هي المعنية بتحسين وتطوير عملية التعليم والتعلم التي يتلقاها هذا الإنسان في المؤسسات التعليمية المختلفة .


وتتفق تكنولوجيا التربية مع تكنولوجيا التعليم في أن كلتيهما تقوم على :
• أساس نظري : بمعنى أنهما تُوجهان من خلال نظرية .
• مدخل النظم : بمعنى أنهما تسيران وفقاً لنظم علمية محددة بعيداً عن العشوائية أو الارتجالية .
• عناصر واحدة : بمعنى أنهما تتكونان من ثلاثة عناصر هي: العنصر البشري ،والأجهزة والأدوات ، والمواد ، بحيث تتفاعل تلك العناصر فيما بينها لتعمل في منظومة واحدة متكاملة.
• تحقيق الأهداف ، وحل المشكلات : بمعنى أنهما تسعيان لتحقيق أهداف وغايات تربوية أو تعليمية محددة والعمل على حل المشكلات التربوية والتعليمية التي قد تعوق تحقيق تلك الأهداف. ( الحيلة ، 2001 :50 ) .

على هذا تكون تكنولوجيا التعليم في أوسع معانيها تخطيطًا، وإعداداً ، وتطويرًا، وتنفيذًا، وتقويمًا كامًلا للعملية التعليمية من مختلف جوانبها، ومن خلال وسائل تقنية متنوعة تعمل جميعها بشكل منسجم مع العناصر البشرية لتحقيق أهداف التعليم.
وعلى ذلك يمكن تعريف تكنولوجيا التعليم بأنها: مجموعة متكاملة من العمليات المنظمة تهدف لتوظيف جهود العلماء في مجال التكنولوجيا لخدمة المواقف التعليمية وفق أسلوب النظم من أجل الارتقاء بالعملية التعليمية وتحقيق أهدافها، وبالتالي يكون هناك تفاعل متبادل بين كل من (التكنولوجيا والبيئة الصفية – التكنولوجيا والمعلم –التكنولوجيا والمتعلم).

ثانياً : دور المعلم في تكنولوجيا التعليم :
كان دور المعلم في التعليم التقليدي هو أن يقدم الحقائق والمعلومات للمتعلم، أما في تكنولوجيا التعليم فيتحول دوره إلى تعليم المتعلم كيف يتعلم، وهذا يتطلب حسن احتواء المتعلم كي يقوم بمسؤولية تعلمه على أساس من الدافعية الذاتية، ومساعدته على أن يكون باحثًا نشطًا عن المعلومات لا متلقياً لها، كما يقوم المعلم بتصميم أنشطة تعليمية، وتوفير الوسائل والتقنيات اللازمة لها ( حمدان ، 1986 :30 ).
ويمكن تلخيص الفرق بين التعليم التقليدي وتكنولوجيا التعليم في النقاط التالية :
• التعليم التقليدي: • تكنولوجيا التعليم:
1. المعلم نموذج يُحتذى.
2. الكتاب المقرر مصدر أساسي.
3. الحقائق باعتبارها أساسًا.
4. المعلومات منظمة وجاهزة.
5. التركيز على النتائج.
6. التقويم الكمي. 1. المعلم مسهِّل للعملية التعليمية ومرشد.
2. هناك مصادر ووسائل اتصال متنوعة.
3. التساؤلات باعتبارها الموجه.
4. المعلومات تكتشف.
5. التركيز على العمليات.
6. التقويم كمًّا وكيفًا.
أرأيت عزيزي الدارس ما نقصده بالفرق حيث إن التعليم التقليدي تتوقف مهمته عند إيصال المعلومات إلى المتعلم.. معلومات سابقة التجهيز، ولكن في حالة التعليم الحديث لا يقوم المعلم سوى بإرشاد المتعلم إلى كيفية استكشاف المعلومة، والاطمئنان إلى أنه قادر في المستقبل على تعليم نفسه بنفسه (الوصول إلى مرحلة التعلم الذاتي) من غير الرجوع إلى المعلم في كل شيء ، أي أصبح المعلم موجهاً ومرشداً للعملية التعليمية.
وبالتالي لا عبرة بكَم المعلومات التي تصل للمتعلم، ولكن العبرة بالنتيجة النهائية وهي الوصول بالمتعلم إلى مرحلة استخدام مهاراته وقدراته في اكتشاف المعلومات.
والخلاصة: إن تكنولوجيا التعليم ليست فقط الأساليب الحديثة للعملية التربوية، أو استخدام الآلات والأجهزة التعليمية، وإنما طريقة تفكير ومهارات تدريس. ووسائل تكنولوجيا التعليم لا تعني فقط الحاسبات ووسائل الإعلام، وإنما تعني أيضًا السبورة والطباشير ولوحات العرض ومعامل اللغات، طالما توفر الاستخدام الجيد والتوقيت المناسب لما تتطلبه العملية التربوية.
وانظر كيف استخدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- الرسم كوسيلة تعليمية في حديث قصر الأمل:
عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "خطّ النبي -صلى الله عليه وسلم- خطًّا مربعًا، وخط خطًّا في الوسط خارجًا منه، وخط خطوطًا صغارًا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به -أو قد أحاط به-، وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطوط الصغار الأعراض؛ فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا" (النووي ، 1988 :175).

ثالثاً : أهمية تكنولوجيا التعليم :
قد يظن البعض أن أهمية تكنولوجيا التعليم هي أهمية الوسائل التعليمية ، ولكن هناك فرق بينهما ، حيث أن الوسائل التعليمية هي جزء من تكنولوجيا التعليم، وبالتالي فإن أهمية تكنولوجيا التعليم أعم وأشمل من أهمية الوسائل التعليمية .
 أهمية تكنولوجيا التعليم في العملية التعليمية :
• الإدراك الحسي : حيث تقوم الرسوم التوضيحية والأشكال بدور مهم في توضيح اللغة المكتوبة للمتعلم .
• الفهم : حيث تساعد وسائل تكنولوجيا التعليم المتعلم على تمييز الأشياء.
• المهارات :فإن لوسائل تكنولوجيا التعليم أهمية في تعليم المتعلمين مهارات معينة كالنطق الصحيح .
• التفكير : تقوم وسائل تكنولوجيا التعليم بدورٍ كبيرٍ في تدريب المتعلم على التفكير المنظم وحل المشكلات التي يواجهها .
• بالإضافة إلى :
- تنويع الخبرات - نمو الثروة اللغوية - بناء المفاهيم السليمة - تنمية القدرة على التذوق - تنويع أساليب التقويم لمواجهة الفروق الفردية بين المتعلمين - تعاون على بقاء أثر التعلم لدى المتعلمين لفترات طويلة - تنمية ميول المتعلمين للتعلم وتقوية اتجاهاتهم الإيجابية نحوه . (الفرا ، 1999 : 32 ) .

 دور تكنولوجيا التعليم في مواجهة المشكلات التربوية المعاصرة :
يمكن من خلال تكنولوجيا التعليم مواجهة المشكلات المعاصرة ، فمثلاً :
• الانفجار المعرفي والنمو المتضاعف للمعلومات ، يمكن مواجهته عن طريق:
1. استحداث تعريفات وتصنيفات جديدة للمعرفة .
2. الاستعانة بالتقنيات الحديثة كالتليفزيون و الفيديو.
3. البحث العلمي .
• الانفجار السكاني وما ترتب عليه من زيادة أعداد المتعلمين، يمكن مواجهته عن طريق :
1. الاستعانة بالوسائل الحديثة كالدوائر التلفزيونية المغلقة .
2. تغيير دور المعلم في التعليم .
3. تحقيق التفاعل داخل المواقف التعليمية من خلال أجهزة تكنولوجيا التعليم .
• الارتفاع بنوعية المعلم ، ينبغي النظر إلى المعلم في العملية التعليمية باعتباره مرشداً وموجهاً للمتعلمين وليس مجرد ملقنٍ للمعرفة ، فهو المصمم للمنظومة التدريسية داخل الفصل الدراسي .

 دور تكنولوجيا التعليم في معالجة مشكلات التعليم :
لتكنولوجيا التعليم دور هام في معالجة مشكلات التعليم ، ومن مشكلات التعليم التي يمكن معالجتها باستخدام تكنولوجيا التعليم :
• انخفاض الكفاءة في العملية التربوية نتيجة لازدحام الفصول بالمتعلمين والأخذ بنظام الفترات الدراسية ، ويمكن معالجة ذلك من خلال استخدام الوسائل المبرمجة لإثارة دوافع وميول المتعلمين .
• مشكلة الأمية ، ولحل هذه المشكلة يمكن إنشاء الفصول المسائية وتزويدها بوسائل تكنولوجيا التعليم على أوسع نطاق كالاستعانة بالبرامج التعليمية والإذاعة التربوية و الأقمار الصناعية .
• نقص أعضاء هيئة التدريس ، ويتم علاج هذه المشكلة عن طريق التليفزيون التعليمي أو استخدام الدوائر التليفزيونية ، والأقمار الصناعية .

المصدر: (الفرا ،1999 :124) بأنها "التطبيق العملي للنظريات المعرفية في المجالات الحياتية وذلك بقصد الاستفادة منها واستثمارها " . يعرفها جلبرت ( مرعي ، والناصر ، 1985 : 6 ) بأنها : " التطبيق المنظم للمعرفة العلمية وتكمن فحواها في تنظيم المعرفة من أجل تطبيقها في مجالات خاصة كالزراعة والصناعة والتربية