إن الرغبة تُصنع صناعة على أيدي المربين والمعلمين، وبتأثير من المحيط والبيئة السائدة، وعليه كيف نصنع الرغبة في القراءة؟

أولا:
أسرة مهتمة: الخطوط العميقة في شخصية الطفل تُرسم في السنوات الست الأولى
من عمره، ولهذا فإن الأسرة تتحمّل العبء الأكبر في صناعة رغبات الطفل،
ومنها الرغبة في القراءة، وعليه فإن اهتمام الأسرة بتعويد أطفالها على
القراءة هو شرط أولي وأساسي، ولطالما كان الاهتمام أباً لمعظم الفضائل.


ثانيا:
أسرة قارئة: الأسرة القارئة ليست الأسرة المتعلمة، لكنها الأسرة التي
يمارس أفرادها القراءة كل يوم؛ فحيثما التفت الطفل وجد أباً يقرأ، أو أخاً
يرسم شيئاً، أو أمّاً تشرح لأخيه شيئاً غامضاً في أحد المقررات الدراسية،
وقد كشف استطلاع أجرته الرابطة الأمريكية لمجالس الآباء حول موضوع القراءة
لدى الصغار، أن (82%) من الأطفال الذين لا يحبون القراءة لم يحظوا بتشجيع
آبائهم وأمهاتهم. ولا ريب أن التشجيع على القراءة لا يكون بالحث ولكن
بإيجاد جو، يقتدي فيه الصغار بالكبار؛ ولهذا يمكن القول: إن أطفالنا لا
يطالعون؛ لأننا نحن الكبار لا نفعل ذلك!


ثالثا:
المكتبة المنزلية: حين تدخل إلى بيوت معظم الغربيين تجد الكتاب في كل ركن
من أركان المنزل، ولهذا فإن الطفل يألف وجود الكتب، ويألف رؤية من يقرؤها
في كل وقت. كثير من بيوتنا خالٍ من أي مكتبة، وبعضها فيه مكتبات، ولكنها
أشبه بالمتاحف؛ إنها لتزيين المنزل، وليست لنفع أهله، لهذا لا تمتد إليها
أي يد! فالمطلوب أن تكون هناك مكتبة تغذي عقول الصغار والكبار، ويشترك جميع
أفراد الأسرة في اختيارها، وهي تحتاج إلى تجديد وتغذية مستمرة.


رابعا:
ضبط استخدام وسائل التقنية: قد تبين بما لا يدع مجالاً للشك أن التلفاز
والإنترنت والجوّال والألعاب الإلكترونية قد أضعفت القدرة على التركيز لدى
الناشئة، وجعلت معظم اهتماماتهم قصيرة الآجال، وهذا مضادّ لكل عمليات
التثقف الرصين، ومن هنا فإن على الأسرة ألاّ تسمح بدخول "الكتاب" في منافسة
مع الأدوات الإلكترونية؛ لأن هزيمة الكتاب ستكون حينئذ محقَّقة، إن صغارنا
سيتملكون الرغبة في القراءة حين ندرك نحن الكبار أن مسؤوليتنا تجاه
تثقيفهم وتغذية عقولهم لا تقل عن مسؤوليتنا في تغذية أجسامهم؛ وعلى الله
قصد السبيل.