الفروق الفردية وعلاقتها بالتعلم د/ يسرية صادق
مقدمة :
تعد الفروق الفردية ظاهرة عامة موجودة لدى جميع الكائنات الحية من أدناها مرتبة وحتى الإنسان . فالاختلافات موجودة لدى أفراد النوع الواحد ، كما هي موجودة بين الأنواع الأخرى . وهذه الاختلافات ضمن النوع الواحد ، ضرورية كالاختلافات بين الأنواع الأخرى وذلك من أجل استمرار الحياة .
إن أفراد النوع الواحد يختلفون في قدراتهم على التعلم وحل المشكلات ، كما يختلفون في انفعالاتهم ( كالخوف والعدوان ) ، ومستويات النشاط العام ، ودوافع سلوكهم ( كالجوع والعطش والجنس وحب الاستطلاع ) . وظاهرة تفرد الإنسان من حيث الجنس والعمر واللون ودرجة النضج والتكوين الجسمي والتكوين العقلي ، ظاهرة لا تحتاج إلى برهان ، حتى أن هذه الفروق موجودة بين الأطفال الذين ينشأون في بيئة أسرية واحدة ، حيث تتمايز مواهبهم وأمزجتهم وعاداتهم مع النمو في مراحل العمر المختلفة .
مفهوم الفروق الفردية :
إن عملية الكشف عن الفروق الفردية بين الناس تعتمد على تحديد الصفة التي نريد دراستها سواء أكانت عقلية أم جسمية أم انفعالية أم غير ذلك من صفات ، وبعدها نقيس مدى تفوق الفرد أو ضعفه في هذه الصفة أو تلك . ففي كل صفة من هذه الصفات نجد الأشخاص يتوزعون على طول مقياس مستمر ، وبتحديد الفروق الفردية بينهم بالنسبة لتلك الصفات نكون قد حددنا الفروق الفردية بينهم . وبشكل عام فإن المستوى المتوسط بالنسبة لأي صفة هو أكثر المستويات بالنسبة لعدد الأفراد الذين ينتمون لهذا المستوى ، في حين أن مستوى التفوق أو الضعف بالنسبة لصفة ما ، يكون أقلها أفرادا . على هذا الأساس تكون الفروق الفردية عبارة عن الانحرافات الفردية عن المتوسط العام للمجموعة في صفة أو أخرى من صفات الشخصية والتي من خلالها نميز الفرد عن الأفراد الآخرين .
ولكن في الواقع لا يمكن تصنيف الناس إلى أنماط متمايزة تماماً ، فالاختلافات بين الناس في صفة من الصفات معظمها اختلافات في الدرجة ( كمية ) أكثر منها فروقاً نوعية .
أنواع الفروق الفردية :
يوجد نوعان أساسيان للفروق الفردية هما :
1 – فروق فردية في الدرجة :
وهي الفروق الموجودة بين الناس في صفة أو خاصية محددة ( الذكاء ، الطول ، القلق ، التعاون ... ) . وهذه الفروق يمكن تحديدها بالنسبة للأشخاص المختلفين نظراً لأن وحدة القياس واحدة لكل خاصية أو صفة .
2 – فروق فردية في النوع :
وهذه الفروق موجودة في نوع الصفة وليس في الصفة ذاتها ، ومثال ذلك اختلاف القدرة اللغوية عن القدرة العددية ، واختلاف الطول عن الوزن عند الشخص الواحد أو بين الأشخاص ، وهي اختلافات في نوع الصفة ، حيث أن مثل هذه الاختلافات لا تخضع إلى القياس لعدم وجود مقياس مشترك بينها . فالطول مثلاً يقاس بالأمتار ، في حين أن الوزن يقاس بالكيلوغرام ، والفرق في الطول والوزن لا يقاس بالكيلوغرام ولا بالأمتار .
لماذا ندرس الفروق الفردية :
يهتم علم نفس الفروق الفردية بتفسير الفروق الفردية الموجودة بين الأفراد والجماعات . كما يضع القاعدة الأساسية لإمكانية التنبؤ والضبط لهذه الفروق ، حيث يتمكن من خلال التفسير اكتشاف العوامل المسئولة عن إيجاد هذه الفروق لنتمكن من التقليل منها أو توسيعها .
وفي مجال التعليم نجد أن المتعلمين يختلفون عن بعضهم البعض في معظم الصفات وإذا أردنا أن نعلمهم بشكل صحيح ، علينا أن ندرس الفروق الفردية الموجودة بينهم ، ونعرف كيفية قياسها ، حتى نعرف مستوى إمكانية المتعلمين وما يستطيعون القيام به وما لا يستطيعون ، وما يعرفون وما لا يعرفون .
ولذلك نحتاج إلى قياس أداء المتعلمين في المواقف التالية :
· قبل تدريس المادة الدراسية حتى نحدد من أين نبدأ وكيف نبدأ التعليم .
· أثناء تدريس المادة الدراسة ، لتحديد نمو المتعلمين ، ومدى مناسبة المادة التعليمية وطرائق التدريس والوسائل التعليمية لهم .
· بعد تدريس المادة الدراسية ، حتى نقيم فاعليتنا في التدريس ، ونحدد مقدار استفادة المتعلمين مما تعلموه في المادة الدراسية .
وبناء على ذلك نتمكن من تحديد الفروق الفردية بين التلاميذ في الصفات المختلفة ( الجسمية ، العقلية ، النفسية ، الاجتماعية ) ، كما يمكن تحديد الفروق بين التلاميذ في التحصيل الدراسي ، حيث أظهرت الاختبارات المطبقة على تلاميذ الصف السادس الابتدائي في القراءة وحفظ الكلمات والاستدلال الحسابي ، وجود فروق فردية بين التلاميذ تصل إلى حوالي ثمان سنوات مدرسية بالنسبة للموضوعات كلها . وهذا يعني أنه في الصف السادس الابتدائي فإن بعض التلاميذ سوف تكون قدرتهم على القراءة عند مستوى الصف الثاني ، والبعض الآخر عند مستوى الصف الأول الثانوي في القدرة ذاتها .
فضلاً عن ذلك لابد من مراعاة الميول الفردية عند التلاميذ في التدريس بدلاً من افتراض وجود ميول مشتركة لهم جميعاً . وهذا يعني أنه لابد من إتاحة الفرصة للتلاميذ داخل الفصل الواحد للتعبير عن ميولهم وخاصة في موضوعات التعبير والرسم والخط ، وغيرها من المواد التي يمكن للتلاميذ من خلالها التعبير عن ميولهم الخاصة .
من جهة أخرى نجد أن التلاميذ يتباينون تبايناً واسعاً في سماتهم ، حيث نجدهم يختلفون في الأمانة والأخلاق والتعاون ... كما أن بعضهم عدوانيون داخل الفصل ، والبعض الآخر مسالمون ، كما نجد أن بعض التلاميذ سريعوا الضجر أو الملل ، وبعضهم الآخر أكثر صبراً وتركيزاً . وكذلك ما نجده عند بعض التلاميذ من ثقة بالنفس وشعور بالدونية وضعف الثقة بالنفس عند البعض الآخر .
معنى الفروق الفردية :
يعرِّف دريفر Drever (1965) الفروق الفردية بأنها : " الانحرافات عن متوسط الجماعة في الصفات العقلية والجسمية " ( 1: 134)
ويؤكد هذا التعريف أن جوهر الفروق الفردية موجود في التكوين العقلي والجسمي للأفراد ، إلا أنه لم يتطرق إلى الجانب الوجداني المزاجي من الشخصية .
Individual differences : variations or deviation from the average of the group, with rite respect to mental or physical characters, occurring in the individual members of the group. (James Drever, 1974, p. 134) .
ومن خلال ما لاحظناه من قصور في تعريف دريفر يمكننا أن نعرِّف الفروق الفردية بأنها : " الدراسة العلمية للاختلافات الجوهرية التي توجد بين الأفراد في النواحي الجسمية أو العقلية أو الوجدانية سواء كان الهدف هو معرفة الفروق بين الأفراد أو معرفة الفروق داخل الفرد الواحد أو إذا كان الهدف هو معرفة الفروق بين الجماعات أو بين الجنسين أو الطبقة الاجتماعية أو في العرق أو السلالة ... الخ . وقد يكون مدى هذه الفروق كبيراً وقد يكون صغيراً .
هذه الاختلافات تظهر Occur بوضوح إذا عرفنا متوسط الجماعة ودرجة قرب أو بعد الفرد عن المتوسط . فإذا كان متوسط وزن عينة من التلاميذ يساوي (60) كجم ، فان أي زيادة أو نقصان عن هذا المتوسط يعتبر فرقاً . بناء على ذلك فإن انحرافات Deviations الأفراد عن المتوسط العام للجماعة في الصفة Character المقاسة هو ما يقصد به إحصائياً بالفروق الفردية ، وهذا التمايز بين الأفراد وهو الذي يجعلهم يسلكون بطرق مختلفة تبعاً لقدراتهم واستعداداتهم وميولهم . وتتنوع وتتباين أساليب استجابتهم بتنوع دوافعهم وحاجاتهم الانفعالية وعاداتهم الوجدانية .
تصنيف الفروق الفردية :
يمكن تصنيف الفروق الفردية على أساس النواحي الآتية :
(1) الفروق الفردية في النواحي الجسمية :
وهي تبدو واضحة بين الأفراد في الطول والوزن والشكل العام ودقة الحواس وقوتها . وبعض الفروق الجسمية لا تظهر إلا من خلال العمل والنشاط الذي يقوم به الفرد كالقدرة العقلية والمهارة اليدوية والدقة في استخدام الأصابع والتآزر بين اليد والعين .
(2) الفروق في القدرات العقلية :
يمكن إدراكها والحكم عليها من خلال الاختبارات والمقاييس التي تبين مقدار ما يملكه الفرد من كل قدرة ، سواء أكان ذلك في القدرة العقلية العامة ( الذكاء ) أو في القدرة الخاصة سواء أكانت قدرة فنية أو قدرة موسيقية أو قدرة لغوية أو ميكانيكية .. إلى آخره .
(3) الفروق في النواحي الوجدانية والمزاجية :
وتتمثل هذه الفروق في ملاحظة سلوك التلميذ في إقدامه أو إحجامه عن عمل معين ، أو حبه أو كرهه له ومدى ميوله واتجاهاته ورغباته نحو هذا الشيء .
أهمية الفروق الفردية :
· تعتبر الفروق الفردية ظاهرة عامة في جميع الكائنات العضوية ، فأفراد النوع الواحد يختلفون فيما بينهم فلا يوجد فردين متشابهين في استجابة كل منهما لموقف واحد . وهذا الاختلاف والتفرد أعطى للحياة معنى وأصبح للفروق الفردية أهمية في تحديد وظائف الأفراد .
· كذلك فان اختلافات قدرات التلاميذ واستعداداتهم وميولهم تؤثر في مدى استفادة كل منهم مما يقدم له من مادة تعليمية ومدى حاجته للرعاية من تنوع المعلم لطرق التدريس واستخدام الوسائل التعليمية المتعددة والمتنوعة وتكرار الشرح . فالتلميذ المتخلف عقلياً يحتاج إلى مواد دراسية تختلف في نوعها وكمها عما يحتاجه متوسط الذكاء أو المرتفع الذكاء . كما أن الطريقة المناسبة لتعليم الطفل المتخلف عقلياً تختلف عن الطريقة المناسبة لتعليم التلميذ المتوسط الذكاء أو المرتفع الذكاء .
· إن معرفة مستوى الإمكانات العقلية للأفراد أمر ذو قيمة عملية كبيرة تأخذ صوراً متعددة منها :
- إن تحديد الإمكانات العقلية الخاصة لكل تلميذ يجعلنا نجنبه المواقف التعليمية التي تتجاوز هذه الإمكانات زيادة أو نقصاً بدرجة كبيرة .
- إن معرفة مستوى القدرات العقلية لتلاميذ فصل معين يساعد على التنظيم الجيد لعملية التعليم .
· من الحقائق التي يؤكدها علماء النفس والتربية ، تباين طلاب الفصل الواحد في قدراتهم العقلية ومستويات تحصيلهم ورغبتهم في التعلم . ونظراً لأن المعلم مهتم بتعليم الطلاب جميعاً فإن أسئلته لابد وأن تكون متمايزة ، بحيث يجد فيها الطلاب جميعهم زاداً لهم . فالسؤال الصعب يعجز ضعاف الطلاب عن الإجابة عنه . وبالمقابل فإن سهولة السؤال لا تتحدى قدرات الطلاب المتفوقين ، فيتعمدون عدم المشاركة ، وقد يبلبل السؤال السهل أفكار الطلاب المتفوقين فيحملونه أكثر مما يحتمل ، فتأتي الإجابة مخيبة لآمالهم . ومن هنا يصبح من الضروري للمعلم أن ينوع في مستويات الأسئلة التي يوجهها لطلابه . والمقصد من هذا تشجيع الطلاب جميعاً على الإسهام في الإجابة على الأسئلة .
· ومن حيث الفروق الفردية في الشخصية فنجد أن كل إنسان متميز بذاته ولا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا اختلف عن الآخرين ، وتعتمد مقاييس الشخصية على ظاهرة الفروق الفردية في الكشف عن العوامل الرئيسية في تحديد مستويات نجاح الأفراد ، حيث أن النجاح يعتمد في أبعاده ليشتمل على كل مكونات الشخصية وفي تفردها من فرد لآخر . ولاختبارات الشخصية تنبؤات علمية يمكن بها توجيه الفرد توجيهاً صحيحاً للتعليم الذي يناسبه أو المهنة التي يصلح لها طبقاً لقدراته واستعداداته التي يتفرد بها عن غيره .
· توجيه الفرد للدراسة أو العمل المناسب له بعد التعرف على قدراته واستعداداته وميوله ، يساعده على أن يحقق ذاته فيها ويتوافق معها ومع زملائه وأصدقائه وأسرته مما يحقق له الصحة النفسية .
كذلك فإن معلوماتنا عن الفروق الفردية تساعدنا في توجيه اهتمام فردي لطلابنا ، من حيث ترتيب جلوس التلاميذ في الفصل ( قصير القامة في الإمام وطويل القامة في الخلف – طويل النظر في الخلف وقصير النظر في الإمام – شديد السمع في الخلف ومتوسط السمع في المنتصف وضعيف السمع في الإمام – مساعدة من لديه اضطراب في الكلام بتزويده بالكلمة في الوقت المناسب في حالة تكرار الحرف مثل ك .. ك .. كتاب – علاج المتخلفين عقلياً ووضعهم في فصول خاصة بهم ورعاية المتفوقين عقلياً ) .
ومعنى ذلك أن دراسة الفروق الفردية تساعد كلاً من المعلم والإعلامي التربوي على فهم تلاميذه فهماً أعمق ، وتسهل عليه تدريبهم وتوجيههم نحو تحقيق الأهداف التربوية ، حيث أن لكل طفل حاجاته التربوية الخاصة التي يختلف فيها عن بقية زملائه وتزداد هذه الحاجات على سبيل المثال في مجال الفن خاصة بعدة اعتبارات :
لعل من أهمها أن التعبير الفني ذاته استجابة فردية تتسم بالطابع الشخصي للمتعلم ، وتعتمد على ما يبديه من أصالة وتفرد وتجديد وخروج عن المألوف ، ولكن الفن يعتمد على التفكير التباعدي ووفقاً لهذا النمط من التفكير ، فإنه لا توجد استجابة تعبيرية صحيحة واحدة محددة سلفاً لأي موضوع يقدمه المعلم لتلاميذه ، وإنما تتعدد الاستجابات للموضوع الواحد بتعدد تلاميذ الفصل ، مما يعني أن كل تلميذ يحتاج إلى توجه ومعالجة خاصة ، أفراداً وجماعات داخل الفصول الدراسية وقاعات النشاط المدرسي .
وهناك عدة أمور يجب أن يضعها كل من المعلم والإعلامي التربوي في اعتباره حتى يستطيع أن يوجه تلاميذه التوجيه السليم وهي :
أ- إن وجود فروق فردية بين التلاميذ ( جماعة الفصل – جماعة الصحافة أو الإذاعة أو المسرح المدرسي ) ، كأمر طبيعي وهي تشمل جميع الصفات الجسمية والعقلية والوجدانية ، فكما أن التلاميذ يختلفون في صفاتهم الجسمية مثل الطول أو الوزن أو السمع أو البصر ..الخ فإنهم يختلفون في الصفات العقلية كالذكاء والقدرات المتخصصة ، وفي النواحي المزاجية والوجدانية مثل الميول والاتجاهات والسمات المزاجية مثل الانبساط والانطواء والتوتر النفسي والقلق .
ب- يعتمد مفهوم الفروق الفردية على مفهومي التشابه والاختلاف بين الصفات المختلفة ، بمعنى أن أفراد الجنس البشري يتشابهون في أن لهم صفات معينة ، إلا أنهم يختلفون في درجة وجود هذه الصفة بينهم ، ومعنى هذا أن الفروق الفردية بين التلاميذ لا تدل على أن بعضهم يمتلك صفات معينة ، والبعض الآخر لا يمتلكها ، ولكنها تدل على أن كل الصفات موجودة لدى كل منهم ، ولكن بدرجات متفاوتة حيث إن في المجنون عقلاً ، فالذكاء صفة عقلية توجد لدى الجميع ولكن بدرجات متفاوتة ، ومعنى أن الصفات المختلفة يمكن تحديدها على طول مقياس مستمر ، وأي صفة إنما تمثل درجة على هذا المتصل ( المقياس المستمر ) .
ج- نظراً لأهمية الفروق الفردية ، فانه يجب على المعلم أن يتعرف على هذه الفروق بين التلاميذ داخل جماعة الفصل وجماعات النشاط المختلفة ( الصحافة والإذاعة – المسرح المدرسي – جماعة التربية الفنية – جماعة التربية الموسيقية – الجماعة العلمية الجغرافية – التربية الرياضية ) .. الخ . ويحاول الكشف عن مواهبهم واستعداداتهم ويعمل على تنميتها إلى أقصى حد ممكن ، وبذلك يكشف الجوانب التي يبدع فيها التلاميذ سواء كانت علمية أو فنية أو موسيقية أو صحفية أو تمثيل مسرحي ، ويحاول تنميتها وهذا يفيد مجتمعنا كثيراً في رعاية الموهوبين .
د- وقد دلت نتائج دراسات الفروق الفردية وعلم النفس التجريبي أنه لا مبرر مطلقاً لافتراض أن هناك طريقة مثلى لمختلف الشخصيات كأسلوب العمل الفني أو الصحفي أو الموسيقي ، فالطريقة المثلى لصغار السن في المهنة لابد أن تختلف عن الطريقة المثلى للمسنين ، كما إن الطريقة المثلى لمتوسطي الذكاء لابد أن تختلف عن الطريقة المثلى للأذكياء وعن الطريقة المثلى لمتخلفي العقل ، فمن الأفضل أن نجعل أسلوب العمل يتناسب مع الفرد بدلاً من أن نجعل الفرد يتباين مع أسلوب العلم .
مدى الفروق الفردية :
إن المدى يمثل الفرق بين أكبر درجة وأصغر درجة على متصل السمات أو الخصائص المقاسة ، وعلى ذلك يمكن الوصول إلى نسبة المدى من خلال قسمة أكبر درجة أو القياس الأقصى على أصغر درجة أو القياس الأدنى على النحو التالي الذي توضحه المعادلة التالية :
ويتأثر مدى الفروق بعدد من العوامل هي :
(1) العمر الزمني :
يؤثر العمر الزمني على مدى الفروق الفردية ، فيميل هذا المدى إلى الزيادة مع تزايد العمر الزمني فتصبح الفروق الفردية في كل من الخصائص العقلية والخصائص الانفعالية أكبر ، ويصبح التباين في هذه الخصائص في مرحلتي المراهقة والشباب أكبر منه في مرحلتي الطفولة المبكرة والوسطى ، ولذا يقاس الذكاء كمفهوم عام في مرحلتي الطفولة المبكرة والوسطى ثم يحدث تمايز في النشاط العقلي فيما بعد سن (12) وهذا يعني أن الذكاء يتغير في تنظيمه مع تزايد العمر الزمني من عامل عقلي عام أو قدرة عقلية عامة إلى مجموعة من العوامل أو القدرات المتمايزة ، الأمر الذي يترتب عليه اختلاف أساليب قياس الذكاء تبعاً لتزايد العمر الزمني .
(2) طبيعة السمة أو الخاصية أو الصفة المقاسة :
ويختلف مدى الفروق الفردية باختلاف طبيعة السمة فالسمات التي تنتمي إلى التنظيم الانفعالي في الشخصية تختلف في مداها أكبر من مدى الفروق الفردية في السمات أو الخصائص العقلية ، كما أن مدى الفروق الفردية في السمات أو الخصائص العقلية أكبر من مدى الفروق الفردية في المهارات الحركية .
(3) الممارسة أو الخبرة في التدريب :
تؤثر المهارة ، الخبرة ، أو التدريب على مدى الفروق الفردية فيزيد هذا المدى بزيادة الممارسة ، بمعنى أن الجرعات المتساوية من الممارسة تؤدي إلى زيادة الفروق الفردية بين الأفراد نظراً لاختلاف السمات أو الخصائص المختلفة في الوصول إلى مرحلة الثبات .
(4) النوع :
يختلف مدى الفروق الفردية باختلاف الجنس بمعنى أن مدى الفروق الفردية بين الذكور أكبر منه بين الإناث من نفس المدى العمري ، ويترتب على هذه الحقيقة أن :
· نسبة المتفوقين عقلياً من الذكور أكبر من نسبة المتفوقات عقلياً من الإناث من نفس المدى العمري مع ثبات عدد أفراد العينة المنسوب إليها .
· نسبة المتخلفين عقلياً من الذكور أكبر من نسبة المتخلفات عقلياً من الإناث من نفس المدى العمري مع ثبات عدد أفراد العينة المنسوب إليها .
· هناك بعض الخصائص أو السمات يحرز فيها الذكور تفوقاً نسبياً على الإناث مثل : القدرة العددية ، والقدرة الرياضية ، والميل الميكانيكي ، والميل الحسابي .
· هناك بعض الخصائص أو السمات التي تحرز فيها الإناث تفوقاً نسبياً على الذكور مثل : القدرة اللغوية ، والميل الأدبي ، والميل إلى الخدمة الاجتماعية .