تخطيط الوضعيات الديداكتيكية أو الوضعيات التعليمية التعلمية:
بداية، نحدد مفهوم الوضعيات التعليمية التعلمية (الوضعيات الديداكتيكية)، ثم مفهوم التخطيط، قبل التطرق إلى الأهداف البيداغوجية القائمة على تخطيط الوضعيات الديداكتيكية أو التعليمية التعلمية.
1. مفهوم الوضعيات التعليمية التعلمية:
إنها تلك الوضعيات التي يوجد فيها المتعلم في علاقة مع المادة الدراسية ومع المدرس، والتي تشمل مجموعة من الخطوات والعمليات والأفعال يتم التخطيط لها انطلاقا من أهداف أو حاجات أو مشكلات، وتتضمن مجموعة من المكونات المتفاعلة (مدرس، تلاميذ، مادة، طرائق، وسائل، تقويم، دعم...)
2. مفهوم التخطيط:
ففي معجم روبير "Le robert" فإن التخطيط Planification هو: "تنظيم بحسب تصميم معين". وفي معجم هاشيت "Hachette"، وردت لفظة خطط Planifier، بمعنى "نظم وتوقع في ضوء تصميم أو خطة".
فحسب هذين التعريفين، فمفهوم التخطبط يتضمن دلالة التنظيم والتوقع، وهما دلالتان عامتان لأي عملية تخطيط؛ وهو، من جهة، وضع تصور ما سيحدث في المستقبل، وتنظيم جملة من العناصر والمكونات وفق نظام معين، من جهة أخرى.
لقد حدد لوجيندر R. Legendre في معجمه "éducation ' Dictionnaire actuel de l " مفهوم التخطيط باعتباره عملية وسيرورة للوضعية الديداكتيكية على أنه "استراتيجية عامة للتدريس يعدها المدرس طبقا لبرنامج وحسب وضعية معينة"، ويضيف موضحا عناصر هذه الاستراتيجية قائلا: "تقدم خطة الدرس مقتضيات الإنجاز والتكيفات الضرورية لما تستلزمه خصائص الأفراد وكذلك الوسائل المتوفرة والشروط الخاصة للتعليم والتعلم".
إن تصميم خطة الدرس وإعدادها (تحضيرها) يعني إخضاع مجموعة من العناصر إلى نظام معين. يقول يوسف قطامي في كتابه "سيكولوجية التعلم والتعليم الصفي" عن التخطيط باعتباره تنظيما: "إن التخطيط عبارة عن خريطة سير يهتدي بها المدرس لتوجيه ممارساته وإجراءاته التدريسية". ويفسر قطامي هذا المعنى قائلا: "إن عملية التخطيط تجعل العملية التعليمية عملية منظمة ومخططة وهادفة، وبذلك توجه المدرس إلى خط السير ومدى التزامه بخريطته، وتوجيه انتباه المتعلمين وحصره في تحقيق الأهداف المتوخاة في مخطط المدرس".
أما التخطيط باعتباره توقع، فإن قطامي يحدده قائلا: "إنه تصور إسقاطي أو تشريع لما يمكن أن يكون عليه التدريس المقبل (المرتقب) من أهداف ومعارف وأنشطة تعلم وتعليم وتوجيه ووسائل وتقويم ودعم، لتحقيق أنواع التحصيل المطلوبة لدى فئة معينة من المتعلمين".
فمن خلال التعارف المقدمة، نختزل أهم المبادئ التي تحدد مفهوم التخطيط في ما يلي:
1. التخطيط عملية وصيرورة لأنه ينبني على مجموعة من الإجراءات المنهجية.
2. التخطيط نظام تصمم وفقه عناصر الدرس ومكوناته ومراحله.
3. التخطيط توقع لنتائج مستقبلية والأعمال التي تمكن من تحقيقها.
استنادا إلى هذه المبادئ الثلاثة، يمكن بلورة مفهوم إجرائي لتخطيط الدرس، يؤكد على أنه عملية تعتمد مجموعة من الإجراءات المنهجية التي تنتقي وترتب وتهيكل وتنظم وفقها عناصر الدرس ومكوناته في ضوء أهداف ونتائج نتوقعها. ولا شك أن هذا التعريف يحتوي على المبادئ الثلاثة التي تعتبر التخطيط عملية وصيرورة وتنظيم وتوقع.
من هنا، نلتقي مع مبدأ أساسي من مبادئ تخطيط التدريس، وهو كون الدرس نسق Système متكامل العناصر، تنظمه بنية متداخلة تسعى إلى تحقيق أهداف معينة. ومن ثمة يمكن القول إن التخطيط يتضمن بناء لنظام الدرس بأساليب تنتظم وفقها العناصر، بحيث تغدو كلا منسجما يصبو إلى تحقيق أهداف معينة.
II - تحديد معنى الهدف البيداغوجي:
ليس هناك تحديد نهائي وتام لمعنى الهدف البيداغوجي. فالتحديد الذي سنقوم به الآن يبقى تعريفا أوليا وتقريبيا. وسوف نستمده من التعاريف المقترحة التالية:
1. سيزار بيرزي Cesar Birzéa: "الهدف هو تخطيط لنوايا البيداغوجية وتحديد نتائج صيرورة التعليم".
2. ماجر Mager: "الهدف هو وصف لمجموعة من السلوكات والإنجازات التي سيبرهن المتعلم على قدرته من خلال القيام بها".
3. دي كورت De Corte: "الهدف هوتعبير صالح ومرغوب فيه وممكن تحقيقه في سلوك المتعلم، والذي نريد به أن يكتسب سلوكا جديدا أو يتقن سلوكا مكتسبا في السابق".
4. بوفان P ophan: "الهدف هو ما ينبغي أن يعرفه المتعلم أو يكون قادرا على فعله أو تفضيله أو اعتقاده عند نهاية تعليم معين. إنه يتعلق بتغيير، يريد المدرس إحداثه لدى المتعلم، والذي سيصاغ بصيغة سلوك قابل للقياس والملاحظة".
إن هذه التعارف المتقاربة، ترتكز بالأساس على تحديد نوعية الأهداف، التي يصوغها المدرسون لتعليمهم. وهي تعارف تركز على العناصر التالية المشتركة: السلوكات والإنجازات التي يقوم بها المتعلم، ليبرهن على تعليمه، والتغيير المراد إحداثه لدى المتعلم، بفضل تعليم معين، والنتيجة المراد الوصول إليها بتعليم معين، على شكل نوايا مصرح بها.
وهكذا، فإن هدفا محددا بدقة، يترجم بوضوح، المبادئ التالية:
* مبدأ النية، الذي يعبر عنها بوضوح صريح ومعلن للمتعلمين.
* مبدأ الهدف، الذي يسير نحوه التعليم على شكل نتائج ملموسة.
* مبدأ الفعلية، الذي يبين الإنجازات والأنشطة التي سيقوم بها المتعلمون.
* مبدأ الحسية، الذي يجعل هذه الأهداف، قابلة للملاحظة والقياس.
وانطلاقا من هذه العناصر وهذه المبادئ، التي كثيرا ما تتردد في التعارف الحديثة للأهداف، يمكننا صياغة التعريف التركيبي التالي: "إن الهدف سلوك مرغوب فيه، يتحقق لدى المتعلم، نتيجة نشاط يزاوله كل من المدرس والمتعلمين، وهو سلوك قابل لأن يكون موضع ملاحظة وقياس وتقويم".
III - الأسس النظرية للأهداف البيداغوجية:
ترجع الأسس النظرية التي قامت عليها بيداغوجية الأهداف إلى ثلاثة أساسية، وهي:
1. الفلسفة البرغماتية: ظهرت هذه الفلسفة في الولايات المتحدة الأمريكية، ويتزعمها عدد من الفلاسفة، أبرزهم جون ديوي J. Déwey، فهي تعرف تسميات عدة، فتارة تعرف بالنفعية، وأخرى بالعملية، وثالثة بالأدائية، ورابعة بالتجريبية. فالمعرفة التي تنشدها هذه الفلسفة، تقوم على التقاط مشكلات من واقع الحياة العملية واستشعارها، ثم صياغة فرضيات ملائمة لها وتجريبها في الواقع، لاستخلاص النتائج السليمة التي يمكن الاستئناس بها في ممارسة الحياة والتعبير عنها.
هذه الفلسفة، بمعطياتها النظرية والعملية، مؤهلة لتكون إطارا يستند إليه تعليم يريد هو الآخر أن يكون تعليما عمليا ونفعيا، تظهر نتائجه الآن وقبل أي وقت آخر. إن البرغماتية كفلسفة، ترفض كل توغل في التأمل المجرد، وتسعى بالمقابل نحو الوضوح وما هو عملي ومحسوس، ونحو ما هو محدد ودقيق. وهذا ما تسعى إلى تحقيقه بيداغوجية الأهداف.
2. التطور الصناعي في المجتمع الأمريكي: إن التطور التيكنولوجي الهائل الذي عرفه المجتمع الغربي، وخصوصا المجتمع الأمريكي، أدى إلى تطور الميدان الصناعي، بفضل عقلنة هذا الأخير، انطلاقا من تجربة تيلور Taylor الذي دعا إلى تجزيء عملية الإنتاج إلى وحدات أو مهام صغرى وفق مبدأي الفعالية والإنتاجية. وهنا تأني مشروعية التساؤل، إذا كان نجاح المؤسسة الصناعية رهينا بقيامها على مبدأ التسيير العقلاني ويقاس بمدى مردوديتها ونفعيتها، أفلا يمكن أن نطبق نفس المبادئ على المؤسسة المدرسية؟ انطلاقا من هذا التساؤل، بدأ التعامل مع ما يجري داخل المؤسسة المدرسية، يتم تماما كما يتم التعامل في المؤسسة الصناعية، حيث شرع في تطبيق طرق التسيير المتبعة في المقاولات الصناعية على المدرسة. وبدأ الحديث عن التعليم النسقي أو التعليم بواسطة الأهداف الذي يرفض كل شيء ينتمي إلى الصدفة والارتجال، والاعتماد على عقلنة الفعل التعليمي تخطيطا وهيكلة وتنفيذا وتقويما.
3. النظرية السلوكية في التعلم: فإلى جانب الفلسفة البرغماتية والتطور الصناعي في المجتمع الأمريكي، تستمد بيداغوجية الأهداف الكثير من معطياتها مما اعتمدته النظرية السلوكية في التعلم، من مفاهيم ومباديء وعمليات تطبيقية يقوم عليها (الرجوع إلى درس التعلم ونظرياته). ولقد حاول بعض منظري ديداكتيكية الأهداف البيداغوجية، العمل على تطبيق أهم مبادئ السلوكية، خاصة ما يرتبط بتلك المظاهر التي تكون قابلة للملاحظة والقياس والضبط، مع التركيز على السلوكات الجزئية، وهو ما يمكن أن نجد له مقابلا في ديداكتيكية الأهداف، ضمن الصياغة الإجرائية لها، كما سنرى لاحقا، متجاوزين الممارسات القائمة على الحدس والتخمين، وذلك بوضع خطة محكمة، تحدد على ضوئها الأهداف والمحتويات ومختلف الإجراءات الموظفة عند التنفيذ.
وانطلاقا من التأثيرات النظرية على ظهور ديداكتيكية الأهداف البيداغوجية، دفعت بهذه الأخيرة إلى الاعتماد على مبادئ العقلنة والأجرأة والبرمجة التي وجهت الأعمال التي أنجزت في إطار هذه الديداكتيكية.
IV - مزايا تحديد الأهداف البيداغوجية:
تساعد في صياغة المنهج وتحديد محتوياته وموضوعات الدراسة فيه والخيارات التي تشتمل عليها تلك الموضوعات، كما تخلق الانسجام بين مكونات العملية التعليمية التعلمية.
1. تساعد في وضع المعايير الأساسية، لما سوف يدرس وكيف يجب أن يدرس.
2. تساعد في اختيار الموضوعات في مجالات المعرفة المختلفة.
3. تساعد على تسهيل التواصل بين مختلف الأطر.
4. تساعد في تقويم عملية التعليم - التعلم والتحصيل الدراسي.
V - صفات الهدف البيداغوجي:
1. يكون ثابتا: هدف ديني - سياسي - لغوي - وطني - قومي - إنساني.
2. يكون متغيرا: يتغير وفق متغيرات ومخططات التنمية المتعاقبة، والإمكانات والتوجهات...تخطيط الوضعيات الديداكتيكية أو الوضعيات التعليمية التعلمية:
بداية، نحدد مفهوم الوضعيات التعليمية التعلمية (الوضعيات الديداكتيكية)، ثم مفهوم التخطيط، قبل التطرق إلى الأهداف البيداغوجية القائمة على تخطيط الوضعيات الديداكتيكية أو التعليمية التعلمية.
1. مفهوم الوضعيات التعليمية التعلمية:
إنها تلك الوضعيات التي يوجد فيها المتعلم في علاقة مع المادة الدراسية ومع المدرس، والتي تشمل مجموعة من الخطوات والعمليات والأفعال يتم التخطيط لها انطلاقا من أهداف أو حاجات أو مشكلات، وتتضمن مجموعة من المكونات المتفاعلة (مدرس، تلاميذ، مادة، طرائق، وسائل، تقويم، دعم...)
2. مفهوم التخطيط:
ففي معجم روبير "Le robert" فإن التخطيط Planification هو: "تنظيم بحسب تصميم معين". وفي معجم هاشيت "Hachette"، وردت لفظة خطط Planifier، بمعنى "نظم وتوقع في ضوء تصميم أو خطة".
فحسب هذين التعريفين، فمفهوم التخطبط يتضمن دلالة التنظيم والتوقع، وهما دلالتان عامتان لأي عملية تخطيط؛ وهو، من جهة، وضع تصور ما سيحدث في المستقبل، وتنظيم جملة من العناصر والمكونات وفق نظام معين، من جهة أخرى.
لقد حدد لوجيندر R. Legendre في معجمه "éducation ' Dictionnaire actuel de l " مفهوم التخطيط باعتباره عملية وسيرورة للوضعية الديداكتيكية على أنه "استراتيجية عامة للتدريس يعدها المدرس طبقا لبرنامج وحسب وضعية معينة"، ويضيف موضحا عناصر هذه الاستراتيجية قائلا: "تقدم خطة الدرس مقتضيات الإنجاز والتكيفات الضرورية لما تستلزمه خصائص الأفراد وكذلك الوسائل المتوفرة والشروط الخاصة للتعليم والتعلم".
إن تصميم خطة الدرس وإعدادها (تحضيرها) يعني إخضاع مجموعة من العناصر إلى نظام معين. يقول يوسف قطامي في كتابه "سيكولوجية التعلم والتعليم الصفي" عن التخطيط باعتباره تنظيما: "إن التخطيط عبارة عن خريطة سير يهتدي بها المدرس لتوجيه ممارساته وإجراءاته التدريسية". ويفسر قطامي هذا المعنى قائلا: "إن عملية التخطيط تجعل العملية التعليمية عملية منظمة ومخططة وهادفة، وبذلك توجه المدرس إلى خط السير ومدى التزامه بخريطته، وتوجيه انتباه المتعلمين وحصره في تحقيق الأهداف المتوخاة في مخطط المدرس".
أما التخطيط باعتباره توقع، فإن قطامي يحدده قائلا: "إنه تصور إسقاطي أو تشريع لما يمكن أن يكون عليه التدريس المقبل (المرتقب) من أهداف ومعارف وأنشطة تعلم وتعليم وتوجيه ووسائل وتقويم ودعم، لتحقيق أنواع التحصيل المطلوبة لدى فئة معينة من المتعلمين".
فمن خلال التعارف المقدمة، نختزل أهم المبادئ التي تحدد مفهوم التخطيط في ما يلي:
1. التخطيط عملية وصيرورة لأنه ينبني على مجموعة من الإجراءات المنهجية.
2. التخطيط نظام تصمم وفقه عناصر الدرس ومكوناته ومراحله.
3. التخطيط توقع لنتائج مستقبلية والأعمال التي تمكن من تحقيقها.
استنادا إلى هذه المبادئ الثلاثة، يمكن بلورة مفهوم إجرائي لتخطيط الدرس، يؤكد على أنه عملية تعتمد مجموعة من الإجراءات المنهجية التي تنتقي وترتب وتهيكل وتنظم وفقها عناصر الدرس ومكوناته في ضوء أهداف ونتائج نتوقعها. ولا شك أن هذا التعريف يحتوي على المبادئ الثلاثة التي تعتبر التخطيط عملية وصيرورة وتنظيم وتوقع.
من هنا، نلتقي مع مبدأ أساسي من مبادئ تخطيط التدريس، وهو كون الدرس نسق Système متكامل العناصر، تنظمه بنية متداخلة تسعى إلى تحقيق أهداف معينة. ومن ثمة يمكن القول إن التخطيط يتضمن بناء لنظام الدرس بأساليب تنتظم وفقها العناصر، بحيث تغدو كلا منسجما يصبو إلى تحقيق أهداف معينة.
II - تحديد معنى الهدف البيداغوجي:
ليس هناك تحديد نهائي وتام لمعنى الهدف البيداغوجي. فالتحديد الذي سنقوم به الآن يبقى تعريفا أوليا وتقريبيا. وسوف نستمده من التعاريف المقترحة التالية:
1. سيزار بيرزي Cesar Birzéa: "الهدف هو تخطيط لنوايا البيداغوجية وتحديد نتائج صيرورة التعليم".
2. ماجر Mager: "الهدف هو وصف لمجموعة من السلوكات والإنجازات التي سيبرهن المتعلم على قدرته من خلال القيام بها".
3. دي كورت De Corte: "الهدف هوتعبير صالح ومرغوب فيه وممكن تحقيقه في سلوك المتعلم، والذي نريد به أن يكتسب سلوكا جديدا أو يتقن سلوكا مكتسبا في السابق".
4. بوفان P ophan: "الهدف هو ما ينبغي أن يعرفه المتعلم أو يكون قادرا على فعله أو تفضيله أو اعتقاده عند نهاية تعليم معين. إنه يتعلق بتغيير، يريد المدرس إحداثه لدى المتعلم، والذي سيصاغ بصيغة سلوك قابل للقياس والملاحظة".
إن هذه التعارف المتقاربة، ترتكز بالأساس على تحديد نوعية الأهداف، التي يصوغها المدرسون لتعليمهم. وهي تعارف تركز على العناصر التالية المشتركة: السلوكات والإنجازات التي يقوم بها المتعلم، ليبرهن على تعليمه، والتغيير المراد إحداثه لدى المتعلم، بفضل تعليم معين، والنتيجة المراد الوصول إليها بتعليم معين، على شكل نوايا مصرح بها.
وهكذا، فإن هدفا محددا بدقة، يترجم بوضوح، المبادئ التالية:
* مبدأ النية، الذي يعبر عنها بوضوح صريح ومعلن للمتعلمين.
* مبدأ الهدف، الذي يسير نحوه التعليم على شكل نتائج ملموسة.
* مبدأ الفعلية، الذي يبين الإنجازات والأنشطة التي سيقوم بها المتعلمون.
* مبدأ الحسية، الذي يجعل هذه الأهداف، قابلة للملاحظة والقياس.
وانطلاقا من هذه العناصر وهذه المبادئ، التي كثيرا ما تتردد في التعارف الحديثة للأهداف، يمكننا صياغة التعريف التركيبي التالي: "إن الهدف سلوك مرغوب فيه، يتحقق لدى المتعلم، نتيجة نشاط يزاوله كل من المدرس والمتعلمين، وهو سلوك قابل لأن يكون موضع ملاحظة وقياس وتقويم".
III - الأسس النظرية للأهداف البيداغوجية:
ترجع الأسس النظرية التي قامت عليها بيداغوجية الأهداف إلى ثلاثة أساسية، وهي:
1. الفلسفة البرغماتية: ظهرت هذه الفلسفة في الولايات المتحدة الأمريكية، ويتزعمها عدد من الفلاسفة، أبرزهم جون ديوي J. Déwey، فهي تعرف تسميات عدة، فتارة تعرف بالنفعية، وأخرى بالعملية، وثالثة بالأدائية، ورابعة بالتجريبية. فالمعرفة التي تنشدها هذه الفلسفة، تقوم على التقاط مشكلات من واقع الحياة العملية واستشعارها، ثم صياغة فرضيات ملائمة لها وتجريبها في الواقع، لاستخلاص النتائج السليمة التي يمكن الاستئناس بها في ممارسة الحياة والتعبير عنها.
هذه الفلسفة، بمعطياتها النظرية والعملية، مؤهلة لتكون إطارا يستند إليه تعليم يريد هو الآخر أن يكون تعليما عمليا ونفعيا، تظهر نتائجه الآن وقبل أي وقت آخر. إن البرغماتية كفلسفة، ترفض كل توغل في التأمل المجرد، وتسعى بالمقابل نحو الوضوح وما هو عملي ومحسوس، ونحو ما هو محدد ودقيق. وهذا ما تسعى إلى تحقيقه بيداغوجية الأهداف.
2. التطور الصناعي في المجتمع الأمريكي: إن التطور التيكنولوجي الهائل الذي عرفه المجتمع الغربي، وخصوصا المجتمع الأمريكي، أدى إلى تطور الميدان الصناعي، بفضل عقلنة هذا الأخير، انطلاقا من تجربة تيلور Taylor الذي دعا إلى تجزيء عملية الإنتاج إلى وحدات أو مهام صغرى وفق مبدأي الفعالية والإنتاجية. وهنا تأني مشروعية التساؤل، إذا كان نجاح المؤسسة الصناعية رهينا بقيامها على مبدأ التسيير العقلاني ويقاس بمدى مردوديتها ونفعيتها، أفلا يمكن أن نطبق نفس المبادئ على المؤسسة المدرسية؟ انطلاقا من هذا التساؤل، بدأ التعامل مع ما يجري داخل المؤسسة المدرسية، يتم تماما كما يتم التعامل في المؤسسة الصناعية، حيث شرع في تطبيق طرق التسيير المتبعة في المقاولات الصناعية على المدرسة. وبدأ الحديث عن التعليم النسقي أو التعليم بواسطة الأهداف الذي يرفض كل شيء ينتمي إلى الصدفة والارتجال، والاعتماد على عقلنة الفعل التعليمي تخطيطا وهيكلة وتنفيذا وتقويما.
3. النظرية السلوكية في التعلم: فإلى جانب الفلسفة البرغماتية والتطور الصناعي في المجتمع الأمريكي، تستمد بيداغوجية الأهداف الكثير من معطياتها مما اعتمدته النظرية السلوكية في التعلم، من مفاهيم ومباديء وعمليات تطبيقية يقوم عليها (الرجوع إلى درس التعلم ونظرياته). ولقد حاول بعض منظري ديداكتيكية الأهداف البيداغوجية، العمل على تطبيق أهم مبادئ السلوكية، خاصة ما يرتبط بتلك المظاهر التي تكون قابلة للملاحظة والقياس والضبط، مع التركيز على السلوكات الجزئية، وهو ما يمكن أن نجد له مقابلا في ديداكتيكية الأهداف، ضمن الصياغة الإجرائية لها، كما سنرى لاحقا، متجاوزين الممارسات القائمة على الحدس والتخمين، وذلك بوضع خطة محكمة، تحدد على ضوئها الأهداف والمحتويات ومختلف الإجراءات الموظفة عند التنفيذ.
وانطلاقا من التأثيرات النظرية على ظهور ديداكتيكية الأهداف البيداغوجية، دفعت بهذه الأخيرة إلى الاعتماد على مبادئ العقلنة والأجرأة والبرمجة التي وجهت الأعمال التي أنجزت في إطار هذه الديداكتيكية.
IV - مزايا تحديد الأهداف البيداغوجية:
تساعد في صياغة المنهج وتحديد محتوياته وموضوعات الدراسة فيه والخيارات التي تشتمل عليها تلك الموضوعات، كما تخلق الانسجام بين مكونات العملية التعليمية التعلمية.
1. تساعد في وضع المعايير الأساسية، لما سوف يدرس وكيف يجب أن يدرس.
2. تساعد في اختيار الموضوعات في مجالات المعرفة المختلفة.
3. تساعد على تسهيل التواصل بين مختلف الأطر.
4. تساعد في تقويم عملية التعليم - التعلم والتحصيل الدراسي.
V - صفات الهدف البيداغوجي:
1. يكون ثابتا: هدف ديني - سياسي - لغوي - وطني - قومي - إنساني.
2. يكون متغيرا: يتغير وفق متغيرات ومخططات التنمية المتعاقبة، والإمكانات والتوجهات
بداية، نحدد مفهوم الوضعيات التعليمية التعلمية (الوضعيات الديداكتيكية)، ثم مفهوم التخطيط، قبل التطرق إلى الأهداف البيداغوجية القائمة على تخطيط الوضعيات الديداكتيكية أو التعليمية التعلمية.
1. مفهوم الوضعيات التعليمية التعلمية:
إنها تلك الوضعيات التي يوجد فيها المتعلم في علاقة مع المادة الدراسية ومع المدرس، والتي تشمل مجموعة من الخطوات والعمليات والأفعال يتم التخطيط لها انطلاقا من أهداف أو حاجات أو مشكلات، وتتضمن مجموعة من المكونات المتفاعلة (مدرس، تلاميذ، مادة، طرائق، وسائل، تقويم، دعم...)
2. مفهوم التخطيط:
ففي معجم روبير "Le robert" فإن التخطيط Planification هو: "تنظيم بحسب تصميم معين". وفي معجم هاشيت "Hachette"، وردت لفظة خطط Planifier، بمعنى "نظم وتوقع في ضوء تصميم أو خطة".
فحسب هذين التعريفين، فمفهوم التخطبط يتضمن دلالة التنظيم والتوقع، وهما دلالتان عامتان لأي عملية تخطيط؛ وهو، من جهة، وضع تصور ما سيحدث في المستقبل، وتنظيم جملة من العناصر والمكونات وفق نظام معين، من جهة أخرى.
لقد حدد لوجيندر R. Legendre في معجمه "éducation ' Dictionnaire actuel de l " مفهوم التخطيط باعتباره عملية وسيرورة للوضعية الديداكتيكية على أنه "استراتيجية عامة للتدريس يعدها المدرس طبقا لبرنامج وحسب وضعية معينة"، ويضيف موضحا عناصر هذه الاستراتيجية قائلا: "تقدم خطة الدرس مقتضيات الإنجاز والتكيفات الضرورية لما تستلزمه خصائص الأفراد وكذلك الوسائل المتوفرة والشروط الخاصة للتعليم والتعلم".
إن تصميم خطة الدرس وإعدادها (تحضيرها) يعني إخضاع مجموعة من العناصر إلى نظام معين. يقول يوسف قطامي في كتابه "سيكولوجية التعلم والتعليم الصفي" عن التخطيط باعتباره تنظيما: "إن التخطيط عبارة عن خريطة سير يهتدي بها المدرس لتوجيه ممارساته وإجراءاته التدريسية". ويفسر قطامي هذا المعنى قائلا: "إن عملية التخطيط تجعل العملية التعليمية عملية منظمة ومخططة وهادفة، وبذلك توجه المدرس إلى خط السير ومدى التزامه بخريطته، وتوجيه انتباه المتعلمين وحصره في تحقيق الأهداف المتوخاة في مخطط المدرس".
أما التخطيط باعتباره توقع، فإن قطامي يحدده قائلا: "إنه تصور إسقاطي أو تشريع لما يمكن أن يكون عليه التدريس المقبل (المرتقب) من أهداف ومعارف وأنشطة تعلم وتعليم وتوجيه ووسائل وتقويم ودعم، لتحقيق أنواع التحصيل المطلوبة لدى فئة معينة من المتعلمين".
فمن خلال التعارف المقدمة، نختزل أهم المبادئ التي تحدد مفهوم التخطيط في ما يلي:
1. التخطيط عملية وصيرورة لأنه ينبني على مجموعة من الإجراءات المنهجية.
2. التخطيط نظام تصمم وفقه عناصر الدرس ومكوناته ومراحله.
3. التخطيط توقع لنتائج مستقبلية والأعمال التي تمكن من تحقيقها.
استنادا إلى هذه المبادئ الثلاثة، يمكن بلورة مفهوم إجرائي لتخطيط الدرس، يؤكد على أنه عملية تعتمد مجموعة من الإجراءات المنهجية التي تنتقي وترتب وتهيكل وتنظم وفقها عناصر الدرس ومكوناته في ضوء أهداف ونتائج نتوقعها. ولا شك أن هذا التعريف يحتوي على المبادئ الثلاثة التي تعتبر التخطيط عملية وصيرورة وتنظيم وتوقع.
من هنا، نلتقي مع مبدأ أساسي من مبادئ تخطيط التدريس، وهو كون الدرس نسق Système متكامل العناصر، تنظمه بنية متداخلة تسعى إلى تحقيق أهداف معينة. ومن ثمة يمكن القول إن التخطيط يتضمن بناء لنظام الدرس بأساليب تنتظم وفقها العناصر، بحيث تغدو كلا منسجما يصبو إلى تحقيق أهداف معينة.
II - تحديد معنى الهدف البيداغوجي:
ليس هناك تحديد نهائي وتام لمعنى الهدف البيداغوجي. فالتحديد الذي سنقوم به الآن يبقى تعريفا أوليا وتقريبيا. وسوف نستمده من التعاريف المقترحة التالية:
1. سيزار بيرزي Cesar Birzéa: "الهدف هو تخطيط لنوايا البيداغوجية وتحديد نتائج صيرورة التعليم".
2. ماجر Mager: "الهدف هو وصف لمجموعة من السلوكات والإنجازات التي سيبرهن المتعلم على قدرته من خلال القيام بها".
3. دي كورت De Corte: "الهدف هوتعبير صالح ومرغوب فيه وممكن تحقيقه في سلوك المتعلم، والذي نريد به أن يكتسب سلوكا جديدا أو يتقن سلوكا مكتسبا في السابق".
4. بوفان P ophan: "الهدف هو ما ينبغي أن يعرفه المتعلم أو يكون قادرا على فعله أو تفضيله أو اعتقاده عند نهاية تعليم معين. إنه يتعلق بتغيير، يريد المدرس إحداثه لدى المتعلم، والذي سيصاغ بصيغة سلوك قابل للقياس والملاحظة".
إن هذه التعارف المتقاربة، ترتكز بالأساس على تحديد نوعية الأهداف، التي يصوغها المدرسون لتعليمهم. وهي تعارف تركز على العناصر التالية المشتركة: السلوكات والإنجازات التي يقوم بها المتعلم، ليبرهن على تعليمه، والتغيير المراد إحداثه لدى المتعلم، بفضل تعليم معين، والنتيجة المراد الوصول إليها بتعليم معين، على شكل نوايا مصرح بها.
وهكذا، فإن هدفا محددا بدقة، يترجم بوضوح، المبادئ التالية:
* مبدأ النية، الذي يعبر عنها بوضوح صريح ومعلن للمتعلمين.
* مبدأ الهدف، الذي يسير نحوه التعليم على شكل نتائج ملموسة.
* مبدأ الفعلية، الذي يبين الإنجازات والأنشطة التي سيقوم بها المتعلمون.
* مبدأ الحسية، الذي يجعل هذه الأهداف، قابلة للملاحظة والقياس.
وانطلاقا من هذه العناصر وهذه المبادئ، التي كثيرا ما تتردد في التعارف الحديثة للأهداف، يمكننا صياغة التعريف التركيبي التالي: "إن الهدف سلوك مرغوب فيه، يتحقق لدى المتعلم، نتيجة نشاط يزاوله كل من المدرس والمتعلمين، وهو سلوك قابل لأن يكون موضع ملاحظة وقياس وتقويم".
III - الأسس النظرية للأهداف البيداغوجية:
ترجع الأسس النظرية التي قامت عليها بيداغوجية الأهداف إلى ثلاثة أساسية، وهي:
1. الفلسفة البرغماتية: ظهرت هذه الفلسفة في الولايات المتحدة الأمريكية، ويتزعمها عدد من الفلاسفة، أبرزهم جون ديوي J. Déwey، فهي تعرف تسميات عدة، فتارة تعرف بالنفعية، وأخرى بالعملية، وثالثة بالأدائية، ورابعة بالتجريبية. فالمعرفة التي تنشدها هذه الفلسفة، تقوم على التقاط مشكلات من واقع الحياة العملية واستشعارها، ثم صياغة فرضيات ملائمة لها وتجريبها في الواقع، لاستخلاص النتائج السليمة التي يمكن الاستئناس بها في ممارسة الحياة والتعبير عنها.
هذه الفلسفة، بمعطياتها النظرية والعملية، مؤهلة لتكون إطارا يستند إليه تعليم يريد هو الآخر أن يكون تعليما عمليا ونفعيا، تظهر نتائجه الآن وقبل أي وقت آخر. إن البرغماتية كفلسفة، ترفض كل توغل في التأمل المجرد، وتسعى بالمقابل نحو الوضوح وما هو عملي ومحسوس، ونحو ما هو محدد ودقيق. وهذا ما تسعى إلى تحقيقه بيداغوجية الأهداف.
2. التطور الصناعي في المجتمع الأمريكي: إن التطور التيكنولوجي الهائل الذي عرفه المجتمع الغربي، وخصوصا المجتمع الأمريكي، أدى إلى تطور الميدان الصناعي، بفضل عقلنة هذا الأخير، انطلاقا من تجربة تيلور Taylor الذي دعا إلى تجزيء عملية الإنتاج إلى وحدات أو مهام صغرى وفق مبدأي الفعالية والإنتاجية. وهنا تأني مشروعية التساؤل، إذا كان نجاح المؤسسة الصناعية رهينا بقيامها على مبدأ التسيير العقلاني ويقاس بمدى مردوديتها ونفعيتها، أفلا يمكن أن نطبق نفس المبادئ على المؤسسة المدرسية؟ انطلاقا من هذا التساؤل، بدأ التعامل مع ما يجري داخل المؤسسة المدرسية، يتم تماما كما يتم التعامل في المؤسسة الصناعية، حيث شرع في تطبيق طرق التسيير المتبعة في المقاولات الصناعية على المدرسة. وبدأ الحديث عن التعليم النسقي أو التعليم بواسطة الأهداف الذي يرفض كل شيء ينتمي إلى الصدفة والارتجال، والاعتماد على عقلنة الفعل التعليمي تخطيطا وهيكلة وتنفيذا وتقويما.
3. النظرية السلوكية في التعلم: فإلى جانب الفلسفة البرغماتية والتطور الصناعي في المجتمع الأمريكي، تستمد بيداغوجية الأهداف الكثير من معطياتها مما اعتمدته النظرية السلوكية في التعلم، من مفاهيم ومباديء وعمليات تطبيقية يقوم عليها (الرجوع إلى درس التعلم ونظرياته). ولقد حاول بعض منظري ديداكتيكية الأهداف البيداغوجية، العمل على تطبيق أهم مبادئ السلوكية، خاصة ما يرتبط بتلك المظاهر التي تكون قابلة للملاحظة والقياس والضبط، مع التركيز على السلوكات الجزئية، وهو ما يمكن أن نجد له مقابلا في ديداكتيكية الأهداف، ضمن الصياغة الإجرائية لها، كما سنرى لاحقا، متجاوزين الممارسات القائمة على الحدس والتخمين، وذلك بوضع خطة محكمة، تحدد على ضوئها الأهداف والمحتويات ومختلف الإجراءات الموظفة عند التنفيذ.
وانطلاقا من التأثيرات النظرية على ظهور ديداكتيكية الأهداف البيداغوجية، دفعت بهذه الأخيرة إلى الاعتماد على مبادئ العقلنة والأجرأة والبرمجة التي وجهت الأعمال التي أنجزت في إطار هذه الديداكتيكية.
IV - مزايا تحديد الأهداف البيداغوجية:
تساعد في صياغة المنهج وتحديد محتوياته وموضوعات الدراسة فيه والخيارات التي تشتمل عليها تلك الموضوعات، كما تخلق الانسجام بين مكونات العملية التعليمية التعلمية.
1. تساعد في وضع المعايير الأساسية، لما سوف يدرس وكيف يجب أن يدرس.
2. تساعد في اختيار الموضوعات في مجالات المعرفة المختلفة.
3. تساعد على تسهيل التواصل بين مختلف الأطر.
4. تساعد في تقويم عملية التعليم - التعلم والتحصيل الدراسي.
V - صفات الهدف البيداغوجي:
1. يكون ثابتا: هدف ديني - سياسي - لغوي - وطني - قومي - إنساني.
2. يكون متغيرا: يتغير وفق متغيرات ومخططات التنمية المتعاقبة، والإمكانات والتوجهات...تخطيط الوضعيات الديداكتيكية أو الوضعيات التعليمية التعلمية:
بداية، نحدد مفهوم الوضعيات التعليمية التعلمية (الوضعيات الديداكتيكية)، ثم مفهوم التخطيط، قبل التطرق إلى الأهداف البيداغوجية القائمة على تخطيط الوضعيات الديداكتيكية أو التعليمية التعلمية.
1. مفهوم الوضعيات التعليمية التعلمية:
إنها تلك الوضعيات التي يوجد فيها المتعلم في علاقة مع المادة الدراسية ومع المدرس، والتي تشمل مجموعة من الخطوات والعمليات والأفعال يتم التخطيط لها انطلاقا من أهداف أو حاجات أو مشكلات، وتتضمن مجموعة من المكونات المتفاعلة (مدرس، تلاميذ، مادة، طرائق، وسائل، تقويم، دعم...)
2. مفهوم التخطيط:
ففي معجم روبير "Le robert" فإن التخطيط Planification هو: "تنظيم بحسب تصميم معين". وفي معجم هاشيت "Hachette"، وردت لفظة خطط Planifier، بمعنى "نظم وتوقع في ضوء تصميم أو خطة".
فحسب هذين التعريفين، فمفهوم التخطبط يتضمن دلالة التنظيم والتوقع، وهما دلالتان عامتان لأي عملية تخطيط؛ وهو، من جهة، وضع تصور ما سيحدث في المستقبل، وتنظيم جملة من العناصر والمكونات وفق نظام معين، من جهة أخرى.
لقد حدد لوجيندر R. Legendre في معجمه "éducation ' Dictionnaire actuel de l " مفهوم التخطيط باعتباره عملية وسيرورة للوضعية الديداكتيكية على أنه "استراتيجية عامة للتدريس يعدها المدرس طبقا لبرنامج وحسب وضعية معينة"، ويضيف موضحا عناصر هذه الاستراتيجية قائلا: "تقدم خطة الدرس مقتضيات الإنجاز والتكيفات الضرورية لما تستلزمه خصائص الأفراد وكذلك الوسائل المتوفرة والشروط الخاصة للتعليم والتعلم".
إن تصميم خطة الدرس وإعدادها (تحضيرها) يعني إخضاع مجموعة من العناصر إلى نظام معين. يقول يوسف قطامي في كتابه "سيكولوجية التعلم والتعليم الصفي" عن التخطيط باعتباره تنظيما: "إن التخطيط عبارة عن خريطة سير يهتدي بها المدرس لتوجيه ممارساته وإجراءاته التدريسية". ويفسر قطامي هذا المعنى قائلا: "إن عملية التخطيط تجعل العملية التعليمية عملية منظمة ومخططة وهادفة، وبذلك توجه المدرس إلى خط السير ومدى التزامه بخريطته، وتوجيه انتباه المتعلمين وحصره في تحقيق الأهداف المتوخاة في مخطط المدرس".
أما التخطيط باعتباره توقع، فإن قطامي يحدده قائلا: "إنه تصور إسقاطي أو تشريع لما يمكن أن يكون عليه التدريس المقبل (المرتقب) من أهداف ومعارف وأنشطة تعلم وتعليم وتوجيه ووسائل وتقويم ودعم، لتحقيق أنواع التحصيل المطلوبة لدى فئة معينة من المتعلمين".
فمن خلال التعارف المقدمة، نختزل أهم المبادئ التي تحدد مفهوم التخطيط في ما يلي:
1. التخطيط عملية وصيرورة لأنه ينبني على مجموعة من الإجراءات المنهجية.
2. التخطيط نظام تصمم وفقه عناصر الدرس ومكوناته ومراحله.
3. التخطيط توقع لنتائج مستقبلية والأعمال التي تمكن من تحقيقها.
استنادا إلى هذه المبادئ الثلاثة، يمكن بلورة مفهوم إجرائي لتخطيط الدرس، يؤكد على أنه عملية تعتمد مجموعة من الإجراءات المنهجية التي تنتقي وترتب وتهيكل وتنظم وفقها عناصر الدرس ومكوناته في ضوء أهداف ونتائج نتوقعها. ولا شك أن هذا التعريف يحتوي على المبادئ الثلاثة التي تعتبر التخطيط عملية وصيرورة وتنظيم وتوقع.
من هنا، نلتقي مع مبدأ أساسي من مبادئ تخطيط التدريس، وهو كون الدرس نسق Système متكامل العناصر، تنظمه بنية متداخلة تسعى إلى تحقيق أهداف معينة. ومن ثمة يمكن القول إن التخطيط يتضمن بناء لنظام الدرس بأساليب تنتظم وفقها العناصر، بحيث تغدو كلا منسجما يصبو إلى تحقيق أهداف معينة.
II - تحديد معنى الهدف البيداغوجي:
ليس هناك تحديد نهائي وتام لمعنى الهدف البيداغوجي. فالتحديد الذي سنقوم به الآن يبقى تعريفا أوليا وتقريبيا. وسوف نستمده من التعاريف المقترحة التالية:
1. سيزار بيرزي Cesar Birzéa: "الهدف هو تخطيط لنوايا البيداغوجية وتحديد نتائج صيرورة التعليم".
2. ماجر Mager: "الهدف هو وصف لمجموعة من السلوكات والإنجازات التي سيبرهن المتعلم على قدرته من خلال القيام بها".
3. دي كورت De Corte: "الهدف هوتعبير صالح ومرغوب فيه وممكن تحقيقه في سلوك المتعلم، والذي نريد به أن يكتسب سلوكا جديدا أو يتقن سلوكا مكتسبا في السابق".
4. بوفان P ophan: "الهدف هو ما ينبغي أن يعرفه المتعلم أو يكون قادرا على فعله أو تفضيله أو اعتقاده عند نهاية تعليم معين. إنه يتعلق بتغيير، يريد المدرس إحداثه لدى المتعلم، والذي سيصاغ بصيغة سلوك قابل للقياس والملاحظة".
إن هذه التعارف المتقاربة، ترتكز بالأساس على تحديد نوعية الأهداف، التي يصوغها المدرسون لتعليمهم. وهي تعارف تركز على العناصر التالية المشتركة: السلوكات والإنجازات التي يقوم بها المتعلم، ليبرهن على تعليمه، والتغيير المراد إحداثه لدى المتعلم، بفضل تعليم معين، والنتيجة المراد الوصول إليها بتعليم معين، على شكل نوايا مصرح بها.
وهكذا، فإن هدفا محددا بدقة، يترجم بوضوح، المبادئ التالية:
* مبدأ النية، الذي يعبر عنها بوضوح صريح ومعلن للمتعلمين.
* مبدأ الهدف، الذي يسير نحوه التعليم على شكل نتائج ملموسة.
* مبدأ الفعلية، الذي يبين الإنجازات والأنشطة التي سيقوم بها المتعلمون.
* مبدأ الحسية، الذي يجعل هذه الأهداف، قابلة للملاحظة والقياس.
وانطلاقا من هذه العناصر وهذه المبادئ، التي كثيرا ما تتردد في التعارف الحديثة للأهداف، يمكننا صياغة التعريف التركيبي التالي: "إن الهدف سلوك مرغوب فيه، يتحقق لدى المتعلم، نتيجة نشاط يزاوله كل من المدرس والمتعلمين، وهو سلوك قابل لأن يكون موضع ملاحظة وقياس وتقويم".
III - الأسس النظرية للأهداف البيداغوجية:
ترجع الأسس النظرية التي قامت عليها بيداغوجية الأهداف إلى ثلاثة أساسية، وهي:
1. الفلسفة البرغماتية: ظهرت هذه الفلسفة في الولايات المتحدة الأمريكية، ويتزعمها عدد من الفلاسفة، أبرزهم جون ديوي J. Déwey، فهي تعرف تسميات عدة، فتارة تعرف بالنفعية، وأخرى بالعملية، وثالثة بالأدائية، ورابعة بالتجريبية. فالمعرفة التي تنشدها هذه الفلسفة، تقوم على التقاط مشكلات من واقع الحياة العملية واستشعارها، ثم صياغة فرضيات ملائمة لها وتجريبها في الواقع، لاستخلاص النتائج السليمة التي يمكن الاستئناس بها في ممارسة الحياة والتعبير عنها.
هذه الفلسفة، بمعطياتها النظرية والعملية، مؤهلة لتكون إطارا يستند إليه تعليم يريد هو الآخر أن يكون تعليما عمليا ونفعيا، تظهر نتائجه الآن وقبل أي وقت آخر. إن البرغماتية كفلسفة، ترفض كل توغل في التأمل المجرد، وتسعى بالمقابل نحو الوضوح وما هو عملي ومحسوس، ونحو ما هو محدد ودقيق. وهذا ما تسعى إلى تحقيقه بيداغوجية الأهداف.
2. التطور الصناعي في المجتمع الأمريكي: إن التطور التيكنولوجي الهائل الذي عرفه المجتمع الغربي، وخصوصا المجتمع الأمريكي، أدى إلى تطور الميدان الصناعي، بفضل عقلنة هذا الأخير، انطلاقا من تجربة تيلور Taylor الذي دعا إلى تجزيء عملية الإنتاج إلى وحدات أو مهام صغرى وفق مبدأي الفعالية والإنتاجية. وهنا تأني مشروعية التساؤل، إذا كان نجاح المؤسسة الصناعية رهينا بقيامها على مبدأ التسيير العقلاني ويقاس بمدى مردوديتها ونفعيتها، أفلا يمكن أن نطبق نفس المبادئ على المؤسسة المدرسية؟ انطلاقا من هذا التساؤل، بدأ التعامل مع ما يجري داخل المؤسسة المدرسية، يتم تماما كما يتم التعامل في المؤسسة الصناعية، حيث شرع في تطبيق طرق التسيير المتبعة في المقاولات الصناعية على المدرسة. وبدأ الحديث عن التعليم النسقي أو التعليم بواسطة الأهداف الذي يرفض كل شيء ينتمي إلى الصدفة والارتجال، والاعتماد على عقلنة الفعل التعليمي تخطيطا وهيكلة وتنفيذا وتقويما.
3. النظرية السلوكية في التعلم: فإلى جانب الفلسفة البرغماتية والتطور الصناعي في المجتمع الأمريكي، تستمد بيداغوجية الأهداف الكثير من معطياتها مما اعتمدته النظرية السلوكية في التعلم، من مفاهيم ومباديء وعمليات تطبيقية يقوم عليها (الرجوع إلى درس التعلم ونظرياته). ولقد حاول بعض منظري ديداكتيكية الأهداف البيداغوجية، العمل على تطبيق أهم مبادئ السلوكية، خاصة ما يرتبط بتلك المظاهر التي تكون قابلة للملاحظة والقياس والضبط، مع التركيز على السلوكات الجزئية، وهو ما يمكن أن نجد له مقابلا في ديداكتيكية الأهداف، ضمن الصياغة الإجرائية لها، كما سنرى لاحقا، متجاوزين الممارسات القائمة على الحدس والتخمين، وذلك بوضع خطة محكمة، تحدد على ضوئها الأهداف والمحتويات ومختلف الإجراءات الموظفة عند التنفيذ.
وانطلاقا من التأثيرات النظرية على ظهور ديداكتيكية الأهداف البيداغوجية، دفعت بهذه الأخيرة إلى الاعتماد على مبادئ العقلنة والأجرأة والبرمجة التي وجهت الأعمال التي أنجزت في إطار هذه الديداكتيكية.
IV - مزايا تحديد الأهداف البيداغوجية:
تساعد في صياغة المنهج وتحديد محتوياته وموضوعات الدراسة فيه والخيارات التي تشتمل عليها تلك الموضوعات، كما تخلق الانسجام بين مكونات العملية التعليمية التعلمية.
1. تساعد في وضع المعايير الأساسية، لما سوف يدرس وكيف يجب أن يدرس.
2. تساعد في اختيار الموضوعات في مجالات المعرفة المختلفة.
3. تساعد على تسهيل التواصل بين مختلف الأطر.
4. تساعد في تقويم عملية التعليم - التعلم والتحصيل الدراسي.
V - صفات الهدف البيداغوجي:
1. يكون ثابتا: هدف ديني - سياسي - لغوي - وطني - قومي - إنساني.
2. يكون متغيرا: يتغير وفق متغيرات ومخططات التنمية المتعاقبة، والإمكانات والتوجهات