السلام عليكم
التوجيه والإرشاد النفسي في الجزائر واقعه،
تحدياته وآفاقه المستقبلية
مقدمـــــــة :
يعتبر التوجيه المدرسي و المهني من أهم العمليات التربوية وأعقدها التي ترتكز عليها فاعلية النشاطات التربوية و دافعية المتعلمين ذلك انه يساهم في تحسين المستوى الدراسي للتلاميذ والمردود التربوي للمدرسة. من خلال سعيه إلى تحقيق التوافق بين امكانات الفرد وقدراته وطموحاته وبين متطلبات الفروع الدراسية عن طريق مساعدته على إنضاج شخصيته وتجاوز الصعوبات التي تعترضه بواسطة الارشاد النفسي والتربوي، وتعريفه بالمحيط الدراسي ، الاجتماعي والمهني أو الاقتصادي بواسطة مختلف الوسائل الإعلامية والاستكشافية.
و من هنا أصبح التوجيه المدرسي و المهني محور المناقشات التربوية و السياسية في بلادنا في السنوات الأخيرة ، كما أنه أصبح ضحية الاتهامات و اللوم في كل خلل يصيب المنظومة التربوية و المجتمع ككل سواء كان فشلا دراسيا أم تسربا مدرسيا أم ضعفا للمستوى العام أو انحرافا اجتماعيا …الخ . بالرغم من أن أسباب المشكلات التربوية متعددة ومتداخلة ،باعتبار أن المنظومة التربوية تتفاعل مع جميع مكونات المحيط الذي تتواجد فيه سلبا و إيجابا. كما أن التوجيه المدرسي و المهني ليس بعملية منفصلة ومستقلة بذاتها أو معزولة عن العمليات التربوية الأخرى و الشروط التي تحيط به بل هو جزء لا يتجزأ من مكونات النسق التربوي.
ولذلك فمنذ المحاولات الأولى لإدماج مستشـاري التوجيه المدرسي و المهني في الوسط التربوي من خلال تعيينهم في الثانويات في بداية التسعينات الى يومنا الحالي في عام 2008 أصبحت الغاية المنشودة والأهداف المنتظرة لذلك بعيدة المنال بسبب النقائص و العقبات التي تواجههم في الميدان من عدة زوايا.فمن خلال الملاحظات الأولية يبدوا أن التوجيه المدرسي والإرشاد النفسي مازال لم يحض بعد بالمكانة الإستراتيجية في العملية التربوية. و مازال ينظر اليه من قبل جميع أفراد الأسرة التربوية على أنه عملية توزيع للتلاميذ على الشعب الدراسية في نهاية السنة الدراسية . وهو ما جعل المختص في الإرشاد والتوجيه لا يرقى الى المهام الأساسية الموكلة إليه .
فبحكم أنني عايشت التجربة منذ تأسيسها بداية التسعينات بعد تعميم توظيف مستشاري التوجيه المدرسي والمهني مدة إثنى عشرة (12) سنة ، أصبح من الضروري التفكير في كيفية تفعيل نشاطات مستشاري التوجيه و مصالح التوجيه المدرسي و المهني في الميدان لتلبية المتطلبات العصرية و يفرضها منطق القرن الجديد، لمواجهة مختلف التحديات التي أصبحت تهدد مستقبل المدرسة الجزائرية (كمشكلة الاكتظاظ داخل الأقسام،مشكلة عدم مراعاة الفروق الفردية ،مشكلة انخفاض المستوى الدراسي وسيطرة سياسة الانتقال الآلي من مستوى إلى آخر في المراحل الدراسية ، ومشكلة العنف والمخدرات داخل المؤسسات التربوية ......وغيرها).فما هي العقبات التـي تعترض فاعلية نشاطات التوجيه والإرشاد النفسي في المدرسة الجزائرية؟ ما هي تحدياته؟وما هي آفاقه المستقبلية ؟
اعتمدنا في تحليلنا وتقييمنا لواقع التوجيه المدرسي بالجزائر على الملاحظات الميدانية والمواقف التي عشناها كمستشار رئيسي للتوجيه المدرسي بعد إثنى عشرة سنة من الممارسة. إضافة إلى تقارير مستشاري التوجيه العاملين في مختلف الثانويات بولاية سطيف ،وما قدموه من شكاوي وتساؤلات دورية حول مختلف النشاطات، الوضعيات والمشكلات التي تواجههم أثناء عملهم.إلى جانب اللقاءات التكوينية الجهوية التي نظمت طيلة سنوات العمل الميداني من قبل مفتش التربية والتكوين المكلف بالتوجيه المدرسي،والتي سمحت لنا بالاحتكاك بزملاء في ولايات أخرى وتسجيل الملاحظات والمشاكل التي تعيق عملهم في الميدان والتي تم تناولها في أعمال الورشات.
بناء على كل تلك المعطيات الميدانية استطعنا تكوين نظرة نقدية موضوعية وشاملة عن واقع التوجيه والإرشاد النفسي بالجزائر، و حاولنا تحديد تحدياته بناء على الانشغالات التي طرحها علينا المتعلمين في التعليمين الاكمالي المتوسط حاليا والثانوي (وهم في سن المراهقة ) و بالتالي حاولنا وضع تصور مستقبلي لآلية التوجيه والإرشاد النفسي.
واقـع التـوجيه والارشاد في المدرسة الجزائــرية:
يواجه التوجيه المدرسي والمهني في المدرسة الجزائرية عدة مشكلات وصعوبات ميدانية في كل الجوانب وهي حسب ما يلي :
1 ـ في الجانب التشريعي و التنظيمي القانوني:
حينما يطلع أي مهتم بمجال التربية و التعليم للنصوص التشريعية و القانونية المنظمة للمنظومة التربوية سيلاحظ حتما أن هناك نقائص وثغرات كبيرة . حيث سجلنا نقص الرؤية الشاملة والمتكاملة لجميع العناصر الفاعلة والمؤثرة في الحياة المدرسية ،خاصة التوجيه المدرسي والمهني الذي مازالت النصوص التشريعية التي تسيره قديمة لا تساير التطورات العلمية و التربوية و المتطلبات العصرية بل مازال حبيس التصور القديم لنوعية الموظفين في هيئة التوجيه وللنشاطات الروتينية التي تقدم على شكل حملات موسمية أو وقتية وهذا بالرغم من النقلة التي حدثت في التسعينات من خلال إدماج وتعميم توظيف مستشاري التوجيه على مستوى أغلبية الثانويات بالقطر الوطني.
وعليه فإن مستشاري التوجيه المدرسي و المهني تواجههم عقبات وصعوبات للمشاركة بفعالية في الحياة المدرسية بسـبب الثغرات المجودة في النصوص التشريعية ومنها:
1 ـ المناشير والقرارات المنظمة لمجالس التعليم ، التربية و التسيير ، التنسيق الاداري ومجالس التأديب ،لا تقر بعضوية مستشاري التوجيه فيها .
2 ـ مجالس الأقسام ، القبول و التوجيه قلما تعطى لهم الكلمة وتسجل آرائهم في سجل المداولات ولا يؤخذ بها إذ سمح لهم بالكلام بدعوى أنه عضو استشاري كما هو محدد في المناشير المنظمة لمجالس الأقسام.
3 ـ غياب أي نص أو بند خاص بمستشار التوجيه المدرسي والمهني في قانون الجماعة التربوية ، بالرغم من أنه عنصر أساسي ويحتل منصب قاعدي كما تصنفه هيكلة المناصب القاعدية في المؤسسة التربوية بالتعليم الثانوي.
4 ـ ليست له صلاحيات واضحة للتدخل في القضايا النفسية والتربوية (الإرشاد النفسي والتربوي)التي تواجه التلاميذ في المؤسسات التربوية، نظرا لعدم وجود أي علاقة مباشرة بالأساتذة ،المساعدين التربويين ،مستشاري التربية، والمفتشين الذين قد تتوقف عليهم الاجراءات الارشادية والعلاجية لبعض المشكلات المطروحة وهو ما جعل تدخلات المستشارين في هذا الميدان محدودة، مقيدة وغير فعالة بل أكثر من ذلك غير موجود في الكثير من الأحيان.
5 ـ مستشار التوجيه غير موجود في عضوية لجنة الطعن الولائية في التوجيه المدرسي من خلال عدم ادراجه ضمن التشكيلة الرسمية في المناشير السارية المفعول حتى سنة 2003، بالرغم من أنه مطلع بشكل جيد على وضعية التلاميذ و قضاياهم التربوية،البيداغوجية وحتى النفسية والاجتماعية،من خلال المتابعة التي يقوم بها على مستوى المقاطعة كلها. وهو أدرى بمتطلبات التوجيه المدرسي من مديري الاكماليات والثانويات الذين يعتبرون أعضاء أساسيين في اللجنة.
6 ـ والثغرات الأخرى نجدها في المناشير والقرارات الوزارية المنظمة لعمل مستشار التوجيه، مثل القرار الوزاري رقم 827 المؤرخ في 13/11/1993 والخاص بتحديد مهام مستشاري التوجيه المدرسي،
و المنشور الوزاري رقم 245/م .ت.ا/93 المؤرخ في 1993.12.04 والخاص بإجراءات تنظيمية لنشاط مستشاري التوجيه في الثانويات والتي تؤكد على أن مستشار التوجيه مكلف بمقاطعة تربوية واسعة ومصغرة يحددها مدير المركز ،الا أن شكل التدخل كيفيته،اجراءاته الادارية من خلال (تكاليف التنقل ،أخطاره وضماناته )غير محددة بشكل دقيق وواضح وهو ما يؤكده المحور الثالث من المنشور السالف الذكر (رقم245)حيث ينص على ما يلي: " أما أسلوب التدخل الذي يجب اعتماده في كل قطاع فستحدده تعليمة لاحقة" ولم نتلق أي تعليمة الى يومنا هــذا منذ ذلك التاريخ. وعليه يتنقل مستشاري التوجيه الى عـدة اكماليات بمناطق بعيدة بإمكانياتهم الخاصة و دون أمر بمهمة ولا تعويض عن المصاريف التي ينفقونها .
و هـو الامر يجعل عمل مستشاري التوجيه قاصرا وناقصا حيث يستحيل عليهم إنجاز كل نشاطاتهم وايفاءها حقهـا في مؤسساتـهم الأصليــة.وفي حالة تعرضهم لحوادث لقدر الله قد لا يجدون إطارا قانونيا يحمي حقوقهم.
7 ـ والإشكالية القانونية الأخرى تتمثل في القراءة المعتمدة من طرف مـديري المؤسسات التربوية لتصنيف عمل ونشاطات مستشاري التوجيه حيث تؤكد المادة العشرة من القرار الوزاري (رقم 827) بأنه يندرج ضمن الفريق التربوي التابع للمؤسسة ،إلا أن هؤلاء يدرجونه ضمن الفريق الإداري(التأطير التربوي) باعتبار منصبه قاعدي، ويلزم ببعض الأعمال الإدارية كالمداومات خلال العطل المدرسية دون استفادته من الحقوق المرتيطة بذلك كحق السكن الوظيفي والتعويض. كما يكلف في بعض الأحيان بتوزيع الكتب المدرسية ،تسجيل المترشحين الأحرار للبكالوريا، إنجاز قوائم للمستفيدين من الإعانات المالية (التضامن المدرسي). ..وغيرها.
المعوقـــات المعنويـــــة للمختصين في التوجيه والارشاد :
حينما يطلع أي انسان على القانون الاساسي لعمال التربية وبالضبط في المحور الخاص بالتوجيه المدرسي و المهني تنتابه الحيرة، ويجد مفارقات غير منطقية نتيجة تصنيفه كحامل لشهادة الليسانس في نفس سلم التقنيين الساميين ، وليست له أي منافذ للترقيات إلا كمفتش للتوجيه المدرسي والمهني والذي يرتبط بمدى توفر المناصب المالية بالولايات أومدى فتح مراكز التوجيه. وهي نادرة ومحتكرة بتواطؤ من الوزارة التي لاترى أي أهمية في نشاطات التوجيه المدرسي في العملية التربوية ولاتتوفر على رؤية استراتيجية في هذا المجال . وفي هذه الحالة حينما يصل مستشار التوجيه الى مستوى معين من الاقدمية والخبرة يجد نفسه طموحا للترقية الادارية إلا أنه بعد ادراكه لاستحالة ذلك تضعف معنوياته ويصاب بالاحباط فتضعف دافعيته فلا يتحمس للعمل خاصة و أنه يعمل في ثانوية مع اساتذة حاملي شهادة ليسانس مصنفين في سلم 15/3 ( التصنيف القديم) ويشرفون على 3 أو 4 أفواج تربوية فقط .
بينما هو يشرف على كل تلاميذ المقاطعتين الصغيرة والكبيرة(داخل الثانوية ومجموعة الاكماليات(المتوسطات)) ويتقاضى أجرا أقل بكثير من الجهد المبذول والمسؤولية الملقاة عليه .
والجـــدول التالي يبين هــذه المفارقة
أســتاذ التعليم الثانوي مستــشار رئيسي للتوجيه المدرسي
ـ مكان العمل: الثانوية أو المتقنة ـ نفس الشيء
ـ الشهادة الجامعية المطلوبة: الليسانس ـ الليسانس كذلك
ـ ساعات العمل:18 ساعة أسبوعيا ـ 40 ساعة اسبوعيا.
ـ عدد التلاميذ الذين يشرف عليهم:معدل ـ يشرف على كل تلاميذ الثانوية
200 تلميذ(4الى5 أفواج) والاكماليات التابعة لها (بمعدل 2500 ت)
ـ المهام المنوطة به:التربية والتعليم في ـ يقوم بـ:الاعلام المدرسي ـ التوجيه ـ
إطار مادة التخصص المتابعة لكل التلاميذـ الارشاد النفسي
والتربوي ـ التقويم التربوي ـانجاز دراسات
وتحقيقات ميدانية لجلب المعلومات .
ـ فرص الترقية: نائب المدير للدراسات ـ مفتش التوجيه المدرسي فقط اذا توفرت
مديرثانويةـ مفتش المادةـ أستاذ مبرزـ المناصب بالولاية والتي ترتبط بمدى تقاعد
العاملين فعليا.وهي نادرة جــدا.
التصنيف في سلم الأجور:15/03 ـ ســلم 14/05 .أليس هذا بظلم اجتماعي؟
(مجلة المعلم عدد سنة ص )
في مجال المتابعة النفسية والتربوية:
تعترض مستشاري التوجيه المدرسي والمهني عـدة صعوبات وعراقيل في هذا المحور فقللت من فعالية تدخلاته ، وتتمثل فيما يأتي :
1 ـ صعوبة جمع النـتائج الدراسية الفصلية لتحليلها والمشاركة بها في مجالس الأقسام ، بســـبب :
أ ـ عــدم وجود وسيلة أو آلية لجمع النتائــج الدراسية ،وحتى حينما وضعنا نموذجا على شكل جدول يشمل على(كل المواد الدراسية حيث يتوزع فيها التلاميذ حسب الفئات ـ تسجل نسبة الغياب في كل قسم و في كل مادة ـ تسجل الحالات السلوكية في كل مادة وفي كل قسم من أجل تحليلها واجراء المقارنات للوقوف على أثر كل عامل من تلك العوامل على المردود الدراسي ) فاننا وجدنا صعوبات كبيرة في ملئه من قبل الأساتذة والادارات التربوية معتقدين أنه عمل اضافي لا معنى ولا فائدة منه .
ب ـ تأخر الأساتذة في ملء كشوف النقاط ،حتى ساعات قبل انعقاد مجالس الأقسام حيث يعتبر المصدر الوحيدة الموفر للمستشار لجلب النتائج . وبالتالي يستحيل عليه تحليلها وتوظيفها أثناء مداولات المجالس إن وفرت له فرصة تقديم حصيلة أعماله.
ج ـ تزامن انعقاد مجالس أقسام الثانويات مع الإكماليات في نفس اليوم و التوقيت وفي بعض الثانويات تبرمج إدارة الثانوية مجلسين لنفس المستوى وفي بعض الحالات لمستويين مختلفين في توقيت واحد .وهو ما يجعل مشاركة مستشار التوجيه ومتابعته للتلاميذ في مختلف المستويات مستحيلة .كما أن التحاليل التي يجريها على النتائج الدراسية والملاحظات التي يسجلها حول سيرة التلاميذ ومشكلاتهم لمناقشتها مع الأساتذة واقتراح الحلول المناسبة لها لا تجد فضاءا لعرضها.
د ـ كما أن مجالس الأقسام يطغى عليها الروتين وسياسة الهروب الى الأمام ، حيث أن المناقشات لاترقى الى مستوى المهام الموكلة لهذه المجالس،بل يطغى عليها السطحية والتسرع في تقييم المستوى العام للقسم والانضباط دون الخوض في تحليل الأسباب المعرقلة. ذلك أن الوقت المخصص لكل مجلس ضيق جدا (نصف ساعة )لا يكفي حتى لتسجيل الملاحظات والإجازات او العقوبات التي تعطى وفق سلم يحدد سلفا وبشكل آلي بل أصبحت الإجازات تحدد بمبرمج الإعلام الآلي مباشرة قلما تناقش وكأنها قدرا محتوما.
وعليه فإن مستشاري التوجيه المدرسي لا يجدون انفسهـم فيها أصلا لعدة اعتبارات :
1 ـ في بعض الحالات لا تعطى لهم الكلمة في المجالس بدعوى أنه عضو يحضر بصفة استشارية .
2 ـ وفي حالات اخرى حينما تعطى لهم الكلمة يشترط عليهم الاختصار وعدم الخوض في الامور التربوية والبيداغوجية التي من المفروض ان تكون هي المحور الأساسي في النقاش ، بدعوى ضيق الوقت ،ضرورة إكمال المجالس حسب التوقيت المبرمج لها .ذلك ان المجالس تعقد خارج ساعات العمل والأساتذة يحضرون حسب توقيت الأقسام المعنيين بها هذا من جهة. ومن جهة أخرى يبرر المديرين تجاوز الخوض في النقاش التربوي والتقييمي بكون الأساتذة مرتبطين بأعمال خاصة يجب مراعاتها (بالخصوص السيدات ).
ولذلك يصبح التحليل الذي يعده مستشاري التوجيه لا جدوى ولا فائدة منه إن بقيت حبيسا في مكاتبهم، ولا تستثمر ويستفاد منها.بل في بعض الحالات يتساءل المستشارون ما هو دورهم التربوي في مثل هذه المجالس التي يحرمون فيها من إعطاء رؤية متميزة للعمل التربوي من خلال المساهمة في تقويمه من زوايا متعــددة بهدف اقتراح اجراءات علاجية لكل المشاكل المطروحة ؟
ـ وبالنسبة للاجتماعات التنسيقية لرؤساء الأقسام ومسؤولي المواد :
التي مهمتها المتابعة والتقويم الدوري لمدى التقدم والتأخر في البرنامج الدراسي ،تشخيص الصعوبات التي تواجه التلاميذ في كل محور او موضوع ومعالجة المشكلات السلوكية المطروحة في كل قسم ،فإنها في واقع الأمر لا تعقد ولا يسمع بها مستشاري التوجيه أصلا. بل أكثر من ذلك تستعمل طرق إدارية فريدة من نوعها للتحايل على الاجراءات المفروض اتباعها لسيرها الجيد،وتتمثل في :
ـ إما بتمرير السجل المخصص لهذه المجالس على الأساتذة بشكل فردي لتسجيل ملاحظاتهم .مع الامضاء على المحضر.
ـ وإما يكلف أستاذ واحد بتسجيل الملاحظات والمداولات على شكل محضر اجتماع ثم يمرر السجل على المعنيين للامضاء .
وعليه أصبح مستشار التوجيه مغيب و مهمش من هذه اللقاءات التنسيقية الهامة في العملية التربوية ، التي من الفروض أن تكون اداة للتمحيص ،الفحص والتقويم الدوري للفعل التربوي والذي من شأنه إزالة الفجوة بين الأهداف المحققة والمنتظرة او المسطرة في حينها وبالتالي تحسين العمل التربوي ومردوده .
في مــجال الإرشاد النفسي والتربوي:
يواجه مستشاري التوجيه المدرسي والمهني في هذا الميدان صعوبات تقنية وإدارية متعددة
تتمثل في :
1 ــ نقص الوسائل الاستكشافية المكيفة للواقع الجزائري كالاختبارات و الروائزـ النفستقنية لتوظيفها في الوسط المدرسي كأدوات مساعـدة لفهم وتشخيص بعض المشكلات النفسية والتربوية المطروحة باستثناء القليل جدا التي لا توجد ضرورة لاستعمالها في غالب الأحيان.
2 ـ ــ عدم التحكم في تطبيق بعض الاختبارات النفس ـ تقنية من قبل غالبية المستشارين بسبب ضعف التكوين الجامعي في هــذا المجال هذا من جهة .ومن جهة أخرى وجود تخصصات بعيدة عن ميداني علم النفس وعلوم التربية ولم يدرس فيها المستشارون المعينون القياس النفسي التربوي أصلا ( مثل تخصص علم الاجتماع ).
3 ـ عدم تطبيق اختبارات الذكاء والشخصية المتوفرة للكشف عن الموهوبين والمتفوقين أو المتأخرين دراسيا بهدف التكفل بهم و تقديم لهم تعليما خاصا، بسبب إهمال هذا النوع من التعليم(التعليم المكيف) من قبل وزارة التربية الوطنية في العشر سنوات الأخيرة.رغم وجود مؤشرات وعلامات التفوق والتأخر للكثير من الحالات في مدارسنا .
و هو ما جعل كل مستشار يتصرف باجتهاده الخاص وحسب طبيعة تخصصه وتكوينه الجامعي في تفسير وفهم بعض المشكلات التربوية والنفسية التي يصادفها في مقاطعته.
4 ـ عدم وجود استبيان للميول والاهتمامات نموذجي لمختلف المستويات التعليمية مبني وفق معايير علمية يمكن الاستناد اليه في استكشاف وتحليل رغبات وميول التلاميذ الدراسية والمهنية وتوظيفها في استراتجية الاعلام المدرسي وفي المقابلات الارشادية وكذا في وضع تقديرات التوجيه المسبق التي تساعد على تحديد ملامح الخرائط التربوية.
وهو الأمر الذي جعل كل مستشار يجتهد من تلقاء نفسه في انجاز استبيان ،تطبيقه وتحليله بطريقته الخاصة. و رغم ذلك ومهما كانت طبيعة هذا الاستبيان يجد مستشاري التوجيه صعوبات في استثمار وتوظيف نتائجه مع التلاميذ المعنيين والأساتذة والإدارة التربوية للأسباب السالفة الذكر.
وحتى في حالة عرض النتائج في مجالس الأقسام بشكل مقتضب وسريع لا يجد مستشار التوجيه تفهما ولا تعاونا من قبل هؤلاء (الادارة والاساتذة) للأخذ بالملاحظات والاقتراحات المسجلة .خاصة ما يتعلق بضرورة مراعاة سيكولوجية التلاميذ المراهقين بحسن معاملتهم ، تجنب اهانتهم أو تجريحهم مهما كانت تصرفاتهم مزعجة ،الاستجابة لانشغالاتهم مع ضرورة الاهتمام بتوفير الشروط التربوية والبيداغوجية لانجاح الفعل التربوي ،عدم اصدار احكام مسبقة على شعب دراسية معينة أو نمط تعليمي معين،عدم الأخذ باقتراح فتح بعض الشعب لتوفر الرغبة والملمح الدراسي المناسب ... وغيرها . الا أن هــذه الأمور كلها تبدو لدى هؤلاء نوع من التفلسف والمثالية ،لا أحد يستسيغها باعتبارها غير مألوف ومكلفة للجهد والوقت حسب ردود الأفعال التي سجلناها طيلة مسارنا المهني وسجلها كل الزملاء على مستوى الولائي والجهوي في الملتقيات الدورية.
كما أن الادارة التربوية عموما تستثقل تطبيق بعض الاجراءات والاقتراحات البيداغوجية العلاجية التي تتخذ في بعض مجالس الأقسام . كتغيير الأفواج للمشاغبين وتوزيعهم ومتابعتهم ......الخ.
في مجال الاعلام المدرسي والمهني:
يبين لنا واقع التوجيه المدرسي والمهني أن الاعلام المدرسي مازال ناقصا، حيث لا توجد استراتيجية اعلامية وفق ما يجب أن يكون عليه بالرغم من أهميته التربوية .ذلك أن ادارة المؤسسات التربوية مازالت لم تساير التطور الحاصل على مستوى الفكر التربوي وتقنيات التسيير الادارية الحديثة التي تؤكد أهمية الاعلام والاتصال حول كل جزئيات النظام التربوي في تربية وتهذيب ميول ،اهتمامات واختيارات المتعلمين وتأهيلهم لاتخاذ المواقف والقرارات المسؤولة والمناسبة لمستقبلهم الدراسي .
وعلى هذا الأساس لا تولي الإدارات التربوية العناية اللازمة لمثل هذا النشاط من خلال :
1 ـ احتكار المناشير والقرارات الرسمية التي تصل المؤسسات التربوية من الوصاية حول كل شؤون المدرسة الا البعض منها الخاصة بالواجبات الموجهة مباشرة الى الأسرة التربوية لتطبيقها ،بالرغم من أن قانون الجماعة التربوية ينص في الباب الخاص بأحكام تسيير المؤسسة المادة 18 :على أنه يتعين على مدير المؤسسة في إطار الاعلام والتكوين المستمر ، نشر التعليمات وتبليغ المعلومات التي توجهها السلطات السلمية الى التلاميذ والموظفين .فكيف يمكن أن نوكل مهمة الاعلام والاتصال لمستشار وهو مجرد من المعلومات الأساسية حول المنظومة التربوية ولا يعرف التغيرات والتطورات الطارئة فيها.
2 ـ عـدم فتح خلايا الاعلام والتوثيق بالمؤسسات رغم توفر الهياكل والتجهيزات اللازمة في الكثير منها، بالرغم من إلحاح الوزارة الوصية بالمناشير ،وإلحاح مستشاري التوجيه المدرسي على هذا الأمر.
3 ـ عدم شراء ،توزيع وتوظيف الأدلة الاعلامية المنجزة من طرف مديرية التقويم التوجيه والاتصال لصالح التلاميذ والأولياء في مختلف المراحل التعليمية .
4 ـ غياب شبه كلي للصحافة المدرسية في الكثير من المؤسسات التربوية التي تعتبر منبرا لتبليغ الرسالة التربوية،وتدريبا للمتعلمبن على روح البحث الاعلامي لاستثمار واكتشاف مواهبهم وابتكاراتهم في مختلف الميادين .
5 ـ عدم تخصيص ميزانية للأدوات والوسائل اللازمة لإنجاز الوثائق الإعلامية والتربوية الضرورية في إطار نشاطات مستشاري التوجيه الرسمية(مثل أقلام التلوين الورق المقوى كبير الحجم وغيرها …) ،بسبب جهل أو تجاهل الكثير من الإدارات التربوية لطبيعة عمل هذا الإطار الجديد في المؤسسة التربوية.
6 ـ صعوبة برمجة الحصص الاعلامية لفائدة تلاميذ مختلف المستويات الدراسية لسببن رئيسيين هما:
أ ـ عــدم وجود ساعات مخصصة للتوجيه المدرسي ضمن البرنامج الأسبوعي للتلاميذ.
ب ـ كبر قطاع التدخل (معدل تكفل كل مستشار 3 إكماليات + ثانوية) وارتباط مستشاري التوجيه بالوقت والفترة المناسبة لكل حصة .
ونتيجة لذلك أصبح مستشاري التوجيه يقدمون هذه الحصص الاعلامية إما في :
ـ ساعات الفراغ خارج البرنامج الأسبوعي الرسمي للتلاميذ(في آخر فترة صباحية أو مسائية ).
ـ اما في ساعات غياب الأساتذة من حين لآخر حيث يكون مستشار التوجيه في ترقب لغياب الأساتذة ،حتى المساعدين التربويين يجدون في مثل هذه الوضعية فرصة مواتية للتخلص من أعباء الحراسة للتلاميذ داخل الاقسام،حيث ينادونه عند كل غياب كأنه رجل انقاذ ومطافئ.
فأصبحت نشاطات الارشاد والتوجيه المدرسي في ظل هذا المناخ السائد في الكثير من المؤسسات التربوية قد فقدت معناها .
والحصص الاعلامية بهذه البرمجة المفاجئة في نظر وتصور التلاميذ لا معنى لها بل تعتبر مصدر حرج وقلق لكونهم لا يتحملون ساعات اضافية أكثر من الشيء الذي يقضونه يوميا في المدرسة .
كما أن مستشاري التوجيه يقضون أسابيع كثيرة في مؤسسة واحدة لإنجاز حصة إعلامية واحدة لفوج تربوي ، نتيجة البرمجة المفتوحة على عدة أيام حسب ساعات الفراغ التي تتاح خلال الأسبوع في كل مؤسسة .والمبرر الذي تقدمه الإدارات التربوية عند معارضة وضع برمجة لحصص إعلامية خلال أسبوع واحد وفي توقيت مناسب لحضور التلاميذ يتمثل في :
ـ لا يمكن أخذ ساعة من مادة دراسية رسمية لأنها ستؤثر على السير العادي للدروس فيتأخر الأساتذة في انجاز البرنامج المقرر،كما أنهم سيحاسبون من قبل مفتش المادة حول أسباب التأخر .
وبالرغم من موضوعية المبرر ،نجد ان الاعلام المدرسي في تصور الكثير من الادارات التربوية وحتى وزارة التربية الوطنية يعتبر نشاطا ثانويا. والا كيف نفسر تجاهل الوصاية لكيفية انجاز نشاطات مستشاري التوجيه المدرسي في المؤسسات التعليمية.
وحتى مديرية التقويم التوجيه والاتصال المشرفة المباشرة تقنيا على عمل مصالح التوجيه المدرسي في كل ولايات الوطن من خلال تحديدها لمحاور البرنامج السنوي التقديري ،عندما أرسلت مؤخرا مناشير حول تنظيم و استثمار الزمن المخصص للدراسة في النظام التربوي(مناشير رقم 250/251/253/المؤرخة في 5 سبتمبر 2000 ) تجاهلت كلية ادراج توقيت خاص لنشاطات مستشاري التوجيه المدرسي في المؤسسات التربوية وهو ما زاد من تعقيد برمجة حصص اعلامية للتلاميذ في مختلف المستويات .حيث يتحجج الكثير من المديرين بهذه المناشير لفرض توقيت خارج ساعات العمل وهو ما لا يناسب التلاميذ ويقلقهم لأنه توقيت مخصص لراحتهم واسترجاع أنفاسهم خاصة مع كثافة البرنامج الدراسي.ونتيجة لذلك أصبح:
التلاميذ يعتبرون الاعلام المدرسي لا فائدة منه بما أنهم لا يمتحنون فيه ولا يقرر مصيرهم في عملية الانتقال .ولايحسون بأهميته في حياتهم الدراسية بما أنه غير مبرمج رسميا ضمن ساعات دراسته، هذا من جهة .
ومن جهة أخرى يواجه نشاط الاعلام المدرسي اشكالية الاستعداد النفسي على مستوى غالبية المتعاملين مع المدرسة تتمثل في :
ـ عدم وجود استعداد للاطلاع والاستماع لأي شئ اذا لم يرتبط بالحاجيات الآنية خاصة بالنسبة للمربين (كالأمور المتعلقة بالترقيات ، الخدمات الاجتماعية والامتيازات ) .أما التلاميذ يشغلهم كثيرا معدل الانتقال و شروط تلبية الرغبة الأولى في التوجيه فقط .
ـ كما تتمثل الصعوبة الأخرى في وصول سندات الاعلام المدرسي متأخرة خاصة دليل التسجيلات في الجامعة الذي يصل في نهاية شهر ماي او جوان حيث يكون تلاميذ السنة الثالثة ثانوي في عطلة وهو ما يحرمهم من الاطلاع على متطلبات الحياة الجامعية واجراءات التسجيل فيها
ـ وفي احيان أخرى تتخذ تعديلات في مجال اجراءات القبول والتوجيه في نهاية السنة الدراسية وهو ما يجعل توظيفها اعلاميا لفائدة التلاميذ تحدث صدمة واضطرابا لديهم لعدم استعدادهم المسبق ، فتنهار معنوياتهم أكثر وهو ما يؤثر على أدائهم في الامتحانات .
في مـــجال التقـــويم والدراسات:
تواجه نشاطات التوجيه المدرسي والمهني في هذا المجال صعوبات كبيرة في انجاز الدراسات والاستفادة من الخلاصات والاستنتاجات المتوصل اليها، و تتمثل في :
ـ عدم توفر المعطيات الضرورية لانجاز بعض الدراسات لعدم توفر الأرشيف على مستوى بعض المؤسسات .
ـ عدم تعاون وتجاوب الكثير من المتعاملين مع مستشاري التوجيه لانجاز مشاريع الدراسات التي يبرمجونها من خلال :
أ ـ عدم تقديم المعلومات الصحيحة .
ب ـ عدم ملء الاستبيانات والجداول التي تسلم لهم لجلب المعلومات او ملؤها بطريقة
عشوائية وبمعطيات خاطئة او متناقضة.
ج ـ تخوف بعض الأطراف من تناول بعض القضايا التربوية الحساسة كاسلوب معاملة
التلاميذ، طرائق التدريس ، العلاقات الاجتماعية داخل المؤسسة التربوية،أثر الغيابات (الأساتذة والتلاميذ) على النتائج الدراسية للتلاميذ، أسباب ضعف المستوى الدراسي ،نقائص وعيوب الاختبارات التحصيلية، نظرا لعلاقتها بالأداء التربوي والكفاءة في التسيير والتربية ….الخ .
د ـ عدم تنظيم لقاءات وندوات بين مستشاري التوجيه والأطراف المعنية في المدرسة لدراسة ،مناقشة واستغلال نتائج الدراسات المنجزة في حل المشكلات التربوية والنفسية المطروحة وما أكثرها (حين انجاز بعضا منها) . بل تبقى حبرا على ورق لا أحد يعلم بها الا مستشار التوجيه نفسه .
في مجال التكوين أثناء الخدمة :
مازالت عمليات التكوين القليلة التي يتلقاها مستشاري التوجيه المدرسي تفتقد الى استراتجية واضحة وهادفة تنسجم وطبيعة دور التوجيه المدرسي و مع احتياجات التلاميذ ومستلزمات الحياة المدرسية . مع العلم أن العاملين في سلك التوجيه المدرسي يحملون شهادات جامعية متنوعة، في علم النفس وعلم الاجتماع بمختلف تخصصاتها فالكثير منهم ليست لهم علاقة بالتربية أصلا .وهوما يصعب على الكثير منهم التجاوب مع بعض المفاهيم والتقنيات التربوية (كالتقويم التربوي،الارشاد النفسي والتربوي ).
مشكلات ادارية : تتمثل في تكليف بعض مديري الثانويات للمستشارين ببعض المهام التي تتنافى ومهامهم الأصلية، كتسيير المكتبة ،انجاز قوائم التلاميذ حسب الأقسام ،تسجيل التلاميذ الأحرار لشهادة البكالوريا …. وغيرها .وهذا يتم عموما باستعمال ضغوط إدارية على المستشارين في بعض الأحيان .وبرضى المستشار نفسه لعدم استيعابه لمهامه وأدواره ،مع غياب برمجة لنشاطات تغطي كل ساعات عمله في أحيان أخرى .
وأسباب ذلك تعود بالدرجة الأولى إلى عدم الفهم الجيد لطبيعة مهام مستشار التوجيه من قبل الكثير من المديرين ،وتخوف البعض الآخر من تدخلاته المتميزة التي تبحث دائما في عمق الفعل التربوي والأسباب التي تعرقله وهو ما يزيل الستار على عيوب ونقائص كثيرة لا يريد أصحابها الاطلاع عليها او حتى التفكير فيها .
تحديات المدرسة الجزائــرية والحاجة الى التوجيه والإرشاد النفسي:
تواجه المدرسة الجزائرية في ظل التحولات الاجتماعية ،الاقتصادية ، السياسية ،العلمية التكنولوجية والثقافية المتسارعة عــدة تحــديات تفرض منطقا جــديدا في سياسة التوجيه والارشاد النفسي والتربوي. وأهم هذه التحديات تتمثل في :
ـ التدفق الاعلامي الكبير، من خلال اكتساح القنوات التلفزيونية الفضائية والاذاعية المتعددة للبيوت الجزائرية، والتي تمارس تأثيرات كبيرة على سلوكيات ومواقف الناشئة اتجاه القيم والمعايير الاجتماعية وما يتولد عنها من مشكلات نفسية واضطرابات سلوكية متعددة( كالعنف بمختلف أشكاله ،ازدواجية الشخصية ،القلق ،الحيرة وضعف التركيز والاهتمام بالدراسة، السرقة ،المخدرات، الانحلال الخلقي ….).
ـ تسارع وتيرة التطور العلمي ،المعرفي والتكنولوجي وانعكاس ذلك على اهتمامات وميول المتعلمين من خلال ظهور تخصصات دراسية ومهنية جديدة توسع مجال اختيارات التلاميذ وما تخلقه من حيرة وتيه لديهم حول ماذا يختارون ؟ما الانسب إليهم؟ ما هي التخصصات المطلوبة في سوق العمل وما هي حظوظ العمل لكل منها وغيرها ..
ـ تعقد الحياة الاجتماعية والاقتصادية بسبب سيطرة القيم المادية ،وتفشي ظاهرة البطالة والانحرافات الاجتماعية وتأثيراتها السلبية على استعدادات المتعلمين ونظرتهم للدراسة والحياة المهنية او الاجتماعية ،حيث سيطرة النظرة التشاؤمية وضيق الطموحات و محدودية آفاق تفكيرهم.
ـ التحول الجذري في معايير ومقاييس التكوين والتوظيف نتيجة الانفتاح الاقتصادي ودخول الجزائر في العولمة الاقتصادية وما يستلزمه ذلك من اعداد متميز يرتكز على مبدأ الكفاءة والنوعية للاطارات واليد العاملة اضافة الى ضرورة تحكمها في اللغات الأجنبية و تكنولوجية المعلوماتية والاتصالات .وبناء على ذلك أصبح الإرشاد والتوجيه محورا اساسيا في هذه المعادلة لاحداث التوازن والتوافق بين الفرد(قدراته وميولاته ) وبين متطلبات محيطه الاقتصادي والاجتماعي ومساعدته على التكيف والتجاوب مع تحديات العصر.
ــ تفاقم ظواهر لافتة للانتباه في مدارسنا كالعنف ،تناول المخدرات هذا من جهة. ومن جهة اخرى انتشار ظاهرة الخوف من المدرسة ومن الامتحانات لدى شرائح عريضة من المتعلمين وفي مختلف المستويات التعليمية خاصة لدى المراهقين. تفشي ظاهرة الغش في الامتحانات بمختلف أشكالها وانعكاس ذلك على مستوى التحصيل والتكوين للمتعلمين، وبالتالي على أدائهم المستقبلي بعد التخرج .
ــ مشكلة الفراغ وتأثيره على انفعالات المراهقين، سلوكياتهم ،ونظرتهم الى الحياة بصفة عامة والحياة الدراسية بصفة خاصة .
ومن الحاجيات الأخرى التي تستدعي أهمية نشاطات التوجيه المدرسي في المدرسة الجزائرية
ما يلي:
1 ـ الحاجة الى رضى التلميذ عن ذاته وتأكيدها من أجل الاستمتاع بالسعادة الشخصية ، وتكوين نظرة ايجابية عن نفسه والمحيطين به. حيث يعامل التلاميذ كأرقام لا كأشخاص لهم ذات وكيان متميز يجب احترامه وهو ما أفقد التلاميذ لذة الذهاب إلى المدرسة و جعلهم ينفرون منها.
2 ـ الحاجة الى تأمين المستقبل بتوفير فرص الدراسة المناسبة من خلال ضمان التوعية والتحسيس بمتطلبات الحياة الدراسية في مختلف التخصصات والفروع وسبل النجاح فيها مع آفاقها المهنية.
3 ـ الحاجة الى فهم الاتجاهات والقيم الاجتماعية، الأخلاقية والروحية للمتعلمين التي تتعرض للتشويش والاهتزاز نتيجة تأثير برامج تكنولوجية الإعلام والاتصال المعاصرة،بهدف مساعدتهم على تحقيق التوازن النفسي و الاجتماعي أو(الاندماج الاجتماعي) عن طريق تحصينهم ثقافيا وعقائديا وأخلاقيا بمختلف النشاطات الإرشادية التي تعيد إليهم الثقة بالنفس والاعتزاز بالذات وروح الانتماء للمجتمع.
الآفـــــــاق المـــــستــــقــــبلــــــية للتوجيه المدرسي والمهني:
بناءا على ما سبق ذكره يتبين لنا أنه لا يمكن وضع تصور خاص بالتوجيه بمعزل عن التصور العام والشامل للسياسة العامة للمنظومة التربوية التي يتحدد فيها مكانة ودور التوجيه المدرسي والإرشاد النفسي في الاستراتيجية العامة لتحقيق غايات النظام التربوي الجزائري .والا وقعت محاولتنا في منطق الترقيع وسياسة الهروب الى الأمام.
وعليه تتحدد الآفاق المستقبلية للتوجيه المدرسي في المدرسة الجزائرية من خلال ما يلي :ــــ
ــ جعل التوجيه والارشاد النفسي والتربوي بعدا هاما واساسيا في استراتيجية تحقيق غايات النظام التربوي الجزائري .
و لتفعيل نشاطات مستشاري التوجيه المدرسي والمهني اكثر لمواجهة تحديات المدرسة الجزائرية في الألفية الثالثة يقتضي الأمر :
1 ـ اقتصار تدخل مستشاري التوجيه المدرسي بالنشاطات التربوية على مستوى الثانويات التي وظفوا فيها فقط ، مع ضرورة تعميم توظيف مستشاري التوجيه على مستوى الاكماليات( المتوسطات) والابتدائيات لضمان جدية المتابعة النفسية ـ التربوية والتكفل الأحسن بالتلاميذ ( الأطفال والمراهقين العاديين والمتخلفين والموهوبين).
2 ـ وضع منهاج خاص بالتوجيه المدرسي والمهني يشمل كل محاور النشاطات النفسية والتربوية ،يراعى فيه :
أـ مبدأ التكامل بين مختلف النشاطات .
ب ـ مبدأ التدرج في انجاز النشاطات من البسيط الى المعقد من السهل الى الصعب.
ج ـ المستويات التعليمية المختلفة في كل طور تعليمي.
د ـ حاجيات واهتمامات التلاميذ:
ـ في كل مرحلة دراسية.
ـ في كل فصل دراسي .
ـ في كل مناسبة أو ظرف .
هـ ـ الخصوصيات والمتطلبات الاقتصادية، الاجتماعية، الجغرافية والثقافية الوطنية وكذا لكل منطقة او جهة
3 ـ ضرورة تخصيص توقيت رسمي للتوجيه والارشاد ضمن البرنامج الأسبوعي للتلاميذ في مختلف الشعب والفروع الدراسية .
4 – إعطاء صلاحيات التدخل واتخاذ قرارات لمستشاري التوجيه في ما يخص القضايا التربوية و النفسية واختيارات الشعب الدراسية التي تخدم تكيفه المدرسي و مشروعه المستقبلي,
5 ـ ضرورة إدخال تكنولوجية الاتصال والإعلام المعاصرة المتنوعة في نشاطات مستشاري التوجيه وخاصة في تنشيط الحصص الإعلامية للتلاميذ وفي الحصص الارشادية وكل النشاطات الأخرى ،مع ضرورة التفكير في اعداد اشرطة علمية حول:
المهن ـ المنافذ التكوينية الجامعية ـ المحيط الاقتصادي والاجتماعي ـ المشكلات التربوية والنفسية الشائعة لدى المتعلمين وكيفية معالجتها .
6 ـ تأسيس مجلات وجرائد متخصصة الى جانب حصص تربوية اذاعية و تلفزيونية متخصصة في الميدان التربوي تساهم في نشر الثقافة النفسية و التربوية بين أفراد المجتمع و تحسيس الأسر بضرورة التعاون مع المدرسة في تربية أبنائهم .
7 ـ إعادة النظر في هيكلة و مهام مراكز التوجيه المدرسي و المستشارين العاملين فيها خاصة بعد تعميم عملية التوظيف على المستوى الثانوي والاكمالي أو المتوسط والابتدائي بتحويلها إلى مراكز متخصصة تقوم بمهمة التنسيق ،التنظير والمتابعة لعملية التوجيه والارشاد من أجل توحيد استراتيجية العمل الميداني،توفير وانجاز أدوات العمل النموذجية لكل نشاط أو عملية تربوية مع متابعتها و تقييمها.
ونقترح أن تكون مراكز التوجيه متكونة من ثلاث مصالح على الأقل تتشكل كل مصلحة من فرقة تقنية بها (ثلاث مستشارين على الأقل) وهي كالتالي :
أ ـ مصلحة الاعلام والاتصال تتكفل ب :
ــ توفير وسائل عمل المستشارين في الميدان بإنجاز :
أدلـــة ومجلات إعلامية لمختلف المستويات التعليمية ـ لافتات وملصقات.
بهدف توحيد الإستراتيجية الإعلامية ومحتواه على المستوى الولائي الجهوي حتى والوطني .
ــ تنظيم أبواب مفتوحة، منتديات و معارض اعلامية حول المسارات الدراسية والمهنية وعلاقتها بالتحولات الاقتصادية ،الاجتماعية وعالم الشغل.
ــ تقوم بمهمة الناطق الرسمي لشؤون التربية والتعليم على مستوى الولائي بحكم
تخصص العاملين فيها ومتابعتهم للعمل التربوي من كل جوانبه.
ب ـ مصلحــة التوجيه والارشاد النفسي تتكفل ب:
ــ انجاز الوسائل الاستكشافية المختلفة (الاختبارات النفسو تقنية ) وتعديل الروائز المستوردة منها بالتنسيق والتعاون مع الجامعات الوطنية عن طريق توفير آليات التعاون و الاشراف والمتابعة لذلك .
ــ التنظيم والاشراف على عمليات الدعم النفسي والتربوي لتلاميذ مختلف المستويات الدراسية لرفع معنوياتهم ومساعدتهم على تجاوز مشاكلهم النفسية والتربوية خلال الفصول الدراسية،وأثناء الامتحانات المدرسية العادية والرسمية.
ــ الاشراف على لجان المتابعة النفسية والاستكشاف لتلاميذ ذوي الحاجات الخاصة (التعليم المكيف (للمتخلفين دراسيا ـ والمتفوقين والمعاقين وذوي الأمراض المزمنة وغيرهم ) .
ج ـ مصلحة التقويم والدراسات تتكفل بـ:
ــ انجاز نماذج استمارات لتقويم مختلف العمليات التربوية ونشاطات المستشارين في الميدان (شهادتي البكالوريا والتعليم المتوسط (الأساسي سابقا) ـ تقويم الأثر الاعلامي، تقويم المردود التربوي للمؤسسات التعليمية) .
ــ القيام بتحقيقات واستقصاءات ودراسات في مختلف مجالات العمل التربوي لجلب المعلومات بهدف تحسين الأداء والمردود التربويين .
8 ـ إعـادة النظر في النصوص التشريعية المنظمة للتربية والتعليم، بوضع رؤية متكاملة ومنسجمة لكل الفاعلين في الميدان التربوي تسد كل الثغرات والنقائص المسجلة حاليا من جميع الجوانب .من أجل ادماج فعلى وجدي لنشاطات التوجيه المدرسي والإرشاد النفسي والاستفادة من خدماته في الميدان التربوي .
9 ـ إعادة النظر في القانون الأساسي لعمال التربية باعادة تقييم مناصب العمل حسب الشهادات الجامعية للعاملين فيه ، مثل إعادة تصنيف مستشاري التوجيه المدرسي حسب الشهادة الجامعية والمهام الموكلة اليهم .
الى جانب اعطاء لهم فرص الترقية المهنية في مختلف المسؤوليات الادارية والتربوية (كمدير ثانوية أو متوسطة (الاكمالية سابقا) بما انه حامل لشهادة الليسانس في علم النفس وعلوم التربية أو علم الاجتماع وهو الأقرب الى مهام تسيير مؤسسة تربوية بحكم تكوينه القاعدي في العلوم الاجتماعية والتربوية وله مؤهلات في تسيير العلاقات الانسانية وحل المشكلات التربوية والعلائقية .
10 ـ فتح مناصب التفتيش في التوجيه المدرسي على مستوى مقاطعات كبرى تضم بين (10 الى 12 ثانوية + المتوسطات التابعة لها ) مع الأخذ بعين الاعتبار الوضعية المستقبلية عند تعميم توظيف المستشارين على مستوى المتوسطات الاكماليات .على أن يعاد النظر في المهام التقليدية لمفتش التوجيه ليساير المرحلة الجديدة .
11 ـ إدراج محور التوجيه والارشاد في برنامج تكوين المديرين ،المفتشين ومستشاري التربية وكل المهيئين للعمل في قطاع التربية حتى يستوعب ويفهم كل طرف أهمية هذا الجانب في حل المشكلات التربوية وتحسين المردود الدراسي للمتعلمين ،وكذا ليعرف كل واحد دوره ومسؤوليته المتكاملة مع مستشار التوجيه في هذا الجانب .
سطيف في ديسمبر 2008
اعداد الأستاذ خالد عبد السلام
جامعة فرحات عباس سطيف
التوجيه والإرشاد النفسي في الجزائر واقعه،
تحدياته وآفاقه المستقبلية
مقدمـــــــة :
يعتبر التوجيه المدرسي و المهني من أهم العمليات التربوية وأعقدها التي ترتكز عليها فاعلية النشاطات التربوية و دافعية المتعلمين ذلك انه يساهم في تحسين المستوى الدراسي للتلاميذ والمردود التربوي للمدرسة. من خلال سعيه إلى تحقيق التوافق بين امكانات الفرد وقدراته وطموحاته وبين متطلبات الفروع الدراسية عن طريق مساعدته على إنضاج شخصيته وتجاوز الصعوبات التي تعترضه بواسطة الارشاد النفسي والتربوي، وتعريفه بالمحيط الدراسي ، الاجتماعي والمهني أو الاقتصادي بواسطة مختلف الوسائل الإعلامية والاستكشافية.
و من هنا أصبح التوجيه المدرسي و المهني محور المناقشات التربوية و السياسية في بلادنا في السنوات الأخيرة ، كما أنه أصبح ضحية الاتهامات و اللوم في كل خلل يصيب المنظومة التربوية و المجتمع ككل سواء كان فشلا دراسيا أم تسربا مدرسيا أم ضعفا للمستوى العام أو انحرافا اجتماعيا …الخ . بالرغم من أن أسباب المشكلات التربوية متعددة ومتداخلة ،باعتبار أن المنظومة التربوية تتفاعل مع جميع مكونات المحيط الذي تتواجد فيه سلبا و إيجابا. كما أن التوجيه المدرسي و المهني ليس بعملية منفصلة ومستقلة بذاتها أو معزولة عن العمليات التربوية الأخرى و الشروط التي تحيط به بل هو جزء لا يتجزأ من مكونات النسق التربوي.
ولذلك فمنذ المحاولات الأولى لإدماج مستشـاري التوجيه المدرسي و المهني في الوسط التربوي من خلال تعيينهم في الثانويات في بداية التسعينات الى يومنا الحالي في عام 2008 أصبحت الغاية المنشودة والأهداف المنتظرة لذلك بعيدة المنال بسبب النقائص و العقبات التي تواجههم في الميدان من عدة زوايا.فمن خلال الملاحظات الأولية يبدوا أن التوجيه المدرسي والإرشاد النفسي مازال لم يحض بعد بالمكانة الإستراتيجية في العملية التربوية. و مازال ينظر اليه من قبل جميع أفراد الأسرة التربوية على أنه عملية توزيع للتلاميذ على الشعب الدراسية في نهاية السنة الدراسية . وهو ما جعل المختص في الإرشاد والتوجيه لا يرقى الى المهام الأساسية الموكلة إليه .
فبحكم أنني عايشت التجربة منذ تأسيسها بداية التسعينات بعد تعميم توظيف مستشاري التوجيه المدرسي والمهني مدة إثنى عشرة (12) سنة ، أصبح من الضروري التفكير في كيفية تفعيل نشاطات مستشاري التوجيه و مصالح التوجيه المدرسي و المهني في الميدان لتلبية المتطلبات العصرية و يفرضها منطق القرن الجديد، لمواجهة مختلف التحديات التي أصبحت تهدد مستقبل المدرسة الجزائرية (كمشكلة الاكتظاظ داخل الأقسام،مشكلة عدم مراعاة الفروق الفردية ،مشكلة انخفاض المستوى الدراسي وسيطرة سياسة الانتقال الآلي من مستوى إلى آخر في المراحل الدراسية ، ومشكلة العنف والمخدرات داخل المؤسسات التربوية ......وغيرها).فما هي العقبات التـي تعترض فاعلية نشاطات التوجيه والإرشاد النفسي في المدرسة الجزائرية؟ ما هي تحدياته؟وما هي آفاقه المستقبلية ؟
اعتمدنا في تحليلنا وتقييمنا لواقع التوجيه المدرسي بالجزائر على الملاحظات الميدانية والمواقف التي عشناها كمستشار رئيسي للتوجيه المدرسي بعد إثنى عشرة سنة من الممارسة. إضافة إلى تقارير مستشاري التوجيه العاملين في مختلف الثانويات بولاية سطيف ،وما قدموه من شكاوي وتساؤلات دورية حول مختلف النشاطات، الوضعيات والمشكلات التي تواجههم أثناء عملهم.إلى جانب اللقاءات التكوينية الجهوية التي نظمت طيلة سنوات العمل الميداني من قبل مفتش التربية والتكوين المكلف بالتوجيه المدرسي،والتي سمحت لنا بالاحتكاك بزملاء في ولايات أخرى وتسجيل الملاحظات والمشاكل التي تعيق عملهم في الميدان والتي تم تناولها في أعمال الورشات.
بناء على كل تلك المعطيات الميدانية استطعنا تكوين نظرة نقدية موضوعية وشاملة عن واقع التوجيه والإرشاد النفسي بالجزائر، و حاولنا تحديد تحدياته بناء على الانشغالات التي طرحها علينا المتعلمين في التعليمين الاكمالي المتوسط حاليا والثانوي (وهم في سن المراهقة ) و بالتالي حاولنا وضع تصور مستقبلي لآلية التوجيه والإرشاد النفسي.
واقـع التـوجيه والارشاد في المدرسة الجزائــرية:
يواجه التوجيه المدرسي والمهني في المدرسة الجزائرية عدة مشكلات وصعوبات ميدانية في كل الجوانب وهي حسب ما يلي :
1 ـ في الجانب التشريعي و التنظيمي القانوني:
حينما يطلع أي مهتم بمجال التربية و التعليم للنصوص التشريعية و القانونية المنظمة للمنظومة التربوية سيلاحظ حتما أن هناك نقائص وثغرات كبيرة . حيث سجلنا نقص الرؤية الشاملة والمتكاملة لجميع العناصر الفاعلة والمؤثرة في الحياة المدرسية ،خاصة التوجيه المدرسي والمهني الذي مازالت النصوص التشريعية التي تسيره قديمة لا تساير التطورات العلمية و التربوية و المتطلبات العصرية بل مازال حبيس التصور القديم لنوعية الموظفين في هيئة التوجيه وللنشاطات الروتينية التي تقدم على شكل حملات موسمية أو وقتية وهذا بالرغم من النقلة التي حدثت في التسعينات من خلال إدماج وتعميم توظيف مستشاري التوجيه على مستوى أغلبية الثانويات بالقطر الوطني.
وعليه فإن مستشاري التوجيه المدرسي و المهني تواجههم عقبات وصعوبات للمشاركة بفعالية في الحياة المدرسية بسـبب الثغرات المجودة في النصوص التشريعية ومنها:
1 ـ المناشير والقرارات المنظمة لمجالس التعليم ، التربية و التسيير ، التنسيق الاداري ومجالس التأديب ،لا تقر بعضوية مستشاري التوجيه فيها .
2 ـ مجالس الأقسام ، القبول و التوجيه قلما تعطى لهم الكلمة وتسجل آرائهم في سجل المداولات ولا يؤخذ بها إذ سمح لهم بالكلام بدعوى أنه عضو استشاري كما هو محدد في المناشير المنظمة لمجالس الأقسام.
3 ـ غياب أي نص أو بند خاص بمستشار التوجيه المدرسي والمهني في قانون الجماعة التربوية ، بالرغم من أنه عنصر أساسي ويحتل منصب قاعدي كما تصنفه هيكلة المناصب القاعدية في المؤسسة التربوية بالتعليم الثانوي.
4 ـ ليست له صلاحيات واضحة للتدخل في القضايا النفسية والتربوية (الإرشاد النفسي والتربوي)التي تواجه التلاميذ في المؤسسات التربوية، نظرا لعدم وجود أي علاقة مباشرة بالأساتذة ،المساعدين التربويين ،مستشاري التربية، والمفتشين الذين قد تتوقف عليهم الاجراءات الارشادية والعلاجية لبعض المشكلات المطروحة وهو ما جعل تدخلات المستشارين في هذا الميدان محدودة، مقيدة وغير فعالة بل أكثر من ذلك غير موجود في الكثير من الأحيان.
5 ـ مستشار التوجيه غير موجود في عضوية لجنة الطعن الولائية في التوجيه المدرسي من خلال عدم ادراجه ضمن التشكيلة الرسمية في المناشير السارية المفعول حتى سنة 2003، بالرغم من أنه مطلع بشكل جيد على وضعية التلاميذ و قضاياهم التربوية،البيداغوجية وحتى النفسية والاجتماعية،من خلال المتابعة التي يقوم بها على مستوى المقاطعة كلها. وهو أدرى بمتطلبات التوجيه المدرسي من مديري الاكماليات والثانويات الذين يعتبرون أعضاء أساسيين في اللجنة.
6 ـ والثغرات الأخرى نجدها في المناشير والقرارات الوزارية المنظمة لعمل مستشار التوجيه، مثل القرار الوزاري رقم 827 المؤرخ في 13/11/1993 والخاص بتحديد مهام مستشاري التوجيه المدرسي،
و المنشور الوزاري رقم 245/م .ت.ا/93 المؤرخ في 1993.12.04 والخاص بإجراءات تنظيمية لنشاط مستشاري التوجيه في الثانويات والتي تؤكد على أن مستشار التوجيه مكلف بمقاطعة تربوية واسعة ومصغرة يحددها مدير المركز ،الا أن شكل التدخل كيفيته،اجراءاته الادارية من خلال (تكاليف التنقل ،أخطاره وضماناته )غير محددة بشكل دقيق وواضح وهو ما يؤكده المحور الثالث من المنشور السالف الذكر (رقم245)حيث ينص على ما يلي: " أما أسلوب التدخل الذي يجب اعتماده في كل قطاع فستحدده تعليمة لاحقة" ولم نتلق أي تعليمة الى يومنا هــذا منذ ذلك التاريخ. وعليه يتنقل مستشاري التوجيه الى عـدة اكماليات بمناطق بعيدة بإمكانياتهم الخاصة و دون أمر بمهمة ولا تعويض عن المصاريف التي ينفقونها .
و هـو الامر يجعل عمل مستشاري التوجيه قاصرا وناقصا حيث يستحيل عليهم إنجاز كل نشاطاتهم وايفاءها حقهـا في مؤسساتـهم الأصليــة.وفي حالة تعرضهم لحوادث لقدر الله قد لا يجدون إطارا قانونيا يحمي حقوقهم.
7 ـ والإشكالية القانونية الأخرى تتمثل في القراءة المعتمدة من طرف مـديري المؤسسات التربوية لتصنيف عمل ونشاطات مستشاري التوجيه حيث تؤكد المادة العشرة من القرار الوزاري (رقم 827) بأنه يندرج ضمن الفريق التربوي التابع للمؤسسة ،إلا أن هؤلاء يدرجونه ضمن الفريق الإداري(التأطير التربوي) باعتبار منصبه قاعدي، ويلزم ببعض الأعمال الإدارية كالمداومات خلال العطل المدرسية دون استفادته من الحقوق المرتيطة بذلك كحق السكن الوظيفي والتعويض. كما يكلف في بعض الأحيان بتوزيع الكتب المدرسية ،تسجيل المترشحين الأحرار للبكالوريا، إنجاز قوائم للمستفيدين من الإعانات المالية (التضامن المدرسي). ..وغيرها.
المعوقـــات المعنويـــــة للمختصين في التوجيه والارشاد :
حينما يطلع أي انسان على القانون الاساسي لعمال التربية وبالضبط في المحور الخاص بالتوجيه المدرسي و المهني تنتابه الحيرة، ويجد مفارقات غير منطقية نتيجة تصنيفه كحامل لشهادة الليسانس في نفس سلم التقنيين الساميين ، وليست له أي منافذ للترقيات إلا كمفتش للتوجيه المدرسي والمهني والذي يرتبط بمدى توفر المناصب المالية بالولايات أومدى فتح مراكز التوجيه. وهي نادرة ومحتكرة بتواطؤ من الوزارة التي لاترى أي أهمية في نشاطات التوجيه المدرسي في العملية التربوية ولاتتوفر على رؤية استراتيجية في هذا المجال . وفي هذه الحالة حينما يصل مستشار التوجيه الى مستوى معين من الاقدمية والخبرة يجد نفسه طموحا للترقية الادارية إلا أنه بعد ادراكه لاستحالة ذلك تضعف معنوياته ويصاب بالاحباط فتضعف دافعيته فلا يتحمس للعمل خاصة و أنه يعمل في ثانوية مع اساتذة حاملي شهادة ليسانس مصنفين في سلم 15/3 ( التصنيف القديم) ويشرفون على 3 أو 4 أفواج تربوية فقط .
بينما هو يشرف على كل تلاميذ المقاطعتين الصغيرة والكبيرة(داخل الثانوية ومجموعة الاكماليات(المتوسطات)) ويتقاضى أجرا أقل بكثير من الجهد المبذول والمسؤولية الملقاة عليه .
والجـــدول التالي يبين هــذه المفارقة
أســتاذ التعليم الثانوي مستــشار رئيسي للتوجيه المدرسي
ـ مكان العمل: الثانوية أو المتقنة ـ نفس الشيء
ـ الشهادة الجامعية المطلوبة: الليسانس ـ الليسانس كذلك
ـ ساعات العمل:18 ساعة أسبوعيا ـ 40 ساعة اسبوعيا.
ـ عدد التلاميذ الذين يشرف عليهم:معدل ـ يشرف على كل تلاميذ الثانوية
200 تلميذ(4الى5 أفواج) والاكماليات التابعة لها (بمعدل 2500 ت)
ـ المهام المنوطة به:التربية والتعليم في ـ يقوم بـ:الاعلام المدرسي ـ التوجيه ـ
إطار مادة التخصص المتابعة لكل التلاميذـ الارشاد النفسي
والتربوي ـ التقويم التربوي ـانجاز دراسات
وتحقيقات ميدانية لجلب المعلومات .
ـ فرص الترقية: نائب المدير للدراسات ـ مفتش التوجيه المدرسي فقط اذا توفرت
مديرثانويةـ مفتش المادةـ أستاذ مبرزـ المناصب بالولاية والتي ترتبط بمدى تقاعد
العاملين فعليا.وهي نادرة جــدا.
التصنيف في سلم الأجور:15/03 ـ ســلم 14/05 .أليس هذا بظلم اجتماعي؟
(مجلة المعلم عدد سنة ص )
في مجال المتابعة النفسية والتربوية:
تعترض مستشاري التوجيه المدرسي والمهني عـدة صعوبات وعراقيل في هذا المحور فقللت من فعالية تدخلاته ، وتتمثل فيما يأتي :
1 ـ صعوبة جمع النـتائج الدراسية الفصلية لتحليلها والمشاركة بها في مجالس الأقسام ، بســـبب :
أ ـ عــدم وجود وسيلة أو آلية لجمع النتائــج الدراسية ،وحتى حينما وضعنا نموذجا على شكل جدول يشمل على(كل المواد الدراسية حيث يتوزع فيها التلاميذ حسب الفئات ـ تسجل نسبة الغياب في كل قسم و في كل مادة ـ تسجل الحالات السلوكية في كل مادة وفي كل قسم من أجل تحليلها واجراء المقارنات للوقوف على أثر كل عامل من تلك العوامل على المردود الدراسي ) فاننا وجدنا صعوبات كبيرة في ملئه من قبل الأساتذة والادارات التربوية معتقدين أنه عمل اضافي لا معنى ولا فائدة منه .
ب ـ تأخر الأساتذة في ملء كشوف النقاط ،حتى ساعات قبل انعقاد مجالس الأقسام حيث يعتبر المصدر الوحيدة الموفر للمستشار لجلب النتائج . وبالتالي يستحيل عليه تحليلها وتوظيفها أثناء مداولات المجالس إن وفرت له فرصة تقديم حصيلة أعماله.
ج ـ تزامن انعقاد مجالس أقسام الثانويات مع الإكماليات في نفس اليوم و التوقيت وفي بعض الثانويات تبرمج إدارة الثانوية مجلسين لنفس المستوى وفي بعض الحالات لمستويين مختلفين في توقيت واحد .وهو ما يجعل مشاركة مستشار التوجيه ومتابعته للتلاميذ في مختلف المستويات مستحيلة .كما أن التحاليل التي يجريها على النتائج الدراسية والملاحظات التي يسجلها حول سيرة التلاميذ ومشكلاتهم لمناقشتها مع الأساتذة واقتراح الحلول المناسبة لها لا تجد فضاءا لعرضها.
د ـ كما أن مجالس الأقسام يطغى عليها الروتين وسياسة الهروب الى الأمام ، حيث أن المناقشات لاترقى الى مستوى المهام الموكلة لهذه المجالس،بل يطغى عليها السطحية والتسرع في تقييم المستوى العام للقسم والانضباط دون الخوض في تحليل الأسباب المعرقلة. ذلك أن الوقت المخصص لكل مجلس ضيق جدا (نصف ساعة )لا يكفي حتى لتسجيل الملاحظات والإجازات او العقوبات التي تعطى وفق سلم يحدد سلفا وبشكل آلي بل أصبحت الإجازات تحدد بمبرمج الإعلام الآلي مباشرة قلما تناقش وكأنها قدرا محتوما.
وعليه فإن مستشاري التوجيه المدرسي لا يجدون انفسهـم فيها أصلا لعدة اعتبارات :
1 ـ في بعض الحالات لا تعطى لهم الكلمة في المجالس بدعوى أنه عضو يحضر بصفة استشارية .
2 ـ وفي حالات اخرى حينما تعطى لهم الكلمة يشترط عليهم الاختصار وعدم الخوض في الامور التربوية والبيداغوجية التي من المفروض ان تكون هي المحور الأساسي في النقاش ، بدعوى ضيق الوقت ،ضرورة إكمال المجالس حسب التوقيت المبرمج لها .ذلك ان المجالس تعقد خارج ساعات العمل والأساتذة يحضرون حسب توقيت الأقسام المعنيين بها هذا من جهة. ومن جهة أخرى يبرر المديرين تجاوز الخوض في النقاش التربوي والتقييمي بكون الأساتذة مرتبطين بأعمال خاصة يجب مراعاتها (بالخصوص السيدات ).
ولذلك يصبح التحليل الذي يعده مستشاري التوجيه لا جدوى ولا فائدة منه إن بقيت حبيسا في مكاتبهم، ولا تستثمر ويستفاد منها.بل في بعض الحالات يتساءل المستشارون ما هو دورهم التربوي في مثل هذه المجالس التي يحرمون فيها من إعطاء رؤية متميزة للعمل التربوي من خلال المساهمة في تقويمه من زوايا متعــددة بهدف اقتراح اجراءات علاجية لكل المشاكل المطروحة ؟
ـ وبالنسبة للاجتماعات التنسيقية لرؤساء الأقسام ومسؤولي المواد :
التي مهمتها المتابعة والتقويم الدوري لمدى التقدم والتأخر في البرنامج الدراسي ،تشخيص الصعوبات التي تواجه التلاميذ في كل محور او موضوع ومعالجة المشكلات السلوكية المطروحة في كل قسم ،فإنها في واقع الأمر لا تعقد ولا يسمع بها مستشاري التوجيه أصلا. بل أكثر من ذلك تستعمل طرق إدارية فريدة من نوعها للتحايل على الاجراءات المفروض اتباعها لسيرها الجيد،وتتمثل في :
ـ إما بتمرير السجل المخصص لهذه المجالس على الأساتذة بشكل فردي لتسجيل ملاحظاتهم .مع الامضاء على المحضر.
ـ وإما يكلف أستاذ واحد بتسجيل الملاحظات والمداولات على شكل محضر اجتماع ثم يمرر السجل على المعنيين للامضاء .
وعليه أصبح مستشار التوجيه مغيب و مهمش من هذه اللقاءات التنسيقية الهامة في العملية التربوية ، التي من الفروض أن تكون اداة للتمحيص ،الفحص والتقويم الدوري للفعل التربوي والذي من شأنه إزالة الفجوة بين الأهداف المحققة والمنتظرة او المسطرة في حينها وبالتالي تحسين العمل التربوي ومردوده .
في مــجال الإرشاد النفسي والتربوي:
يواجه مستشاري التوجيه المدرسي والمهني في هذا الميدان صعوبات تقنية وإدارية متعددة
تتمثل في :
1 ــ نقص الوسائل الاستكشافية المكيفة للواقع الجزائري كالاختبارات و الروائزـ النفستقنية لتوظيفها في الوسط المدرسي كأدوات مساعـدة لفهم وتشخيص بعض المشكلات النفسية والتربوية المطروحة باستثناء القليل جدا التي لا توجد ضرورة لاستعمالها في غالب الأحيان.
2 ـ ــ عدم التحكم في تطبيق بعض الاختبارات النفس ـ تقنية من قبل غالبية المستشارين بسبب ضعف التكوين الجامعي في هــذا المجال هذا من جهة .ومن جهة أخرى وجود تخصصات بعيدة عن ميداني علم النفس وعلوم التربية ولم يدرس فيها المستشارون المعينون القياس النفسي التربوي أصلا ( مثل تخصص علم الاجتماع ).
3 ـ عدم تطبيق اختبارات الذكاء والشخصية المتوفرة للكشف عن الموهوبين والمتفوقين أو المتأخرين دراسيا بهدف التكفل بهم و تقديم لهم تعليما خاصا، بسبب إهمال هذا النوع من التعليم(التعليم المكيف) من قبل وزارة التربية الوطنية في العشر سنوات الأخيرة.رغم وجود مؤشرات وعلامات التفوق والتأخر للكثير من الحالات في مدارسنا .
و هو ما جعل كل مستشار يتصرف باجتهاده الخاص وحسب طبيعة تخصصه وتكوينه الجامعي في تفسير وفهم بعض المشكلات التربوية والنفسية التي يصادفها في مقاطعته.
4 ـ عدم وجود استبيان للميول والاهتمامات نموذجي لمختلف المستويات التعليمية مبني وفق معايير علمية يمكن الاستناد اليه في استكشاف وتحليل رغبات وميول التلاميذ الدراسية والمهنية وتوظيفها في استراتجية الاعلام المدرسي وفي المقابلات الارشادية وكذا في وضع تقديرات التوجيه المسبق التي تساعد على تحديد ملامح الخرائط التربوية.
وهو الأمر الذي جعل كل مستشار يجتهد من تلقاء نفسه في انجاز استبيان ،تطبيقه وتحليله بطريقته الخاصة. و رغم ذلك ومهما كانت طبيعة هذا الاستبيان يجد مستشاري التوجيه صعوبات في استثمار وتوظيف نتائجه مع التلاميذ المعنيين والأساتذة والإدارة التربوية للأسباب السالفة الذكر.
وحتى في حالة عرض النتائج في مجالس الأقسام بشكل مقتضب وسريع لا يجد مستشار التوجيه تفهما ولا تعاونا من قبل هؤلاء (الادارة والاساتذة) للأخذ بالملاحظات والاقتراحات المسجلة .خاصة ما يتعلق بضرورة مراعاة سيكولوجية التلاميذ المراهقين بحسن معاملتهم ، تجنب اهانتهم أو تجريحهم مهما كانت تصرفاتهم مزعجة ،الاستجابة لانشغالاتهم مع ضرورة الاهتمام بتوفير الشروط التربوية والبيداغوجية لانجاح الفعل التربوي ،عدم اصدار احكام مسبقة على شعب دراسية معينة أو نمط تعليمي معين،عدم الأخذ باقتراح فتح بعض الشعب لتوفر الرغبة والملمح الدراسي المناسب ... وغيرها . الا أن هــذه الأمور كلها تبدو لدى هؤلاء نوع من التفلسف والمثالية ،لا أحد يستسيغها باعتبارها غير مألوف ومكلفة للجهد والوقت حسب ردود الأفعال التي سجلناها طيلة مسارنا المهني وسجلها كل الزملاء على مستوى الولائي والجهوي في الملتقيات الدورية.
كما أن الادارة التربوية عموما تستثقل تطبيق بعض الاجراءات والاقتراحات البيداغوجية العلاجية التي تتخذ في بعض مجالس الأقسام . كتغيير الأفواج للمشاغبين وتوزيعهم ومتابعتهم ......الخ.
في مجال الاعلام المدرسي والمهني:
يبين لنا واقع التوجيه المدرسي والمهني أن الاعلام المدرسي مازال ناقصا، حيث لا توجد استراتيجية اعلامية وفق ما يجب أن يكون عليه بالرغم من أهميته التربوية .ذلك أن ادارة المؤسسات التربوية مازالت لم تساير التطور الحاصل على مستوى الفكر التربوي وتقنيات التسيير الادارية الحديثة التي تؤكد أهمية الاعلام والاتصال حول كل جزئيات النظام التربوي في تربية وتهذيب ميول ،اهتمامات واختيارات المتعلمين وتأهيلهم لاتخاذ المواقف والقرارات المسؤولة والمناسبة لمستقبلهم الدراسي .
وعلى هذا الأساس لا تولي الإدارات التربوية العناية اللازمة لمثل هذا النشاط من خلال :
1 ـ احتكار المناشير والقرارات الرسمية التي تصل المؤسسات التربوية من الوصاية حول كل شؤون المدرسة الا البعض منها الخاصة بالواجبات الموجهة مباشرة الى الأسرة التربوية لتطبيقها ،بالرغم من أن قانون الجماعة التربوية ينص في الباب الخاص بأحكام تسيير المؤسسة المادة 18 :على أنه يتعين على مدير المؤسسة في إطار الاعلام والتكوين المستمر ، نشر التعليمات وتبليغ المعلومات التي توجهها السلطات السلمية الى التلاميذ والموظفين .فكيف يمكن أن نوكل مهمة الاعلام والاتصال لمستشار وهو مجرد من المعلومات الأساسية حول المنظومة التربوية ولا يعرف التغيرات والتطورات الطارئة فيها.
2 ـ عـدم فتح خلايا الاعلام والتوثيق بالمؤسسات رغم توفر الهياكل والتجهيزات اللازمة في الكثير منها، بالرغم من إلحاح الوزارة الوصية بالمناشير ،وإلحاح مستشاري التوجيه المدرسي على هذا الأمر.
3 ـ عدم شراء ،توزيع وتوظيف الأدلة الاعلامية المنجزة من طرف مديرية التقويم التوجيه والاتصال لصالح التلاميذ والأولياء في مختلف المراحل التعليمية .
4 ـ غياب شبه كلي للصحافة المدرسية في الكثير من المؤسسات التربوية التي تعتبر منبرا لتبليغ الرسالة التربوية،وتدريبا للمتعلمبن على روح البحث الاعلامي لاستثمار واكتشاف مواهبهم وابتكاراتهم في مختلف الميادين .
5 ـ عدم تخصيص ميزانية للأدوات والوسائل اللازمة لإنجاز الوثائق الإعلامية والتربوية الضرورية في إطار نشاطات مستشاري التوجيه الرسمية(مثل أقلام التلوين الورق المقوى كبير الحجم وغيرها …) ،بسبب جهل أو تجاهل الكثير من الإدارات التربوية لطبيعة عمل هذا الإطار الجديد في المؤسسة التربوية.
6 ـ صعوبة برمجة الحصص الاعلامية لفائدة تلاميذ مختلف المستويات الدراسية لسببن رئيسيين هما:
أ ـ عــدم وجود ساعات مخصصة للتوجيه المدرسي ضمن البرنامج الأسبوعي للتلاميذ.
ب ـ كبر قطاع التدخل (معدل تكفل كل مستشار 3 إكماليات + ثانوية) وارتباط مستشاري التوجيه بالوقت والفترة المناسبة لكل حصة .
ونتيجة لذلك أصبح مستشاري التوجيه يقدمون هذه الحصص الاعلامية إما في :
ـ ساعات الفراغ خارج البرنامج الأسبوعي الرسمي للتلاميذ(في آخر فترة صباحية أو مسائية ).
ـ اما في ساعات غياب الأساتذة من حين لآخر حيث يكون مستشار التوجيه في ترقب لغياب الأساتذة ،حتى المساعدين التربويين يجدون في مثل هذه الوضعية فرصة مواتية للتخلص من أعباء الحراسة للتلاميذ داخل الاقسام،حيث ينادونه عند كل غياب كأنه رجل انقاذ ومطافئ.
فأصبحت نشاطات الارشاد والتوجيه المدرسي في ظل هذا المناخ السائد في الكثير من المؤسسات التربوية قد فقدت معناها .
والحصص الاعلامية بهذه البرمجة المفاجئة في نظر وتصور التلاميذ لا معنى لها بل تعتبر مصدر حرج وقلق لكونهم لا يتحملون ساعات اضافية أكثر من الشيء الذي يقضونه يوميا في المدرسة .
كما أن مستشاري التوجيه يقضون أسابيع كثيرة في مؤسسة واحدة لإنجاز حصة إعلامية واحدة لفوج تربوي ، نتيجة البرمجة المفتوحة على عدة أيام حسب ساعات الفراغ التي تتاح خلال الأسبوع في كل مؤسسة .والمبرر الذي تقدمه الإدارات التربوية عند معارضة وضع برمجة لحصص إعلامية خلال أسبوع واحد وفي توقيت مناسب لحضور التلاميذ يتمثل في :
ـ لا يمكن أخذ ساعة من مادة دراسية رسمية لأنها ستؤثر على السير العادي للدروس فيتأخر الأساتذة في انجاز البرنامج المقرر،كما أنهم سيحاسبون من قبل مفتش المادة حول أسباب التأخر .
وبالرغم من موضوعية المبرر ،نجد ان الاعلام المدرسي في تصور الكثير من الادارات التربوية وحتى وزارة التربية الوطنية يعتبر نشاطا ثانويا. والا كيف نفسر تجاهل الوصاية لكيفية انجاز نشاطات مستشاري التوجيه المدرسي في المؤسسات التعليمية.
وحتى مديرية التقويم التوجيه والاتصال المشرفة المباشرة تقنيا على عمل مصالح التوجيه المدرسي في كل ولايات الوطن من خلال تحديدها لمحاور البرنامج السنوي التقديري ،عندما أرسلت مؤخرا مناشير حول تنظيم و استثمار الزمن المخصص للدراسة في النظام التربوي(مناشير رقم 250/251/253/المؤرخة في 5 سبتمبر 2000 ) تجاهلت كلية ادراج توقيت خاص لنشاطات مستشاري التوجيه المدرسي في المؤسسات التربوية وهو ما زاد من تعقيد برمجة حصص اعلامية للتلاميذ في مختلف المستويات .حيث يتحجج الكثير من المديرين بهذه المناشير لفرض توقيت خارج ساعات العمل وهو ما لا يناسب التلاميذ ويقلقهم لأنه توقيت مخصص لراحتهم واسترجاع أنفاسهم خاصة مع كثافة البرنامج الدراسي.ونتيجة لذلك أصبح:
التلاميذ يعتبرون الاعلام المدرسي لا فائدة منه بما أنهم لا يمتحنون فيه ولا يقرر مصيرهم في عملية الانتقال .ولايحسون بأهميته في حياتهم الدراسية بما أنه غير مبرمج رسميا ضمن ساعات دراسته، هذا من جهة .
ومن جهة أخرى يواجه نشاط الاعلام المدرسي اشكالية الاستعداد النفسي على مستوى غالبية المتعاملين مع المدرسة تتمثل في :
ـ عدم وجود استعداد للاطلاع والاستماع لأي شئ اذا لم يرتبط بالحاجيات الآنية خاصة بالنسبة للمربين (كالأمور المتعلقة بالترقيات ، الخدمات الاجتماعية والامتيازات ) .أما التلاميذ يشغلهم كثيرا معدل الانتقال و شروط تلبية الرغبة الأولى في التوجيه فقط .
ـ كما تتمثل الصعوبة الأخرى في وصول سندات الاعلام المدرسي متأخرة خاصة دليل التسجيلات في الجامعة الذي يصل في نهاية شهر ماي او جوان حيث يكون تلاميذ السنة الثالثة ثانوي في عطلة وهو ما يحرمهم من الاطلاع على متطلبات الحياة الجامعية واجراءات التسجيل فيها
ـ وفي احيان أخرى تتخذ تعديلات في مجال اجراءات القبول والتوجيه في نهاية السنة الدراسية وهو ما يجعل توظيفها اعلاميا لفائدة التلاميذ تحدث صدمة واضطرابا لديهم لعدم استعدادهم المسبق ، فتنهار معنوياتهم أكثر وهو ما يؤثر على أدائهم في الامتحانات .
في مـــجال التقـــويم والدراسات:
تواجه نشاطات التوجيه المدرسي والمهني في هذا المجال صعوبات كبيرة في انجاز الدراسات والاستفادة من الخلاصات والاستنتاجات المتوصل اليها، و تتمثل في :
ـ عدم توفر المعطيات الضرورية لانجاز بعض الدراسات لعدم توفر الأرشيف على مستوى بعض المؤسسات .
ـ عدم تعاون وتجاوب الكثير من المتعاملين مع مستشاري التوجيه لانجاز مشاريع الدراسات التي يبرمجونها من خلال :
أ ـ عدم تقديم المعلومات الصحيحة .
ب ـ عدم ملء الاستبيانات والجداول التي تسلم لهم لجلب المعلومات او ملؤها بطريقة
عشوائية وبمعطيات خاطئة او متناقضة.
ج ـ تخوف بعض الأطراف من تناول بعض القضايا التربوية الحساسة كاسلوب معاملة
التلاميذ، طرائق التدريس ، العلاقات الاجتماعية داخل المؤسسة التربوية،أثر الغيابات (الأساتذة والتلاميذ) على النتائج الدراسية للتلاميذ، أسباب ضعف المستوى الدراسي ،نقائص وعيوب الاختبارات التحصيلية، نظرا لعلاقتها بالأداء التربوي والكفاءة في التسيير والتربية ….الخ .
د ـ عدم تنظيم لقاءات وندوات بين مستشاري التوجيه والأطراف المعنية في المدرسة لدراسة ،مناقشة واستغلال نتائج الدراسات المنجزة في حل المشكلات التربوية والنفسية المطروحة وما أكثرها (حين انجاز بعضا منها) . بل تبقى حبرا على ورق لا أحد يعلم بها الا مستشار التوجيه نفسه .
في مجال التكوين أثناء الخدمة :
مازالت عمليات التكوين القليلة التي يتلقاها مستشاري التوجيه المدرسي تفتقد الى استراتجية واضحة وهادفة تنسجم وطبيعة دور التوجيه المدرسي و مع احتياجات التلاميذ ومستلزمات الحياة المدرسية . مع العلم أن العاملين في سلك التوجيه المدرسي يحملون شهادات جامعية متنوعة، في علم النفس وعلم الاجتماع بمختلف تخصصاتها فالكثير منهم ليست لهم علاقة بالتربية أصلا .وهوما يصعب على الكثير منهم التجاوب مع بعض المفاهيم والتقنيات التربوية (كالتقويم التربوي،الارشاد النفسي والتربوي ).
مشكلات ادارية : تتمثل في تكليف بعض مديري الثانويات للمستشارين ببعض المهام التي تتنافى ومهامهم الأصلية، كتسيير المكتبة ،انجاز قوائم التلاميذ حسب الأقسام ،تسجيل التلاميذ الأحرار لشهادة البكالوريا …. وغيرها .وهذا يتم عموما باستعمال ضغوط إدارية على المستشارين في بعض الأحيان .وبرضى المستشار نفسه لعدم استيعابه لمهامه وأدواره ،مع غياب برمجة لنشاطات تغطي كل ساعات عمله في أحيان أخرى .
وأسباب ذلك تعود بالدرجة الأولى إلى عدم الفهم الجيد لطبيعة مهام مستشار التوجيه من قبل الكثير من المديرين ،وتخوف البعض الآخر من تدخلاته المتميزة التي تبحث دائما في عمق الفعل التربوي والأسباب التي تعرقله وهو ما يزيل الستار على عيوب ونقائص كثيرة لا يريد أصحابها الاطلاع عليها او حتى التفكير فيها .
تحديات المدرسة الجزائــرية والحاجة الى التوجيه والإرشاد النفسي:
تواجه المدرسة الجزائرية في ظل التحولات الاجتماعية ،الاقتصادية ، السياسية ،العلمية التكنولوجية والثقافية المتسارعة عــدة تحــديات تفرض منطقا جــديدا في سياسة التوجيه والارشاد النفسي والتربوي. وأهم هذه التحديات تتمثل في :
ـ التدفق الاعلامي الكبير، من خلال اكتساح القنوات التلفزيونية الفضائية والاذاعية المتعددة للبيوت الجزائرية، والتي تمارس تأثيرات كبيرة على سلوكيات ومواقف الناشئة اتجاه القيم والمعايير الاجتماعية وما يتولد عنها من مشكلات نفسية واضطرابات سلوكية متعددة( كالعنف بمختلف أشكاله ،ازدواجية الشخصية ،القلق ،الحيرة وضعف التركيز والاهتمام بالدراسة، السرقة ،المخدرات، الانحلال الخلقي ….).
ـ تسارع وتيرة التطور العلمي ،المعرفي والتكنولوجي وانعكاس ذلك على اهتمامات وميول المتعلمين من خلال ظهور تخصصات دراسية ومهنية جديدة توسع مجال اختيارات التلاميذ وما تخلقه من حيرة وتيه لديهم حول ماذا يختارون ؟ما الانسب إليهم؟ ما هي التخصصات المطلوبة في سوق العمل وما هي حظوظ العمل لكل منها وغيرها ..
ـ تعقد الحياة الاجتماعية والاقتصادية بسبب سيطرة القيم المادية ،وتفشي ظاهرة البطالة والانحرافات الاجتماعية وتأثيراتها السلبية على استعدادات المتعلمين ونظرتهم للدراسة والحياة المهنية او الاجتماعية ،حيث سيطرة النظرة التشاؤمية وضيق الطموحات و محدودية آفاق تفكيرهم.
ـ التحول الجذري في معايير ومقاييس التكوين والتوظيف نتيجة الانفتاح الاقتصادي ودخول الجزائر في العولمة الاقتصادية وما يستلزمه ذلك من اعداد متميز يرتكز على مبدأ الكفاءة والنوعية للاطارات واليد العاملة اضافة الى ضرورة تحكمها في اللغات الأجنبية و تكنولوجية المعلوماتية والاتصالات .وبناء على ذلك أصبح الإرشاد والتوجيه محورا اساسيا في هذه المعادلة لاحداث التوازن والتوافق بين الفرد(قدراته وميولاته ) وبين متطلبات محيطه الاقتصادي والاجتماعي ومساعدته على التكيف والتجاوب مع تحديات العصر.
ــ تفاقم ظواهر لافتة للانتباه في مدارسنا كالعنف ،تناول المخدرات هذا من جهة. ومن جهة اخرى انتشار ظاهرة الخوف من المدرسة ومن الامتحانات لدى شرائح عريضة من المتعلمين وفي مختلف المستويات التعليمية خاصة لدى المراهقين. تفشي ظاهرة الغش في الامتحانات بمختلف أشكالها وانعكاس ذلك على مستوى التحصيل والتكوين للمتعلمين، وبالتالي على أدائهم المستقبلي بعد التخرج .
ــ مشكلة الفراغ وتأثيره على انفعالات المراهقين، سلوكياتهم ،ونظرتهم الى الحياة بصفة عامة والحياة الدراسية بصفة خاصة .
ومن الحاجيات الأخرى التي تستدعي أهمية نشاطات التوجيه المدرسي في المدرسة الجزائرية
ما يلي:
1 ـ الحاجة الى رضى التلميذ عن ذاته وتأكيدها من أجل الاستمتاع بالسعادة الشخصية ، وتكوين نظرة ايجابية عن نفسه والمحيطين به. حيث يعامل التلاميذ كأرقام لا كأشخاص لهم ذات وكيان متميز يجب احترامه وهو ما أفقد التلاميذ لذة الذهاب إلى المدرسة و جعلهم ينفرون منها.
2 ـ الحاجة الى تأمين المستقبل بتوفير فرص الدراسة المناسبة من خلال ضمان التوعية والتحسيس بمتطلبات الحياة الدراسية في مختلف التخصصات والفروع وسبل النجاح فيها مع آفاقها المهنية.
3 ـ الحاجة الى فهم الاتجاهات والقيم الاجتماعية، الأخلاقية والروحية للمتعلمين التي تتعرض للتشويش والاهتزاز نتيجة تأثير برامج تكنولوجية الإعلام والاتصال المعاصرة،بهدف مساعدتهم على تحقيق التوازن النفسي و الاجتماعي أو(الاندماج الاجتماعي) عن طريق تحصينهم ثقافيا وعقائديا وأخلاقيا بمختلف النشاطات الإرشادية التي تعيد إليهم الثقة بالنفس والاعتزاز بالذات وروح الانتماء للمجتمع.
الآفـــــــاق المـــــستــــقــــبلــــــية للتوجيه المدرسي والمهني:
بناءا على ما سبق ذكره يتبين لنا أنه لا يمكن وضع تصور خاص بالتوجيه بمعزل عن التصور العام والشامل للسياسة العامة للمنظومة التربوية التي يتحدد فيها مكانة ودور التوجيه المدرسي والإرشاد النفسي في الاستراتيجية العامة لتحقيق غايات النظام التربوي الجزائري .والا وقعت محاولتنا في منطق الترقيع وسياسة الهروب الى الأمام.
وعليه تتحدد الآفاق المستقبلية للتوجيه المدرسي في المدرسة الجزائرية من خلال ما يلي :ــــ
ــ جعل التوجيه والارشاد النفسي والتربوي بعدا هاما واساسيا في استراتيجية تحقيق غايات النظام التربوي الجزائري .
و لتفعيل نشاطات مستشاري التوجيه المدرسي والمهني اكثر لمواجهة تحديات المدرسة الجزائرية في الألفية الثالثة يقتضي الأمر :
1 ـ اقتصار تدخل مستشاري التوجيه المدرسي بالنشاطات التربوية على مستوى الثانويات التي وظفوا فيها فقط ، مع ضرورة تعميم توظيف مستشاري التوجيه على مستوى الاكماليات( المتوسطات) والابتدائيات لضمان جدية المتابعة النفسية ـ التربوية والتكفل الأحسن بالتلاميذ ( الأطفال والمراهقين العاديين والمتخلفين والموهوبين).
2 ـ وضع منهاج خاص بالتوجيه المدرسي والمهني يشمل كل محاور النشاطات النفسية والتربوية ،يراعى فيه :
أـ مبدأ التكامل بين مختلف النشاطات .
ب ـ مبدأ التدرج في انجاز النشاطات من البسيط الى المعقد من السهل الى الصعب.
ج ـ المستويات التعليمية المختلفة في كل طور تعليمي.
د ـ حاجيات واهتمامات التلاميذ:
ـ في كل مرحلة دراسية.
ـ في كل فصل دراسي .
ـ في كل مناسبة أو ظرف .
هـ ـ الخصوصيات والمتطلبات الاقتصادية، الاجتماعية، الجغرافية والثقافية الوطنية وكذا لكل منطقة او جهة
3 ـ ضرورة تخصيص توقيت رسمي للتوجيه والارشاد ضمن البرنامج الأسبوعي للتلاميذ في مختلف الشعب والفروع الدراسية .
4 – إعطاء صلاحيات التدخل واتخاذ قرارات لمستشاري التوجيه في ما يخص القضايا التربوية و النفسية واختيارات الشعب الدراسية التي تخدم تكيفه المدرسي و مشروعه المستقبلي,
5 ـ ضرورة إدخال تكنولوجية الاتصال والإعلام المعاصرة المتنوعة في نشاطات مستشاري التوجيه وخاصة في تنشيط الحصص الإعلامية للتلاميذ وفي الحصص الارشادية وكل النشاطات الأخرى ،مع ضرورة التفكير في اعداد اشرطة علمية حول:
المهن ـ المنافذ التكوينية الجامعية ـ المحيط الاقتصادي والاجتماعي ـ المشكلات التربوية والنفسية الشائعة لدى المتعلمين وكيفية معالجتها .
6 ـ تأسيس مجلات وجرائد متخصصة الى جانب حصص تربوية اذاعية و تلفزيونية متخصصة في الميدان التربوي تساهم في نشر الثقافة النفسية و التربوية بين أفراد المجتمع و تحسيس الأسر بضرورة التعاون مع المدرسة في تربية أبنائهم .
7 ـ إعادة النظر في هيكلة و مهام مراكز التوجيه المدرسي و المستشارين العاملين فيها خاصة بعد تعميم عملية التوظيف على المستوى الثانوي والاكمالي أو المتوسط والابتدائي بتحويلها إلى مراكز متخصصة تقوم بمهمة التنسيق ،التنظير والمتابعة لعملية التوجيه والارشاد من أجل توحيد استراتيجية العمل الميداني،توفير وانجاز أدوات العمل النموذجية لكل نشاط أو عملية تربوية مع متابعتها و تقييمها.
ونقترح أن تكون مراكز التوجيه متكونة من ثلاث مصالح على الأقل تتشكل كل مصلحة من فرقة تقنية بها (ثلاث مستشارين على الأقل) وهي كالتالي :
أ ـ مصلحة الاعلام والاتصال تتكفل ب :
ــ توفير وسائل عمل المستشارين في الميدان بإنجاز :
أدلـــة ومجلات إعلامية لمختلف المستويات التعليمية ـ لافتات وملصقات.
بهدف توحيد الإستراتيجية الإعلامية ومحتواه على المستوى الولائي الجهوي حتى والوطني .
ــ تنظيم أبواب مفتوحة، منتديات و معارض اعلامية حول المسارات الدراسية والمهنية وعلاقتها بالتحولات الاقتصادية ،الاجتماعية وعالم الشغل.
ــ تقوم بمهمة الناطق الرسمي لشؤون التربية والتعليم على مستوى الولائي بحكم
تخصص العاملين فيها ومتابعتهم للعمل التربوي من كل جوانبه.
ب ـ مصلحــة التوجيه والارشاد النفسي تتكفل ب:
ــ انجاز الوسائل الاستكشافية المختلفة (الاختبارات النفسو تقنية ) وتعديل الروائز المستوردة منها بالتنسيق والتعاون مع الجامعات الوطنية عن طريق توفير آليات التعاون و الاشراف والمتابعة لذلك .
ــ التنظيم والاشراف على عمليات الدعم النفسي والتربوي لتلاميذ مختلف المستويات الدراسية لرفع معنوياتهم ومساعدتهم على تجاوز مشاكلهم النفسية والتربوية خلال الفصول الدراسية،وأثناء الامتحانات المدرسية العادية والرسمية.
ــ الاشراف على لجان المتابعة النفسية والاستكشاف لتلاميذ ذوي الحاجات الخاصة (التعليم المكيف (للمتخلفين دراسيا ـ والمتفوقين والمعاقين وذوي الأمراض المزمنة وغيرهم ) .
ج ـ مصلحة التقويم والدراسات تتكفل بـ:
ــ انجاز نماذج استمارات لتقويم مختلف العمليات التربوية ونشاطات المستشارين في الميدان (شهادتي البكالوريا والتعليم المتوسط (الأساسي سابقا) ـ تقويم الأثر الاعلامي، تقويم المردود التربوي للمؤسسات التعليمية) .
ــ القيام بتحقيقات واستقصاءات ودراسات في مختلف مجالات العمل التربوي لجلب المعلومات بهدف تحسين الأداء والمردود التربويين .
8 ـ إعـادة النظر في النصوص التشريعية المنظمة للتربية والتعليم، بوضع رؤية متكاملة ومنسجمة لكل الفاعلين في الميدان التربوي تسد كل الثغرات والنقائص المسجلة حاليا من جميع الجوانب .من أجل ادماج فعلى وجدي لنشاطات التوجيه المدرسي والإرشاد النفسي والاستفادة من خدماته في الميدان التربوي .
9 ـ إعادة النظر في القانون الأساسي لعمال التربية باعادة تقييم مناصب العمل حسب الشهادات الجامعية للعاملين فيه ، مثل إعادة تصنيف مستشاري التوجيه المدرسي حسب الشهادة الجامعية والمهام الموكلة اليهم .
الى جانب اعطاء لهم فرص الترقية المهنية في مختلف المسؤوليات الادارية والتربوية (كمدير ثانوية أو متوسطة (الاكمالية سابقا) بما انه حامل لشهادة الليسانس في علم النفس وعلوم التربية أو علم الاجتماع وهو الأقرب الى مهام تسيير مؤسسة تربوية بحكم تكوينه القاعدي في العلوم الاجتماعية والتربوية وله مؤهلات في تسيير العلاقات الانسانية وحل المشكلات التربوية والعلائقية .
10 ـ فتح مناصب التفتيش في التوجيه المدرسي على مستوى مقاطعات كبرى تضم بين (10 الى 12 ثانوية + المتوسطات التابعة لها ) مع الأخذ بعين الاعتبار الوضعية المستقبلية عند تعميم توظيف المستشارين على مستوى المتوسطات الاكماليات .على أن يعاد النظر في المهام التقليدية لمفتش التوجيه ليساير المرحلة الجديدة .
11 ـ إدراج محور التوجيه والارشاد في برنامج تكوين المديرين ،المفتشين ومستشاري التربية وكل المهيئين للعمل في قطاع التربية حتى يستوعب ويفهم كل طرف أهمية هذا الجانب في حل المشكلات التربوية وتحسين المردود الدراسي للمتعلمين ،وكذا ليعرف كل واحد دوره ومسؤوليته المتكاملة مع مستشار التوجيه في هذا الجانب .
سطيف في ديسمبر 2008
اعداد الأستاذ خالد عبد السلام
جامعة فرحات عباس سطيف