تحقيق العدد: التحديات التي تواجه العلمية التعليمية
المقدمة
حفزت التطورات المتنامية في تقنية الاتصالات والمعلومات ومتطلبات الحياة والعمل في الألفية الثالثة من جهة ، والتغير في الفكر التربوي والنظرية التربوية حول الطريقة التي يتعلم بها الفرد من جهة أخرى ، إضافة إلى عجز النظم التربوية التقليدية عن الاستجابة بفاعلية وكفاءة لحاجات مجتمع تميز بالتغير المستمر ؛ حفز ذلك كله العديد من الدول في إعادة النظر في نظمها التربوية ووضع الخطط اللازمة لإصلاحها وتجديدها بما يتلاءم وخصائص مجتمعات المعرفة والمعلوماتية المدمجة بالتقنية . وهذا يعني إحداث تغير جذري في البنية الفكرية للمدرسة وفي مناهج التعليم وفي الكتب المدرسية والمواد التعليمية، وطرق التدريس والتعامل مع المتعلمين والمجتمع المحلي.
نسعد في هذا العدد بتناول قضية التحديات التي تواجهها عدة أطراف في العملية التعليمية، وهي المنهج، المعلم، اختصاصي مراكز مصادر التعلم، والطالب؛ ويسرنا أن نستضيف لمناقشة جوانب القضية كل من:
• الدكتور علي شرف الموسوي أستاذ التقنيات التربوية المشارك ورئيس قسم تكنولوجيا التعليم بكلية التربية في جامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان.
• والدكتور عصام محمد عبيد: الأستاذ المساعد بقسم المكتبات والمعلومات بجامعة أسيوط.
• والأستاذة عبير عبدالله العريني المعيدة في قسم دراسات المعلومات في كلية علوم الحاسب والمعلومات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
بدأنا محاور النقاش عن المنهج الدراسي وكيفية استجابته لبعض التحديات التي تواجهه مثل انفجار المعلومات وتضاعف كمية ما ينشر منها سنوياً، وقد بدأ الدكتور عصام عبيد في تحديد رؤيته قائلاً: إعادة النظر في المناهج الدراسية بمعرفة لجان علمية متخصصة بوزارة التربية والتعليم، والاطلاع على طبيعة مصادر المعلومات التي تنشر سنوياً، وإدماج ما يتم نشرة داخل المناهج الدراسية والتي يتم التدريس بها، وكذلك تصميم المناهج المعتمدة على التقنيات على اعتبار أن ما ينشر سنوياً يمثل طبيعة شريحة وثقافة المجتمع وطبيعة مصادر المعلومات التي تشغل بال المجتمع وقراءته، مما يقربنا من الواقع العملي داخل العملية التعليمية والمناهج الدراسية.
ومن جهتها ترى الأستاذة عبير العريني أن مواجهة هذا التحدي يتأتى باعتماد البحث كجزء أساسي في كل مادة، فالمنهج لا يمكنه تغطية كمية المعلومات المتزايدة ولا الوقت يسمح بذلك، كما أن تحديث المنهج على فترات زمنية معينة ليواكب المستجدات هي إحدى طرق مواجهة التحدي.
أما التحدي الآخر والمتمثل في تقنية المعلومات والاتصالات وتطبيقها في المجال التربوي، فيرى الدكتور عصام أن مواجهته تكون عن طريق تجهيز مراكز مصادر التعلم بخدمات تقنيات الاتصال والمعلومات لتصبح قواعد معلومات شاملة، مما يساعد على الاتصال بها والدخول منها إلى مؤسسات المعلومات العالمية عن بعد ، وإعداد المناهج الالكترونية متعددة الوسائط في التخصصات المختلفة والإسراع بوضع خطط تقنية لدمج التقنية في مناهج كليات التربية وبرامجها بالدول العربية على وجه الخصوص لتنطلق من رؤية واضحة وأهداف محددة لتحقيقها.
فيما تجد الأستاذة عبير أنه لمواجهة هذا التحدي لا بد من أمرين:
- التنويع في طريقة عرض المنهج مابين المرئي والمقروء.
- ألا يقتصر المنهج على الشكل المطبوع بل يتوفر بأشكال أخرى (كأقراص ضوئية مثلا ).
أما التحدي الثالث الذي يواجهه المنهج الدراسي فيكمن في التقنيات بالألفية الثالثة، وفي هذا الإطار يذكر الدكتور عصام أنه: عن طريق تصميم مقررات ومناهج تساعد في القدرة على البحث والابتكار الذاتي بحيث يتيح النظام التعليمي الجديد للطلاب فرصا غنية للبحث والتحري عن المعلومات المستهدفة عن طريق التواصل مع الشبكات المحلية والعالمية، حيث يقوم الطلاب بجمع المعلومات ونقدها ، ومسايره الانفجار المعرفي السائد في هذا العصر وبالتالي فلابد من تغيير محتويات المقررات الدراسية على فترات قصيرة بصفة مستمرة تواكب التقنيات في الألفية الثالثة، حيث يحصل الطلاب على معلومات متجددة ومتغيره من شبكات المعلومات وقواعد البيانات.
ويلخص الدكتور علي الموسوي رؤيته لتحديات المنهج قائلاً:
ساعد استخدام الشبكة العالمية على تيسير أساليب جديدة في التعليم والتعلم؛ من خلال توظيف تقنية الانترنت في تعليم الأفراد باستخدام الشبكة مع تخطي قيود الزمان والمكان وبما يجعل تقدّمهم في التعلم مبنيا على سرعتهم في الفهم والاستيعاب والتطبيق بحيث تستجيب هذه التقنية للفروق الفردية والثقافية والاجتماعية بين المتعلمين والمتدربين. وينبغي أن يلعب المنهج الدراسي باستخدام التقنيات الحديثة أدورا ثلاثة:
- الدور الأول: أن يكون وسيطة اتصال تعليمية (instructional communication medium) يتم من خلالها تصميم التعليم بصورة ميسرة في أشكال توضيحية متعددة الوسائط وتفاعلية، ويمكن باستخدام التكنولوجيا الرقمية نشر الأشرطة التعليمية الصوتية والمرئية والشرائح المصورة والشفافيات والكتب الدراسية المحدودة بالزمان والمكان إلى مختلف أنحاء العالم.
- الدور الثاني: أن يكون مصدر تعلم مفتوح (open learning resource) يتم من خلالها عرض المعارف والمهارات والبيانات العلمية والأكاديمية مما يجعل اكتسابها ممكنا بسهولة غير مسبوقة باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
- الدور الثالث: أن يصبح طريقة تقديم (delivery method) تتضمن كافة طرق التدريس من محاضرة ومناقشة وتعلم تعاوني وذاتي وصفي متزامن ولا صفي غير متزامن وتعلم الكتروني وتعلم متنقل وتعلم مزيج وغير ذلك من الطرق باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
*****
ثم عرجنا على الدور المطلوب من المعلم لمواجهة نفس التحديات، وفي مقدمتها انفجار المعلومات، وتضاعف كمية ما ينشر منها سنوياً، فيقول الدكتور عصام في هذا الصدد:
تدريب المعلمين فيما يتعلق بتقنيه الحاسب والبرمجيات التربوية وكيفية إدخال المعرفة ودمجها في المنهج الذي يتم تدريسه، وهذا من شأنه أن يحفز العملية التعليمية. ويصبح المعلمون خبراء في أثناء استخدامهم لبرمجيات الأقراص المدمجة مع طلابهم ، وتدريجياً يتحول المعلمون تدريجيا عن دورهم الحالي من ملقن للمعرفة إلى ميسر للمعرفة وان يقوم على تهيئه الجو الملائم لنمو الطالب النفسي والعقلي ، واستثارة الميل والرغبة في التعليم حتى يستطيع أن يواكب المتغيرات الثقافية والمعلوماتية وتكوين اتجاهات ايجابيه نحو المجتمع والحياة بشكل عام، بالإضافة إلى دوره التعليمي، يقوم المعلم أيضا بأدوار أخرى مثل الإشراف والإرشاد وتنظيم نشاطات أخرى خارجه عن نطاق المنهج المدرسي ولكن لابد أن ينصب في النهاية لخدمة الطالب وتوسيع مداركه العقلية والفكرية داخل المقرر الذي يتم تدريسه.
ومن جهتها، ترى الأستاذة عبير أنه لمواجهة ذلك يجب أن يكون المعلم على إطلاع دائم بالجديد من المعلومات، وأن يشارك زملائه المعلمين بما لديه من معلومات وبذلك تعم الفائدة ، وأخيراً، أن ينشر الوعي بين تلاميذه بأهمية العلم وينمي فيهم الرغبة للبحث عن المزيد.
ومن جهة تحدي تقنية المعلومات والاتصالات وتطبيقها في المجال التربوي، يقول الدكتور عصام: تضاف إلى مهام المعلم مهام أخرى منها على سبيل المثال: مخطط مناهج، مصمم تعليم، مرشد، موجه، خبير في نظم المعلومات على أن يكون قادرا على إدارة العملية التعليمية الفعالة والمتفاعلة مع بيئة تقنيات المعلومات والاتصالات.
الأستاذة عبير تحدد سبل المواجهة لهذا الجزء من التحديات في النقاط التالية:
- أن يكون لدى المعلم الرغبة في التعامل مع التقنية.
- أن يكون قادراً على استخدام التقنية وتطبيقها في مجال التعليم.
- أن يكون قادراً على خلق بيئة تفاعلية وذلك عن طريق إشراك الطالب في إثراء المحتوى الإلكتروني.
- تشجيع الطالب على الاستفادة من التقنية المتوفرة بين يديه (الجوال، الكاميرا، الانترنت ...الخ) في المجال العلمي.
ويعود الحديث للدكتور عصام ويتطرق إلى تحدي المعلم للتقنيات في الألفية الثالثة فيقول: إن تغيير كافة برامج إعداد وتأهيل المعلمين الموجودة في الفترة الحالية إلى برامج تأهيل وإعداد لمعلم القرن الحادي والعشرين إعداداً سليماً يتواكب مع تقنيات الألفية الثالثة وتطبيقها في المجال التربوي ومع حاجات المجتمع التعليمية، وبالتالي فلابد من إجراء تعديلات جوهرية تدخل في برامج إعداد وتأهيل المعلمين تتسم بمميزات كثيرة على سبيل المثال:-
- أن تكون برامج إعداد المعلمين قبل أو في أثناء الخدمة مبنية على مسح شامل لحاجات المعلمين التعليمية، والمهنية وأن تستجيب للتساؤلات، والمشاكل التي يواجهونها، أو التي سوف يواجهونها في البيئة التعليمية المتغيرة.
- أن تتضمن برامج إعداد المعلمين أهدافاً جديدة تتعلق بدور المعلم كمصمم تعليم، وموجه، ومرشد، وباحث، وخبير معلومات، وصانع قرار.
- أن لا تركز برامج إعداد المعلمين في مناهجها على مادة التخصص، وطرق تدريسها فقط، بل أيضاً على أنشطة مختلفة تهدف إلى تنمية مهارات التحليل والتقويم وحل المشكلات والتفكير والإبداع والتنبؤ، والتكيف الناجح مع ظروف البيئة التعليمية المختلفة.
- أن تعطي برامج إعداد المعلمين فرصاً اكبر للمعلم للتدريب على إجراء البحوث، والتجارب الفردية في صفه وعلى طلابه. وذلك لتجريب الطرق التي تتناسب مع واقعه، وطلابه. كما يجب أيضا اطلاع المعلمين عن طريق الندوات والمؤتمرات على أحدث البحوث المتعلقة بعمليتي التعليم والتعلم باستخدام الوسائط المتعددة.
- يجب أن تتضمن برامج إعداد المعلمين تدريباً مكثفاً على استخدام الأنواع المختلفة من تقنيات المعلومات. كما يجب أيضاً أن يدرب المعلم تدريباً فعالاً وايجابياً على كيفية الحصول على المعلومات، وتنظيمها، واختيار الأسلوب الأمثل لاستخدامها في بيئات تعليمية مختلفة.
ويلخص الدكتور علي رؤيته في هذا الإطار بشكل عام بأنه: يجب على المعلم أن يواكب الطفرة السريعة في مجالات تقنية التعليم والمعلومات والاتصالات. فينبغي من المعلم في عصرنا أن يكامل بين كافة أدوات التدريس وإمكانات الحاسوب والانترنت بحيث يضمن للمتعلم الحصول على المواد التعليمية وييسر له التعلم الذاتي؛ وينبغي أن يتدرب على إدارة جلسات المؤتمر والحوار والنقاش الشبكي التفاعلي المشترك بالصوت والصورة والكتابة، ويدرب المتعلم على تلّقي المعلومات من قواعد البيانات المخزّنة على الخوادم الحاسوبية للمؤسسة التعليمية.
ويستطرد الدكتور علي: ينبغي على المعلم أن يكون مصمما للتعلم وميسرا له، واعيا لكيفية رفع الجدوى الاقتصادية للعملية التربوية بخفض تكاليفها باستخدام التقنية، وتلبية احتياجات المتعلمين والاستجابة للفروق الفردية بينهم، ومساهما في توظيف الدروس الشبكية للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية بحيث يمكّن المتعلم من الحصول على المعلومات من دروس التقوية ومذاكرتها مباشرة على الانترنت. ويساعد على إعطاء المتعلم الفرصة لتقويم ذاته، وزيادة دافعية المتعلم نحو التعلم والمشاركة فيه بإيجابية من خلال استعمال الوسائط المتعددة، كما ينبغي أن يعدّد مصادر المعرفة الأصيلة ويتيحها للمتعلم بصورة ميسرة. ويكون ملما بكيفية توظيف الشبكة في ضبط إدارة المعلومات في ظل الانفجار المعرفي المتزايد.
*****
ونصل الآن إلى تناول الدور المطلوب من اختصاصي مركز مصادر التعلم لمواجهة نفس التحديات المذكورة آنفاً، ونبدأها بتحدي انفجار المعلومات، وتضاعف كمية ما ينشر منها سنوياً، فيرى الدكتور عصام: أن الاعتماد على أدلة الإنتاج الفكري الحديثة والببليوجرافيات العربية والأجنبية لمصادر المعلومات التقليدية والالكترونية، وعمل استقصاءات للرأي وتوزيعها على مجتمع المستفيدون من مراكز مصادر التعلم والخروج من هذا كله بقائمة ببليوجرافية للإنتاج الفكري المطلوب في كل مركز لمصادر التعلم مع الاستعانة بلجنة فنية متخصصة متنوعة مكونة من اختصاصي مركز مصادر التعلم ومعلمون في مختلف التخصصات مع مسئول إداري ومالي للقيام بعملية اختيار مصادر المعلومات التقليدية والالكترونية سنويا طبقاً للاحتياجات الفعلية والحديثة المرتبطة بالمناهج الدراسية.
ويواصل الدكتور عصام الحديث ويتعرض لتحدي الثورة في تقنية المعلومات والاتصالات قائلاً: تفاعل اختصاصي مركز مصادر التعلم مع النظام التعليمي في المدرسة وإيجاد بعض صيغ التفاعل بين المتعلم من ناحية ومصادر تعلمه من ناحية أخرى، ففي النظام التعليمي الجديد تتيح الحاسبات عن طريق برمجيات الوسائط المتعددة ودوائر المعارف التفاعلية والاتصال بشبكات المعلومات المحلية والعالمية، ، فرصاً غنية للتفاعل عن طريق مشاركة المتعلمين في كافة الأنشطة وبالتالي يواكب اختصاصي مركز مصادر التعلم نظم وقواعد البيانات على الخط المباشر.
ويلخص الدكتور علي رؤيته الشاملة لهذه التحديات بقوله: أود أن أشير إلى أن مراكز مصادر التعلم يجب أن تلعب دورا محوريا في قيادة التغيير التربوي القادم عن طريق توظيف المبتكرات التربوية المتمثلة في التقنيات التعليمية والحاسوبية والالكترونية والمكتبات الرقمية والكتب والنشر الالكتروني، وخدمة البيئة التربوية والتعاطي مع المعلمين والمتعلمين حيث أن تفعيلها يتضمن توظيفا كفء لتقنيات التعليم والمعلومات والاتصالات، وينبغي أن يكون كل ما يقدمه المركز أو يصممه أو ينتجه أو يعلمه أو يدرب عليه أو يخططه من وسائل ومصادر ووسائط مساهما في تطوير العملية التعليمية والتعلمية وينبغي تزويده بالمتخصصين التربويين في مجالات التصميم التعليمي الذين يقع على عاتقهم القيام بتحليل المتعلم والمعلم والبيئة والمحتوى وصولا إلى تقويم وتجويد العملية التعليمية وضبط نوعيتها بما يجعلهم معلمو مصادر تعلم وقادة للتغيير التربوي القائم على الاستخدام الفعال للتكنولوجيا، فيتولون القيام بعمليات التدريب ونشر التكنولوجيا وتصميمها ومساعدة المدرسين على تنفيذها.
ومن هنا فهذا المعلم المدرب في حاجة لصقل مهارات التدريب والتعليم والاتصال لديه عبر إعداده مهنيا في كليات التربية والأقسام التربوية التخصصية في مجالات تكنولوجيا التعليم وربطها بمستحدثات التكنولوجيا. كما أن هناك حاجة ماسة لدى موظفي المركز لإعداد متميز في الجوانب الفنية الدقيقة للتعامل مع الأجهزة التعليمية والحاسوبية والشبكية بالإضافة إلى قدرات التعامل مع مصادر التعلم التقليدية.
*****
ونصل إلى نهاية الحوار بالحديث عن الضلع الرابع المواجه للتحديات وهو الطالب، والدور المطلوب منه في مواجهة انفجار المعلومات، وتضاعف كمية ما ينشر منها سنوياً، فيرى الدكتور عصام: أن يلعب دور ايجابي في البحث عن المعلومة بنفسه، ويجمع الحقائق , ويمحصها ويستنتج منها، ويتعلم باللعب والحركة، ويتصل بالمجتمع، ويتعلم من خلال العمل، ويستفيد من معلمه عندما يحتاج إليه، وعلى المدرسة أن تحرص على التعليم التعاوني وعن طريق المجموعات لما له من دور في تنمية مهارات التفاهم والحوار مع الناس وتكوين الرأي السليم ، والتربية على التشاور والتعاون .
وبالتالي يستطيع أن يدرك ويفرق بين مصدر المعلومات الغث والثمين وان يدرك ما يحتاجه من معلومات في ظل الفيض الهائل من إنتاج مصادر المعلومات.
فيما ترى الأستاذة عبير ألا يقيد الطالب نفسه في إطار المنهج بل يتجاوز ذلك فيطلع على المعلومات الأخرى.
أما عن الثورة في تقنية المعلومات والاتصالات، فيتحدث الدكتور عصام قائلاً: الاستفادة من تجارب الدول الأخرى سواء العربية أو الأجنبية في إعداد تصورات مرافق المعلومات ومراكز مصادر التعلم والتعرف على تطورات الجوانب التربوية داخل المدارس الأخرى وما نفذ منها من تجارب ناجحة بالفعل فذلك يستطيع أن يثبت نجاح التجربة فعلياً سواء بالزيارات الميدانية للدول أو مراسلتها الكترونياً والاستفادة بالخبرات العملية الموجودة بمراكز مصادر التعلم بتلك الدول.
ومن جهتها تلخص الأستاذة عبير إجابتها في النقاط التالية:
- أن يكون الطالب مدركا لأهمية التقنية.
- أن يكون على وعي بمحاسنها ومساوئها.
- أن يكون قادرا على استخدامها وعلى الحصول على معلومات من خلالها.
- أن يساهم في نشر ما تعلمه في الموسوعات والمدونات والمنتديات ليكون عضوا فعالاً.
ويختم الدكتور علي الحديث عن تحديات الطالب بشكل عام قائلاً: لقد وضعت الجمعية العالمية للتكنولوجيا في التربية ستة مجالات للأدوار المطلوب من الطالب إتقانها في مجتمع المعرفة القائم على استخدام التقنية، وهي:
(1) مجال الإبداع والابتكار ويتم فيه تطوير التفكير الإبداعي، والبناء المعرفي للطلاب، وتطوير منتجات مبتكرة باستخدام التكنولوجيا.
(2) مجال الاتصال والتعاون ويستخدم فيه الطلاب الوسائط الرقمية والبيئات القائمة على تقنيات الاتصال والعمل فيها بصورة تعاونية، داخل الصف وعن بعد، لدعم التعلم الفردي والتعلم من الآخرين.
(3) مجال الطلاقة والبحوث والمعلومات حيث يقوم الطلاب بتطبيق الوسائل الرقمية لجمع وتقييم المعلومات واستخدامها.
(4) مجال توظيف مهارات التفكير الناقد، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات بحيث يستخدم الطلاب مهارات التفكير الناقد لتخطيط وإجراء البحوث، وإدارة المشاريع، وحل المشكلات، واتخاذ قرارات واعية مناسبة باستخدام الأدوات والموارد الرقمية.
(5) مجال المواطنة الرقمية حيث يشجع الطلاب على فهم الآخر وسلوكياته الثقافية والاجتماعية والقضايا ذات الصلة بالتكنولوجيا وممارسة السلوك القانوني والأخلاقي.
(6) مجال تكنولوجيا العمليات والمفاهيم حيث يطوّر الطلاب فهما سليما للتكنولوجيا ومفاهيمها ونظمها وعملياتها.
المقدمة
حفزت التطورات المتنامية في تقنية الاتصالات والمعلومات ومتطلبات الحياة والعمل في الألفية الثالثة من جهة ، والتغير في الفكر التربوي والنظرية التربوية حول الطريقة التي يتعلم بها الفرد من جهة أخرى ، إضافة إلى عجز النظم التربوية التقليدية عن الاستجابة بفاعلية وكفاءة لحاجات مجتمع تميز بالتغير المستمر ؛ حفز ذلك كله العديد من الدول في إعادة النظر في نظمها التربوية ووضع الخطط اللازمة لإصلاحها وتجديدها بما يتلاءم وخصائص مجتمعات المعرفة والمعلوماتية المدمجة بالتقنية . وهذا يعني إحداث تغير جذري في البنية الفكرية للمدرسة وفي مناهج التعليم وفي الكتب المدرسية والمواد التعليمية، وطرق التدريس والتعامل مع المتعلمين والمجتمع المحلي.
نسعد في هذا العدد بتناول قضية التحديات التي تواجهها عدة أطراف في العملية التعليمية، وهي المنهج، المعلم، اختصاصي مراكز مصادر التعلم، والطالب؛ ويسرنا أن نستضيف لمناقشة جوانب القضية كل من:
• الدكتور علي شرف الموسوي أستاذ التقنيات التربوية المشارك ورئيس قسم تكنولوجيا التعليم بكلية التربية في جامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان.
• والدكتور عصام محمد عبيد: الأستاذ المساعد بقسم المكتبات والمعلومات بجامعة أسيوط.
• والأستاذة عبير عبدالله العريني المعيدة في قسم دراسات المعلومات في كلية علوم الحاسب والمعلومات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
بدأنا محاور النقاش عن المنهج الدراسي وكيفية استجابته لبعض التحديات التي تواجهه مثل انفجار المعلومات وتضاعف كمية ما ينشر منها سنوياً، وقد بدأ الدكتور عصام عبيد في تحديد رؤيته قائلاً: إعادة النظر في المناهج الدراسية بمعرفة لجان علمية متخصصة بوزارة التربية والتعليم، والاطلاع على طبيعة مصادر المعلومات التي تنشر سنوياً، وإدماج ما يتم نشرة داخل المناهج الدراسية والتي يتم التدريس بها، وكذلك تصميم المناهج المعتمدة على التقنيات على اعتبار أن ما ينشر سنوياً يمثل طبيعة شريحة وثقافة المجتمع وطبيعة مصادر المعلومات التي تشغل بال المجتمع وقراءته، مما يقربنا من الواقع العملي داخل العملية التعليمية والمناهج الدراسية.
ومن جهتها ترى الأستاذة عبير العريني أن مواجهة هذا التحدي يتأتى باعتماد البحث كجزء أساسي في كل مادة، فالمنهج لا يمكنه تغطية كمية المعلومات المتزايدة ولا الوقت يسمح بذلك، كما أن تحديث المنهج على فترات زمنية معينة ليواكب المستجدات هي إحدى طرق مواجهة التحدي.
أما التحدي الآخر والمتمثل في تقنية المعلومات والاتصالات وتطبيقها في المجال التربوي، فيرى الدكتور عصام أن مواجهته تكون عن طريق تجهيز مراكز مصادر التعلم بخدمات تقنيات الاتصال والمعلومات لتصبح قواعد معلومات شاملة، مما يساعد على الاتصال بها والدخول منها إلى مؤسسات المعلومات العالمية عن بعد ، وإعداد المناهج الالكترونية متعددة الوسائط في التخصصات المختلفة والإسراع بوضع خطط تقنية لدمج التقنية في مناهج كليات التربية وبرامجها بالدول العربية على وجه الخصوص لتنطلق من رؤية واضحة وأهداف محددة لتحقيقها.
فيما تجد الأستاذة عبير أنه لمواجهة هذا التحدي لا بد من أمرين:
- التنويع في طريقة عرض المنهج مابين المرئي والمقروء.
- ألا يقتصر المنهج على الشكل المطبوع بل يتوفر بأشكال أخرى (كأقراص ضوئية مثلا ).
أما التحدي الثالث الذي يواجهه المنهج الدراسي فيكمن في التقنيات بالألفية الثالثة، وفي هذا الإطار يذكر الدكتور عصام أنه: عن طريق تصميم مقررات ومناهج تساعد في القدرة على البحث والابتكار الذاتي بحيث يتيح النظام التعليمي الجديد للطلاب فرصا غنية للبحث والتحري عن المعلومات المستهدفة عن طريق التواصل مع الشبكات المحلية والعالمية، حيث يقوم الطلاب بجمع المعلومات ونقدها ، ومسايره الانفجار المعرفي السائد في هذا العصر وبالتالي فلابد من تغيير محتويات المقررات الدراسية على فترات قصيرة بصفة مستمرة تواكب التقنيات في الألفية الثالثة، حيث يحصل الطلاب على معلومات متجددة ومتغيره من شبكات المعلومات وقواعد البيانات.
ويلخص الدكتور علي الموسوي رؤيته لتحديات المنهج قائلاً:
ساعد استخدام الشبكة العالمية على تيسير أساليب جديدة في التعليم والتعلم؛ من خلال توظيف تقنية الانترنت في تعليم الأفراد باستخدام الشبكة مع تخطي قيود الزمان والمكان وبما يجعل تقدّمهم في التعلم مبنيا على سرعتهم في الفهم والاستيعاب والتطبيق بحيث تستجيب هذه التقنية للفروق الفردية والثقافية والاجتماعية بين المتعلمين والمتدربين. وينبغي أن يلعب المنهج الدراسي باستخدام التقنيات الحديثة أدورا ثلاثة:
- الدور الأول: أن يكون وسيطة اتصال تعليمية (instructional communication medium) يتم من خلالها تصميم التعليم بصورة ميسرة في أشكال توضيحية متعددة الوسائط وتفاعلية، ويمكن باستخدام التكنولوجيا الرقمية نشر الأشرطة التعليمية الصوتية والمرئية والشرائح المصورة والشفافيات والكتب الدراسية المحدودة بالزمان والمكان إلى مختلف أنحاء العالم.
- الدور الثاني: أن يكون مصدر تعلم مفتوح (open learning resource) يتم من خلالها عرض المعارف والمهارات والبيانات العلمية والأكاديمية مما يجعل اكتسابها ممكنا بسهولة غير مسبوقة باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
- الدور الثالث: أن يصبح طريقة تقديم (delivery method) تتضمن كافة طرق التدريس من محاضرة ومناقشة وتعلم تعاوني وذاتي وصفي متزامن ولا صفي غير متزامن وتعلم الكتروني وتعلم متنقل وتعلم مزيج وغير ذلك من الطرق باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
*****
ثم عرجنا على الدور المطلوب من المعلم لمواجهة نفس التحديات، وفي مقدمتها انفجار المعلومات، وتضاعف كمية ما ينشر منها سنوياً، فيقول الدكتور عصام في هذا الصدد:
تدريب المعلمين فيما يتعلق بتقنيه الحاسب والبرمجيات التربوية وكيفية إدخال المعرفة ودمجها في المنهج الذي يتم تدريسه، وهذا من شأنه أن يحفز العملية التعليمية. ويصبح المعلمون خبراء في أثناء استخدامهم لبرمجيات الأقراص المدمجة مع طلابهم ، وتدريجياً يتحول المعلمون تدريجيا عن دورهم الحالي من ملقن للمعرفة إلى ميسر للمعرفة وان يقوم على تهيئه الجو الملائم لنمو الطالب النفسي والعقلي ، واستثارة الميل والرغبة في التعليم حتى يستطيع أن يواكب المتغيرات الثقافية والمعلوماتية وتكوين اتجاهات ايجابيه نحو المجتمع والحياة بشكل عام، بالإضافة إلى دوره التعليمي، يقوم المعلم أيضا بأدوار أخرى مثل الإشراف والإرشاد وتنظيم نشاطات أخرى خارجه عن نطاق المنهج المدرسي ولكن لابد أن ينصب في النهاية لخدمة الطالب وتوسيع مداركه العقلية والفكرية داخل المقرر الذي يتم تدريسه.
ومن جهتها، ترى الأستاذة عبير أنه لمواجهة ذلك يجب أن يكون المعلم على إطلاع دائم بالجديد من المعلومات، وأن يشارك زملائه المعلمين بما لديه من معلومات وبذلك تعم الفائدة ، وأخيراً، أن ينشر الوعي بين تلاميذه بأهمية العلم وينمي فيهم الرغبة للبحث عن المزيد.
ومن جهة تحدي تقنية المعلومات والاتصالات وتطبيقها في المجال التربوي، يقول الدكتور عصام: تضاف إلى مهام المعلم مهام أخرى منها على سبيل المثال: مخطط مناهج، مصمم تعليم، مرشد، موجه، خبير في نظم المعلومات على أن يكون قادرا على إدارة العملية التعليمية الفعالة والمتفاعلة مع بيئة تقنيات المعلومات والاتصالات.
الأستاذة عبير تحدد سبل المواجهة لهذا الجزء من التحديات في النقاط التالية:
- أن يكون لدى المعلم الرغبة في التعامل مع التقنية.
- أن يكون قادراً على استخدام التقنية وتطبيقها في مجال التعليم.
- أن يكون قادراً على خلق بيئة تفاعلية وذلك عن طريق إشراك الطالب في إثراء المحتوى الإلكتروني.
- تشجيع الطالب على الاستفادة من التقنية المتوفرة بين يديه (الجوال، الكاميرا، الانترنت ...الخ) في المجال العلمي.
ويعود الحديث للدكتور عصام ويتطرق إلى تحدي المعلم للتقنيات في الألفية الثالثة فيقول: إن تغيير كافة برامج إعداد وتأهيل المعلمين الموجودة في الفترة الحالية إلى برامج تأهيل وإعداد لمعلم القرن الحادي والعشرين إعداداً سليماً يتواكب مع تقنيات الألفية الثالثة وتطبيقها في المجال التربوي ومع حاجات المجتمع التعليمية، وبالتالي فلابد من إجراء تعديلات جوهرية تدخل في برامج إعداد وتأهيل المعلمين تتسم بمميزات كثيرة على سبيل المثال:-
- أن تكون برامج إعداد المعلمين قبل أو في أثناء الخدمة مبنية على مسح شامل لحاجات المعلمين التعليمية، والمهنية وأن تستجيب للتساؤلات، والمشاكل التي يواجهونها، أو التي سوف يواجهونها في البيئة التعليمية المتغيرة.
- أن تتضمن برامج إعداد المعلمين أهدافاً جديدة تتعلق بدور المعلم كمصمم تعليم، وموجه، ومرشد، وباحث، وخبير معلومات، وصانع قرار.
- أن لا تركز برامج إعداد المعلمين في مناهجها على مادة التخصص، وطرق تدريسها فقط، بل أيضاً على أنشطة مختلفة تهدف إلى تنمية مهارات التحليل والتقويم وحل المشكلات والتفكير والإبداع والتنبؤ، والتكيف الناجح مع ظروف البيئة التعليمية المختلفة.
- أن تعطي برامج إعداد المعلمين فرصاً اكبر للمعلم للتدريب على إجراء البحوث، والتجارب الفردية في صفه وعلى طلابه. وذلك لتجريب الطرق التي تتناسب مع واقعه، وطلابه. كما يجب أيضا اطلاع المعلمين عن طريق الندوات والمؤتمرات على أحدث البحوث المتعلقة بعمليتي التعليم والتعلم باستخدام الوسائط المتعددة.
- يجب أن تتضمن برامج إعداد المعلمين تدريباً مكثفاً على استخدام الأنواع المختلفة من تقنيات المعلومات. كما يجب أيضاً أن يدرب المعلم تدريباً فعالاً وايجابياً على كيفية الحصول على المعلومات، وتنظيمها، واختيار الأسلوب الأمثل لاستخدامها في بيئات تعليمية مختلفة.
ويلخص الدكتور علي رؤيته في هذا الإطار بشكل عام بأنه: يجب على المعلم أن يواكب الطفرة السريعة في مجالات تقنية التعليم والمعلومات والاتصالات. فينبغي من المعلم في عصرنا أن يكامل بين كافة أدوات التدريس وإمكانات الحاسوب والانترنت بحيث يضمن للمتعلم الحصول على المواد التعليمية وييسر له التعلم الذاتي؛ وينبغي أن يتدرب على إدارة جلسات المؤتمر والحوار والنقاش الشبكي التفاعلي المشترك بالصوت والصورة والكتابة، ويدرب المتعلم على تلّقي المعلومات من قواعد البيانات المخزّنة على الخوادم الحاسوبية للمؤسسة التعليمية.
ويستطرد الدكتور علي: ينبغي على المعلم أن يكون مصمما للتعلم وميسرا له، واعيا لكيفية رفع الجدوى الاقتصادية للعملية التربوية بخفض تكاليفها باستخدام التقنية، وتلبية احتياجات المتعلمين والاستجابة للفروق الفردية بينهم، ومساهما في توظيف الدروس الشبكية للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية بحيث يمكّن المتعلم من الحصول على المعلومات من دروس التقوية ومذاكرتها مباشرة على الانترنت. ويساعد على إعطاء المتعلم الفرصة لتقويم ذاته، وزيادة دافعية المتعلم نحو التعلم والمشاركة فيه بإيجابية من خلال استعمال الوسائط المتعددة، كما ينبغي أن يعدّد مصادر المعرفة الأصيلة ويتيحها للمتعلم بصورة ميسرة. ويكون ملما بكيفية توظيف الشبكة في ضبط إدارة المعلومات في ظل الانفجار المعرفي المتزايد.
*****
ونصل الآن إلى تناول الدور المطلوب من اختصاصي مركز مصادر التعلم لمواجهة نفس التحديات المذكورة آنفاً، ونبدأها بتحدي انفجار المعلومات، وتضاعف كمية ما ينشر منها سنوياً، فيرى الدكتور عصام: أن الاعتماد على أدلة الإنتاج الفكري الحديثة والببليوجرافيات العربية والأجنبية لمصادر المعلومات التقليدية والالكترونية، وعمل استقصاءات للرأي وتوزيعها على مجتمع المستفيدون من مراكز مصادر التعلم والخروج من هذا كله بقائمة ببليوجرافية للإنتاج الفكري المطلوب في كل مركز لمصادر التعلم مع الاستعانة بلجنة فنية متخصصة متنوعة مكونة من اختصاصي مركز مصادر التعلم ومعلمون في مختلف التخصصات مع مسئول إداري ومالي للقيام بعملية اختيار مصادر المعلومات التقليدية والالكترونية سنويا طبقاً للاحتياجات الفعلية والحديثة المرتبطة بالمناهج الدراسية.
ويواصل الدكتور عصام الحديث ويتعرض لتحدي الثورة في تقنية المعلومات والاتصالات قائلاً: تفاعل اختصاصي مركز مصادر التعلم مع النظام التعليمي في المدرسة وإيجاد بعض صيغ التفاعل بين المتعلم من ناحية ومصادر تعلمه من ناحية أخرى، ففي النظام التعليمي الجديد تتيح الحاسبات عن طريق برمجيات الوسائط المتعددة ودوائر المعارف التفاعلية والاتصال بشبكات المعلومات المحلية والعالمية، ، فرصاً غنية للتفاعل عن طريق مشاركة المتعلمين في كافة الأنشطة وبالتالي يواكب اختصاصي مركز مصادر التعلم نظم وقواعد البيانات على الخط المباشر.
ويلخص الدكتور علي رؤيته الشاملة لهذه التحديات بقوله: أود أن أشير إلى أن مراكز مصادر التعلم يجب أن تلعب دورا محوريا في قيادة التغيير التربوي القادم عن طريق توظيف المبتكرات التربوية المتمثلة في التقنيات التعليمية والحاسوبية والالكترونية والمكتبات الرقمية والكتب والنشر الالكتروني، وخدمة البيئة التربوية والتعاطي مع المعلمين والمتعلمين حيث أن تفعيلها يتضمن توظيفا كفء لتقنيات التعليم والمعلومات والاتصالات، وينبغي أن يكون كل ما يقدمه المركز أو يصممه أو ينتجه أو يعلمه أو يدرب عليه أو يخططه من وسائل ومصادر ووسائط مساهما في تطوير العملية التعليمية والتعلمية وينبغي تزويده بالمتخصصين التربويين في مجالات التصميم التعليمي الذين يقع على عاتقهم القيام بتحليل المتعلم والمعلم والبيئة والمحتوى وصولا إلى تقويم وتجويد العملية التعليمية وضبط نوعيتها بما يجعلهم معلمو مصادر تعلم وقادة للتغيير التربوي القائم على الاستخدام الفعال للتكنولوجيا، فيتولون القيام بعمليات التدريب ونشر التكنولوجيا وتصميمها ومساعدة المدرسين على تنفيذها.
ومن هنا فهذا المعلم المدرب في حاجة لصقل مهارات التدريب والتعليم والاتصال لديه عبر إعداده مهنيا في كليات التربية والأقسام التربوية التخصصية في مجالات تكنولوجيا التعليم وربطها بمستحدثات التكنولوجيا. كما أن هناك حاجة ماسة لدى موظفي المركز لإعداد متميز في الجوانب الفنية الدقيقة للتعامل مع الأجهزة التعليمية والحاسوبية والشبكية بالإضافة إلى قدرات التعامل مع مصادر التعلم التقليدية.
*****
ونصل إلى نهاية الحوار بالحديث عن الضلع الرابع المواجه للتحديات وهو الطالب، والدور المطلوب منه في مواجهة انفجار المعلومات، وتضاعف كمية ما ينشر منها سنوياً، فيرى الدكتور عصام: أن يلعب دور ايجابي في البحث عن المعلومة بنفسه، ويجمع الحقائق , ويمحصها ويستنتج منها، ويتعلم باللعب والحركة، ويتصل بالمجتمع، ويتعلم من خلال العمل، ويستفيد من معلمه عندما يحتاج إليه، وعلى المدرسة أن تحرص على التعليم التعاوني وعن طريق المجموعات لما له من دور في تنمية مهارات التفاهم والحوار مع الناس وتكوين الرأي السليم ، والتربية على التشاور والتعاون .
وبالتالي يستطيع أن يدرك ويفرق بين مصدر المعلومات الغث والثمين وان يدرك ما يحتاجه من معلومات في ظل الفيض الهائل من إنتاج مصادر المعلومات.
فيما ترى الأستاذة عبير ألا يقيد الطالب نفسه في إطار المنهج بل يتجاوز ذلك فيطلع على المعلومات الأخرى.
أما عن الثورة في تقنية المعلومات والاتصالات، فيتحدث الدكتور عصام قائلاً: الاستفادة من تجارب الدول الأخرى سواء العربية أو الأجنبية في إعداد تصورات مرافق المعلومات ومراكز مصادر التعلم والتعرف على تطورات الجوانب التربوية داخل المدارس الأخرى وما نفذ منها من تجارب ناجحة بالفعل فذلك يستطيع أن يثبت نجاح التجربة فعلياً سواء بالزيارات الميدانية للدول أو مراسلتها الكترونياً والاستفادة بالخبرات العملية الموجودة بمراكز مصادر التعلم بتلك الدول.
ومن جهتها تلخص الأستاذة عبير إجابتها في النقاط التالية:
- أن يكون الطالب مدركا لأهمية التقنية.
- أن يكون على وعي بمحاسنها ومساوئها.
- أن يكون قادرا على استخدامها وعلى الحصول على معلومات من خلالها.
- أن يساهم في نشر ما تعلمه في الموسوعات والمدونات والمنتديات ليكون عضوا فعالاً.
ويختم الدكتور علي الحديث عن تحديات الطالب بشكل عام قائلاً: لقد وضعت الجمعية العالمية للتكنولوجيا في التربية ستة مجالات للأدوار المطلوب من الطالب إتقانها في مجتمع المعرفة القائم على استخدام التقنية، وهي:
(1) مجال الإبداع والابتكار ويتم فيه تطوير التفكير الإبداعي، والبناء المعرفي للطلاب، وتطوير منتجات مبتكرة باستخدام التكنولوجيا.
(2) مجال الاتصال والتعاون ويستخدم فيه الطلاب الوسائط الرقمية والبيئات القائمة على تقنيات الاتصال والعمل فيها بصورة تعاونية، داخل الصف وعن بعد، لدعم التعلم الفردي والتعلم من الآخرين.
(3) مجال الطلاقة والبحوث والمعلومات حيث يقوم الطلاب بتطبيق الوسائل الرقمية لجمع وتقييم المعلومات واستخدامها.
(4) مجال توظيف مهارات التفكير الناقد، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات بحيث يستخدم الطلاب مهارات التفكير الناقد لتخطيط وإجراء البحوث، وإدارة المشاريع، وحل المشكلات، واتخاذ قرارات واعية مناسبة باستخدام الأدوات والموارد الرقمية.
(5) مجال المواطنة الرقمية حيث يشجع الطلاب على فهم الآخر وسلوكياته الثقافية والاجتماعية والقضايا ذات الصلة بالتكنولوجيا وممارسة السلوك القانوني والأخلاقي.
(6) مجال تكنولوجيا العمليات والمفاهيم حيث يطوّر الطلاب فهما سليما للتكنولوجيا ومفاهيمها ونظمها وعملياتها.