واقع استخدام الانترنت في البحث العلمي بالجامعة
الصحفي العربي- متابعة
ملخص:
هدفت هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على خدمة الانترنت وسُبل توظيفها والاستفادة من تطبيقاتها في البحث العلمي لدى أعضاء هيئة التدريس بالجامعة ، من خلال استطلاع آراء عينة من أساتذة جامعة تبسة ، لمعرفة واقع استخدامهم للانترنت وسبل استثمارها في خدمة البحث العلمي .
وقد اتُبع منهج التحليل الوصفي الذي يُعد مناسبا لطبيعة هذه الدراسة التي تهتم بتقصي الآراء حول استخدامات الانترنت . وتوصلت الدراسة الميدانية إلى النتائج التالية :
60% من أفراد العينة يستخدمون الانترنت بصورة مستمرة في الاطلاع على جديد المعلومات ومواكبة التطورات العلمية في مجال تخصصاتهم ، نسبة57.69% من المبحوثين ترى أن الانترنت قناة تواصل بحثي وعلمي لا غنى عنها بالنسبة للأستاذ الجامعي ، متوسط استخدام الإنترنت 3 سا يوميا بالنسبة للمبحوثين ، تمثل مشكلات بطء سرعة الشبكة والانقطاعات المتكررة في الاتصال ، من المعوقات التي تثير مشكلات في وجه نشاط الأساتذة البحثي عبر الانترنت ، كما بينت الدراسة أن50 % من المبحوثين يرون أن ثقافة الاستخدام الرشيد للانترنت كفيلة برفع مستوى العائد المعلوماتي والمعرفي لدى الباحث.
مقدمة
يتميز العالم المعاصر بقدرته الفائقة على إنتاج، واستخدام ،وتخزين المعلومات ومد خيوط التواصل والتفاعل المعرفي بين البشر محليا وعالميا،مما جعل المعرفة ومن ورائها العقل البشري أحد أهم القطاعات الحساسة التي تستأثر باهتمام الدول في الاستثمار،باعتبارها عوامل قوة وتفوق في العصر الراهن وعُدة الحضور الفاعل في المستقبل .
وقد جاء ت الانترنت لتُشكل أحد أهم اختراعات القرن العشرين التي حولت العالم إلى مكتبة بلا جدران وقرية بلا أسوار وأمدت سكان هذه القرية بثقافة دون حواجز! وينمو الاستخدام العالمي للشبكة العنكبوتية بشكل لافت ، ويزحف النشر الإلكتروني ليستولي يوما بعد يوم على مساحات جديدة كان بالأمس القريب يسيطر عليها عالم المكتوب إلى الحد الذي جعل الورق يتقادم بشكل متسارع ويدفع الكثير من الباحثين إلى التنبؤ بأن أطفالنا سيشهدون عالما خال من الورق.
ومع كل هذه القفزات الحاصلة في التحول من عصر إلى آخر، ما يزال الاستغلال العربي لهذه الطفرة والاستفادة من خدماتها المعلوماتية الهائلة بطيئا وربما مقتصرا على بعض الجوانب الترفيهية ، دون استغلال هذا الفضاء المعلوماتي في تنمية الرصيد المعرفي والثقافي للمتعاملين مع الشبكة العنكبوتية ، خاصة إذا تعلق الأمر بمجال البحث العلمي الذي يعد عصب التطور وأس الرقي في كل المجتمعات ، لاسيما في عصر المعلومات .
وتواجه مسألة الولوج في المعلوماتية من المنظور العربي ، مجموعة من التحديات أمام النظم المعلوماتية العربية التي تمثل نطاقا إقليميا فرعيا يتفاعل مع الأنظمة المعلوماتية الإقليمية ويتعرض لتأثيرات عديدة من خلال ثورة المعلوماتية ، بدءا من التكنولوجيا المستخدمة مرورا بالمضمون ، وانتهاء بالأهداف التي تسعى البلدان العربية إلى تحقيقها من خلال المعلوماتية .
ومادام العلم والبحث العلمي هما الرهان الذي تُرابط مختلف الدول قصد الإمساك به و التحكم فيه ، لأنه مصدر القوة والتفوق في معترك الحياة الراهنة ، فالانترنت ومنذ ظهورها بدأ الحديث عن صيغة جديدة للتعليم تتجاوز مقاعد الدراسة ، وتجعل الباحث والطالب على اتصال دائم ومستمر بالباحثين وبنوك المعطيات ومصادر المعلومات ، مما يجعله أكثر قدرة من ذي قبل على التوسع في عمليات البحث والإنجاز والتواصل العلمي على الصعيد الكوني .
1- مشكلة الدراسة :
يعتبر تطوير التعليم من القضايا الملحة نظرا للتحديات التي يفرضها هذا العصر، عصر المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات ، مما يستدعي تقديم قراءة جديدة لرسالة الجامعة لتتمكن من التخاطب بكفاءة مع تحديات عصر المعلومات بتنمية الكفاءة المهنية للأستاذ ، وجعله قادرا على توظيف التكنولوجيات الحديثة المتطورة في الارتقاء بعمله التعليمي والبحثي ، وتحسين مخرجات الجامعة في عصر العولمة والتحولات المتسارعة . والارتقاء بمهارات وقدرا ت الأسرة الجامعية في استيعاب المعلومات وإنتاج المعرفة كرهان حضاري لابد من استنفار كل القوى الحية في المجتمع لتحقيقه .
وقد نبعت فكرة الدراسة الحالية من خلال تردد الباحث ومعايشته ليوميات الأستاذ الجامعي بجامعة تبسة وتعامله مع الانترنت ، حيث لاحظ من خلال الزيارات المستمرة لفضاءات الانترنت بالجامعة ولع الأساتذة الجامعيين بتصفح مختلف مواقع الشبكة وإقبالهم عليها إلى درجة أصبحت عادة يومية وجزءا من نشاطاتهم الحياتية .
وعند محاولة الباحث طرق الموضوع مع بعض الأساتذة ، لمس ضبابية وعدم وضوح في الرؤية حول المسألة ، فضلا عن الإشارات المتكررة إلى بعض المشكلات التي تواجههم عند استخدامهم للانترنت وهو ما أثار هاجس التساؤل لدى الباحث عن استخدامات الأساتذة الجامعيين لما تتيحه الإنترنت من مزايا ، مما يوحي بأن هناك مشكلة تستدعي المعالجة في إطار المنهج العلمي . من هذا المنطلق جاءت هذه المشكلة البحثية لتنظر في واقع استخدام شبكة الإنترنت في التعليم والبحث العلمي لدى الأستاذ الجامعي بجامعة تبسة .
وتتفرع عن المشكلة الرئيسة مجموعة من الأسئلة الفرعية أهمها :
1- كيف يمكن توظيف الإنترنت في التعليم والبحث العلمي ؟
2- ما هي الاستخدامات الإعلامية والعلمية للانترنت لدى الأساتذة الجامعيين ؟
3- ما مدى استفادة الأستاذ الجامعي من معلومات الشبكة واستثمارها في عمله البحثي والإبداعي ؟
4- ما هي ايجابيات وسلبيات استخدام الانترنت من وجهة نظر المبحوثين ؟
5- ما أهم المقترحات لمواجهة الآثار السلبية وتثمين الآثار الايجابية لاستخدام الإنترنت .
2- حدود الدراسة :
تعد الإنترنت من المستحدثات التكنولوجية التي دخلت مختلف الفضاءات العلمية والإعلامية والتربوية والترفيهية،وستركز هذه الدراسة حول تطبيقاتها في البحث العلمي وحدود استثمارها معرفيا للارتقاء بمستوى الأداء الأكاديمي والمساهمة في تطور المردود العلمي بجامعة تبسة .
3- منهج الدراسة:
بالنظر إلى طبيعة هذه الدراسة والهدف المتوخى من إجرائها والتي تحاول قراءة مفردات الواقع الجامعي ، وسبل استخداماته للانترنت ؛ فإن منهج التحليل الوصفي يعد منهجا مناسبا لهذا النوع من الدراسات ، مع الاستعانة ببعض المناهج الأخرى مثل المنهج التاريخي إذا ما تعلق الأمر بالتطرق للخلفية التاريخية للانترنت وسُبل التعاطي معها وفق التطور الكرونولوجي.
4- مجتمع وعينة الدراسة :
يمثل المجتمع الأصلي لهذه الدراسة أعضاء هيئة التدريس بجامعة تبسة والبالغ عددهم 300 أستاذا ،207 ذكور، 93 موزعين على خمس كليات ؛ حيث سُحبت عينة عشوائية عددها 30 أستاذا ، أي ما نسبته 10% ، أما توزيع العينة فقد جاء على النحو الوارد في الجدول رقم1.مع العلم أنه تم أخذ موافقة إدارة جامعة تبسة لتوزيع أداة الدراسة على المبحوثين من الجنسين ،ومن مختلف التخصصات العلمية ، مع إعطائهم الوقت الكافي لتعبئة الاستبانة وتسليمها للباحث.
5- المعالجة الإحصائية :
تم استخدام بعض الأدوات الإحصائية كالتكرار، النسب المئوية ، المتوسط الحسابي ، كاي تربيع لقياس دلالة الفروق.
6- مصطلحات الدراسة :
الانترنت : Intrnet
مجموعة من الحاسبات مرتبطة في هيئة شبكة أو شبكات ، تلك الشبكات لها القدرة على الاتصال بشبكات أكبر، بحيث يكون هذا الاتصال يسري وفق بروتوكول ضبط التراسل الذي يُتيح استخدام خدمات الشبكة على نطاق عالمي .
استخدام :
توظيف الإنترنت بما تتوفر عليه من معلومات علمية في البحث العلمي الذي يقوم به الأستاذ الجامعي بجامعة تبسة
البحث العلمي :
تواصل أفضل يمكن من زيادة الاطلاع وتنمية المعرفة ورفع الكفاءة الذي يعين عضو هيئة التدريس بجامعة تبسة على تنمية قدراته العلمية بما يُمكن من تطور مهاراته ورقي ممارسته لوظيفته ، من خلال إتقان مهارات البحث العلمي ، القدرة عل التحكم في المعلومات وتسخيرها في خدمة الواقع العلمي والبحثي بالجامعة .
الأستاذ الجامعي :
يُقصد به الأساتذة المنتمين لجامعة تبسة ذكورا وإناثا ، من كل التخصصات العلمية التي تُدرس بالجامعة ينتمون إلى فئات اجتماعية مختلفة ، تم اختيارهم من الوسط الجامعي .
الجامعة :
مؤسسة تعليمية تضم عددا من الكليات(أو المعاهد) والأقسام ، تقدم لطلابها تعليما عاليا نظريا وعمليا ، تتولى إعدادهم للتعامل مع الحياة العملية بكل متطلباتها وتحدياتها من خلال تطوير قدراتهم وتنمية معارفهم وصقل مواهبهم وتمنحهم درجات وشهادات في مختلف التخصصات العلمية .
7- الإطار النظري للدراسة :
الانترنت لغة:لفظ يترجم كلمةInternet الإنجليزية التي تعتبر إدغاما لكلمتيInterconected Networksأي الشبكات المترابطة.
أما من الناحية الاصطلاحية فيمكن توصيف الانترنت بشكل مبسط على أنها مجموعة من الحاسبات مرتبطة في هيئة شبكة أو شبكات ، تلك الشبكات لها القدرة على الاتصال بشبكات أكبر، بحيث يكون هذا الاتصال يسري وفق بروتوكول ضبط التراسل الذي يُتيح استخدام خدمات الشبكة على نطاق عالمي. ([1])
ومنذ عقدين أو أكثر من الزمن ، كان تخيل الإنترنت يعد ضربا من الخيال ، لكنها اليوم تمثل عماد المجتمع المعلوماتي الجديد ومعجزته التي يُبشر بها حيث فتحت هذه الأداة الجديدة العالم على أبوابه ودكت كل التحصينات والأسوار فخيمت بانتشارها السريع على العالم الأثيري لينصاع العالم لها ويستسلم لجموحها. ([2])
فسيولة المعلومات وجموحها على كل أساليب الرقابة وتأبيها على مختلف الحواجز، جعل من الصعب التكهن بمآلات الكرة الأرضية في الآفاق المنظورة ، مما دفع الباحث سيتلر (Saettler)إلى القول : أنه ليس من السهل التنبؤ بمستقبل استخدام التقنية في مجالات الحياة ولكن التنبؤ السهل الذي ينبغي أن يُبنى عليه المستقبل هو أن الأشياء التي تحصل عادة تكون أكبر مما تم توقعه .
ففي أواخر الستينيات من القرن الماضي فكر الأمريكيون في إنشاء شبكة تُؤمن التواصل في حالة نشوب حرب نووية وقد أطلق على هذه الشبكة في البداية تسمية(ARPAnet) ، لتُستبدل في مطلع الثمانينات بأخرى تفوقها سرعة تدعىNSFNET ويقصد بهاnationale science foundation ومع مرور الزمن وتنامي عدد مستعملي الانترنت من قبل الأوساط المدنية تم فصل القسم العسكري منها ومنذ ذلك التاريخ وزوار الشبكة في تزايد مستمر إلى يوم الناس هذا.
وفي دراسة حول المواقع العربية على الشبكة من حيث المحتوى والتأثير ، أشار التقرير الذي أعده خبراء المجلس القومي للثقافة والإعلام إلى أن نسبة المحتوى العربي على الانترنت مازالت لا تتجاوز 0.01 % من إجمالي محتوى الشبكة كاشفا عن أن عدد المواقع العربية على شبكة الانترنت وصل إلى 14 ألف موقع مقابل 35 ألف موقع لإسرائيل . فمعدلات الانخراط العربي ما تزال بعيدة عن المؤشرات العالمية ، حيث نجد 1.6% من المستخدمين العرب للانترنت مقابل 79% في الولايات المتحدة.([3]) ذلك أن الشبكة الالكترونية العربية تتنوع بين مواقع إسلامية وأخرى ثقافية ، في الوقت الذي تخلو فيه من موقع سياسي عربي يمكن أن يعبر عن قضية سياسية موحدة في العالم العربي باستثناء مواقع الصحف العربية.
وتفيد معطيات الواقع المحلي أنه في الوقت الذي كان فيه المجتمع الغربي مع مطلع الثمانينات يستعمل الإنترنت في كل حاجياته اليومية ، فإن الجزائر سجلت أولى محاولات استعمال الشبكة في مطلع التسعينات 1991 ، عن طريق الجمعية الجزائرية لمستعملي نظام التشغيل ومع إشراقة عام 1993 تولى مركز البحث في الإعلام العلمي والتقني) (CERIST مهمة توفير خدمات الانترنت في الجزائر وقد تمكن نفس المركز عن طريق خط هاتفي متخصص من ربط الجزائر بالانترنت بالتعاون مع المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة ، من خلال مشروع طموح تكون الجزائر محوره لربط شمال أفريقيا بالشبكة العنكبوتية .
وفي محاولة جريئة للانخراط بقوة في المجتمع المعلوماتي سطرت وزارة البريد وتكنولوجيا الإعلام والاتصال برنامجا يقضي بتوفير حاسوب لكل عائلة جزائرية في آفاق سنة 2010 . ويبدو أن انفتاح الجزائر وإقبالها نحو العالم التكنولوجي المتطور سيتحقق من خلال إنجاز مشروع المدينة الجديدة ، الذي سوف يتجسد في إنجاز الحظيرة المعلوماتية التي تضم 10مشاريع ، مُقرر إنهاء الأشغال به مع نهاية سنة2006 . هذه الجهود وغيرها تأتي لتساهم في تجسير الهوة المعلوماتية التي تفصل الجزائر عن العالم ، بل عن جيرانها مثل المغرب وتونس . إذ تفيد دراسة مقارنة حول التكنولوجيا الحديثة وتأثيرها على الاقتصاد أن وضع الجزائر في ترتيب السلم المعلوماتي غير مريح ، حيث احتلت المرتبة العاشرة في أفريقيا من حيث انتشار الإعلام والاتصال.
أما على الصعيد العالمي فإن استعمال الحكومة الجزائرية للانترنت ضعيف للغاية ، فقد أظهرت دراسة قام بها مركز'توبمان' للسياسات العامة التابع لمعهد 'براون' بالولايات المتحدة الأمريكية أن الجزائر تحتل المركز 128 ضمن ما أسمته الدراسة أحسن الحكومات الإلكترونية . تجدر الإشارة أن هذه الدراسة غطت مواقع حكومية ل198 دولة ،معتمدة على عدة مؤشرات من أهمها الإصدارات المتوفرة و قاعدة البيانات،عدد الخدمات الإلكترونية التي تقدم على المواقع الحكومية . ([4])
وفي سياق متصل يؤكد رئيس الجمعية الوطنية للممونين بخدمات الانترنت أن أكثر من60% من مواقع "الواب" لا تتوفر على نسخة بالعربية وأن 80% منها رديئة بالأساس وتحمل معلومات قديمة وهي مواقع ليست في المستوى حتى من حيث شكلها وتصميمها-ويضيف قائلا:المواقع التي يفترض أن تكون النموذج الذي يُحتذى به في هذا المجال كموقع الوزارة الوصية الذي لم يتم تجديده منذ سنتين وغير ذلك من المواقع التي يعود تاريخ وضعها أكثر من سنة ، هي دوما متأخرة عن مواكبة المعلومة.([5]) فمن بين حوالي 40 موقعا حكوميا 30 منها لا تواكب التطور المعلوماتي ولا تساير الأحداث الجديدة باستمرار،معلوماتها مستهلكة ولا تحمل أي فائدة تذكر للمتصفح.
أما من حيث انتشار الانترنت على مستوى الاستعمال الجماهيري فإنه من بين 260 مليون من المتابعين لشبكة الانترنت عبر العالم ، فإن الجزائر لا تتوفر إلا على نسبة2.4% من السكان المتصلين بهذه الشبكة في وقت لا يتجاوز الذين يستعملون هذه التقنية800 ألف من السكان بمعدل 500 ألف مستعمل بصفة منتظمة ، في حين نسبة كبيرة من هؤلاء المستعملين يستخدمون هذه التقنية في أماكن عملهم أو في نوادي الانترنت التي يصل عددها إلى 5000 نادي منتشرة عبر الوطن الأمر الذي يُؤكد أن نسبة الربط في المنازل مازالت ضعيفة جدا مقارنة بالدول الأفريقية.هذا التأخر يرجع إلى نقص أو غياب شبه تام لثقافة التكنولوجيا وكذا النقص الواضح في الخطوط الهاتفية ، حيث أن الجزائر لا توفر إلا 6 خطوط لكل 100 نسمة في الوقت الذي يصل فيه الرقم إلي 90 خط لكل100 مواطن في الدول المتقدمة تكنولوجيا.([6])
وتشير بعض المعطيات إلى أن ما يزيد على 2 مليون بيت جزائري يتواصلون عبر الإنترنت ، إضافة إلى 30 مزود بمحتوى شبكة الإنترنت وما يعادل 5000الى 7000 مقهى انترنت ومع أن الكثير من المواطنين يستفيدون من خدمات الشبكة المعلوماتية ، إلا أن معرفتهم بهذه الوسائل التكنولوجية وخصائصها تظل محدودة ، مما يستدعي بذل مزيد من الجهود ، لإرساء ثقافة التعاطي الاجتماعي الواعي مع هذه التكنولوجيات ، لاسيما في المراكز الحساسة مثل الجامعات والمؤسسات التعليمية عموما ، من أجل ردم الهوة الرقمية* وتحقيق قفزة نوعية في مجال الاستثمار الرشيد لتكنوجيا المعلومات والاتصالات .
ورغم التفاوت في البنية المعلوماتية بين دولة وأخرى ، فان الانخراط العربي في عصر المعلومات ما يزال محتشما ، حيث من بين ما يزيد عن مليار مستخدم للشبكة لا يوجد من بينهم سوى 550 ألف مشترك عربي ، ليقدر في نهاية سنة 2000 ب3.1 مليون شخص.([7])
بيد أن العديد من المعوقات تبطئ انتشار الإنترنت،من أهمها :بطء نمو البنية التحتية وارتفاع كلفة استخدامها- الإنترنت- في بعض البلدان العربية التي تتعدى القدرات المالية لغالبية السكان والمستخدمين فيها . مما يدلل على أننا بحاجة إلى مزيد من الجهد لإحداث ثورة معلوماتية تنهض بواقعنا ، لتجعلنا نتفاعل بكفاءة مع تحديات الراهن .
ونجد أن اللغة العربية تحتل هامشا ضئيلا ضمن ركام هائل من الصفحات على الشبكة ، حيث أن مما مجموعه 8 مليارات صفحة تقريبا تحتل اللغة الإنجليزية ما نسبتة82 % ، في حين تحتل باقي اللغات نسبة18% ، مما يعكس واقع اللاتكافؤ والاختلال المعلوماتي الذي سيؤثر حتما على الثقافات المستضعفة إلكترونيا ويُعرّض أهلها إلى موجات عاتية من متاهات اللاانتماء وصراع الهوية. إذ تشير الأرقام إلى أن حصة الإنتاج الفكري باللغة العربية المتاح عبر الانترنت لايتجاوز0.3% من المعلومات المنشورة على الواب.[8] يحدث هذا التراخي العربي عن الانخراط في العالم الرقمي في زمن بات فيه عالم الإنترنت يشكل عالم المعرفة في العصر الراهن ، حيث لم يعد فقط مصدرا ومخزنا للمعلومات أو إدارتها وتنظيمها واسترجاعها وقت الحاجة ، بل أصبح في معظم الأحيان هو المولد والمنتج للمعرفة والموزع لها والمعلم والإعلامي والمربي ، بل التاجر والمروج والمقرر والمبلور للرأي والمؤسس لبعض القيم قي كثير من جوانبه.([9])
والمتتبع لسيرورة التطور الحاصل في حقل الاتصال يلمس أنه ما إن تظهر تقنية اتصالية أو معلوماتية جديدة ، حتى تتهافت الكتابات حولها بين مشيد بها ومحذر منها ، مرغب فيها ومنفر منها ولم يسلم عصر الانترنت على غرار العصور التي سبقته من تعدد الخطابات وتباينها ويتزعم الخطاب المتوجس من آثار عصر الانترنت الباحث بول فيرليو*Paul Virilio الذي يركز على انعكاساتها السلبية على القيم الإنسانية والعلاقات الاجتماعية مفندا الطرح الذي يقول بعلاقة تلازمية بين التطور التقني والرقي الإنساني والاجتماعي. كما يعد الباحث "دومينيك فولتون** Dominic Wolton من المصنفين ضمن التيار الناقد ، لكن بنبرة معتدلة وغير حادة ، كما هو الشأن بالنسبة لسابقه.
وفي مقابل هذا التيار الناقد لتغلغل المد التكنولوجي في النسيج الاجتماعي ، يبرز تيار آخر مبشر بمحاسن الانترنت ، بالنظر للآثار الايجابية التي سوف تنعكس على الحياة الاجتماعية وتتعدد ألوان هذا الطيف من اقتصاديين وسياسيين وباحثين ، منهم بيل جيتسBill Gates ، وأل قورAl gore ونيكولا نقربونتيNicholas Negroponte ، حيث يراهن هذا الفريق على الانترنت كعلامة من علامات هذا العصر وآلية تحرر الإنسان من قوالب التفكير القديمة ، حيث تلج به في العصر الافتراضي.
وتنطلق هذه الدراسة في تحليل الآثار الاجتماعية لاستخدام الانترنت من خلال المنظور الوظيفي ، للوقوف على الانعكاسات الايجابية والسلبية للانترنت ، على اعتبار أن النظرية الوظيفية تتكئ على فكرة الأدوار ووظائف الأنساق الفرعية في الحفاظ على تكامل وتوازن النسق الكلي(المجتمع) ضمن رؤية شمولية لكافة عناصر الظاهرة المدروسة.
8- الدراسات السابقة:
أجريت دراسات عدة حول استخدامات الانترنت في المجالات المختلفة من ذلك ، تلك التي قام بها الباحثان جالو وهورتونGallo and Horton سنة 1994 حول تأثير الدخول المباشر وغير المقيد للانترنت على مجموعة من المعلمين ، توصل الباحثان من خلال ذلك إلى أن الدخول غير المقيد على المواقع البحثية له آثار ايجابية في البحث العلمي وانه أحد العوامل المؤثرة في استخدام المعلمين للانترنت بفعالية.([10])
كما قام بروسBruce سنة 1995 بفحص دور الإنترنت في شبكة البحث الأكاديمية الأسترالية من خلال دراسة طولية ، أظهرت نتائجها أن استخدام شبكة الإنترنت قد أدى إلى زيادة التعاون بين الأكاديميين في استراليا ، كما أدى إلى تسهيل عملية الإشراف على أبحاث الطلبة من خارج استراليا . كذلك فقد كان لهذه الشبكة المعلوماتية دور مهم في مساندة التعلم عن بعد.([11]).