و عليكم السلام و رحمة الله،
جوابي لك هو جواب سقراط حينما سأله بيثياس، أحد تلامذته قائلا:
"لماذا لا تدون لنا أقوالك يا معلم؟"
أجابه سقراط قائلا:
ما أوثقك بجلود البهائم الميتة"".لا يصح" تحجير" الحقيقة. يمكن، من ناحية أخرى، الكشف عنها من خلال الخبرات الميدانية، سواء كانت خبرات الآخرين أو خبرات شخصية.
سؤالك هو حول المقرر. المقرر الذي تسألين عنه و الذي لا يزال غامضا بالنسبة إليك هو محدد في المفاهيم الأساسية الموجودة في عنوان المقياس، و تلك المفاهيم هي: (الوسائط، التكنولوجيا، الإتصال، البيداغوجيا) .
لقد تطرقنا للمفاهيم الأساسية في إطار التطبيقات حين حاولنا، كجماعة في إطار التعلم التعاوني، "إنتاج" وسائط تكنولوجية يمكن توظيفها في ميدان التعليم المفرد أو ما يعرف بتفريد التعليم و هو اتجاه جديد في التربية كما تشير إليه "المحاضرات".
الأقراص المدمجة (وسائط تكنولوجية)، الموزعة عليكم و التي حاولنا إدماج الصوت و الصورة و الحركة ضمنها، من خلال دمج بعض البرمجيات التطبيقة، توضح موقف الأستاذ من المفاهيم الأساسية (تعريف المقرر) و التي يمكن تلخيصه في قوله أن لفظ "الوسائط" ، مفرده "الواسطة" هو لفظ اصطلح، كما يرى الأستاذ، على استعماله لغير العاقل، و يمكنه أن يشير، في حدود الإحتمال، إلى الشيء الحسي أو الشيء المعنوي أو الشيء الحسي و المعنوي معا. و لفظ الواسطة يختلف في مدلوله عن لفظ الوسيط و الوسطاء رغم أن كلا اللفظين مشتق من نفس الجذر، أي الفعل الثلاثي "وسط" أو ما تموقع في الوسط، لو لا أن تفندوني.
حين نقول، أن لفظ "الوسيط" مستعمل للإشارة إلى العاقل و شاع استعماله في ذلك السياق فإننا نقول في نفس الوقت: "أليس كذلك؟" اذا اعتبرنا أن اجتماعنا قائم على مبدأ الديموقراطية كما قومه الأستاذ حين اتخذ قرارا بخصوص طريقة التدريس لموضوع له خصوصيته و هو مقدم لفئة من الطلبة لهم كذلك خصوصيتهم، من حيث المستوى خاصة.
المراكز الإجتماعية هي التي تحدد الأدوار، و مركز الأستاذ يخول له صلاحية اتخاذ القرار بخصوص طريقة التدريس، و الطريقة التي اختارها هي الطريقة الحوارية المبنية على مقاربة الموضوع وفق طريقة المشاريع في إطار التعلم التعاوني، و الطريقة هذه، حسب تقدير الأستاذ، مناسبة لموضوع الدراسة و لمستواكم كطلبة ماجستير في ميدان مجتدد بسرعة كبيرة و هو ميدان تكنولوجيا التربية.
الوسائط، إن كانت غير عاقلة، تكون في حدود الإمكان معنوية (طرق التدريس المبرمج، التعليم الإلكتروني، تفريد التعليم...)، و فد تكون حسية (الصورة، الطبشور، السبورة، شاشة العرض...الفانوس السحري) و قد تكون حسية و معنية معا (الحاسوب و برمجياته، تكنولوجيا الإتصال في إطار عولمة المعلومة و هذا الميدان في تغير مستمر.)
أهمية موقف الأستاذ تكمن في كونه يقترح أرضية تفاهم (و فهم للمقرر). معنى المفاهيم الأساسية، المتبنية، يبقى صالحا ما دام يساعد على وصف الواقع كما هو، دونما تزييف أو تحريف، علما أن الواقع قبل أن يكون معقولا لمعان مدونة فإنه محسوس، و تبق العلاقة جدلية بين الحس و المعنى ما دامت هنالك حياة.
إذا استعملنا لفظ وسائل بدل وسائط فإننا نكون قد قلصنا من ميدان اهتمامنا و اكتفينا بالوسائط الحسية دونما إشارة للوسائط المعنوية و الوسائط الحسية المعنوية (لو لا أن تفندوني)
المصطلح، كما خلصنا إلى تحديده في أبعاده الثلاث، يبرر ما نشر في منتدى "الوسائط التكنولوجية في الإتصال البيداغوجي" . و تلك الإسهامات توضح الأصل بتفاصيله الراهنة.
"المحاضرات" و قبلها تحديد المفاهيم الأساسية في شريط الفيديو الموزع على الطلبة، عبارة عن هيكل و كل المساهمات الأخرى، المنشورة ضمن منتدى الوسائط التكنولوجية، عبارة عن لحم يكسو ذلك الهيكل. تلك المساهمات لا تحجر الواقع الذي نبحث عنه و نود تدوينه، و ربما تحجيره، بل تبرز حقيقته المتحركة و المتجدد باستمرار.
آمل أن يكون جوابي شاف من كل توتر و كاف.
تحياتي