الدمج التعليمي وعلاقته بتأهيل المجتمع المحلي
بقلم: مي أبو غزالة
رغم وجود مؤسسات تعليمية خاصة تقدم الرعاية للأطفال المعاقين بتكلفتها العالية التي ليست في متناول الكثير من الأسر إضافة إلى أنها لا تخدم سوى 5 % من الأطفال المعاقين! ولكن هؤلاء الأطفال يظلوا معزولين داخل المؤسسات بعيداً عن أقرانهم والمجتمع! وهذه العزلة تؤدي إلى إعاقة في نموهم النفسي والاجتماعي مما ينتج عنه استبعادهم عن المشاركة الفعالة في المجتمع.
أدرك التربويون في العصر الحديث أن المشكلة هي في المؤسسات التعليمية ونظامها وليست في الطفل فكان هناك العديد من التجارب التي فادت بتطبيق الدمج كوسيلة لتحقيق مبادئ حقوق الطفل والتي تنادي في أولويتها بحق التعليم.
لذا انطلق مفهوم الدمج واتفق على أن يكون الوسيلة التي يحقق بها خطوات في تطوير البرامج التعليمية بالنسبة لمجتمع الأطفال فنضمن بذلك جودة ونوعية مميزة في التعليم وتطور في منظومة وهيكلية عمل المدرسة بكل كادرها وهو ما يتماشى مع رؤية وزارة التربية التي تنادي بتعزيز نوعية التعليم وتطبيق مبادئ الجودة الشاملة في التربية وتعميق ترابطها مع متطلبات النهوض التنموي الشامل.
ما هو الدمج التعليمي ؟
أن تقوم المدرسة بتقديم التعليم لجميع الأطفال مراعية فروقهم الفردية ومتطلباتهم التربوية فهو لا يعني إعاقة ومشكلات صحية وعجز لدى بعض الأطفال ولكنه وسيلة لتطوير النظام التعليمي وتغيير في طرق ووسائل التعليم بحيث تصبح ذات نوعية جيدة تتوافق وبيئة الطفل واحتياجاته فتصل للجميع دون استثناء.
لذا فنحن في تفكيرنا بالدمج التعليمي لا بد لنا أن نفكر إلى أبعد من الإعاقة لأن الأطفال هم في مدارسنا عملياً ولكن مهملين. ولكن ببرامج الدمج نكون قد وصلنا إلى جميع الأطفال وحققنا تكافؤ الفرص للجميع واستطعنا أن نتقدم بالعمل التربوي.
كيف نحقق الدمج التعليمي ؟
لتحقيق الدمج لا بد أن نشير بآلية تتضمن الآتي:
o سياسات وقوانين وتشريعات تضمن حق جميع الأطفال في التعليم.
o إدارة مركزية ديمقراطية تسعى بآليات العمل لديها تحقيق عدم التميز ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع أقرانهم من خلال نظام تعليمي ديمقراطي متجانس متطور يحقق أهداف الجودة الشاملة لها نظرة مستقبلية وهي الآن متمثلة بوحدة الدمج داخل هيكلية وزارة التربية.
o إدارة مدرسية متطورة مرنة متعاونة ومرحبة.
o كادر تدريسي مدرب لديه حافز التطوير الذاتي والإبداع يؤمن بتقبل الآخر ويحترم الفروق الفردية.
o بناء مدرسي مكيف يضمن حرية التنقل واللعب والتعليم آمن للجميع.
o كادر مدرسي يبدأ من المدير حتى عامل البوفيه والنظافة واعي لديه ثقافة دمج هي التي تجعل من المدرسة النواة التعليمية المرحبة بكل الاختلافات.
o بيئة مجتمعية متعاونة تسعى لتطوير المدرسة داعمة لأنشطتها مساندة لكل ما يهدف إلى تطوير العمل لصالح الأطفال.
o استثمار فعال للموارد الفنية المتخصصة بالإعاقة وصعوبات التعليم والإبداع والتفوق لتكون المصدر الداعم للمدرسة عند الضرورة وطلب المعلم.
o استثمار فعال للموارد المحلية المحيطة بالمدرسة لصالح العمل المدرسي وذلك ضمن مختلف الفعاليات الاجتماعية
o تقييم تشاركي لكل مراحل العمل.
o هذه الآلية لتحقيق الدمج التعليمي ليست مسؤولية التربية بل المجتمع بكل فعالياته وخاصة الفعاليات الشبابية.
o مشاريع التأهيل في المجتمع المحلي والدمج التعليمي:
o لتوضيح العلاقة بين التأهيل في المجتمع المحلي والدمج التعليمي لا بد أن نلق نظرة على تعريف كل من الإعاقة - التأهيل - التعليم.
تعريف الإعاقة:
كل مواطن بسبب خلل أو قصور جزئي أوكلي دائم أو طويل الأمد في النواحي الجسمية أو العقلية أو النفسية - فإنه بحاجة إلى عناية طبية وتعليمية اقتصادية قانونية وترتيبات ومعينات تهدف مساعدته للمشاركة في فعاليات المجتمع إلى أكبر قدر ممكن لتحقيق أعلى درجة من الاستقلالية والاعتماد على الذات واكتساب الكفاءة والأمان لمواجهة أي ضرر أو أذى.
إننا من خلال التعريف السابق للإعاقة نجد المعوق يحتاج إلى تأهيل وتعليم لكي يكون فعالاً في مجتمعه.
تعريف التأهيل:
تدريب المعوق على المهارات الذاتية التي تحقق الاستقلالية حسب حدود إعاقته وتدريبه على استخدام المعينات والأجهزة التي تساعده في مسيرة حياته اليومية لكل جوانبها والتأهيل هو دور الأسرة بالتعاون مع أخصائيين التأهيل في المجتمع المحلي وبيئة الطفل المحيطة به أو في المراكز المتخصصة بهدف تحضير الطفل للانخراط بحياته العملية في مختلف النواحي ولتحقيق دمجه بأسلوب وطريقة تتناسب مع أعاقته وهو الخطوة الأولى لدخوله المدرسة بعد ذلك ومتابعة حياته اللاحقة
إن تأهيل المعاق قبل دخوله المدرسة من معايير الدمج التعليمي الناجحة فهي القاعدة الأساسية التي يجب أن تكون في مراحل الطفولة المبكرة السنوات الخمس التي تسبق دخول المدرسة لذا فبداية الدمج التعليمي الناجح هي من مرحلة الروضة وهذه البرامج التأهيلية تقدم للطفل وفقاً لظروف محيطه ومن البرامج الناجحة والموفرة تلك التي تعتمد على تأهيل المعوق في مجتمعه المحلي وبيئته المحيطة منطلقاً من الأسرة إلى فعاليات المجتمع المختلفة لذا نجد أن برامج المجتمع المحلي قاعدة من قواعد دعم الدمج في المراحل المدرسية القادمة لحياة الطفل لأنها تبني الأرضية المرحبة في كامل المجتمع لتصل إلى أحد فعالياته وهي: المدرسة لتأتي المرحلة التي تقدم بها البرامج التعليمية المرنة المتكيفة مع الاختلافات والبيئة المجتمعية الواعية المحيطة بها.
التعليم في تعريفه:
مجموعة إجراءات تعتمد على نقل وتطوير المعرفة والمهارات والقيم ضمن أسس تربوية ثابتة ( مناهج - نظام مدرسي - أسرة تعليمية.........) مرنة تقدم نوعية وجودة شاملة تراعي كل الاختلافات متوافقة مع قاعدة مجتمعية واعية متقبلة للآخر.
بعد هذه التعاريف نجد أن المجتمع المرحب هو ذلك المجتمع القائم على الثقافات الدمجية دون تحيز مراعياً فئاته بكل اختلافاتها وطبقاً للحقوق الإنسانية وهو ليس بالحلم البعيد ولكن الممكن من خلال تضامن وتعاون بين كل فعالياته كل حسب دوره ببرامج التأهيل في المجتمعات المحلية وهي إحدى المشاريع التي تعني بكل مشاكل وقضايا المجتمع وليس بالإعاقة فقط متكاملاً بتحقيق تكافؤ الفرص التعليمية للجميع.
لذا فلنتوجه لخلق مجتمعنا المرحب بتغيير في اتجاهاتنا وأفكارنا المسبقة عن الإعاقة والاختلاف إلى إدراكنا وقناعتنا إن المشكلة لا تكمن في المعوق والمختلف من الآخرين بل في فكرنا ونظرتنا التي نتخذها حيال كل مختلف بيننا وهذا ليس نداءنا فقط بل نداء كل المعايير الدولية ونحافظ على حقه لا أن نخلق عراقيل في مسيرة حياته لكي نسلب منه حقه ونعود لنحن عليه به.
الإعداد: مي أبو غزالة - منسقة من وحدة الدمج في التربية وأخصائية في برامج الطفولة المبكرة.
المصدر - موقع "نساء سورية"- 2005
بقلم: مي أبو غزالة
رغم وجود مؤسسات تعليمية خاصة تقدم الرعاية للأطفال المعاقين بتكلفتها العالية التي ليست في متناول الكثير من الأسر إضافة إلى أنها لا تخدم سوى 5 % من الأطفال المعاقين! ولكن هؤلاء الأطفال يظلوا معزولين داخل المؤسسات بعيداً عن أقرانهم والمجتمع! وهذه العزلة تؤدي إلى إعاقة في نموهم النفسي والاجتماعي مما ينتج عنه استبعادهم عن المشاركة الفعالة في المجتمع.
أدرك التربويون في العصر الحديث أن المشكلة هي في المؤسسات التعليمية ونظامها وليست في الطفل فكان هناك العديد من التجارب التي فادت بتطبيق الدمج كوسيلة لتحقيق مبادئ حقوق الطفل والتي تنادي في أولويتها بحق التعليم.
لذا انطلق مفهوم الدمج واتفق على أن يكون الوسيلة التي يحقق بها خطوات في تطوير البرامج التعليمية بالنسبة لمجتمع الأطفال فنضمن بذلك جودة ونوعية مميزة في التعليم وتطور في منظومة وهيكلية عمل المدرسة بكل كادرها وهو ما يتماشى مع رؤية وزارة التربية التي تنادي بتعزيز نوعية التعليم وتطبيق مبادئ الجودة الشاملة في التربية وتعميق ترابطها مع متطلبات النهوض التنموي الشامل.
ما هو الدمج التعليمي ؟
أن تقوم المدرسة بتقديم التعليم لجميع الأطفال مراعية فروقهم الفردية ومتطلباتهم التربوية فهو لا يعني إعاقة ومشكلات صحية وعجز لدى بعض الأطفال ولكنه وسيلة لتطوير النظام التعليمي وتغيير في طرق ووسائل التعليم بحيث تصبح ذات نوعية جيدة تتوافق وبيئة الطفل واحتياجاته فتصل للجميع دون استثناء.
لذا فنحن في تفكيرنا بالدمج التعليمي لا بد لنا أن نفكر إلى أبعد من الإعاقة لأن الأطفال هم في مدارسنا عملياً ولكن مهملين. ولكن ببرامج الدمج نكون قد وصلنا إلى جميع الأطفال وحققنا تكافؤ الفرص للجميع واستطعنا أن نتقدم بالعمل التربوي.
كيف نحقق الدمج التعليمي ؟
لتحقيق الدمج لا بد أن نشير بآلية تتضمن الآتي:
o سياسات وقوانين وتشريعات تضمن حق جميع الأطفال في التعليم.
o إدارة مركزية ديمقراطية تسعى بآليات العمل لديها تحقيق عدم التميز ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع أقرانهم من خلال نظام تعليمي ديمقراطي متجانس متطور يحقق أهداف الجودة الشاملة لها نظرة مستقبلية وهي الآن متمثلة بوحدة الدمج داخل هيكلية وزارة التربية.
o إدارة مدرسية متطورة مرنة متعاونة ومرحبة.
o كادر تدريسي مدرب لديه حافز التطوير الذاتي والإبداع يؤمن بتقبل الآخر ويحترم الفروق الفردية.
o بناء مدرسي مكيف يضمن حرية التنقل واللعب والتعليم آمن للجميع.
o كادر مدرسي يبدأ من المدير حتى عامل البوفيه والنظافة واعي لديه ثقافة دمج هي التي تجعل من المدرسة النواة التعليمية المرحبة بكل الاختلافات.
o بيئة مجتمعية متعاونة تسعى لتطوير المدرسة داعمة لأنشطتها مساندة لكل ما يهدف إلى تطوير العمل لصالح الأطفال.
o استثمار فعال للموارد الفنية المتخصصة بالإعاقة وصعوبات التعليم والإبداع والتفوق لتكون المصدر الداعم للمدرسة عند الضرورة وطلب المعلم.
o استثمار فعال للموارد المحلية المحيطة بالمدرسة لصالح العمل المدرسي وذلك ضمن مختلف الفعاليات الاجتماعية
o تقييم تشاركي لكل مراحل العمل.
o هذه الآلية لتحقيق الدمج التعليمي ليست مسؤولية التربية بل المجتمع بكل فعالياته وخاصة الفعاليات الشبابية.
o مشاريع التأهيل في المجتمع المحلي والدمج التعليمي:
o لتوضيح العلاقة بين التأهيل في المجتمع المحلي والدمج التعليمي لا بد أن نلق نظرة على تعريف كل من الإعاقة - التأهيل - التعليم.
تعريف الإعاقة:
كل مواطن بسبب خلل أو قصور جزئي أوكلي دائم أو طويل الأمد في النواحي الجسمية أو العقلية أو النفسية - فإنه بحاجة إلى عناية طبية وتعليمية اقتصادية قانونية وترتيبات ومعينات تهدف مساعدته للمشاركة في فعاليات المجتمع إلى أكبر قدر ممكن لتحقيق أعلى درجة من الاستقلالية والاعتماد على الذات واكتساب الكفاءة والأمان لمواجهة أي ضرر أو أذى.
إننا من خلال التعريف السابق للإعاقة نجد المعوق يحتاج إلى تأهيل وتعليم لكي يكون فعالاً في مجتمعه.
تعريف التأهيل:
تدريب المعوق على المهارات الذاتية التي تحقق الاستقلالية حسب حدود إعاقته وتدريبه على استخدام المعينات والأجهزة التي تساعده في مسيرة حياته اليومية لكل جوانبها والتأهيل هو دور الأسرة بالتعاون مع أخصائيين التأهيل في المجتمع المحلي وبيئة الطفل المحيطة به أو في المراكز المتخصصة بهدف تحضير الطفل للانخراط بحياته العملية في مختلف النواحي ولتحقيق دمجه بأسلوب وطريقة تتناسب مع أعاقته وهو الخطوة الأولى لدخوله المدرسة بعد ذلك ومتابعة حياته اللاحقة
إن تأهيل المعاق قبل دخوله المدرسة من معايير الدمج التعليمي الناجحة فهي القاعدة الأساسية التي يجب أن تكون في مراحل الطفولة المبكرة السنوات الخمس التي تسبق دخول المدرسة لذا فبداية الدمج التعليمي الناجح هي من مرحلة الروضة وهذه البرامج التأهيلية تقدم للطفل وفقاً لظروف محيطه ومن البرامج الناجحة والموفرة تلك التي تعتمد على تأهيل المعوق في مجتمعه المحلي وبيئته المحيطة منطلقاً من الأسرة إلى فعاليات المجتمع المختلفة لذا نجد أن برامج المجتمع المحلي قاعدة من قواعد دعم الدمج في المراحل المدرسية القادمة لحياة الطفل لأنها تبني الأرضية المرحبة في كامل المجتمع لتصل إلى أحد فعالياته وهي: المدرسة لتأتي المرحلة التي تقدم بها البرامج التعليمية المرنة المتكيفة مع الاختلافات والبيئة المجتمعية الواعية المحيطة بها.
التعليم في تعريفه:
مجموعة إجراءات تعتمد على نقل وتطوير المعرفة والمهارات والقيم ضمن أسس تربوية ثابتة ( مناهج - نظام مدرسي - أسرة تعليمية.........) مرنة تقدم نوعية وجودة شاملة تراعي كل الاختلافات متوافقة مع قاعدة مجتمعية واعية متقبلة للآخر.
بعد هذه التعاريف نجد أن المجتمع المرحب هو ذلك المجتمع القائم على الثقافات الدمجية دون تحيز مراعياً فئاته بكل اختلافاتها وطبقاً للحقوق الإنسانية وهو ليس بالحلم البعيد ولكن الممكن من خلال تضامن وتعاون بين كل فعالياته كل حسب دوره ببرامج التأهيل في المجتمعات المحلية وهي إحدى المشاريع التي تعني بكل مشاكل وقضايا المجتمع وليس بالإعاقة فقط متكاملاً بتحقيق تكافؤ الفرص التعليمية للجميع.
لذا فلنتوجه لخلق مجتمعنا المرحب بتغيير في اتجاهاتنا وأفكارنا المسبقة عن الإعاقة والاختلاف إلى إدراكنا وقناعتنا إن المشكلة لا تكمن في المعوق والمختلف من الآخرين بل في فكرنا ونظرتنا التي نتخذها حيال كل مختلف بيننا وهذا ليس نداءنا فقط بل نداء كل المعايير الدولية ونحافظ على حقه لا أن نخلق عراقيل في مسيرة حياته لكي نسلب منه حقه ونعود لنحن عليه به.
الإعداد: مي أبو غزالة - منسقة من وحدة الدمج في التربية وأخصائية في برامج الطفولة المبكرة.
المصدر - موقع "نساء سورية"- 2005