معوقات التحول من المدرسة التقليدية إلى مدرسة الجودة :
1 - المعوقات الداخلية:
يقصد بالمعوقات الداخلية تلك التي تكون جذورها ناشئة من داخل المدرسة وأهم هذه المعوقات هي كالآتي :
1-1 قلة التزام مدير المدرسـة بالجودة:
تبدأ رحلة التحول نحو الجودة في المدرسة بقرار من إدارة المدرسة، لكن الالتزام يمتد مباشرة ليشمل جميع العاملين فيها(إداريين – معلمين- الطلاب - عاملين )، الحقيقة إن كل واحد من هؤلاء يمكن أن يضع العصا بين العجلات ويعيق نجاح التحول نحو الجودة في المدرسة، فجميع العاملين من إداريين ومعلمين وحتى الطلاب- الطالب عامل في المدرسة من منظور فلسفة الجودة في التعليم- يرون التناقضات، بمعنى إنهم يرون ماذا يقول مديرهم وماذا يفعل في حقيقة الأمر، هم سيفقدون الثقة بالجودة في حالة وجود التناقضات والقرارات الارتجالية الغير مبنية على الحقائق (المديرس والحسين، 2006م) .
ومن اجل تحول ناجح للجودة في المدرسة فأن الفريق الإداري يجب أن يكون لديه قبل كل شئ غاية اتصال واضحة من اجل تبني فلسفة الجودة وذلك حتى تكون متوافقة مع ممارساتهم الفعلية في المدرسة التي تكون مرئية للعاملين، وهذا يحتاج إلى أن يتدرب الفريق الإداري تدريباً عالي الجودة. من هنا تتأكد أهمية أفعال قيادة المدرسة وليس أقوالها .
1-2 تدني القابلية الداخلية لتطوير الثقافة التنظيمية للمدرسة :
بعد تجارب العديد من المدارس في تطبيق إدارة الجودة على صعيد الدول الأجنبية أو العربية أصبح بدهياً القول بأن الثقافة التنظيمية للمدرسة إما أن تعيق أو تدعم جودة التعليم.وتعرف الثقافة التنظيمية في المدرسة بأنها مجموعة القيم والاعتقادات وأساليب التفكير والسلوكيات التي تميز كل مدرسة عن الأخرى (وكذلك اجمع الباحثين في الجودة على أن تغيير الثقافة التنظيمية للمنظمة لتتوافق مع فلسفة إدارة الجودة مسألة ليست سهلة وهي تحتاج إلى إرادة التغيير والصبر على النتائج لأنها مرتبطة بالعنصر البشري وطرائق تفكيره وأنماط سلوكه، وحدد إدوارد ديمينغ المدة الزمنية لهذا التوافق من (3-5سنوات). ومن أبرز المعوقات التي تقف أمام تطوير الثقافة التنظيمية للمدرسة هو الخوف من التغيير، وقيادة المدرسة عليها المسؤولية لإزالة هذا الشعور، والبداية تكون من خلال تحسين العلاقات بين من هم في مهام قيادية وبين جميع العاملين، ومؤشرات تحسين العلاقات تتوضح من خلال تراجع العلاقات السيئة والبدء بالنظر أفقياً بمعنى إزالة النظرة من الرقبة ( من أعلى إلى أسفل).
1-3 اختلاف التصورات لتطبيق الجودة في المدرسـة :
إن الاختلاف في تحديد ماهية مفهوم الجودة في التعليم أدى إلى نشوء اختلاف في التصورات حول التطبيقات العملية للمفهوم في المدارس، فعلى سـبيل المثال أدى تطبيق نظام " ISO" في المـدارس إلى مقاومة لتطبيـق النظام(Bryan R.cole,2002)، وهناك أسباب عديدة لذلك من أهمها أن المعلمين لم يشعروا بملاءمة هذا النظام للتعليم داخل الفصول الدراسية والمدارس التي حصلت على شهادة المطابقة " ISO" لم تبين قدرة طلابها على منافسة المدارس الأخرى التي لم تحصل على نفس الشهادة .
1-4 تقنيات القياس غير المؤثرة :
إن استخدام تقنيات قياس غير مؤثرة في المدرسة ستؤدي إلى نتائج غير حقيقية سواء كانت النتائج ايجابية أو سلبية. تحتاج الجودة إلى اتخاذ القرارات بناء على بيانات وحقائق صحيحة، وفي حال استخدمت المدرسة بيانات خاطئة يكون للاحساسات أو التخمين دور في جمعها ستؤدي القرارات المبنية على هذه البيانات إلى تدني الجودة، بمعنى أخر سيؤدي الأمر إلى تدني رضا المستفيدين .
وتمثل الاختبارات القياسية في المدارس إحدى أشكال تقنيات القياس غير المؤثرة من منظور
إدارة الجودة باعتبارها " تفتيش " والمنتجات التي تأتي نتيجة التفتيش تأتي متأخرة ومتدنية الجودة وستكون مكلفة من حيث الوقت والمال والجهد الإنساني(.
وإذا أردنا أن نحسن مخرجات نظامنا التعليمي علينا أن نهتم بعمليات التعلم والتعليم وعلى التقييم المستمر لأداء الطالب ( portfolio) وليس على إنجازاتهم في الاختبارات التي أدت إلى نشوء ثقافة تعلم تقليدية تركز على القراءة من أجل الاختبارات، لذلك يلجأ الطلاب إلى الحفظ والاستظهار دون الاهتمام بالمستويات المعرفية والوجدانية والمهارية. وهناك تقنيات قياس غير مؤثرة أخرى في المدرسة على سبيل المثال الأدوات التقليدية التي يستخدمها المرشد الطلابي لملاحظة سلوكيات الطلاب وأداة التقييم الوظيفي لمدير المدرسة والمعلمين جميع هذه الأدوات وغيرها تؤدي إلى نتائج خاطئة والتي تؤدي إلى إعاقة الجودة في المدرسة .
1-5 قلة انتباه المدرسة إلى المستفيدين الداخليين والخارجيين :
ذكرنا سابقاً إن لكل مدرسة مستفيدين داخليين وخارجيين ( أنظر الجدول 1)، والجودة في المدرسة هي مقابلة أو تجاوز احتياجات وتطلعات هؤلاء المستفيدين، لذلك فعندما تعمل المدرسة بعيداً عن تطلعات المستفيدين فإنها بذلك تحرم نفسها من فرص التحسين التي يقدمها المستفيدين .
تفترض المدرسة التقليدية إنها تعرف احتياجات وتطلعات المستفيدين وتقوم بتخطيط وتنفيذ وتقويم جميع برامجها بناء على افتراضاتها المسبقة الأمر الذي يؤدي إلى مخرجات لا تحقق رضا المستفيدين لأنها لم تبنى أساساً على احتياجاتهم وتطلعاتهم ولم يكونوا شركاء في أي مرحلة من مراحل العمل، من هنا نستطيع أن نفسر سبب تدني دافعية الطلاب للتعلم أو المعلمين للتعليم أو تدني رضا أولياء الأمور وإحجامهم عن حضور برامج وأنشطة المدرسة أو دعمها.
لذلك فإن قلة انتباه المدرسة للمشكلات التي يواجهها المستفيدين الداخليين (الطلاب –المعلمين- جميع العاملين بالمدرسة) أو المستفيدين الخارجيين (أولياء الأمور – المجتمع المحلي – المدارس الأخرى) تؤدي إلى زيادة اتساع فجوة الأداء بينها وبين المستفيدين، ومن المهم ذكره هنا أن تدني دافعية الإنجاز عند المستفيدين الداخليين يؤدي حتما إلى تدني رضا المستفيد الخارجي(William L.Sickel,2005) .
والذي يعيق الجودة في المدرسة في هذا المجال قلة عناية إدارة المدرسة بالتغذية الراجعة من المستفيدين، لذلك فأن أزمة المدرسة التقليدية لا تتمثل في عدم قدرتها على حل المشكلات بل لأنها لا ترى هذه المشكلات أساساً، فقلة اهتمامها بالمستفيدين وتمركزها حول ذاتها يصيبها بالعمى الوظيفي الذي يحجب عنها رؤية منافع التحول نحو الجودة .
1-6 اعتبار منسوبي المدرسة أن الجودة برنامج يضاف إلى أعمالهم :
إن الممارسات غير المدروسة التي تهدف من خلالها المدرسة للترويج للجودة، لها دور هام في إعاقة التحول ونجاح الجودة في المدرسة، فالشعارات والخطابات التي تستخدمها إدارة المدرسة لإبلاغ منسوبيها بالاستعداد لتطبيق الجودة ستنتج مقاومة للتغيير عند المعلمين وجميع العاملين في المدرسة، وهذا رد فعل طبيعي لتشكل قناعات لديهم بأن الجودة برنامج جديد سيدخل المدرسة، و المعلمين في الحالات الطبيعية يطلبون تخفيض نصابهم من الدروس لتخفيض ضغوط العمل وعبء التدريس، فكيف يتم إدخال برامج جديدة تتطلب منهم أعمال إضافية ....!.
من أهم متطلبات نجاح التحول نحو الجودة أن تقوم المدرسة بنشر فلسفة الجودة وتطبيقاتها ضمن الأنشطة المدرسية الاعتيادية وبشكل تدريجي لأن الجودة ليست برنامج أو قطعة أثاث ندخلها إلى المدرسة بل هي ثقافة تعلم وحياة تنشأ من داخل المدرسة .
1-7 قلة التعلم والتدريب:
نجاح الجودة في التعليم يحتاج إلى مدرسة دائمة التعلم ، مدرسة توفر بيئة ملائمة تدعم تنمية قدرات ومدارك طلابها ومعلميـها وجميع العاملين فيها، حتى تنمو أسـاليب التفكير الإبداعي والعمل الجمـاعي والحماس للإنجاز وفق مبدأ " دائماً نحو الأفضل"، وذلك لتحقيق مخرجات عالية الجودة تحقق رضا جميع المستفيدين من منتج التربية والتعليم .
وتنطوي أهمية التدريب والتعلم في المدرسة باعتبارها مؤسسة قائمة على إبداع العنصر البشري، لذلك فمسألة التنمية المهنية في المدرسة هي بمثابة موطن القلب لجودة أدائها. ويشير اشيكاوا "Ishikawa" أحد رواد الجودة اليابانيين إلى أن 90% من المشاكل يمكن أن تحل من خلال التدريب والتعلم على استعمال تقنيات الجودة وغيرها من الأدوات(Williams,2005).
ومن أهم مؤشرات قلة التدريب والتعلم في المدرسة والتي تعيق التحول نحو الجودة هي كالآتي :
أ- اعتماد المعلمين على أساليب التدريس القائمة على التلقين والحفظ والاستذكار.
ب- الجهد الأكبر في العملية التعليمية على المعلم وهذا لا يتوافق مع فلسفة الجودة في التعليم التي تركز على أن يكون للمتعلم الدور الأكبر في عملية تعلمه بمعنى أن يكون الطالب مسئول عن تعلمه .
ت- غياب بعض المهارات الأساسية وأمية الكمبيوتر وغياب التعامل مع التقنيات الحديثة على مختلف أنواعها من قبل المعلمين والإداريين (الشيخ وأحمد ، 2004م)، وغياب مثل هذه المهارات يؤدي إلى تدني مستوى أداء المدرسة لأسباب من أهمها تأخر الإنجاز بسبب الاعتماد على أساليب العمل التقليدية .
ث- غياب المهارات الهامة التي يتطلبها عصر المعلومات مثل (التعلم الذاتي – حل المشكلات – مهارات التواصل على مختلف أنواعها- كيف نتعلم – حل النزاعات ..الخ ) والتي يجب إكسابها للطلاب .
ج- تدني دافعية المعلمين وجميع العاملين بالمدرسة لحب الاستطلاع والبحث عن الجديد في تخصصاتهم الأكاديمية أو أساليب التدريس الحديثة لاعتقادهم بقلة جدواها أو ليس لديهم الوقت الكافي للقراءة والبحث .
1-8التخطيط غير الصحيح للتحول نحو الجودة في المدرسـة :
الجودة ليست نتاج الصدفة بل نتيجة للجهد الذكي والحماس والتخطيط، لذلك فغياب خطة للتحول نحو الجودة في المدرسة يعوق النجاح ويتسبب هدر في الوقت والجهد والموارد المادية. ومن أهم مؤشرات التخطيط غير الصحيح للتحول نحو الجودة في المدرسة هي الآتي :
أ- المدرسة لا تعرف من أين تبدأ للتحول نحو الجودة .
ب- رؤية ورسالة المدرسة غير واضحة لمنسوبيها وللمستفيدين الخارجيين .
ت- قلة وضوح الأهداف التي تريد المدرسة تحقيقها .
ث- مسؤوليات العمل غير واضحة لجميع العاملين بالمدرسة ليأخذوا زمام المبادرة للتحول نحو الجودة .
ج- عدم تحديد سلوكيات العمل المتوافقة مع فلسفة الجودة التي من شأنها أن تدفع بأداء المدرسة نحو الجودة .
1-9 اعتقاد منسوبي المدرسة بأن الجودة تنجح في الصناعة وليس في التعليم :
أدى ارتباط مصطلح " الجودة " بالمنتجات الصناعية لفترة طويلة إلى تشكل تصورات لدى الكثيرين على أن الجودة فلسفة وأدوات تستخدم في المصانع وبالتالي لا تصلح لتحسين أداء المدرسة، ويمكن لهذه التصورات أن تعيق اقتناع المعلمين والعاملين بالمدرسة للتحرك نحو تبني مبادئ الجودة، وتنشأ بالتالي ثقافة عمل مقاومة للتغيير الأمر الذي يتطلب من إدارة المدرسة الوعي بهذا الأمر وعليها أن تقوم بنشر ثقافة الجودة بصورتها الصحيحة في المدرسة يركز فيها على أن نظام الجودة المعمول به في الصناعة ليس هو ذاته نظام الجودة الذي ستعمل به المدرسة .
– المعوقات الخارجية لتحول المدرسة نحو الجودة :
يقصد بالمعوقات الخارجية تلك التي لا يكون للمدرسة دور رئيس في ظهورها وتؤدي إلى إعاقة أو تأخر عملية تحول المدرسة نحو الجودة، ومن أهمها الآتي :
1- المناهج :
تعتبر المناهج الدراسـية التي تعتمـد على إنجاز الأهداف الكمية والتي تسـيطر على محتواها ماهية المعلومات(Know What)، على المحتوى المعرفي دون توفير مسـاحة مناسـبة لمعرفة كيف تعمل الأشياء(Know How)،وما يصاحبها من تنمية لقدرات التفكير العليا( الشيخ وأحمد، 2004م) من أهم معوقات تحول المدرسة نحو الجودة، فهذا النوع من المناهج وآليات متابعة تنفيذها في المدارس تساهم في إحداث حالات الضغط والإجهاد على المعلمين لإنهاء المنهج بأي صورة كانت، وبالتالي يلجأ المعلمين للضغط على الطلاب لسرعة الحفظ والتذكر دون مراعاة المستويات المعرفية والإدراكية والمهارية بتصنيفاتها المتعددة والتي تعتبر مسألة جوهرية لتحقيق جودة التعليم .
فقد أظهرت نتائج إحدى الدراسات أن أكثر من نصف أصحاب الإجابات الأضعف دراسياً قالوا إنهم وجدوا الدراسة صعبة، وأن أكثر من ثلثهم يرغبون في ترك المدرسة (دافني بان ، 2000م).
وينتهي الأمر بالطلاب في ظل واقع هذه المناهج التقليدية إلى التعليم بهدف الحصول على الشهادة، وتقل لديهم بالتالي الرغبة والقدرة للتعلم بالاكتشاف والتفكير المستقل والمبدع، بل إن التعلم بالنسبة لهم ينتهي بمجرد حصولهم على الشهادة لأن المناهج المبنية على أساس الأهداف الكمية لا تبعث روح الإبداع والتعلم مدى الحياة لدى المتعلمين .
يستلزم نجاح التحول نحو الجودة في المدرسة إلى مناهج معاصرة توفر مساحات مناسبة للمعلمين والطلاب لممارسة وتناول موضوعات معاصرة تتوافق وتطلعات المجتمع وأصحاب الحصص الآخرين، وهي بذلك أي المناهج تكون قد حققت أهم معايير الجودة في التعليم وهو توافق محتوى المناهج وأنشطتها لتطلعات المجتمع وجميع أصحاب الحصص الحالية والمستقبلية .
2- المعوقات الخاصة بالسياق وخدمات الدعم ( مبنى المدرسة – التجهيزات) :
يتأثر المنتج " تربية وتعليم الطالب" بعوامل البيئة الطبيعية والمادية في المدرسة، فقد أظهرت الدراسات الحديثة في مجال علاقة التعلم بالدماغ إن " البيئات الغنية تنمي فعلاً أدمغة أفضل"(Jensen,2001)، باعتبار أن ألفة الفكر"الدماغ" هي التي تشكل منتج التربية والتعليم.
إن زيادة عدد الطلاب في الفصول عن المعدلات العالمية المعتمدة بالنسبة لكل مرحلة دراسية، وقلة الاهتمام بتصميم المباني المدرسية لعوامل التهوية والإضاءة والألوان والمساحات المناسبة داخل الفصول وخارجها، جميعها تعيق الجودة في المدرسة ، وإذا كنا نعتقد بأن تهيئة بيئة جاذبة للطالب تتطلب تكلفة عالية فعلينا أن ننظر بالمقابل لتكلفة تدني الجودة في التعليم .
من جانب أخر ليس بالضرورة ربط مباني المدارس النموذجية بالجودة، فالتعليم الأكثر كلفة لا يعني تعليم أكثر جودة. وتشير ثقافة الجودة اليابانية إلى أن أي تجهيزات أو مواد أو مباني تتوفر في المؤسسة و لا يتم اسـتخدامها بكفاءة فهي " مودا " أي " هدر"، فالمبنى النموذجي للمدرسة وتجهيزاته جميعها ميزات وليس بالضرورة أن تحقق الجودة. وتتحول "الميزات" في المدرسة إلى " جودة " عندما تلبي هذه الميزات احتياجات وتطلعات المستفيدين(الطلاب- المعلمين –أولياء الأمور) .
3- قلة مشاركة أولياء الأمور والمجتمع المحلي :
تعتبر مشاركة أولياء الأمور (كمستفيدين خارجيين) في تربية أبنائهم معيار هام في جودة التعليم، فهم يدعمون دور المدرسة من خلال فرص التحسين التي يقدمونها لتحسين تربية وتعليم أبنائهم. وقد أظهرت نتائج إحدى الدراسات أن الطلاب المتفوقين والموهوبين ينتمون لأسر تهتم بالتواصل مع المدرسـة () . لذلك فإن عزوف أولياء الأمور عن المشاركة في تربية وتعليم أبنائهم يضيع فرص تحسين تعتبر بحد ذاتها فرص زمنية مفقودة للاستثمار البشري لا يمكن تعويضها .
كما أثبتت الدراسات أن جودة التعليم ترتبط بمدى التزام المجتمع المحلي بتقديم كل أشكال الدعم للمدرسة، فمشاركة المجتمع المحلي في أي إستراتيجية لتطبيق الإصلاحات في المدرسة أمر جلي( جاك ديلور، 1999م) .
ولذلك فإن قلة مشاركة أولياء الأمور والمجتمع المحلي في برامج المدرسة وسياساتها يشكل عائقاً أمام تحول المدرسة نحو الجودة .
4- السياسات وأنظمة العمل التقليدية :
يتأثر نظام الجودة بالسياسات وأنظمة العمل القائمة فهي إما أن تعيق أو تدعم الجودة، في المدرسة تفرض عليها من الأعلى في كثير من الحالات السياسات وأنظمة العمل، فعلى سبيل المثال فإن التعارض بين السياسات التي تفرض على المدرسة لتحقيق أهداف كمية (تنفيذ عدد من البرامج بمعزل عن مدى جودتها – تحديد عدد الدورات التدريبية للعاملين بالمدرسة ...الخ)، وبين السياسات الداخلية للمدرسة التي تركز على تحقيق مخرجات عالية الجودة سيؤدي إلى إعاقة التحول ونجاح الجودة في المدرسة. يضاف إلى ذلك أيضا فأن تعدد الجهات الإشرافية على المدرسة واستخدام هذه الجهات لأنظمة عمل تقليدية لا تتوافق وتطلعات المدرسة للجودة تشكل معوق أمام تحول المدرسة للجودة، فهذه الجهات تعتبر من منظور نظام الجودة " موردون " بمعنى أنهم يساهمون بخدماتهم الإشرافية في نظام المدرسة وبالتالي هم جزء من النظام فهم مؤثرين فيه، مشكلة المدرسة أنها لا تملك حرية اختيار مورديها وخاصة الجهات الإشرافية .
لذلك يوصي تقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم (اليونسكو) الذي صدر بعنوان " نحو ضمان الجودة في التعليم " بضرورة إعطاء المدارس المزيد من الصلاحيات لإدارة شئونها ( اليونسكو ، 2005م)، ومن هنا بدأت الأصوات تتعالى إلى ضرورة الاتجاه نحو إصلاح التعليم من أسفل الهرم أي من المدرسة
نشره:سليمان رجب سيدأحمدتاريخ النشر :30-12-2010
1 - المعوقات الداخلية:
يقصد بالمعوقات الداخلية تلك التي تكون جذورها ناشئة من داخل المدرسة وأهم هذه المعوقات هي كالآتي :
1-1 قلة التزام مدير المدرسـة بالجودة:
تبدأ رحلة التحول نحو الجودة في المدرسة بقرار من إدارة المدرسة، لكن الالتزام يمتد مباشرة ليشمل جميع العاملين فيها(إداريين – معلمين- الطلاب - عاملين )، الحقيقة إن كل واحد من هؤلاء يمكن أن يضع العصا بين العجلات ويعيق نجاح التحول نحو الجودة في المدرسة، فجميع العاملين من إداريين ومعلمين وحتى الطلاب- الطالب عامل في المدرسة من منظور فلسفة الجودة في التعليم- يرون التناقضات، بمعنى إنهم يرون ماذا يقول مديرهم وماذا يفعل في حقيقة الأمر، هم سيفقدون الثقة بالجودة في حالة وجود التناقضات والقرارات الارتجالية الغير مبنية على الحقائق (المديرس والحسين، 2006م) .
ومن اجل تحول ناجح للجودة في المدرسة فأن الفريق الإداري يجب أن يكون لديه قبل كل شئ غاية اتصال واضحة من اجل تبني فلسفة الجودة وذلك حتى تكون متوافقة مع ممارساتهم الفعلية في المدرسة التي تكون مرئية للعاملين، وهذا يحتاج إلى أن يتدرب الفريق الإداري تدريباً عالي الجودة. من هنا تتأكد أهمية أفعال قيادة المدرسة وليس أقوالها .
1-2 تدني القابلية الداخلية لتطوير الثقافة التنظيمية للمدرسة :
بعد تجارب العديد من المدارس في تطبيق إدارة الجودة على صعيد الدول الأجنبية أو العربية أصبح بدهياً القول بأن الثقافة التنظيمية للمدرسة إما أن تعيق أو تدعم جودة التعليم.وتعرف الثقافة التنظيمية في المدرسة بأنها مجموعة القيم والاعتقادات وأساليب التفكير والسلوكيات التي تميز كل مدرسة عن الأخرى (وكذلك اجمع الباحثين في الجودة على أن تغيير الثقافة التنظيمية للمنظمة لتتوافق مع فلسفة إدارة الجودة مسألة ليست سهلة وهي تحتاج إلى إرادة التغيير والصبر على النتائج لأنها مرتبطة بالعنصر البشري وطرائق تفكيره وأنماط سلوكه، وحدد إدوارد ديمينغ المدة الزمنية لهذا التوافق من (3-5سنوات). ومن أبرز المعوقات التي تقف أمام تطوير الثقافة التنظيمية للمدرسة هو الخوف من التغيير، وقيادة المدرسة عليها المسؤولية لإزالة هذا الشعور، والبداية تكون من خلال تحسين العلاقات بين من هم في مهام قيادية وبين جميع العاملين، ومؤشرات تحسين العلاقات تتوضح من خلال تراجع العلاقات السيئة والبدء بالنظر أفقياً بمعنى إزالة النظرة من الرقبة ( من أعلى إلى أسفل).
1-3 اختلاف التصورات لتطبيق الجودة في المدرسـة :
إن الاختلاف في تحديد ماهية مفهوم الجودة في التعليم أدى إلى نشوء اختلاف في التصورات حول التطبيقات العملية للمفهوم في المدارس، فعلى سـبيل المثال أدى تطبيق نظام " ISO" في المـدارس إلى مقاومة لتطبيـق النظام(Bryan R.cole,2002)، وهناك أسباب عديدة لذلك من أهمها أن المعلمين لم يشعروا بملاءمة هذا النظام للتعليم داخل الفصول الدراسية والمدارس التي حصلت على شهادة المطابقة " ISO" لم تبين قدرة طلابها على منافسة المدارس الأخرى التي لم تحصل على نفس الشهادة .
1-4 تقنيات القياس غير المؤثرة :
إن استخدام تقنيات قياس غير مؤثرة في المدرسة ستؤدي إلى نتائج غير حقيقية سواء كانت النتائج ايجابية أو سلبية. تحتاج الجودة إلى اتخاذ القرارات بناء على بيانات وحقائق صحيحة، وفي حال استخدمت المدرسة بيانات خاطئة يكون للاحساسات أو التخمين دور في جمعها ستؤدي القرارات المبنية على هذه البيانات إلى تدني الجودة، بمعنى أخر سيؤدي الأمر إلى تدني رضا المستفيدين .
وتمثل الاختبارات القياسية في المدارس إحدى أشكال تقنيات القياس غير المؤثرة من منظور
إدارة الجودة باعتبارها " تفتيش " والمنتجات التي تأتي نتيجة التفتيش تأتي متأخرة ومتدنية الجودة وستكون مكلفة من حيث الوقت والمال والجهد الإنساني(.
وإذا أردنا أن نحسن مخرجات نظامنا التعليمي علينا أن نهتم بعمليات التعلم والتعليم وعلى التقييم المستمر لأداء الطالب ( portfolio) وليس على إنجازاتهم في الاختبارات التي أدت إلى نشوء ثقافة تعلم تقليدية تركز على القراءة من أجل الاختبارات، لذلك يلجأ الطلاب إلى الحفظ والاستظهار دون الاهتمام بالمستويات المعرفية والوجدانية والمهارية. وهناك تقنيات قياس غير مؤثرة أخرى في المدرسة على سبيل المثال الأدوات التقليدية التي يستخدمها المرشد الطلابي لملاحظة سلوكيات الطلاب وأداة التقييم الوظيفي لمدير المدرسة والمعلمين جميع هذه الأدوات وغيرها تؤدي إلى نتائج خاطئة والتي تؤدي إلى إعاقة الجودة في المدرسة .
1-5 قلة انتباه المدرسة إلى المستفيدين الداخليين والخارجيين :
ذكرنا سابقاً إن لكل مدرسة مستفيدين داخليين وخارجيين ( أنظر الجدول 1)، والجودة في المدرسة هي مقابلة أو تجاوز احتياجات وتطلعات هؤلاء المستفيدين، لذلك فعندما تعمل المدرسة بعيداً عن تطلعات المستفيدين فإنها بذلك تحرم نفسها من فرص التحسين التي يقدمها المستفيدين .
تفترض المدرسة التقليدية إنها تعرف احتياجات وتطلعات المستفيدين وتقوم بتخطيط وتنفيذ وتقويم جميع برامجها بناء على افتراضاتها المسبقة الأمر الذي يؤدي إلى مخرجات لا تحقق رضا المستفيدين لأنها لم تبنى أساساً على احتياجاتهم وتطلعاتهم ولم يكونوا شركاء في أي مرحلة من مراحل العمل، من هنا نستطيع أن نفسر سبب تدني دافعية الطلاب للتعلم أو المعلمين للتعليم أو تدني رضا أولياء الأمور وإحجامهم عن حضور برامج وأنشطة المدرسة أو دعمها.
لذلك فإن قلة انتباه المدرسة للمشكلات التي يواجهها المستفيدين الداخليين (الطلاب –المعلمين- جميع العاملين بالمدرسة) أو المستفيدين الخارجيين (أولياء الأمور – المجتمع المحلي – المدارس الأخرى) تؤدي إلى زيادة اتساع فجوة الأداء بينها وبين المستفيدين، ومن المهم ذكره هنا أن تدني دافعية الإنجاز عند المستفيدين الداخليين يؤدي حتما إلى تدني رضا المستفيد الخارجي(William L.Sickel,2005) .
والذي يعيق الجودة في المدرسة في هذا المجال قلة عناية إدارة المدرسة بالتغذية الراجعة من المستفيدين، لذلك فأن أزمة المدرسة التقليدية لا تتمثل في عدم قدرتها على حل المشكلات بل لأنها لا ترى هذه المشكلات أساساً، فقلة اهتمامها بالمستفيدين وتمركزها حول ذاتها يصيبها بالعمى الوظيفي الذي يحجب عنها رؤية منافع التحول نحو الجودة .
1-6 اعتبار منسوبي المدرسة أن الجودة برنامج يضاف إلى أعمالهم :
إن الممارسات غير المدروسة التي تهدف من خلالها المدرسة للترويج للجودة، لها دور هام في إعاقة التحول ونجاح الجودة في المدرسة، فالشعارات والخطابات التي تستخدمها إدارة المدرسة لإبلاغ منسوبيها بالاستعداد لتطبيق الجودة ستنتج مقاومة للتغيير عند المعلمين وجميع العاملين في المدرسة، وهذا رد فعل طبيعي لتشكل قناعات لديهم بأن الجودة برنامج جديد سيدخل المدرسة، و المعلمين في الحالات الطبيعية يطلبون تخفيض نصابهم من الدروس لتخفيض ضغوط العمل وعبء التدريس، فكيف يتم إدخال برامج جديدة تتطلب منهم أعمال إضافية ....!.
من أهم متطلبات نجاح التحول نحو الجودة أن تقوم المدرسة بنشر فلسفة الجودة وتطبيقاتها ضمن الأنشطة المدرسية الاعتيادية وبشكل تدريجي لأن الجودة ليست برنامج أو قطعة أثاث ندخلها إلى المدرسة بل هي ثقافة تعلم وحياة تنشأ من داخل المدرسة .
1-7 قلة التعلم والتدريب:
نجاح الجودة في التعليم يحتاج إلى مدرسة دائمة التعلم ، مدرسة توفر بيئة ملائمة تدعم تنمية قدرات ومدارك طلابها ومعلميـها وجميع العاملين فيها، حتى تنمو أسـاليب التفكير الإبداعي والعمل الجمـاعي والحماس للإنجاز وفق مبدأ " دائماً نحو الأفضل"، وذلك لتحقيق مخرجات عالية الجودة تحقق رضا جميع المستفيدين من منتج التربية والتعليم .
وتنطوي أهمية التدريب والتعلم في المدرسة باعتبارها مؤسسة قائمة على إبداع العنصر البشري، لذلك فمسألة التنمية المهنية في المدرسة هي بمثابة موطن القلب لجودة أدائها. ويشير اشيكاوا "Ishikawa" أحد رواد الجودة اليابانيين إلى أن 90% من المشاكل يمكن أن تحل من خلال التدريب والتعلم على استعمال تقنيات الجودة وغيرها من الأدوات(Williams,2005).
ومن أهم مؤشرات قلة التدريب والتعلم في المدرسة والتي تعيق التحول نحو الجودة هي كالآتي :
أ- اعتماد المعلمين على أساليب التدريس القائمة على التلقين والحفظ والاستذكار.
ب- الجهد الأكبر في العملية التعليمية على المعلم وهذا لا يتوافق مع فلسفة الجودة في التعليم التي تركز على أن يكون للمتعلم الدور الأكبر في عملية تعلمه بمعنى أن يكون الطالب مسئول عن تعلمه .
ت- غياب بعض المهارات الأساسية وأمية الكمبيوتر وغياب التعامل مع التقنيات الحديثة على مختلف أنواعها من قبل المعلمين والإداريين (الشيخ وأحمد ، 2004م)، وغياب مثل هذه المهارات يؤدي إلى تدني مستوى أداء المدرسة لأسباب من أهمها تأخر الإنجاز بسبب الاعتماد على أساليب العمل التقليدية .
ث- غياب المهارات الهامة التي يتطلبها عصر المعلومات مثل (التعلم الذاتي – حل المشكلات – مهارات التواصل على مختلف أنواعها- كيف نتعلم – حل النزاعات ..الخ ) والتي يجب إكسابها للطلاب .
ج- تدني دافعية المعلمين وجميع العاملين بالمدرسة لحب الاستطلاع والبحث عن الجديد في تخصصاتهم الأكاديمية أو أساليب التدريس الحديثة لاعتقادهم بقلة جدواها أو ليس لديهم الوقت الكافي للقراءة والبحث .
1-8التخطيط غير الصحيح للتحول نحو الجودة في المدرسـة :
الجودة ليست نتاج الصدفة بل نتيجة للجهد الذكي والحماس والتخطيط، لذلك فغياب خطة للتحول نحو الجودة في المدرسة يعوق النجاح ويتسبب هدر في الوقت والجهد والموارد المادية. ومن أهم مؤشرات التخطيط غير الصحيح للتحول نحو الجودة في المدرسة هي الآتي :
أ- المدرسة لا تعرف من أين تبدأ للتحول نحو الجودة .
ب- رؤية ورسالة المدرسة غير واضحة لمنسوبيها وللمستفيدين الخارجيين .
ت- قلة وضوح الأهداف التي تريد المدرسة تحقيقها .
ث- مسؤوليات العمل غير واضحة لجميع العاملين بالمدرسة ليأخذوا زمام المبادرة للتحول نحو الجودة .
ج- عدم تحديد سلوكيات العمل المتوافقة مع فلسفة الجودة التي من شأنها أن تدفع بأداء المدرسة نحو الجودة .
1-9 اعتقاد منسوبي المدرسة بأن الجودة تنجح في الصناعة وليس في التعليم :
أدى ارتباط مصطلح " الجودة " بالمنتجات الصناعية لفترة طويلة إلى تشكل تصورات لدى الكثيرين على أن الجودة فلسفة وأدوات تستخدم في المصانع وبالتالي لا تصلح لتحسين أداء المدرسة، ويمكن لهذه التصورات أن تعيق اقتناع المعلمين والعاملين بالمدرسة للتحرك نحو تبني مبادئ الجودة، وتنشأ بالتالي ثقافة عمل مقاومة للتغيير الأمر الذي يتطلب من إدارة المدرسة الوعي بهذا الأمر وعليها أن تقوم بنشر ثقافة الجودة بصورتها الصحيحة في المدرسة يركز فيها على أن نظام الجودة المعمول به في الصناعة ليس هو ذاته نظام الجودة الذي ستعمل به المدرسة .
– المعوقات الخارجية لتحول المدرسة نحو الجودة :
يقصد بالمعوقات الخارجية تلك التي لا يكون للمدرسة دور رئيس في ظهورها وتؤدي إلى إعاقة أو تأخر عملية تحول المدرسة نحو الجودة، ومن أهمها الآتي :
1- المناهج :
تعتبر المناهج الدراسـية التي تعتمـد على إنجاز الأهداف الكمية والتي تسـيطر على محتواها ماهية المعلومات(Know What)، على المحتوى المعرفي دون توفير مسـاحة مناسـبة لمعرفة كيف تعمل الأشياء(Know How)،وما يصاحبها من تنمية لقدرات التفكير العليا( الشيخ وأحمد، 2004م) من أهم معوقات تحول المدرسة نحو الجودة، فهذا النوع من المناهج وآليات متابعة تنفيذها في المدارس تساهم في إحداث حالات الضغط والإجهاد على المعلمين لإنهاء المنهج بأي صورة كانت، وبالتالي يلجأ المعلمين للضغط على الطلاب لسرعة الحفظ والتذكر دون مراعاة المستويات المعرفية والإدراكية والمهارية بتصنيفاتها المتعددة والتي تعتبر مسألة جوهرية لتحقيق جودة التعليم .
فقد أظهرت نتائج إحدى الدراسات أن أكثر من نصف أصحاب الإجابات الأضعف دراسياً قالوا إنهم وجدوا الدراسة صعبة، وأن أكثر من ثلثهم يرغبون في ترك المدرسة (دافني بان ، 2000م).
وينتهي الأمر بالطلاب في ظل واقع هذه المناهج التقليدية إلى التعليم بهدف الحصول على الشهادة، وتقل لديهم بالتالي الرغبة والقدرة للتعلم بالاكتشاف والتفكير المستقل والمبدع، بل إن التعلم بالنسبة لهم ينتهي بمجرد حصولهم على الشهادة لأن المناهج المبنية على أساس الأهداف الكمية لا تبعث روح الإبداع والتعلم مدى الحياة لدى المتعلمين .
يستلزم نجاح التحول نحو الجودة في المدرسة إلى مناهج معاصرة توفر مساحات مناسبة للمعلمين والطلاب لممارسة وتناول موضوعات معاصرة تتوافق وتطلعات المجتمع وأصحاب الحصص الآخرين، وهي بذلك أي المناهج تكون قد حققت أهم معايير الجودة في التعليم وهو توافق محتوى المناهج وأنشطتها لتطلعات المجتمع وجميع أصحاب الحصص الحالية والمستقبلية .
2- المعوقات الخاصة بالسياق وخدمات الدعم ( مبنى المدرسة – التجهيزات) :
يتأثر المنتج " تربية وتعليم الطالب" بعوامل البيئة الطبيعية والمادية في المدرسة، فقد أظهرت الدراسات الحديثة في مجال علاقة التعلم بالدماغ إن " البيئات الغنية تنمي فعلاً أدمغة أفضل"(Jensen,2001)، باعتبار أن ألفة الفكر"الدماغ" هي التي تشكل منتج التربية والتعليم.
إن زيادة عدد الطلاب في الفصول عن المعدلات العالمية المعتمدة بالنسبة لكل مرحلة دراسية، وقلة الاهتمام بتصميم المباني المدرسية لعوامل التهوية والإضاءة والألوان والمساحات المناسبة داخل الفصول وخارجها، جميعها تعيق الجودة في المدرسة ، وإذا كنا نعتقد بأن تهيئة بيئة جاذبة للطالب تتطلب تكلفة عالية فعلينا أن ننظر بالمقابل لتكلفة تدني الجودة في التعليم .
من جانب أخر ليس بالضرورة ربط مباني المدارس النموذجية بالجودة، فالتعليم الأكثر كلفة لا يعني تعليم أكثر جودة. وتشير ثقافة الجودة اليابانية إلى أن أي تجهيزات أو مواد أو مباني تتوفر في المؤسسة و لا يتم اسـتخدامها بكفاءة فهي " مودا " أي " هدر"، فالمبنى النموذجي للمدرسة وتجهيزاته جميعها ميزات وليس بالضرورة أن تحقق الجودة. وتتحول "الميزات" في المدرسة إلى " جودة " عندما تلبي هذه الميزات احتياجات وتطلعات المستفيدين(الطلاب- المعلمين –أولياء الأمور) .
3- قلة مشاركة أولياء الأمور والمجتمع المحلي :
تعتبر مشاركة أولياء الأمور (كمستفيدين خارجيين) في تربية أبنائهم معيار هام في جودة التعليم، فهم يدعمون دور المدرسة من خلال فرص التحسين التي يقدمونها لتحسين تربية وتعليم أبنائهم. وقد أظهرت نتائج إحدى الدراسات أن الطلاب المتفوقين والموهوبين ينتمون لأسر تهتم بالتواصل مع المدرسـة () . لذلك فإن عزوف أولياء الأمور عن المشاركة في تربية وتعليم أبنائهم يضيع فرص تحسين تعتبر بحد ذاتها فرص زمنية مفقودة للاستثمار البشري لا يمكن تعويضها .
كما أثبتت الدراسات أن جودة التعليم ترتبط بمدى التزام المجتمع المحلي بتقديم كل أشكال الدعم للمدرسة، فمشاركة المجتمع المحلي في أي إستراتيجية لتطبيق الإصلاحات في المدرسة أمر جلي( جاك ديلور، 1999م) .
ولذلك فإن قلة مشاركة أولياء الأمور والمجتمع المحلي في برامج المدرسة وسياساتها يشكل عائقاً أمام تحول المدرسة نحو الجودة .
4- السياسات وأنظمة العمل التقليدية :
يتأثر نظام الجودة بالسياسات وأنظمة العمل القائمة فهي إما أن تعيق أو تدعم الجودة، في المدرسة تفرض عليها من الأعلى في كثير من الحالات السياسات وأنظمة العمل، فعلى سبيل المثال فإن التعارض بين السياسات التي تفرض على المدرسة لتحقيق أهداف كمية (تنفيذ عدد من البرامج بمعزل عن مدى جودتها – تحديد عدد الدورات التدريبية للعاملين بالمدرسة ...الخ)، وبين السياسات الداخلية للمدرسة التي تركز على تحقيق مخرجات عالية الجودة سيؤدي إلى إعاقة التحول ونجاح الجودة في المدرسة. يضاف إلى ذلك أيضا فأن تعدد الجهات الإشرافية على المدرسة واستخدام هذه الجهات لأنظمة عمل تقليدية لا تتوافق وتطلعات المدرسة للجودة تشكل معوق أمام تحول المدرسة للجودة، فهذه الجهات تعتبر من منظور نظام الجودة " موردون " بمعنى أنهم يساهمون بخدماتهم الإشرافية في نظام المدرسة وبالتالي هم جزء من النظام فهم مؤثرين فيه، مشكلة المدرسة أنها لا تملك حرية اختيار مورديها وخاصة الجهات الإشرافية .
لذلك يوصي تقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم (اليونسكو) الذي صدر بعنوان " نحو ضمان الجودة في التعليم " بضرورة إعطاء المدارس المزيد من الصلاحيات لإدارة شئونها ( اليونسكو ، 2005م)، ومن هنا بدأت الأصوات تتعالى إلى ضرورة الاتجاه نحو إصلاح التعليم من أسفل الهرم أي من المدرسة
نشره:سليمان رجب سيدأحمدتاريخ النشر :30-12-2010