لمدرسة النسقية (glossématique) مع هلمسليف :
* ـ العالم اللساني الدنمركي لويس هلمسليف [1] بكوبنهاجن هو الذي اخترع مفهوم غلوسيماتيك (glossématique) باشتقاقه من الإغريقية غلوسة يعني اللغة لتعيين النظرية المستخلصة من نظرية دي سوسير التي تجعل من اللغة غاية لذاتها لا وسيلة لتحقيق الغاية المقصودة بالكلام [2] .
والغلوسيماتيك تقوم على النقد الحاد للسانيات التي سبقتها وحادت في نظرها عن مجال اللغة بانتصابها خارج الشبكة اللغوية واهتمامها بالإجراءات (غير اللسانية) التي تهدف إلى معرفة مصادرها الأولى ما قبل التاريخ وجوانبها الفيزيائية والظواهر الاجتماعية والأدبية والفلسفية .. والنسقية تنتصب على العكس من ذلك داخل اللغة فهي تصدر منها وإليها ولا تخرج عن دائرة اللغة المنظور إليها على أنها حقل مغلق على نفسه وبنية لذاتها وهي تبحث عن المعطيات الثابتة التي تعتمد على الظواهر غير اللسانية، وهي تسعى إلى إبراز كل ما هو مشترك بين جميع اللغات البشرية، وتكون اللغة بسببه هي مهما تبدل الزمن وتغيرت الأحداث .. وهكذا تختلف الغلوسيماتك عن النظرة الإنسانية، فمظاهر اللغة لا تبصر إلاّ مرة واحدة ولا تتجدد مثل الظواهر الطبيعية بحيث يمكن دراستها دراسة علمية على العكس من هذه الظواهر اللسانية [3] .
وهكذا تضع الغلوسيماتيك نظرية تتسع إلى جميع العلوم الإنسانية، فكل إجراء عملي يقابله إجراء نظري، و الإجراء يمكن تحليله من خلال العناصر التي يشكلها بكيفيات مختلفة .
والنظرية هذه تهتم قبل كل شيء باللسانيات، فإذا ثبتت نجاعتها توسع بها إلى العلوم الإنسانية الأخرى، ولكي يمكن قبول نتائجها يجب أن تتفق والتجربة الفعلية، وقد أسسها هلمسليف على ما سماه مبدأl’empirisme التجربة الشاهدة [4] ، ولكي تتصف بهذه الخاصية يجب أن تكون خالية من كل تناقض وأن تتصف بالشمولية وتكون بسيطة سهلة الإدراك ما أمكن. فالنظرية الاستقرائية التقليدية حسب هلمسليف تدعي الانطلاق من الجزء إلى الكل (من المعطيات الخاصة إلى العامة)، يعني القوانين المنطقية .. وهي قبل كل شيء تلخيصية وتعميمية، وهي لا تستطيع تجاوز الظاهرة اللسانية الخاصة، فبعبارات مثل العامل والشرط والماضي والمفعول فيه والاسم والفعل والمبتدأ والخبر لا يمكنها أن تنطبق إلاّ في مجال الإعراب، ولا يمكن قبولها كأقسام لسانية فهي إذا تتناقض مع الوصف اللساني فالغلوسيماتيك تنطلق من النص الملفوظ المعبر أو من جميع العبارات الملفوظة المجعولة للتعبير .. وهذا النص قابل للتقسيم إلى أنواع تكون بدورها قابلة للتقسيم إلى أصناف والصنف ينبغي أن لا يحمل تناقضا وأن يكون شاملاً .. فالأمر يتعلق بوصف المواد ذاتها ووصف العلاقات التي تجمع بينها والتي تسعى اللسانيات إلى وصف علاقاتها وتحديدها .. فالموضوع الوحيد والحقيقي للسانيات هو اللغة [5] التي يوجه البحث منها وإليها، فبنية النص اللساني الشاهد في نظر هلمسليف هي الموضوع الوحيد للسانيات
* ـ العالم اللساني الدنمركي لويس هلمسليف [1] بكوبنهاجن هو الذي اخترع مفهوم غلوسيماتيك (glossématique) باشتقاقه من الإغريقية غلوسة يعني اللغة لتعيين النظرية المستخلصة من نظرية دي سوسير التي تجعل من اللغة غاية لذاتها لا وسيلة لتحقيق الغاية المقصودة بالكلام [2] .
والغلوسيماتيك تقوم على النقد الحاد للسانيات التي سبقتها وحادت في نظرها عن مجال اللغة بانتصابها خارج الشبكة اللغوية واهتمامها بالإجراءات (غير اللسانية) التي تهدف إلى معرفة مصادرها الأولى ما قبل التاريخ وجوانبها الفيزيائية والظواهر الاجتماعية والأدبية والفلسفية .. والنسقية تنتصب على العكس من ذلك داخل اللغة فهي تصدر منها وإليها ولا تخرج عن دائرة اللغة المنظور إليها على أنها حقل مغلق على نفسه وبنية لذاتها وهي تبحث عن المعطيات الثابتة التي تعتمد على الظواهر غير اللسانية، وهي تسعى إلى إبراز كل ما هو مشترك بين جميع اللغات البشرية، وتكون اللغة بسببه هي مهما تبدل الزمن وتغيرت الأحداث .. وهكذا تختلف الغلوسيماتك عن النظرة الإنسانية، فمظاهر اللغة لا تبصر إلاّ مرة واحدة ولا تتجدد مثل الظواهر الطبيعية بحيث يمكن دراستها دراسة علمية على العكس من هذه الظواهر اللسانية [3] .
وهكذا تضع الغلوسيماتيك نظرية تتسع إلى جميع العلوم الإنسانية، فكل إجراء عملي يقابله إجراء نظري، و الإجراء يمكن تحليله من خلال العناصر التي يشكلها بكيفيات مختلفة .
والنظرية هذه تهتم قبل كل شيء باللسانيات، فإذا ثبتت نجاعتها توسع بها إلى العلوم الإنسانية الأخرى، ولكي يمكن قبول نتائجها يجب أن تتفق والتجربة الفعلية، وقد أسسها هلمسليف على ما سماه مبدأl’empirisme التجربة الشاهدة [4] ، ولكي تتصف بهذه الخاصية يجب أن تكون خالية من كل تناقض وأن تتصف بالشمولية وتكون بسيطة سهلة الإدراك ما أمكن. فالنظرية الاستقرائية التقليدية حسب هلمسليف تدعي الانطلاق من الجزء إلى الكل (من المعطيات الخاصة إلى العامة)، يعني القوانين المنطقية .. وهي قبل كل شيء تلخيصية وتعميمية، وهي لا تستطيع تجاوز الظاهرة اللسانية الخاصة، فبعبارات مثل العامل والشرط والماضي والمفعول فيه والاسم والفعل والمبتدأ والخبر لا يمكنها أن تنطبق إلاّ في مجال الإعراب، ولا يمكن قبولها كأقسام لسانية فهي إذا تتناقض مع الوصف اللساني فالغلوسيماتيك تنطلق من النص الملفوظ المعبر أو من جميع العبارات الملفوظة المجعولة للتعبير .. وهذا النص قابل للتقسيم إلى أنواع تكون بدورها قابلة للتقسيم إلى أصناف والصنف ينبغي أن لا يحمل تناقضا وأن يكون شاملاً .. فالأمر يتعلق بوصف المواد ذاتها ووصف العلاقات التي تجمع بينها والتي تسعى اللسانيات إلى وصف علاقاتها وتحديدها .. فالموضوع الوحيد والحقيقي للسانيات هو اللغة [5] التي يوجه البحث منها وإليها، فبنية النص اللساني الشاهد في نظر هلمسليف هي الموضوع الوحيد للسانيات