ظهور مستشار التوجيه المدرسي والمهني في الجزائر:
مر التوجيه في الجزائر بثلاث مراحل ، حيث أعطي اهتماما متزايدا توج في الأخير
بإدماج عضو كلف بتحسين الأداء التربوي في المؤسسات التعليمية عن طريق القيام
بمجموعة من المهام تضمن التكفل الأحسن بالتلميذ ، ويتمثل هذا العضو في شخص
مستشار التوجيه المدرسي و المهني.
" في أوائل 1962 ، وبعد مغادرة الفرنسيين القائمين بهذه العملية تولت الجزائر
بإطاراتها المحدودة الإشراف على عملية التوجيه، و التي عرفت نوعا من التراجع يعود
إلى عدم تكافؤ برامجها مع التلميذ و الطالب الجزائري ومتطلبات البلاد آنذاك، كما أن هذا
الميدان كان يعاني نقصا كبيرا في القائمين عليه و أثناء الاستقلال لم يكن في الجزائر
سوى 9 مراكز للتوجيه و 53 مستشارا.
وفي سنة 1963 تفككت مصالح التوجيه المدرسي و المهني، ونظرا للوضعية
المتدهورة، قامت وزارة التربية بفتح معهد علم النفس التطبيقي عام 1964 حيث تخرجت
.( أول دفعة من المستشارين ومدة التكوين كانت تدوم سنتان"( 1
*- ومستشاري التوجيه رتبتان: مستشار التوجيه المدرسي والمهني، ومستشار رئيسي للتوجيه المدرسي والمهني،
بالنسبة للتوظيف لرتبة مستشار التوجيه فهو عن طريق المسابقة، على أساس الاختيار بين المترشحين البالغين من العمر
21 سنة على الأقل، الحائزين على دبلوم تقني سامي في التوجيه المدرسي و المهني.
أما رتبة مستشار رئيسي للتوجيه المدرسي والمهني فتشترط مسابقة على أساس الاختيارات بين المترشحين الحائزين
على شهادة الليسانس في علم النفس أو علم الاجتماع أو علوم التربية أو شهادة معادلة لها ومعترف بها مع توفير شرط
السن.
بعد توظيف مستشاري التوجيه المدرسي والمهني رئيسيا،ومفتش التربية والتكوين المدرسي ومستشاري التوجيه
المثبتين، والتي تقوم بتثبيت هؤلاء المستشارين وهذا يتم بعد فترة تربص تدوم 9 أشهر.
وبعد القرار الذي تأخذه هذه الجنة عموما إما أن يتم تثبيتهم أو تمديد الفترة لمدة تسعة أشهر أخرى أوقد تأخذ قرار
بتوقيفهم إن استدعي الأمر ذلك.
1)- التوجيه المدرسي و المهني - لمحة تاريخية ، أهدافه ومهامه - وثيقة داخلية بمركز التوجيه المدرسي و المهني )
. لولاية قالمة ، ص 2
الفصل الثالث مستشار التوجيه المدرسي والمهني 42 &
وبذلك اتسع مجال التوجيه وإزدادت مرافقه ومؤسساته، إذ بلغ 34 مركزا حسب
التقسيم الإداري 1974 وازداد عدد المستشارين من خريجي علم النفس التطبيقي وخريجي
معهد علم الاجتماع.
وما يمكن قوله أنه بعد العناية التي أولتها الدولة بقطاع التوجيه أصبح عدد المراكز
يتزايد بصفة إطرادية وكذلك عدد المستشارين فعلى سبيل المثال في الموسم الدراسي
1997/1996 كان عدد المراكز 60 مركزا على المستوى الوطني ، و لا تخلو ولاية من
مركز على الأقل خاص بها وفي هذا الصدد نورد البيانات الواردة في الجدول الأتي:
( جدول رقم ( 01
(1).1997/ تعداد موظفي التوجيه 1996
السلك و الرتبة العدد منهم مقيمون بالثانويات (%)
مفتشون 0 41
(%91,75) مستشارون رئيسيون 623 679
(% 66.31) مستشارون 126 190
(% 82.30) المجموع 749 910
. 1)- أحمد بن صاولة ، مرجع سابق ، ص 62 )
الفصل الثالث مستشار التوجيه المدرسي والمهني 43 &
إن تنصيب مستشار التوجيه المدرسي والمهني بالثانوية أصبح ضرورة ملحة لتكامل
أدوار المتعاملين التربويين وذلك لضمان رفع المردود التربوي للتلميذ وللمؤسسة بصفة
عامة.
ثانيا: الحاجة إلى مستشار التوجيه المدرسي والمهني :
يختلف الأفراد فيما بينهم، وقد يكون هذا الاختلاف من ناحية المهارة، الأهداف، القيم
والتوجهات المهنية. "والتوجهات المهنية المختلفة يجب أن تكون متسقة مع متطلبات
ومكافآت المهنة المعينة والتي تقدمها بيئة العمل ، ويؤثر مدى الاتساق أو التوافق بين
توجه الفرد المهني وبيئة العمل تأثيرا مباشرا على سلوك واتجاهات الفرد في العمل ،
وكلما كان التوافق بين التوجه المهني وبيئة العمل كبيرا كلما زادت كفاءة الفرد وزاد[size=21]
)[/size]( رضاه عن العمل."[size=21])[/size]( 1
ولا شك أن هذا التوافق بين بيئة العمل يسبقه توافق في بيئة المدرسة وما قد يكون
عليه التلميذ من توافق بين استعداداته وقدراته المدرسية من جهة، وميولاته ورغباته نحو
الشعبة المفضلة لديه من جهة أخرى . ومن أجل خلق هذا التوافق سواء كان مدرسيا أو
مهنيا، استحدث منصب جديد في المنظومة التربوية وهو منصب مستشار التوجيه
المدرسي والمهني، نظرا لما يمكن أن يقوم به هذا العضو في خلق حالة التوافق أو التكيف
لدى التلميذ.
ومن هنا ظهرت الحاجة إلى مستشار التوجيه المدرسي والمهني وكان ذلك لعدة
عوامل نذكرها فيما يلي:
1. الزيادة في عدد التلاميذ :
بازدياد عدد التلاميذ نتجت عدة مشكلات مدرسية، كالرسوب المدرسي، التسرب،
العنف المدرسي ومشكلة التكيف سواء مع الوسط المدرسي أو مع الشعبة الموجه إليها.
. 1)- راوية حسن ، السلوك في المنظمات ، الدار الجامعية الإبراهيمية، مصر ، 2001 ، ص 381 )
الفصل الثالث مستشار التوجيه المدرسي والمهني 44 &
كل هذه المشاكل وغيرها تتطلب توفر منصب مستشار التوجيه الذي يستطيع بدوره أن
يساعد التلميذ على التغلب أو التكيف مع المشكلة التي يتعرض لها.
2. تنويع برامج التعليم الثانوي :
" أنشأت البرامج المتنوعة من التعليم الثانوي لتواجه أساسا الاحتياجات التربوية
لمختلف القدرات والاهتمامات لدى التلاميذ، ويطالب التلاميذ بالاختيار من بين المواد
الدراسية والأنشطة المختلفة التي يتلقونها في المدرسة الثانوية ومن ثم يصبح من
الضروري حسن توجيههم في هذا الاختيار حتى يعود بالفائدة المرجوة من التلميذ
والمدرسة والمجتمع الكبير، ومن هنا يكون للتوجيه بالذات أهمية كبرى في المدرسة
( الثانوية ". ( 1
3. التقدم التكنولوجي السريع:
أدى التقدم التكنولوجي السريع إلى ظهور التخصصات، فتعددت مجالات العمل
وتباينت مطالبها وشروط الدخول فيها، وبالتالي أدى ذلك إلى تعديل برامج تدريب الأيدي
العاملة والتركيز على مستويات التربية، وبرامج الدراسة حتى تخدم التنمية الاجتماعية
وسوق العمل بتوفير الخريجين المناسبين له، فهذه التغيرات أدت إلى ظهور مشكلات
التكيف مع العمل ومشكلات التأهيل المهني المناسب.
4. قصور الأسرة في مواجهة تحديات العصر:
تميز المجتمع الحديث بتعقيد العلاقات والتغير المستمر في الإطار الاقتصادي
والاجتماعي، وهذا جعل الأسرة لا تفي بمتطلبات تربية وتوجيه أبناءها بسبب كثرة
إنشغلاتها الخارجية وكذلك تعقد الحياة الاجتماعية، إذ لم يعد كافيا توجيه الوالدين في هذا
الإطار لا سيما إذا تصورنا بالنسبة للمجتمع العربي تفشي الأمية وجهل الأباء في كثير من
. 1)- وهيب سمعان، محمد منير مرسي، مرجع سابق، ص 192 )
الفصل الثالث مستشار التوجيه المدرسي والمهني 45 &
الأحيان، وبالتالي قصورهم في توجيه أبناءهم إلى المجالات المختلفة النفسية والاجتماعية
والتربوية.
5. تطور الفكر التربوي :
أدى هذا التطور إلى ظهور فكرة جديدة في مجال التربية تجعل من التلميذ محورا
أساسيا في العملية التربوية بدل التركيز على المادة الدراسية، ومنه تطورت نظريات علم
النفس، علم الاجتماع وعلوم التربية حتى تساهم في رفع مستوى التحصيل الدراسي
للتلميذ، وتنمية شخصيته بشكل متكامل، كل هذا أدى إلى عدم الاستغناء عن خدمات
مستشار التوجيه وجعله عضواً فعالاً في المؤسسة التربوية.
ثالثا: الإطار المكاني لعمل مستشار التوجيه :
تحدد النصوص القانونية مهام مستشار التوجيه وكيفية أدائه لهذه المهام، كما تحدد
أيضا الإطار المكاني لعمل مستشار التوجيه أي مجموعة المؤسسات التي يتردد عليها
أثناء أداء عمله وهو ما يسمى في ميدان التوجيه بمقاطعة التدخل .
وتتمثل هذه المؤسسات في مركز التوجيه المدرسي والمهني، الثانوية(المتقن) والإكماليات.
1. مركز التوجيه المدرسي والمهني :
إن مركز التوجيه المدرسي والمهني مركز عمومي يقدم خدمات تربوية إعلامية
للجمهور الواسع وللجمهور المدرسي على وجه التحديد. كما أن الخدمة المقدمة فردية
وجماعية، وتتم بالتنسيق مع مراكز التكوين المهني ومؤسسات الإنتاج والشغل ومؤسسات
التعليم، فهو يشكل نقطة الالتقاء بين عالم الدراسة والتكوين وعالم الشغل.
يوجد في كل ولاية على الأقل مركز للتوجيه المدرسي والمهني يوضع تحت وصاية
مدير التربية للولاية ويسيره مدير له رتبة مفتش التوجيه المدرسي والمهني يعمل تحت
سلطته طاقم إداري لتأمين السير الإداري للمركز، وطاقم تقني يتشكل من مستشاري
التوجيه المدرسي والمهني .